الأربعاء، 17 يوليو 2019

دموع درير
ــــــــــــــــــ
بقلم / أسماء عبداللطيف
ـــــــــــــــــــ

الدموع التى طفرت من عينى محمود درير هي دموع غالية تخلّد صورتها بأكثر مما خلدت الموناليزا وصورة ذلك الطفل الذى تنحدر دموعه فى أجمل لوحة عالمية لكم تمنيت أن أكون بارعة فى الرسم لأخلّد هذا الجمال الذى تدفق من عيني هذا الجار الأثيوبي العزيز ولكم تمنيت أن امتلك قدرة النحت كمايكل انجلو لأنحت هذا الوجه الرائع وقد اقرورقت منه أعينه بالدموع ولكننى مع لحظة صدق الرجل وهو يشهد لحظة تؤرخ فى التوافق والتسامى والتسامح ان صدق فيه الفرقا
ووجدتنى وأنا أتأمل اللحظة إلا ان سمعتنى وأنا أنتحب وأبكى بكاء واسعا لم أتذكر اننى بكيته من قبل وذلك أن اللحظة قد جمعّت فى ذهنى كل معاناة أهلنا فى كل شبر من أرض السودان تذكرت المهمشين والمغبرين والرجال والنساء وكل الكادحين فى ارضنا وهم يعانون العذاب والفقر والمسغبة والآلام المكتومة والضرر والأذى الذى عاشوه طوال عقود ثلاثة وهم يئنون ويصرخون ويدعون ويتضرعون بكيت وأنا أسائل نفسى هل هم على موعد مع الفجر هل هم على موعد مع السعد ولو بعد حين 
ثم عدت الى دموع درير ومضيت على ما حرّك مشاعره تجاه الجار السودان عله استحضر طيبة من عاش معهم من شيوخ وشباب هم أنفسهم هذه المدنيه وهذا التوق العجيب الى الحرية والى التسامى فوق الجراح رغم ما شهدوا من هول مجزرة فى آخر يوم فى رمضان والناس تُمنى النفس بالعيد السعيد أن يجمعهم مكبرين مهللين لعيدين سعيدين عيد الفطر بعد رمضان المبارك وعيد الفطر من قمعِِ اوردهم الجوع والضنك والمسغبة
طفرت دموع درير وهو كم قد صافح صديق يوسف الذى سعى وكافح للحرية منذ خمسين عاما 
طفر الدمع من درير وقد سار لأيام مع نخبة من شباب هم الجمال والصباحات الندية المتفتحة لخير السودان هذا البلد العملاق الذى يكفى العالم كله وليس أهله البسطاء الطيبين المبتسمين دائما ولا تسمع عندهم إلا تكرار الحمدلله والذى حياتهم السلام وحتى ان سلموا عليك او سلمت عليهم عانقوك ولزموك وما تكرار السلام لوقت طويل بينهم إلا دلالة خير لأنفس لا تحب سوى الخير والنبل للناس
طفرت دموع درير وهو يقول لدواخله مع هذه الشلالات من العذوبة فى هؤلاء السمحين كيف ألتوت أنفس بعضهم وسوّل لهم الشيطان أن يذهبوا فى طريق الغدر والخيانة ؟ كيف أغوى الشيطان فئة من هؤلاء الذين تفيض وجوههم بشرا وفألا وطيبة وسماحة وسلاما ؟ كيف كيف. ولماذا إنحدروا مع الشيطان فى غيه

وطفرت دموع درير وهو يرى اكف الفرقاء وقد تعانقت وهو يراهم وكأنهم هم الذين طفرت الدموع من أعينهم لأجل بلدهم الذى إن رأى النور بعد سنوات السوء والظلام فسوف يكون منارة لكل الدنيا 
طفرت دموع درير وهو يقارن بلاده التى خرجت من الديكتاتورية الى فضاء المدنيه فأصبحت درة فى افريقيا خلال أعوام وجيزة فكيف سيكون حال السودان خلال الخمس سنوات القادمة وقد لبس أثواب التقدم والرياد بعد أعوام السواد والرماد والحداد لكن الله على كل شئ قدير وهو الرحمن الرحيم وطفرت دموع درير وهو يسبح فى كل فضاءات السودان وقد حكى له الشباب والشيوخ عن الأراضى الشاسعة الصالحة للاستثمار وعن مشروع الجزيرة والفاو وعن ارض الذهب وارض الأنهار وارض المعادن كلها
وطفرت دموع درير وهو يعلم كم هذه البلاد غنية بإنسانها الذى طوّف فى الأفاق فكم لهذا البلد من ثراء عجيب فى كفاءاته وقدرات ناسه فى العلم والادب والفن فكل افريقيا جنوبه وشرقه وغربه كانت تعيش الحلم فى الذهاب للخرطوم وكانت تمثل عند بعضهم وكأنهم سافروا الى باريس فانسان هكذا ما شرده الا فئات الضلال الذين تبعوا إغواء الشيطان فى الفحش والفساد والثراء الحرام فعمل على تمكين شلته وطغمته 
طفرت دموع درير وهو يرى أن الغد بإذن الله سيخرج هؤلاء البسطاء الطيبين من ضيق العيش وضنكه الى رحابة الحياة الرغيدة وسعادتها وانهم ليستأهلون الخير والعطاء والنماء>
ختامه مسك سأختم مقالي هذا بكلمة الوسيط الأثيوبي محمود درير وهي كلمة تكتب بمداد من نور وتحفظ للأجيال القادمة .
نص كلمة الوسيط الأثيوبي للسودان محمود درير الذى لم يستطع حبس دموعه خلال الإعلان عن توقيع الإتفاق السياسي بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي :

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله. وصحبه أجمعين .
الإخوة والأخوات من الصحافة المحلية والدولية لقد كان لنا الشرف كوسيطين ممثلين للاتحاد الأفريقي ودولة جمهورية أثيوبيا الديمقراطية الإتحادية أن نكون شركاء فى مرحلة حاسمة من التاريخ الحديث لهذا البلد العظيم السودان وهذا الشعب الأصيل _ ( وهنا بكى السفير محمود درير وطفرت الدموع حرى من عينيه )_ الذى يجب أن يخرج من بوتقة الفقر ومن بوتقة الحصار المفروض عليه ومن سجل ما يسمى بدولةِِ داعمةِِ للإرهاب .
هذا الشعب العظيم يستحق هذا اليوم التاريخي الذى تكاتف أبناؤه لا أقول الفرقاء ولا أقول الجهتين ولكن أقول الكتلة الواحدة الموحدة لجيشه العظيم المجلس العسكري الإنتقالي وأبنائه الأشاوس قوى إعلان الحرية والتغيير .
هنيئا للسودان
هنيئا لأفريقيا .

الأربعاء، 17 أبريل 2019

كلمة حق في وجه معارضة خائرة 

قيل أن أحد المشاغبين قد تاب , وقرر أن يكون إمام جامع , فأمَّ الناس في صلاة جهرية , وعندما أكمل قراءة الفاتحة أمن و أمن المصلون خلفه , فما كان منه إلا أن أخذ عمامته ملوحا بها وهو يهتف أمين أمين , وخرج المصلون خلفه في مظاهرة . نكة كم ضحكنا عليها ونحن صغار ببراءة . وقد يسألني القارئ الكريم : لماذا أوردت هذه النكتة , هل وصلنا بنا الحال إلى هذا الحد ؟ نعم , وأكثر فكل من استطاع أن يجمع حوله بعض عشرات من المواطنين حوله كون له حزبا , و إلا فما التفسير لوجود أكثر من تسعين حزبا مشاركا في الحوار الوطني هذه الأيام ؟ وإن تيسرت سبل الحصول على السلاح صار فصيلا مسلحا , وليس غائب عنا واحد وثلاثين فصيلا مسلحا مشاركا في الحوار الوطني .
وتحضرني أبيات شعر بسيطة , لعلها منسوبة إلى البوفسيور عبدالله الطيب , تقول :
لي قطة صغيرة ..
سميتها سميرة ..
تنام في الليل معي ..
وتلعب بأصابعي ..
بذيلها الطويل ..
وشعرها الجميل ..
ودائما أحبها ..
ولا أريد ضربها ..
هذه الأبيات كلما رددتها تعطيني إحساس بواقع المعارضة , ويعطيني التفكير أن المعارضة نوعان : نوع أليف ونوع متوحش , فالأليف هو كالقطة سميرة , الحكومة تحبها ولا تريد ضربها , بل هي مدللة وجميع الظروف في خدمتها ورعايتها , وعلى الشعب المتضرر أن يلجأ للقضاء , إن كان هنالك قضاء .
أما الأبيات الأخرى , وهي تتحدث عن طائر فر من قفصه باحثا عن الحرية , تقول :
قد كان عندي طائر ** في قفص من خشب
………
ولم أكن أمنعه من ** مأكل أو مشرب
………..
ففرّ عني ومضى ** من دون أدنى سبب
وقال لي حريتي **لا تشترى بالذهب
ومع معاني هذه الكلمات يتجسد لنا النوع الآخر من المعلرضة الذي دخل إلى باحة نظام الإنقاذ , ولكنه اكتشف الأمور المقيدة للحريات والداعمة للقمع , وهو يعنف رغم ما تحصل عليه من (مأكل ومشرب) فإذا به يفر من القفص الجميل , طلبا للحرية الحقة , ولكن الحكومة لن تتركه سوف ترسل له من (جنودها) من يقبض عليه , وهذا ما حصل مع بعض رموز المعارضة أخيرا …
السؤال الذي يطرح نفسه : هل قامت هذه الأحزاب باختلاف أنواعها لحاجة مجتمعية أو أنها قامت على التعايش الفكري أو الأيدلوجي الجاد ؟ ولك أن تسأل أيها المواطن وأيها المهتم بالشأن السياسي , هل هذه هي المعارضة التي نريد ؟ وحتما ستكون الإجابة : لا , إن المواطن يريد معارضة حقيقية مسئولة . ولك أن تسأل يا رعاك الله , هل المعارضة التي تتكاثر كما الجراثيم والأميبيا في مستنقع الانقاذ الآسن , يمكن أن تكون معارضة حقيقية وفاعلة ؟ أم هي فقط منظمات إغاثية تنتشل حكومة (الانتكاس) البائسة كلما ترنحت وكادت أن تسقط ؟ .. ومما يؤسف له أن معظم الأحزاب المتناسلة كالنبت الشيطاني , قائمة على المصلحة الشخصية ولا هم لهم بمصلحة الآخرين أو هم النفعيون الذين يلهثون وراء طلب المال والجاه , نشأوا نتيجة التزوير وشراء الذمم , وهل يرجى من مثل هؤلاء مصلحة للوطن ؟!
إن الديمقراطيات الحقة تنمو وتزدهر بوجود معارضة حقيقية تفوم على اقتفاء أثر السلطة , وإظهار عيوبها ومراقبة أداءها , فهي صمام الأمان والضامن للأمن والاستقرار الاقتصادي وحرية الشعوب . المعارضة الفاعلة همها الأول تطوير المجتمع ورفع وعيه الساسي وتنمية حياته . إن أعظم أمر ونحن نسير في الحوار الذي ندعي عظمته كماله , علينا أن نعرف أننا سوف نرى كل أربعة أعوام رئيسا جديدا وحكومة منخبة , فهذا هو لب الحوار الذي يريده المواطن .
إن كثرة الأحزاب وعدم قدرتها على الإندماج وتكوين كيانات حزبية كبيرة وقوية لهو أمر مؤسف , إن الخطاب متغطرس متعالي مترفع لكل من كون حزب , فهو لا يرى من هو أحق منه برئاسة الحزب مهما تطاولت سنوات بقائه , فكيف ننشد الديمقراطية ومداولة الحكم ممن يفقدونه ؟! إنه لأمر لا يدعو للطمأنينة أو التعويل على هكذا أحزاب .
المراقب للحال السياسي في السودان يجد أن هذه يجد هذه الأحزاب على كثرتها , فلا صوت لها , فكثير من الناس لا يلمون بأسمائها ناهيك عن أفكارها أو أيدلوجياتها , فلسان الحال يقول أنها أحزاب منفصلة عن الواقع بصورة مؤلمة , ففي زمن العولمة لم يفطن من يسمون أنفسهم سياسيون لخطاباتهم , ولم يدركوا أن خطاباتهم يجب أن تكون شرفا للعلم وميثاقا للوعد وعزم على العمل , وأن تكون ملائمة لمتطلبات الجمهور , يكسبوا الدعم اللازم لقيام أحزاب فاعلة .
إن وجع وغبن المواطن العادي ضاربان في روحه عميقا , والشّقة بينه وبين الأحزاب بعيدة , ومهما كثرت الحوارات الوطنية, فإنها هباء منثورا ما لم تغير المعارضة سياساتها وتنبذ التشرذم والتقزم , وتبني وعيا جديدا وتطرح بديل قوي قابل للحياة , وقادر على تلبية الطموحات , وهذا لا يتحقق إلا بالاندماج بين الأحزاب الصغيرة وتوحيد غايتها والترقع عن المكاسب الضيقة أو السياسي العابر , فعندها فقط ستحقق الندية مع الحكومة , وعندها فقط ستضع لها الحكومة ألف حساب وحساب , وتعمل معها بجد لإيجاد مخرج سياسي لمشاكل البلد وحقن الدماء التي سالت بكل وادي .

الاثنين، 25 فبراير 2019

حفلة تيس على مقياس يوسا

حفلة التيس هي رواية الكاتب اللاتيني ماريو برغاس يوسا ، تحكي الرواية عن دكتاتور الدومنيكان رفائيل ليونيداس تروخييو ، ولكنها في الحقيقة هي رواية تحكي عن كل دكتاتور عاث فسادا في الأرض وتشبث بالكرسي حتى ولو على تلة من حثث مواطنيه ، ورأى أن لا حكم فوق رغبته /رغبة التيس ، وغطى الفساد باوهام الإنجازات ، واسبغ على كل ذلك مسحة من الدين والورع الزائف . انها بحق حفلة دكتاتورنا ، فعظمة الدكتاتور ، كما وضحها يوسا ، تتجسد في تعففه عن المال وطمعه في السلطة ، فهو يعلم أن المال لا يصلح إلا لشراء الأنفس والولاء والانتقام الدموي . والدكتاتور يعلم أن من حوله يحتقرونه ويخافونه وهو حريص على هذه العلاقة المريضة ، لأنه يعلم أن من حوله يعشقون المال ويسرقون أموال الدولة وهو يغض الطرف عنهم .
حفلتنا كانت في خطاب البشير الذي قال فيه إنه سيكون على مسافة واحدة من كل القوى الوطنية ، ليوهم الناس ويذر  الرماد في العيون ، فيعتقد البعض أن الرئيس قد تخلى عن جماعته وترك الإسلاميين ، وأنه اسلم الأمر للجيش . لكن الصورة لها رأي آخر ، فالكروش الممتدة والجلابيب ناصعة البياض والبدل الانيقة التي تتصدر المشهد ، الصورة تقول إن هناك مشهد خفي على شاكلة "اذهب الى القصر رئيسا وسوف اذهب الى السجن حبيسا " . ولم يتأخر الدليل ،فجاء سريعا في التعيينات من رئاسة الوزراء ونائب الرئيس إلى وزير المالية فكلهم من أهل الحظوة وآل البيت الكيزاني .
والمتابع لخطاب " الوكسة " هذا يعلم علم اليقين أن هناك خطابا اخر لأهل بيته وخاصته "قططه السمان المدللة " ، ليؤكد لهم ان ما قاله هو فقط لشراء الوقت وتخدير الشارع ، فالأمر ما زال لنا ولن نفرط في شبر من ملكنا !
ولسان حاله وهو يخاطب أهله وعشيرته يقول لهم مطمئنا  :
لا تبتئسوا من لغة خطابي هذا فهو يحمل في ظاهره انتي احمل الدفء بين جنبي لكل الناس ، ولكن الحقيقة التي سوف أسركم بها أن كل الينابيع الداخلية وفيض المشاعر هي لكم أنتم جماعتي وقبيلي . ولسان حاله يذكرهم بتأريخهم :
ألم نسبغ على حزبنا صفة الوطنية ، فهو الحزب الوطني الوحيد وما سواه لا وطنية له . لقد اشعنا ذلك بين الأحزاب وعملنا على تهميشها تفتيتها وشغلناهم بأنفسهم عن العمل الوطني . لقد صرفنا الأموال الطائلة (لتدجين ) أحزاب لها تاريخها ، ولاحقنا قادتها ، فعاشت في كهف السياسة المظلم طيلة ثلاثين سنة ، ثم اخرجناهم من كهفهم الى الحوار الذي فصلناه على هوانا ومقاسنا على مبدأ حاورني بشروطي أو أشهر في وجهك رايات الغضب . فكانت مخرجات الحوار التي تعلمون . وضعناها على الأرفف ، وأرضينا أحزاب الفكة بعضوية في البرلمان ووزارات هامشية ، أما الوزارات السيادية هي حكر علينا ولن نفرط فيه قيد انملة  . اسكرناهم بخمر المخصصات ، فلا أحد منهم واعي بما نفعل . الأمر انا مهما طال أمد الحوار ولن ينتقل الى سوانا .
يا ايها القوم لا تبتئسوا فأنا معكم قلبا وقالبا ، فأنتم اهلي وعزوتي ، وأن هذا الخطاب هو الماء البارد الذي أريد أن أسكن به الشارع الذي يغلي ريثما نتدبر أمورنا ونضع الخطط المحكمة لهزم هؤلاء المارقين ، فالتظاهر جسر هش سينهار بهم في نارنا عاجلا غير اجل ، حينها سيعلمون من هم الإسلاميين ، ومن الذي سيسقط .
كيف نسقط ونحن نسيطر على كل مفاصل الدولة من الحياة الاجتماعية و الثقافية الى الاقتصادية . كل المنظمات الفاعلة هي لنا وكل المؤسسات الخدمية بأيدينا وما عداها سوف نحكم عليهم الخناق أكثر وأكثر .
أما عن حديثهم الذي يدور حول الفساد والمفسدين ، فأنتم تعلمون أننا لن نترك لهم دليلا  أو أثرا ، ولن يصلوا الينا أبدا . نحن نعلم جيدا أوجه صرف المال ، فجنبنا المال في الولايات والوزارات لاستمالة الكثيرين ليكونوا معنا أو أقلها يكونوا محايدين ، فالمال يسحر القلوب الضعيفة . لقد كنت حريصا على اعطاء التسهيلات لأفراد جماعتنا حتى تكون مفاصل الإقتصاد بأيديكم . وحتى من ضعفت نفسه وتعدى على المال العام ، فأهل البيت اولى بالستر والدفاع عنهم ، فكان لهم قانون فقه السترة واستنينا لهم التحلل . وأنتم تعلمون أن فقه السترة ليس غريبا فقد عمل به شيخنا الفاضل حسن البنا رحمه الله ، حتى لا ينفرط عقد الجماعة .
أيها الجمع الكريم كونوا متفائلين فالأمر لنا من قبل ومن بعد ، فأنا الرئيس معكم ولن أترككم . و اطمئن كتائب الظل فهم في حماية حكومتنا الرشيدة ، ولهم الشكر على بث الرعب في صفوف هؤلاء المارقين . أما من قتلوا فلن تسفر التحقيقات عن قاتل لهم ، وسيسجل ضد مجهول كما حدث في 2013 .
وعن جانب الدول الإقليمية فلا يكن لكم شاغل أيها النفر الكريم ، كما عودتكم فأنا أجيد اللعب على كل الحبال ، فيوم مع اليمن ويوم ضدها ، ويوم مع قطر وتركيا ، ويوم مع بشار  ، ويوم مصر ويوم مع إثيوبيا  ويوم مع أمريكا ويوم استجدى لكم الحماية من بوتين ،  فالكل يجعل لي حسابا ويهاب قراراتي المفاجئة . 
وارى تساؤلات في وجوهكم على قولي انا على مسافة واحدة . نعم انا على مسافة واحدة وسأبقى كذلك وبكل الرضا مني لعبدالرحيم ونافع وأمين حسن عمر والمجلس الأربعيني ، والطاهر التوم وحسين خوجلي وكل الصحفيين الذين يمجدوننا ويسبحون بحمدنا . ولكن ضد كل من يمسك العصا من النصف وكل من ينتقدنا ، ولا أزال ضد أهل الفيس بوك وقبائل التويتر والواتساب . هذه القبائل الهزلية الكرتونية . وأنتم تعلمون ما الطوارئ وما معنى الطوارئ ، ( قال حكومة عسكر ,قال) ، أننا أتغلبنا عليهم بالخداع في 30 يونيو  1989. والان نقوم بثورة الدجل الكبرى في 22فبراير 2019
والقائلة نحن فوقها وفوقكم الى يوم الدين . ( والزارعنا غير الله الليجي يقلعنا ).
واطمئنوا تماما  فلا يكن لكم شاغل ، طالما العصا في أيدينا والعسكروتحت إمرتنا والسجان رهن إشارتنا ، فلن يقف أمامنا جيوش الفيس بوك والواتساب وتويتر ، ولا مجموعة شباب مارقين . 
هكذا اعتقد وكثيرون غيري أن كواليس الرئيس هي حفلة تيس على مقياس يوسا .
ولكن نقول وبكل ثقة لن يطول هذا الظلم أكثر ، وحتما سيفيق الطاغية من نشوته الكاذبة هو وجماعته على انتصار ثورة الشباب المباركة ، أمام محاكم الثورة والقصاص العادل ، فالشباب قال كلمته ومضى : 
#تسقط_بس
#الشارع_بس
قراءة لخطاب اهتزاز الرئيس
في البدء جاء الشيخ قاريء القران ليفتتح المشهد العجيب لخطاب المهزوز . وكان جيش الإعداد قد حشد أصحاب الكروس الضخمة ، وكانت فكرة أن يأتي هذا الفريق وفكرته الهائلة أن الرئيس السلطان هو ظل الله في أرضه وأنه هو العظيم الذي يجب أن يطاع ويتبع ، ففي الآيات الكريمة من سورة النساء . بدأ الشيخ قراءته بقوله تعالى :(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ).وهنا أمر خطير ، هل البشير هو رسول هذه الأمة ، وعلى أمته السودانية أن تحتكم إليه فيما شجر بينها .. وما جرى من ثورة مباركة كبيرة استهزا بها وطاف أرجاء البلاد وهو يسخر منها ويستهزأ من بجماعاتها من الشباب ، طاف شرقا وغربا وشمالا وجنوبا .. ليقول للشباب أن لا فيسبوك ولا واتساب ولا تويتر يسقط الحكومات .. وإذا به في هذه الليلة يأتي ذليلا خاضعا ليخلط الأوراق ولا يقدم شيئا .. ويسلموا تسليما .. لمن يسلم الشعب قياده بعد ثلاثين سنة من الفوضى والنهب والسلب والكذب والدجل والتدليس والعار والسوء وكافة قاموس الفحش والغرابة والانحدار .
ثم يقرأ الشيخ الآية الكريمة خطأ ، الآية الثانية في قراءته ولكن يظهر أن المتابعين للقراءة عدلوا قراءته عبر السماعة فأعاد قراءتها صحيحة ، قال في البدء : (لكان خيرا لهم واشد تقويما ) لا يوجد ختام للآية بهذا اللفظ والعياذ بالله وأنما ختام للآية (أشد تثبيتا ) ، تقول الآية الكريمة : (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم واشد تثبيتا ) .
ثم يدخل الرئيس بعد تلاوة الآيات والتي تعطيه الحق المطلق كسلطان وكظل الله في أرضه وأنه يجب طاعته والاحتكام إليه ، ما يتيح له أن يسير في هذا الطريق .. واي قداسة بعد ثلاثين سنة من الدمار و الاندحار و الشنار والعار . فمما يحز في قلبك ويفجعك الكروش الضخمة لمن هو مدني ومن هو عسكري ونصاعة البياض لما يلبسون من جلابيب وما يرتدون من بدل فاخرة والكروش ممتدة أمامهم ، وحتى الرئيس تتعجب لضخامة كرشه وبكري وغيرهم وغيرهم . ولك أن تتذكر وانت تطالع هذه الكروش والتي نبتت من حرام والنار أولى بها ، لك أن تتذكر أهلنا الغبش في بيوت الطين والصفيح والكرتون ، وهم يكابدون شظف العيش ، وأنت تسير في الأسواق المكدسة بالأوساخ والميادين المعبأة بالقمامة ، وانت ترى أسأل هؤلاء الذين يجلسون في دجل وكذب والتلفازات تنقل صورهم ناصعة البياض وكروشهم الممتدة ، اسالهم عن فقر ممتد وعطالة شباب ممتدة وكل شئ معطل في البلد ..
يا الله ! متى يخرج عبدالمنتقم الجبار ليقصم هؤلاء ويلقي بهم في غياهب السجون ومن ثم يوصلهم المقاصل ويومها تنشرح صدور امهات الشهداء ، ويشفي الله صدور الفقراء المسحوقين ، رجالا ونساء ويولي الله من يصلح وكفانا فسادا وقتلا وتدميرا .
والرئيس السرطان بعد شهرين من الاستهزاء والسخرية ، يأتي ليذر الرماد على العيون ، وكأنه تبرأ من المؤتمر الوطني وكأنه تبرأ مما يسمى بالاسلاميين ، وكأنه يعلن انحيازه للجيش . وبعد هتافه ورقصه الفاضح في الأقاليم تكون هديته الذين جمعوا له الناس البسطاء أن يزيحهم من حكم الولايات . أي حكم للولايات والمركز أسوأ بقعة في العالم وفاحشة في كل شئ ومقيتة في كل شئ ، عن أي ولايات يتحدث ؟! وهي جميعا خواء و خلاء و فضاء ، لا حياة فيها ولا نماء ..
الكلمة التي تقال سمك لبن تمر هندي هي ما يمكن أن يطلق على الخطاب ، مما جعل بعض الطيبون يظنون أن الرئيس قد تخلى عن حزبه المؤتمر الوطني وان كما يقول سيكون على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية .. عن أي قوى ايها القوم يتكلم هذا المثبت بغراء سيء على كرسي السلطة . نعم سيكون على مسافة واحدة ممن صنعتهم سلطته الفاسدة ، لو كان صادقا لفتح الطرقات على القصر واخلاها من جيوش الأمن وجيوش الظل ، واعلنها صراحة انني تخليت عن السلطة وسوف اكون أمينا عليكم جميعا وسوف احقن دماءكم بعد ثلاثين سنة ، وأعلن توبتي من السلطة ولن اتناول خمرها بعد اليوم .. بل سأظل حتى أعلن عن تنظيم انتخابات حرة نزيهة ، وهذا لن يكون في تواجده وتواجد الذين حضروا من جماعته لخطابه السيء . ولكنه وجماعته في سكرتهم يعمهون ، فبدلا عن ذلك أعلن عن تأجيل الأمر بخصوص التعديلات الدستورية ليبقى في السلطة ، كلام فج ووقح .
ثم يدلف الى قانون الطوارئ ، وهل كانت الطوارئ بعيدة عنا طيلة ثلاثين سنة ، أيها الراكض في هياج الرقص والدجل والافتراء والاستخفاف ، ون هذا الاستخفاف نسأله ما الذي يجعل الذين كانوا في صفك و ماتوا فأصبحوا شهداء ، ولا تزال تطلق المسميات العديدة عليهم مركز الشهيد كذا وشارع الشهيد كذا ، ثم تقول للذين قتلتهم آلة قمعك أنهم ماتوا خلال الأحداث الأخيرة وكأن لا يد لك في استشهادهم ؟ ابها الرئيس انت والغ حتى ركبتك في دم أهلنا بدار فور ، باعترافك ، وفي الانقسنا وجبال النوبة والشرق وسد مروي والمناصير ، وفي الثورة المباركة من التاسع عشر من ديسمبر وحتى الآن ، لماذا لم تترجم على المعلم الشهيد احمد خير الذي قضى تحت التعذيب باعتراف النيابة العامة ، ومن قبله قتلت التعليم وشيعته واشعت الجهل ،والشتات بين أبناء الوطن ثم تتحدث عن إشاعة الكراهية ، ومن الكراهية سواك وسوى عبدالعاطي ونافع واللمبي والمتعافي وأبو الجاز وبكل طغمتك وأنتم لا تحترمون شعبكم ، فكل من خرج علينا سب وشتم وقلل من قيمة الناس . انتم اهل البخس ، نسأل الله أن يخزيكم أجمعين .
ثم يذكر الشباب ، بعد أن تهكم عليهم وسخر منهم لشهرين ، ماذا سيقول لهم ، وهو وطغمته تعودا أن يكون الحل فرديا ، فكل من يبيع مبداه ونفسه يات ويتخلى عن فكرته ويذوب في أسيد السلطة الفاسدة ثم يجري في مجاريها العفنة . هل من معنى لكلامه عن الشباب وهو وطغمته تجاوزوا السبعينات من أعمارهم ؟
كفى هراء ، وكفى غباء ، وكفى استخفافا بهذا الشعب الكريم العاقل . واعلم أن ماء الشلال المغمور في هذه الأرض الطيبة لن يعيفه شيء من صخور السلطة وسوف يجرف هذه الطغمة ، ويظل الماء عذبا نقيا .
والشباب الجديد هم الامل وفقهم الله وسدد خطاهم ، واخزاكم . لن نقول تسقط بس ، بل نقول تسقط ويحاسب بس ، ونراكم قيد الحبس ، وانما هئ عدالة السماء وقصاصها من الكذبة المفسدين . Asma Abdullstif

الاثنين، 24 ديسمبر 2018



رسائل الى أمير قطر :  لماذا تدعمون الطاغية ؟!
يا للخزي والعار بعد ثلاثين سنة يتدمر كل شيء .. وتصل الأزمات الى مستوى لا يطاق , وحتى أن ما يسمى الحكومة تعترف أن هناك ضوائق , وهناك أزمات وأن الحل يحتاج الى وقت !
يا الله على أهل الفساد والجور والظلم والسوء والفحشاء وكل القاموس السيء من الأوصاف الرذيلة .. إلى ما وصلنا إليه هؤلاء القوم , الذين تساءل عنهم الطيب صالح يرحمه الله حين قال : من أين أتى هؤلاء ؟! نعم هؤلاء نبت الشيطان الذي دمر كل شيء و أهلك الحرث والنسل .. هذه البلاد المسماة السودان هي شيء الآن , وشيء آخر البرلمان الذي يفصل الدستور الجديد – يا للمهازل ! – ليبقى الطاغية الدكتاتور المفسد حتى النخاع في السلطة إلى أن يموت إلى الأبد .. ما هو الأبد أيها المنافقون ؟ لماذا يبقى ؟ أما كفاه أم أنه أعمى لا يبصر صورة بلاده بعد ثلاثين عاما من جلوسه ؟! وهو صاحب جمباز يقفز من حركة إلى حركة ومن كذبة إلى أخرى .. هذا لا مكان له إلا الحبس هو وجميع من يسبحون بحمده ويرونه منقذا .. ولا منقذ إلا الله .. ماذا تبقى من هذه البلاد , نسأل الله أن يغطي يعليها ويسترها من أن تكوَّن بها مليشات وجماعات وعصابات  , من يسمى بالرئيس هو من كوَّنها ورعاها , سواء كان على نطاق ما تكوَّن منها لحمايته والدفاع عنه أو ما تكوَّن من جراء الضد ؟
الآن ومع تصاعد الأحداث في عطبرة ودنقلا والقضارف والرهد والخرطوم وكل مدن السودان الأبية , وما أذيع من أعداد بلغت أكثر من عشرين قتيلا , جميعهم دماءهم الطاهرة على عنق هذا الرئيس الذي طغى وتجبر .. ومن قبل قد انكر ما سببه من قتل وتشريد ودمار في دار فور واعترف سفيره في واشنطن بأن القتلة فقط عشرة آلاف وليس كما يشاع أن الرئيس الطاهر الطيب قد تسبب في مقتل ثلاثمائة ألف إنسان , مما اضطر المذيع النابه أن يقول له نص الآية الكريمة (ومن قتل نفسا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا ) نعم نفسا واحدة وليس عشرة آلاف .. اللهم أرحمهم وأغفر لهم وتقبلهم شهداء .
ووسط هذه الدماء يأتي أمير قطر سمو الشيخ تميم ليقول أنه يدعم السودان ويقف إلى جوار البشير , وإن لم يقل ذلك صراحة   . فما نفع البشير في أن يقف الآخرون لمساندته , إنه وصل مرحلة موت سريري , وهو في غيبوبة منذ سنوات فلن يجدي معه أي دعم فهو وجماعته  أصحاب نهم متوحش للدنيا . ما من شيء وقعت أيديهم عليه إلا أهلكوه ودمروه .. إننا فقط بصدد أن يأتي عبد المنتقم الجبار ويقتص للغلابة من أموالهم ويردها عليهم .إن ما يمتلكه البشير وطغمته من  أموال و أملاك وعقارات وذهب يفوق التصور .. وما خرجوه من أموال عملوا بها في ماليزيا وأثيوبيا شيء يفوق الخيال  , والشعب في هزال يبحث عن الخبز !
كان على أمير قطر أن يترحم على من فقدوا أرواحهم وهم ينادون بالخبز والحرية .. يا سمو الأمير لو ترحمت عليهم لشفيت صدورنا . ودعني هنا أسير معك خطوة بخطوة لأبين لكم سمو الأمير كيف أن الدعم منكم للطاغية المستبد يزيده طغيانا وفسادا. ومن قبل قالت الملائكة للحكيم العليم (أتجعل فيها من يفسد فيه ويسفك الدماء ) هؤلاء الطغمة الحاكمة ليس لهم من لغة يتكلمونها سوى لغة الفساد والدم .. ثلاثون سنة من القتل في الجنوب ودار فور والنيل الأزرق وجبال النوبة , لا توجد إحصائية دقيقة بعدد القتلى , إنه لعدد يفوق التصور , ولا يزال الطاغية يرقص ويقفز ويكبر في فراغ وفحش , فمن كان يعرف الله ويكبره حقيقة لا يمكن أن يكون بهذا السوء والفحش والغيبوبة والفساد.
أسألهم يا سمو الأمير قبل أن تقدم  لهم الدعم أين مشروع الجزيرة الذي كان أعظم مشروع زراعي في أفريقيا والشرق الأوسط , كيف دمروه وشردوا أهله . مشروع الجزيرة التحفة والذي هو أول هيئة ملكية بريطانية أهديت للسودان , وإذا كان الناس يتحدثون عن الهيئة الملكية السعودية في الجبيل وينبع , فإن مشروع الجزيرة كان أعظم في تنظيمه وترتيبه ورفعة مكانته .
وأسألهم عن أعظم ناقل في أفريقيا .. هيئة سكك حديد السودان , كيف أصبحت وصاروا المفسدون يبيعون الحديد المتبقي من قاطراتها وقضبانها كحديد خردة !
وأسألهم عن الجامعات وهم يدعون أن البلد كان بها جامعة أو اثنتين , والآن في عهدهم وصل عدد الجامعات والكليات الجامعية إلى أكثر من خمسين جامعة ومعهد , ولكننا في ذيل قائمة أفضل الجامعات في الوطن العربي والعالم . وأخبرهم عن قطر كيف خلال أربعين عاما فقط وصلت إلى هذه المكانة السامية العالية في كل شيء ؟
أسألهم عن التعليم , وأسألهم عن الصحة والمستشفيات والعلاج , وأسألهم عن صحة البيئة ونحن أقذر عاصمة في العالم والرئيس في القصر وكافوري يعيش منعما نظيفا في كل شيء ومتوفر له كل شيء – ويزعم أنه عمر بن الخطاب وانهم من نسل الصحابة – أسألهم هل يؤثرون على أنفسهم ؟!
إن الدعم الي سترسله لهم يا سمو الأمير لن يزيدهم  إلا طغيانا كبيرا.
وإذا كنتم قد تألمتم على إزاحة الإخوان في مصر من المشهد , فإن دعمكم لهؤلاء المفسدين سيكون وبالا على السودان و أهله . ادعموا الوجوه الجديدة الشابة لتكون نفعا للسودان وأهله الطيبين ..
هؤلاء هم شياطين الفساد واللعب بجنون في موضوع الحوارات غير المجدية . وأنتم تقدمون الدعم لوقف الحرب في دار فور وإقامة الحوار بين الفرقاء هل سألتم أنفسكم كم قدمتم وأين ذهب ما قدمتم , هؤلاء شهيتهم مفتوحة كما جهنم تقول هل من مزيد !
إن أي دعم ي سمو الأمير لمثل هذا الرئيس الذي يلعب على كل الحبال , فهو ضد اليمن , وهو مع بشار وهو معكم وهو في كف بوتين , أي شيطان تدعم ي سمو الأمير ليبقى ؟!
قبل الدعم يا سمو الأمير قل له تصالح مع شعبك , فجيوش ضرائبه وأتاواته مسلطة على إنسان بلادي . ثم أسأله ما جدوى هذا الكم الهائل من المؤتمرات والحوارات واللقاءات .. وأسأله عن العدد الهائل من الوزراء والولاة والمعتمدين والبرلمانيين ..
ولك أن تسألهم وهم أهل حقد وضغائن , لماذا فصلوا الجنوب وذهب بتروله وثرواته . وأسألهم لماذا التخاذل في استخراج خيرات البلد من بترول وذهب بصورة منظمة واتفاق مع شركات كبرى بدلا عن هذا العبث بالتعاقد مع شركات صغيرة غير معروفة ومع تعتيم كامل , ليذهب العائد الى جيوبهم وبطونهم . إن هذه الطغمة غير معنية بما يهم المواطن ولا يفكرون في رفعة بلدهم , فلن يجدي معها نفعا أي دعم أو ولن تفيد معها أي مساعدة , هلكوا الحرث والنسل اللهم أرنا فيهم يوما أسودا ..
يا سمو الأمير قد دعمتم الثورات في الربيع العربي ووقفتم إلى جانبها حتى انتصرت الثورة في تونس , وساندتم مصر إعلامية حتى وصل مرسي الى سدة الرئاسة  , ولكن تأتي الثورات المضادة ووقف الذين دعموها بشراسة حتى سقط الإخوان في مصر . دعمتم اليمن ولكن شراسة أهل الضد أوقعته في الحرب . قل بالله عليك يا سمو الأمير ماذا يفرق البشير عن حسني مبارك الذي جلس ثلاثون سنة , وماذا يفرق عن زين العابدين بن علي الذي جلس على سدة الحكم منذ العام 1987 وحتى العام 2010 . وماذا يفرق البشير عن علي عبدالله صالح . ماذا جرى معكم حتى تقفون في وجه الثورة السودانية  بدعم البشير . ما معنى إسلامي عندكم ؟ هل البشير هو الإسلامي الحق ؟ اسألوه ماذا قدم للإسلام في السودان وأفريقيا . هل بعد ثلاثين سنه السودان هو موئل حفظة كتاب الله ؟ هل السودان هو موئل السنة الحقة ؟ قبل أسبوع واحد فقط أحد الدعاة الكبار في السودان يقول أنهم يعانون في مجال الدعوة بسبب أن الفقر المدقع لم يجعل للناس آذانا صاغية لكلمات الدين والعقيدة وغيرها . أما عن انتشار الإلحاد بين الشباب فذاك شيء يحتاج الى دراسات اجتماعية جادة .
يا سمو الأمير إن كبار من يسمون بالإسلاميين رأوا في زيارة البشير لدمشق ومقابلته للأسد الطاغية انحرافا , فكيف لنا أن نفسر دعمكم لطاغية منحرف ووقوفكم إلى جانبه , وأنتم تدعمون الثوار في سوريا ضد الأسد , هل البشير في عرفكم هو إسلامي وباب التوبة مفتوح أمامه ؟
إن من لم يستطيع أن يسعد أهله بشيء أو يوفر لهم حياة كريمة فاضلة , فهو يسيء لنا ولن يفيدكم . ونحن إذ نعلن كوطن عزيز سامي نعلن البراءة منه ومن فساده ومن طغمته . نأمل أن تراجعوا أفكاركم حول الفرعون الذي امتد حكمه ثلاثون سنة أورد البلد فيها المهالك .
لقد كان لنا فيكم يا سمو الأمير مثالا حسنا , فمع هبة ثورات الربيع العربي , تصرف سمو الأمير الوالد بحكمة وتنازل لكم عن الحكم , حتى تقود البلاد وجوه شابة مواكبة للتطور وروح العصر . وحفظ لبلادكم أمنها واستقرارها . أليس من الأفضل أن تدعمون الشباب في بلادنا بإقناع البشير بالتنحي وترك المجال للوجوه الشابة , وحتى يجنب البلاد حمام الدم .
بالأمس أثيوبيا كانت تعاني فجاء الشاب الحكيم المولود 1976 م آبي أحمد – وهو يعتبر ابنا للبشير – سار ببلاده نحو نهضتها بخطى حثيثة نحو القمة . وكذلك حال رواندا ذلك البلد الافريقي الكسير بسبب حرب مدمرة أهلكت مليون روح من أبنائه , فجاء الشاب بول كيقامي فسار بشعبه للتصالح والتسامي على الجراح , والآن رواندا ضمن مجموعة العشرين خلال عشرين عاما فقط من انتهاء الحرب الشرسة  . أسأل الطغمة المدعين للإسلام  والإيمان والورع والتقوى أسألهم لماذا تأخرت بلادهم في كل شيء , وسقطت في الجوع والبؤس ؟ وكيف ازدادوا ثراء وركبوا الفارهات وتزوجوا مثنى وثلاث ورباع وكانت استثماراتهم في ماليزيا وأثيوبيا وغيرها بمليارات الدولارات؟!
قد يسأل سائل كيف ترفضون الدعم لبلادكم , وكيف تردون يد الأمير التي مدها لمساعدتكم ؟ نقول إن كان ما تمر بها بلادنا أمر طارئ لقبلناها على الرحب والسعة شاكرين ومقدرين , ولكن ما نعانيه قبل الجوع ونقص الموارد هو طغمة فاسدة جاثمة على صدر الوطن لا تهمهم إلا أنفسهم , فأي مساعدة في ظل وجودهم هي مسكن موضعي سرعان ما يزول تأثيره
وفي اعتقادنا يا سمو الأمير أن أي دعم لهذه الطغمة لا يليق بمن تتبنى بلاده الرأي والرأي الآخر .
رسائل الى أمير قطر :  لماذا تدعمون الطاغية ؟!
يا للخزي والعار بعد ثلاثين سنة يتدمر كل شيء .. وتصل الأزمات الى مستوى لا يطاق , وحتى أن ما يسمى الحكومة تعترف أن هناك ضوائق , وهناك أزمات وأن الحل يحتاج الى وقت !
يا الله على أهل الفساد والجور والظلم والسوء والفحشاء وكل القاموس السيء من الأوصاف الرذيلة .. إلى ما وصلنا إليه هؤلاء القوم , الذين تساءل عنهم الطيب صالح يرحمه الله حين قال : من أين أتى هؤلاء ؟! نعم هؤلاء نبت الشيطان الذي دمر كل شيء و أهلك الحرث والنسل .. هذه البلاد المسماة السودان هي شيء الآن , وشيء آخر البرلمان الذي يفصل الدستور الجديد – يا للمهازل ! – ليبقى الطاغية الدكتاتور المفسد حتى النخاع في السلطة إلى أن يموت إلى الأبد .. ما هو الأبد أيها المنافقون ؟ لماذا يبقى ؟ أما كفاه أم أنه أعمى لا يبصر صورة بلاده بعد ثلاثين عاما من جلوسه ؟! وهو صاحب جمباز يقفز من حركة إلى حركة ومن كذبة إلى أخرى .. هذا لا مكان له إلا الحبس هو وجميع من يسبحون بحمده ويرونه منقذا .. ولا منقذ إلا الله .. ماذا تبقى من هذه البلاد , نسأل الله أن يغطي يعليها ويسترها من أن تكوَّن بها مليشات وجماعات وعصابات  , من يسمى بالرئيس هو من كوَّنها ورعاها , سواء كان على نطاق ما تكوَّن منها لحمايته والدفاع عنه أو ما تكوَّن من جراء الضد ؟
الآن ومع تصاعد الأحداث في عطبرة ودنقلا والقضارف والرهد والخرطوم وكل مدن السودان الأبية , وما أذيع من أعداد بلغت أكثر من عشرين قتيلا , جميعهم دماءهم الطاهرة على عنق هذا الرئيس الذي طغى وتجبر .. ومن قبل قد انكر ما سببه من قتل وتشريد ودمار في دار فور واعترف سفيره في واشنطن بأن القتلة فقط عشرة آلاف وليس كما يشاع أن الرئيس الطاهر الطيب قد تسبب في مقتل ثلاثمائة ألف إنسان , مما اضطر المذيع النابه أن يقول له نص الآية الكريمة (ومن قتل نفسا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا ) نعم نفسا واحدة وليس عشرة آلاف .. اللهم أرحمهم وأغفر لهم وتقبلهم شهداء .
ووسط هذه الدماء يأتي أمير قطر سمو الشيخ تميم ليقول أنه يدعم السودان ويقف إلى جوار البشير , وإن لم يقل ذلك صراحة   . فما نفع البشير في أن يقف الآخرون لمساندته , إنه وصل مرحلة موت سريري , وهو في غيبوبة منذ سنوات فلن يجدي معه أي دعم فهو وجماعته  أصحاب نهم متوحش للدنيا . ما من شيء وقعت أيديهم عليه إلا أهلكوه ودمروه .. إننا فقط بصدد أن يأتي عبد المنتقم الجبار ويقتص للغلابة من أموالهم ويردها عليهم .إن ما يمتلكه البشير وطغمته من  أموال و أملاك وعقارات وذهب يفوق التصور .. وما خرجوه من أموال عملوا بها في ماليزيا وأثيوبيا شيء يفوق الخيال  , والشعب في هزال يبحث عن الخبز !
كان على أمير قطر أن يترحم على من فقدوا أرواحهم وهم ينادون بالخبز والحرية .. يا سمو الأمير لو ترحمت عليهم لشفيت صدورنا . ودعني هنا أسير معك خطوة بخطوة لأبين لكم سمو الأمير كيف أن الدعم منكم للطاغية المستبد يزيده طغيانا وفسادا. ومن قبل قالت الملائكة للحكيم العليم (أتجعل فيها من يفسد فيه ويسفك الدماء ) هؤلاء الطغمة الحاكمة ليس لهم من لغة يتكلمونها سوى لغة الفساد والدم .. ثلاثون سنة من القتل في الجنوب ودار فور والنيل الأزرق وجبال النوبة , لا توجد إحصائية دقيقة بعدد القتلى , إنه لعدد يفوق التصور , ولا يزال الطاغية يرقص ويقفز ويكبر في فراغ وفحش , فمن كان يعرف الله ويكبره حقيقة لا يمكن أن يكون بهذا السوء والفحش والغيبوبة والفساد.
أسألهم يا سمو الأمير قبل أن تقدم  لهم الدعم أين مشروع الجزيرة الذي كان أعظم مشروع زراعي في أفريقيا والشرق الأوسط , كيف دمروه وشردوا أهله . مشروع الجزيرة التحفة والذي هو أول هيئة ملكية بريطانية أهديت للسودان , وإذا كان الناس يتحدثون عن الهيئة الملكية السعودية في الجبيل وينبع , فإن مشروع الجزيرة كان أعظم في تنظيمه وترتيبه ورفعة مكانته .
وأسألهم عن أعظم ناقل في أفريقيا .. هيئة سكك حديد السودان , كيف أصبحت وصاروا المفسدون يبيعون الحديد المتبقي من قاطراتها وقضبانها كحديد خردة !
وأسألهم عن الجامعات وهم يدعون أن البلد كان بها جامعة أو اثنتين , والآن في عهدهم وصل عدد الجامعات والكليات الجامعية إلى أكثر من خمسين جامعة ومعهد , ولكننا في ذيل قائمة أفضل الجامعات في الوطن العربي والعالم . وأخبرهم عن قطر كيف خلال أربعين عاما فقط وصلت إلى هذه المكانة السامية العالية في كل شيء ؟
أسألهم عن التعليم , وأسألهم عن الصحة والمستشفيات والعلاج , وأسألهم عن صحة البيئة ونحن أقذر عاصمة في العالم والرئيس في القصر وكافوري يعيش منعما نظيفا في كل شيء ومتوفر له كل شيء – ويزعم أنه عمر بن الخطاب وانهم من نسل الصحابة – أسألهم هل يؤثرون على أنفسهم ؟!
إن الدعم الي سترسله لهم يا سمو الأمير لن يزيدهم  إلا طغيانا كبيرا.
وإذا كنتم قد تألمتم على إزاحة الإخوان في مصر من المشهد , فإن دعمكم لهؤلاء المفسدين سيكون وبالا على السودان و أهله . ادعموا الوجوه الجديدة الشابة لتكون نفعا للسودان وأهله الطيبين ..
هؤلاء هم شياطين الفساد واللعب بجنون في موضوع الحوارات غير المجدية . وأنتم تقدمون الدعم لوقف الحرب في دار فور وإقامة الحوار بين الفرقاء هل سألتم أنفسكم كم قدمتم وأين ذهب ما قدمتم , هؤلاء شهيتهم مفتوحة كما جهنم تقول هل من مزيد !
إن أي دعم ي سمو الأمير لمثل هذا الرئيس الذي يلعب على كل الحبال , فهو ضد اليمن , وهو مع بشار وهو معكم وهو في كف بوتين , أي شيطان تدعم ي سمو الأمير ليبقى ؟!
قبل الدعم يا سمو الأمير قل له تصالح مع شعبك , فجيوش ضرائبه وأتاواته مسلطة على إنسان بلادي . ثم أسأله ما جدوى هذا الكم الهائل من المؤتمرات والحوارات واللقاءات .. وأسأله عن العدد الهائل من الوزراء والولاة والمعتمدين والبرلمانيين ..
ولك أن تسألهم وهم أهل حقد وضغائن , لماذا فصلوا الجنوب وذهب بتروله وثرواته . وأسألهم لماذا التخاذل في استخراج خيرات البلد من بترول وذهب بصورة منظمة واتفاق مع شركات كبرى بدلا عن هذا العبث بالتعاقد مع شركات صغيرة غير معروفة ومع تعتيم كامل , ليذهب العائد الى جيوبهم وبطونهم . إن هذه الطغمة غير معنية بما يهم المواطن ولا يفكرون في رفعة بلدهم , فلن يجدي معها نفعا أي دعم أو ولن تفيد معها أي مساعدة , هلكوا الحرث والنسل اللهم أرنا فيهم يوما أسودا ..
يا سمو الأمير قد دعمتم الثورات في الربيع العربي ووقفتم إلى جانبها حتى انتصرت الثورة في تونس , وساندتم مصر إعلامية حتى وصل مرسي الى سدة الرئاسة  , ولكن تأتي الثورات المضادة ووقف الذين دعموها بشراسة حتى سقط الإخوان في مصر . دعمتم اليمن ولكن شراسة أهل الضد أوقعته في الحرب . قل بالله عليك يا سمو الأمير ماذا يفرق البشير عن حسني مبارك الذي جلس ثلاثون سنة , وماذا يفرق عن زين العابدين بن علي الذي جلس على سدة الحكم منذ العام 1987 وحتى العام 2010 . وماذا يفرق البشير عن علي عبدالله صالح . ماذا جرى معكم حتى تقفون في وجه الثورة السودانية  بدعم البشير . ما معنى إسلامي عندكم ؟ هل البشير هو الإسلامي الحق ؟ اسألوه ماذا قدم للإسلام في السودان وأفريقيا . هل بعد ثلاثين سنه السودان هو موئل حفظة كتاب الله ؟ هل السودان هو موئل السنة الحقة ؟ قبل أسبوع واحد فقط أحد الدعاة الكبار في السودان يقول أنهم يعانون في مجال الدعوة بسبب أن الفقر المدقع لم يجعل للناس آذانا صاغية لكلمات الدين والعقيدة وغيرها . أما عن انتشار الإلحاد بين الشباب فذاك شيء يحتاج الى دراسات اجتماعية جادة .
يا سمو الأمير إن كبار من يسمون بالإسلاميين رأوا في زيارة البشير لدمشق ومقابلته للأسد الطاغية انحرافا , فكيف لنا أن نفسر دعمكم لطاغية منحرف ووقوفكم إلى جانبه , وأنتم تدعمون الثوار في سوريا ضد الأسد , هل البشير في عرفكم هو إسلامي وباب التوبة مفتوح أمامه ؟
إن من لم يستطيع أن يسعد أهله بشيء أو يوفر لهم حياة كريمة فاضلة , فهو يسيء لنا ولن يفيدكم . ونحن إذ نعلن كوطن عزيز سامي نعلن البراءة منه ومن فساده ومن طغمته . نأمل أن تراجعوا أفكاركم حول الفرعون الذي امتد حكمه ثلاثون سنة أورد البلد فيها المهالك .
لقد كان لنا فيكم يا سمو الأمير مثالا حسنا , فمع هبة ثورات الربيع العربي , تصرف سمو الأمير الوالد بحكمة وتنازل لكم عن الحكم , حتى تقود البلاد وجوه شابة مواكبة للتطور وروح العصر . وحفظ لبلادكم أمنها واستقرارها . أليس من الأفضل أن تدعمون الشباب في بلادنا بإقناع البشير بالتنحي وترك المجال للوجوه الشابة , وحتى يجنب البلاد حمام الدم .
بالأمس أثيوبيا كانت تعاني فجاء الشاب الحكيم المولود 1976 م آبي أحمد – وهو يعتبر ابنا للبشير – سار ببلاده نحو نهضتها بخطى حثيثة نحو القمة . وكذلك حال رواندا ذلك البلد الافريقي الكسير بسبب حرب مدمرة أهلكت مليون روح من أبنائه , فجاء الشاب بول كيقامي فسار بشعبه للتصالح والتسامي على الجراح , والآن رواندا ضمن مجموعة العشرين خلال عشرين عاما فقط من انتهاء الحرب الشرسة  . أسأل الطغمة المدعين للإسلام  والإيمان والورع والتقوى أسألهم لماذا تأخرت بلادهم في كل شيء , وسقطت في الجوع والبؤس ؟ وكيف ازدادوا ثراء وركبوا الفارهات وتزوجوا مثنى وثلاث ورباع وكانت استثماراتهم في ماليزيا وأثيوبيا وغيرها بمليارات الدولارات؟!
قد يسأل سائل كيف ترفضون الدعم لبلادكم , وكيف تردون يد الأمير التي مدها لمساعدتكم ؟ نقول إن كان ما تمر بها بلادنا أمر طارئ لقبلناها على الرحب والسعة شاكرين ومقدرين , ولكن ما نعانيه قبل الجوع ونقص الموارد هو طغمة فاسدة جاثمة على صدر الوطن لا تهمهم إلا أنفسهم , فأي مساعدة في ظل وجودهم هي مسكن موضعي سرعان ما يزول تأثيره
وفي اعتقادنا يا سمو الأمير أن أي دعم لهذه الطغمة لا يليق بمن تتبنى بلاده الرأي والرأي الآخر .
رسائل الى أمير قطر :  لماذا تدعمون الطاغية ؟!
يا للخزي والعار بعد ثلاثين سنة يتدمر كل شيء .. وتصل الأزمات الى مستوى لا يطاق , وحتى أن ما يسمى الحكومة تعترف أن هناك ضوائق , وهناك أزمات وأن الحل يحتاج الى وقت !
يا الله على أهل الفساد والجور والظلم والسوء والفحشاء وكل القاموس السيء من الأوصاف الرذيلة .. إلى ما وصلنا إليه هؤلاء القوم , الذين تساءل عنهم الطيب صالح يرحمه الله حين قال : من أين أتى هؤلاء ؟! نعم هؤلاء نبت الشيطان الذي دمر كل شيء و أهلك الحرث والنسل .. هذه البلاد المسماة السودان هي شيء الآن , وشيء آخر البرلمان الذي يفصل الدستور الجديد – يا للمهازل ! – ليبقى الطاغية الدكتاتور المفسد حتى النخاع في السلطة إلى أن يموت إلى الأبد .. ما هو الأبد أيها المنافقون ؟ لماذا يبقى ؟ أما كفاه أم أنه أعمى لا يبصر صورة بلاده بعد ثلاثين عاما من جلوسه ؟! وهو صاحب جمباز يقفز من حركة إلى حركة ومن كذبة إلى أخرى .. هذا لا مكان له إلا الحبس هو وجميع من يسبحون بحمده ويرونه منقذا .. ولا منقذ إلا الله .. ماذا تبقى من هذه البلاد , نسأل الله أن يغطي يعليها ويسترها من أن تكوَّن بها مليشات وجماعات وعصابات  , من يسمى بالرئيس هو من كوَّنها ورعاها , سواء كان على نطاق ما تكوَّن منها لحمايته والدفاع عنه أو ما تكوَّن من جراء الضد ؟
الآن ومع تصاعد الأحداث في عطبرة ودنقلا والقضارف والرهد والخرطوم وكل مدن السودان الأبية , وما أذيع من أعداد بلغت أكثر من عشرين قتيلا , جميعهم دماءهم الطاهرة على عنق هذا الرئيس الذي طغى وتجبر .. ومن قبل قد انكر ما سببه من قتل وتشريد ودمار في دار فور واعترف سفيره في واشنطن بأن القتلة فقط عشرة آلاف وليس كما يشاع أن الرئيس الطاهر الطيب قد تسبب في مقتل ثلاثمائة ألف إنسان , مما اضطر المذيع النابه أن يقول له نص الآية الكريمة (ومن قتل نفسا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا ) نعم نفسا واحدة وليس عشرة آلاف .. اللهم أرحمهم وأغفر لهم وتقبلهم شهداء .
ووسط هذه الدماء يأتي أمير قطر سمو الشيخ تميم ليقول أنه يدعم السودان ويقف إلى جوار البشير , وإن لم يقل ذلك صراحة   . فما نفع البشير في أن يقف الآخرون لمساندته , إنه وصل مرحلة موت سريري , وهو في غيبوبة منذ سنوات فلن يجدي معه أي دعم فهو وجماعته  أصحاب نهم متوحش للدنيا . ما من شيء وقعت أيديهم عليه إلا أهلكوه ودمروه .. إننا فقط بصدد أن يأتي عبد المنتقم الجبار ويقتص للغلابة من أموالهم ويردها عليهم .إن ما يمتلكه البشير وطغمته من  أموال و أملاك وعقارات وذهب يفوق التصور .. وما خرجوه من أموال عملوا بها في ماليزيا وأثيوبيا شيء يفوق الخيال  , والشعب في هزال يبحث عن الخبز !
كان على أمير قطر أن يترحم على من فقدوا أرواحهم وهم ينادون بالخبز والحرية .. يا سمو الأمير لو ترحمت عليهم لشفيت صدورنا . ودعني هنا أسير معك خطوة بخطوة لأبين لكم سمو الأمير كيف أن الدعم منكم للطاغية المستبد يزيده طغيانا وفسادا. ومن قبل قالت الملائكة للحكيم العليم (أتجعل فيها من يفسد فيه ويسفك الدماء ) هؤلاء الطغمة الحاكمة ليس لهم من لغة يتكلمونها سوى لغة الفساد والدم .. ثلاثون سنة من القتل في الجنوب ودار فور والنيل الأزرق وجبال النوبة , لا توجد إحصائية دقيقة بعدد القتلى , إنه لعدد يفوق التصور , ولا يزال الطاغية يرقص ويقفز ويكبر في فراغ وفحش , فمن كان يعرف الله ويكبره حقيقة لا يمكن أن يكون بهذا السوء والفحش والغيبوبة والفساد.
أسألهم يا سمو الأمير قبل أن تقدم  لهم الدعم أين مشروع الجزيرة الذي كان أعظم مشروع زراعي في أفريقيا والشرق الأوسط , كيف دمروه وشردوا أهله . مشروع الجزيرة التحفة والذي هو أول هيئة ملكية بريطانية أهديت للسودان , وإذا كان الناس يتحدثون عن الهيئة الملكية السعودية في الجبيل وينبع , فإن مشروع الجزيرة كان أعظم في تنظيمه وترتيبه ورفعة مكانته .
وأسألهم عن أعظم ناقل في أفريقيا .. هيئة سكك حديد السودان , كيف أصبحت وصاروا المفسدون يبيعون الحديد المتبقي من قاطراتها وقضبانها كحديد خردة !
وأسألهم عن الجامعات وهم يدعون أن البلد كان بها جامعة أو اثنتين , والآن في عهدهم وصل عدد الجامعات والكليات الجامعية إلى أكثر من خمسين جامعة ومعهد , ولكننا في ذيل قائمة أفضل الجامعات في الوطن العربي والعالم . وأخبرهم عن قطر كيف خلال أربعين عاما فقط وصلت إلى هذه المكانة السامية العالية في كل شيء ؟
أسألهم عن التعليم , وأسألهم عن الصحة والمستشفيات والعلاج , وأسألهم عن صحة البيئة ونحن أقذر عاصمة في العالم والرئيس في القصر وكافوري يعيش منعما نظيفا في كل شيء ومتوفر له كل شيء – ويزعم أنه عمر بن الخطاب وانهم من نسل الصحابة – أسألهم هل يؤثرون على أنفسهم ؟!
إن الدعم الي سترسله لهم يا سمو الأمير لن يزيدهم  إلا طغيانا كبيرا.
وإذا كنتم قد تألمتم على إزاحة الإخوان في مصر من المشهد , فإن دعمكم لهؤلاء المفسدين سيكون وبالا على السودان و أهله . ادعموا الوجوه الجديدة الشابة لتكون نفعا للسودان وأهله الطيبين ..
هؤلاء هم شياطين الفساد واللعب بجنون في موضوع الحوارات غير المجدية . وأنتم تقدمون الدعم لوقف الحرب في دار فور وإقامة الحوار بين الفرقاء هل سألتم أنفسكم كم قدمتم وأين ذهب ما قدمتم , هؤلاء شهيتهم مفتوحة كما جهنم تقول هل من مزيد !
إن أي دعم ي سمو الأمير لمثل هذا الرئيس الذي يلعب على كل الحبال , فهو ضد اليمن , وهو مع بشار وهو معكم وهو في كف بوتين , أي شيطان تدعم ي سمو الأمير ليبقى ؟!
قبل الدعم يا سمو الأمير قل له تصالح مع شعبك , فجيوش ضرائبه وأتاواته مسلطة على إنسان بلادي . ثم أسأله ما جدوى هذا الكم الهائل من المؤتمرات والحوارات واللقاءات .. وأسأله عن العدد الهائل من الوزراء والولاة والمعتمدين والبرلمانيين ..
ولك أن تسألهم وهم أهل حقد وضغائن , لماذا فصلوا الجنوب وذهب بتروله وثرواته . وأسألهم لماذا التخاذل في استخراج خيرات البلد من بترول وذهب بصورة منظمة واتفاق مع شركات كبرى بدلا عن هذا العبث بالتعاقد مع شركات صغيرة غير معروفة ومع تعتيم كامل , ليذهب العائد الى جيوبهم وبطونهم . إن هذه الطغمة غير معنية بما يهم المواطن ولا يفكرون في رفعة بلدهم , فلن يجدي معها نفعا أي دعم أو ولن تفيد معها أي مساعدة , هلكوا الحرث والنسل اللهم أرنا فيهم يوما أسودا ..
يا سمو الأمير قد دعمتم الثورات في الربيع العربي ووقفتم إلى جانبها حتى انتصرت الثورة في تونس , وساندتم مصر إعلامية حتى وصل مرسي الى سدة الرئاسة  , ولكن تأتي الثورات المضادة ووقف الذين دعموها بشراسة حتى سقط الإخوان في مصر . دعمتم اليمن ولكن شراسة أهل الضد أوقعته في الحرب . قل بالله عليك يا سمو الأمير ماذا يفرق البشير عن حسني مبارك الذي جلس ثلاثون سنة , وماذا يفرق عن زين العابدين بن علي الذي جلس على سدة الحكم منذ العام 1987 وحتى العام 2010 . وماذا يفرق البشير عن علي عبدالله صالح . ماذا جرى معكم حتى تقفون في وجه الثورة السودانية  بدعم البشير . ما معنى إسلامي عندكم ؟ هل البشير هو الإسلامي الحق ؟ اسألوه ماذا قدم للإسلام في السودان وأفريقيا . هل بعد ثلاثين سنه السودان هو موئل حفظة كتاب الله ؟ هل السودان هو موئل السنة الحقة ؟ قبل أسبوع واحد فقط أحد الدعاة الكبار في السودان يقول أنهم يعانون في مجال الدعوة بسبب أن الفقر المدقع لم يجعل للناس آذانا صاغية لكلمات الدين والعقيدة وغيرها . أما عن انتشار الإلحاد بين الشباب فذاك شيء يحتاج الى دراسات اجتماعية جادة .
يا سمو الأمير إن كبار من يسمون بالإسلاميين رأوا في زيارة البشير لدمشق ومقابلته للأسد الطاغية انحرافا , فكيف لنا أن نفسر دعمكم لطاغية منحرف ووقوفكم إلى جانبه , وأنتم تدعمون الثوار في سوريا ضد الأسد , هل البشير في عرفكم هو إسلامي وباب التوبة مفتوح أمامه ؟
إن من لم يستطيع أن يسعد أهله بشيء أو يوفر لهم حياة كريمة فاضلة , فهو يسيء لنا ولن يفيدكم . ونحن إذ نعلن كوطن عزيز سامي نعلن البراءة منه ومن فساده ومن طغمته . نأمل أن تراجعوا أفكاركم حول الفرعون الذي امتد حكمه ثلاثون سنة أورد البلد فيها المهالك .
لقد كان لنا فيكم يا سمو الأمير مثالا حسنا , فمع هبة ثورات الربيع العربي , تصرف سمو الأمير الوالد بحكمة وتنازل لكم عن الحكم , حتى تقود البلاد وجوه شابة مواكبة للتطور وروح العصر . وحفظ لبلادكم أمنها واستقرارها . أليس من الأفضل أن تدعمون الشباب في بلادنا بإقناع البشير بالتنحي وترك المجال للوجوه الشابة , وحتى يجنب البلاد حمام الدم .
بالأمس أثيوبيا كانت تعاني فجاء الشاب الحكيم المولود 1976 م آبي أحمد – وهو يعتبر ابنا للبشير – سار ببلاده نحو نهضتها بخطى حثيثة نحو القمة . وكذلك حال رواندا ذلك البلد الافريقي الكسير بسبب حرب مدمرة أهلكت مليون روح من أبنائه , فجاء الشاب بول كيقامي فسار بشعبه للتصالح والتسامي على الجراح , والآن رواندا ضمن مجموعة العشرين خلال عشرين عاما فقط من انتهاء الحرب الشرسة  . أسأل الطغمة المدعين للإسلام  والإيمان والورع والتقوى أسألهم لماذا تأخرت بلادهم في كل شيء , وسقطت في الجوع والبؤس ؟ وكيف ازدادوا ثراء وركبوا الفارهات وتزوجوا مثنى وثلاث ورباع وكانت استثماراتهم في ماليزيا وأثيوبيا وغيرها بمليارات الدولارات؟!
قد يسأل سائل كيف ترفضون الدعم لبلادكم , وكيف تردون يد الأمير التي مدها لمساعدتكم ؟ نقول إن كان ما تمر بها بلادنا أمر طارئ لقبلناها على الرحب والسعة شاكرين ومقدرين , ولكن ما نعانيه قبل الجوع ونقص الموارد هو طغمة فاسدة جاثمة على صدر الوطن لا تهمهم إلا أنفسهم , فأي مساعدة في ظل وجودهم هي مسكن موضعي سرعان ما يزول تأثيره
وفي اعتقادنا يا سمو الأمير أن أي دعم لهذه الطغمة لا يليق بمن تتبنى بلاده الرأي والرأي الآخر .

الجمعة، 20 مايو 2016

تسمع وزير الكهرباء وهو يتحدث للإذاعة السودانية، عن زيادة تعرفة الكهرباء، فتقفز إلى ذهنك صورة دول العالم المحترمة، التي تضع مصلحة المواطن فوق كل مصلحة ورفاهيته هي القيمة والهدف السامي الذي يعمل من أجله جميع من هم في مواقع المسؤولية.. لذا عندما يتحدث المسؤول منهم يعمد إلى مستشاريه ليهذبون وينقحون خطاباته ويقدمون له النصح والتوجيه بما يمكن قوله وما لا يمكن قوله، ليس وفقاً لأهوائه وإنما وفق معطيات واحصاءات مدروسة بطرق علمية ولكن (من خلّى عادته، قلّت سعادته) فسادتنا وكُبراؤنا من يتحدث منهم تتساطع في يافوه الهاشمية كما يقولون، فيردد ما لا يعرف، ويصيح صياحاً يعود عليه وبالاً، كأنه تحت تأثير مخدر أو حبوب هلوسة، فإذا تأملت ما قاله وزير الكهرباء السيد معتز موسى لإذاعة أمدرمان، حين ردّت (إن زيادة تعرفة الكهرباء ليس الغرض منها زيادة الموارد المالية، وإنما الغرض منها ترشيد الإستهلاك).. ما أعجب هذه الكلمة وما أقبه من قول، تجيء ممن جعلوا حياة الناس كابوساً مرعباً وحولوها إلى جحيم وعذاب لا يطاق.. ما هكذا يعامل ويعلّم المواطن أيها الوزير الرشيد، فالمواطن كيان له احترامه، المواطنون لهم قلوب يفقهون بها، وآذان يسمعون بها ويعون القول. ألم تسمع أيها الوزير أن هنالك طرق لترشيد الكهرباء تدرس في الجامعات والمعاهد، وتقام لها الدورات التدريبية، وتنشأ وتطور من أجلها الصناعات؟! فترشيد استهلاك الكهرباء لا يكون قسرياً وبهذه الطريقة الفجة المعوجّة.. فإن له أدواته وله آلياته وأجهزته، التي يستعان بها لتوظيفه بالطريقة التي تعود بالنفع على الجميع، دولة ومواطنين.. فهناك مصابيح وأجهزة التكييف، التي تعمل بالتأثير الحراري، تضيء وتعمل عن وجود الشخص وتنطفئ عند ذهابه، تستخدم حتى في الدول الغنية مثل السعودية، التي تنتج فيها منطقة الرياض لوحدها 10,000 ميغا وات، أي أكثر مما سينتجه سد النهضة الأثيوبي، الذي أقام الدنيا ولم يقعدها. وهناك مصابيح الفلوروسنت وهناك منظمات التيار الكهربائي، وغيرها مما يعلمه المختصون في هذا المجال، من مهندسي وفنيي الكهرباء، فمن الظلم للوطن والمواطن اسناد الأمور لمن هم ليسوا أهلاً لها!!
وهل حقاً نحن نحتاج إلى ترشيد الكهرباء! فالخبير الإقتصادي عصام عبدالوهاب بوب، يقول أن الشعب السوداني أقل الشعوب استهلاكاً للكهرباء، فهو يستهلك ما قيمته 30% من الإستهلاك المصري و50% من الإستهلاك السعودي؟
وأمر آخر في غاية الأهمية، ونحن في بلد الشمس تسطع فيه طوال العام، أما كان من الأجدى أن نفعل مشاريع الطاقة الشمسية، وهي طاقة نظيفة منخفضة التكلفة.. فالدول الغنية مثل ألمانيا وفرنسا، ورغم أن فترات سطوع الشمس لديهم معدودة، إلا أنهم استفادوا من الطاقة الشمسية، وتقليلاً من اعتمادهم على البترول المستورد..
لقد صرفت الدولة مبالغ طائلة في انشاء سد مروي -بتكلفة تقدر بحاولي مليار و950 مليون دولار عبارة عن ديون وقروض ربوية سوف يرزح تحتها المواطنين لأجيال قادمة.. والكل تابع البروباغاندا والضجة الإعلامية المصاحبة للمشروع، فأصحاب التلميع وقبيلة الوزراء وجيش الإعلاميين صوروا للناس أن سد مروي، هو المارد الذي سيخرج من فانوس الإنقاذ السحري، الذي سيحل جميع مشكلاتهم ويحقق أمانيهم وظلّوا منتظرين (شبيكم لبيكم الكهرباء والتنمية والتطور ووصلوكم مقاعد الدول العظمى بين أيديكم)، ولكن جائت كلمات وزير الكهرباء "إن كهرباء سد مروي لا تكفي الخرطوم"، كشك دبوس أفرغ بالون الأماني الذي يسبح عالياً في فضاء الأحلام، فسقطوا غير سالمين، وتكشّف للناس مرّة أخرى زيف الحكومة، وشعارتها الخادعة وعدم مصداقية وعودهم بتحسين المعيشة، وبما أننا في عهد الإنتكاس فلا محاسبة. ولكن إن شاء الله سوف يكون حساباً عسيراً يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون.

وإذا سأل سائل عن نسبة السكان الذين تصل إليهم شبكة الكهرباء، سوف تقتل الإجابة بالذهول قلوب (طيبة ورحيمة).. إن نسبة السكان الذين تصل إليهم شبكة الكهرباء هم 35% فقط من نسبة السكان، فكل هذه الضجّة هي في الثلث فقط. أما أهلنا (الغُبُش) في المنافي البعيدة والهامش، في معسكرات النازحين أو الكهوف، فلهم الله من قبل ومن بعد. كل هذه الضجة لا تشملهم، فهل تسمع لهم صوتاً أو ترى منهم أحداً!؟ إنهم يرزحون تحت هموم أخرى، همّ الأمن لهم ولفلذات أكبادهم، همّ لقمة العيش التي تسد جوعهم، همّ شربة الماء النظيفة -ولا أقول الباردة الهنية- التي تروي عطشهم، همّ مسكن يؤويهم ويسترهم ويقيهم حرّ الصيف وقرّ الشتاء.
إن قرارات حكومة الإنقاذ ووزرائهم دائماً تأتي غير مدروسة، وإن شئت فقل مدروسة بخبث لصالح أهل البيت الإنقاذي، أما المواطن فله قبض الريح.. فزيادة تعرفة الكهرباء تستزيد جميع السلع، فالمصانع تعمل بالكهرباء، ومضخات الزرع تعمل بالكهرباء، وحتى الأجهزة البسيطة لانتاج الغذاء وحفظه تحتاج إلى الكهرباء، وبالتالي فستزيد الأسعار بصورة جنونية، وهي التي ما عرفت ثباتاً من الأساس، وعجزت الحكومة أو تغافلت عن وضع حدٍ لها.. وهنا تحضرني عبارة الوزير الثالثة "إن الحياة زائدة والكهرباء ثابتة".. ففي هذا العام بالذات إن كانت هناك مصداقية لانخفضت تعرفة الكهرباء، فأسعار البترول العالمية انخفضت إلى أقل من النصف -سعر البرميل من 120 دولار إلى أقل من 50 دولار.. فإن كانت المحطات بحاجة إلى الوقود فقد انخفضت قيمته وهناك توقعات باستمرار الإنخفاض لدخول إيران السوق العالمية بعد الإتفاق النووية الذي وقعته مع الدول السبع والذي يقضي برفع الحظر عنها.
ولكن ما لا يريد الوزير إظهاره أو التطرق له هو شركات الكهرباء الحكومية التي تعددت وتعددت فيها الوظائف والرّتب والمخصصات لموظفيها من الإنقاذيين والمؤلفة قلوبهم وأصحاب الترضيات، فأثقلت كاهل الحكومة.. أما كان من الأجدى دمجها والعودة بها إلى الشركة القومية للكهرباء وانبثاق إدارات منها بدلاً من هذا الصرف البذخي الذي يتحمله المواطن المثقل أصلاً بالهموم؟!
هذا هو همّ الكهرباء، أما همّ المياه في بلد تجري من تحته الأنهار، فذاك وجعٌ آخر وغصّة في الحلوق سنعود إليها.. سنظلّ نكتب ونكتب عن السلبيات والنقائص والعجائب التي يبدو أنها لا تنقضي على أمل أن يستقيظ لسادتنا وكبرائنا ضمير، أو أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.

السبت، 30 أبريل 2016

اشتهر في مدينة القضارف، شرق السودان، شخص يُدعى "الفكي أبو نافورة"، وقصته ترجع إلى عام 1967، عندما ضرب الجفاف المدينة، واتجه أبناؤها إلى البحث عن المياه الجوفية، وبدؤوا بحفر بئر ارتوازية، وكانت المفاجأة بعد أن حفر المهندسون عميقًا أن اندفعت المياه بضغط عالٍ إلى عنان السماء، ففروا خوفًا. إثر ذلك انتشرت إشاعة في البلاد وهي أن مفجِّر هذه البئر هو شيخ لُقب "الفكي أبو نافورة" وأشيع أن الماء المنبثق عنها يعالج كل داء. وتوافد الناس من جميع أنحاء السودان يطلبون التداوي من أمراضهم ومِنهم مَن يطلب الرزق ومِنهم مَن يطلب الزواج. كان ذلك في وقت انتشرت فيه الأمية وساد فيه الجهل.
أما اليوم، فالمتأمل في إعلانات بعض الفضائيات العربية يجد "الفكي أبو نافورة" وبئره ولكن في صورة حديثة. من السهل في التلفزيون أن تجد إعلانات لـ"أصحاب الطريقة النورانية الروحانية لعلاج السحر والمس وطرد الشياطين" وأخرى لـ"رد المطلقة والهارب وتحويط الجن وفك المربوط وإسعاد العاجز وترحيل الأشرار والظالمين من المنازل ودفع الحسد وفك التابع وطرد القرين ورجوع الغائب". وإذا واصلت المشاهدة فستجد "علاج العجز الجنسي والعقم وغير ذلك".
أرقام الهاتف متوفرة ومتعددة على الشاشات، كما تتعدد جنسيات الشيوخ، فتجد الشيخ المغربي الذي يجلب الحبيب في عشر دقائق، والشيخ السوداني الذي يعالج من العجز الجنسي ويرد للمجنون عقله والشيخ الهندي الذي يفك السحر الأسود والسحر الأحمر والسحر الهندي وغيرهم وظهرت نساء يكشفن ما قُدر لك في مستقبل أيامك. لم يبق لهؤلاء القوم إلا القول بأنهم يردون الروح للميت.
لكن في الحقيقة فليدعوا ويقولوا ما يشاؤون، إن الخطأ هو خطأ المشاهد والمتابع لهذه القنوات أساسًا وخطأ الذين ذهبوا إلى تصديقهم والترويج لهم.
لكن قد لا يتحملون وحدهم كل الوزر لأن انتشار ظاهرة أصحاب القوة الخارقة وأصحاب الضعف المهين إنما هي نتاج ما لدينا من حكومات تستثمر في التفاهة وتسوِّق للدجل والشعوذة، بعدما فشلت في إقامة تنمية حقيقية تعمل على تطوير الإنسان والسير إلى المستقبل.
إن برزت هذه الظاهرة في خمسينيات أو ستينيات القرن الماضي، لالتمسنا لأبناء تلك الحقبة العذر حيث كانت تسود الأمية والجهل، ولكن الآن مع انتشار العلم والعولمة وازدياد أعداد المتعلمين والمتخرجين من الجامعات والذين نالوا أرفع الدرجات، ما عذر البعض وهم يركضون إلى شيخ متهالك في غرفة مظلمة معبأة بالبخور والسموم حتى ينال منه بعض أمل أو وعد بتغيير؟ ويبلغ العجب منتهاه عندما تجد أصحاب أعلى الشهادات العلمية وأرقى المناصب السياسية يزورون هؤلاء المشعوذين.
إنه بحق زمن الخواء وزمن الحكومات التي تقود أفرادها إلى الفراغ. والنفس البشرية إن لم نشغلها بالحق، انشغلت بالباطل، فلا تنمية ولا مشاريع ناجحة ولا أمل يلوح في الأفق يوعدنا بحل جميع مشاكلنا وقضايانا الملحة مثل البطالة والتدني الاقتصادي.
لا يمكن نفي أننا أمة تؤمن بأن للأنبياء معجزات أيدهم الله بها، لكن وجب النظر إليها في سياقها وأطرها، ولكن أن يخرج علينا في زماننا من يضعون أنفسهم موضع الأنبياء، وبعضهم ينسب لنفسه ما اختص به ربنا سبحانه وتعالى، فذلك ما لا يقبله عاقل. وإننا نطالب أساتذة وطلاب علم الاجتماع وعلم النفس أن يدرسوا هذه الظاهرة لخطرها واستثمارها في الوهن الاجتماعي والضعف المجتمعي. إنها مخدر أشد فتكًا من المخدرات وعلى الباحثين والعلماء أن يستنبطوا الحل قبل أن تنهار مجتمعاتنا. إن التغيير إذا لم نسعَ إليه لن يأتي، وإن الأمل إذا لم نصنعه فلن يولد من عدم