الخميس، 19 فبراير 2015

القصر والفقر
القصر الجديد . قصر الرئاسة .. أو ما يسمى بالقصر الجمهوري الجديد , يأتي افتتاحه بعد إعلان الرئيس الباقي ولا باق إلا الله (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) . وقبل أشهر من إعلان فوز الرئيس بفترة جديدة لينال شرف الدخول إلى هذا القصر ..
ويدخل الرئيس الذي فاخر بأنه رعى الغنم في القرية وفي ذلك الزمن .. وعمل في اليوميات , في وقت كان فيه والده عاملا بسيطا في أحد مصانع بحري . ولكنك مع فئات الإفساد والفساد والسوء , تجد حتى وإن كان الرئيس سليم النية فأنهم يجعلون منه المتغطرس العالي الفرعون المتكبر المتجبر الغائب عن إرث أهله والناسي لكل بساطة وسهولة . 
ولكن سوف ينبري لك البعض ويقولون أنه منحة من دولة الصين , كما بنت قاعة الصداقة من قبل عربون صداقة ومعرفة .. تقدم لحكومة الإنقاذ هذا القصر الجديد .. ولكن يا رعاكم الله أما كان من الأجدى أن يقدم القصر للشعب الصابر , والذي يمضغ الهم والغم منذ ربع قرن من الزمان . أما كان من الطيب والجميل والأفضل أن تقوم الصين ببناء ألآف المساكن وتقدمها لآلاف الأسر الكادحة والمكتوية بدفع إجارات تهلك وتدمر كل شيء .. لو كان لمستشاري الرئيس أدنى ذرة من حب للأنسان في السودان لعملوا على إنشاء المساكن الجاهزة ووزعوها إلى أهلنا الفقراء جزاء لصبرهم وسكوتهم على أهل الإفساد .. بدلا عن القصر الفاخر والذي كلف ثمنه الشيء الباهظ والغالي .. إن ثمن إنشاء القصر كاف لإنشاء أفخم مشفى لمرضى الفشل الكلوي , وكم ازدادت أعدادهم في سنوات الإنقاذ .. و إن لم يبني مشفى جديد لربما كفيت تكاليفه لجلب آلاف الأجهزة للغسيل .. أما إذا عدنا للفكرة الأولى حول إنشاء مساكن للفقراء و من يكتوون بنار الإجارات .. فإنك تسأل في أرض ( المليون ميل مربع ) كم عدد الذين يملكون مسكن خاص بهم في أرض المساحات الشاسعة من الأرض البور , من المعيب أن تجد إنسان بلا مأوى .. وهناك من الظواهر الجديدة أن تجد عشرات الأسر من يعمل والدهم أو والدتهم حراس لدى أصحاب العمارات الجديدة و نجد الكثيرين من أهلنا يعيشون في مساكن عظم بلا خدمات .. تخيل كم يعانون في الحر والقر هم و أطفالهم - وإني لأعرف إمرأة مكافحة تعيش هي وأطفالها في بيت نصف مكتمل , تخيل معي ما الذي تملكه من حطام الدنيا وقد ولدت بعض أطفالها في هذا المسكن وأعرف أن لها أخ وهو معيد في أحد الكليات ويقطن معها في نفس هذا المسكن نصف المكتمل - ليس لك إلا أن تقول لا حول ولا قوة إلا بالله ..  
و إذا دلفت إلى مجال التعليم العام لك أن تسأل أبقي من العملية التعليمية شيء ؟! إنك واجد مدارس محطمة في كل أقاليم السودان وحتى في أحياء الخرطوم .تتعجب من أمثال هذه البنايات السيئة ويدخل فيها آلاف من أبناء الفقراء الذين لا يستطيع الواحد منهم أن يدخل ابنه في المدراس الخاصة ذات المباني الفارهة المكيفة , وجميعها أو الكثير منها تعود لرموز النظام .. أما كان أجدى بالصين أن تقدم مبالغ وتكاليف هذا القصر لتبني لنا ألف مدرسة ذات قيمة وذا مباني طيبة .. لكنه العقل الغافل الغائب لمستشاري الرئيس ولتعرف أن الله لا يهدي القوم الظالمين .. لو كانت كلفت القصر صرفت في إنشاء مدارس أو مشافي أو مساكن للفقراء لكان الرئيس إلى الإنتخابات بحسن نية ولعمل على تغير صورته الفاسدة لدى الكثيرين .. ومن العجب أنه سوف يكسب الإنتخابات ويظل في مسيرة الغيبوية لسنوات أخرى .. لا ندري كيف ستكون نهايته ونهاية شعبنا معه .. 
إن حال أهل السودان الفقراء والكثرة الصامتة وهي تمضغ الصبر وتلوك الأسى حالها يذكرني بتللك الحكاية المروية في كتب الأدب حينما أصاب القحط الناس في أيام هشام بن عبدالملك , دخل عليه أحد النجباء وخاطبه بهذا الكلام البديع والذي ينطبق على حال فقراء السودان فماذا قال الرجل لهشام بن عبدالملك : قال له : يا أمير المؤمنين أصابتنا سنون ثلاث , فسنة اذابت الشحم . وسنة أكلت اللحم وسنة أنقت العظم , وفي أيديكم فضول أموال , إن كانت لله ففرقوها على عبادة المستحقين لها .. وإن كانت لهم فعلام تحبسونها عنهم .. وإن كانت لكم فتصدقوا بها عليهم . فإن الله يجزي المتصدقين ولا يضيع أجر المحسنين ( انتهى كلامه ) . ولكننا لا نريد من الرئيس المتكوم على كرسي الرئاسة لربع قرن من الزمان أن يتصدق عليهم ولكننا نريد منه ومن أهل غفلته أن لا يخرجوا علينا بمثل هذه القصور الفارهة الفخمة وجل الشعب لا يملك قوت يومه ولا يجد المأوى اللائق به .. حرام عليكم يا شيوخ الدين ويامن تنادون صباح مساء بكلام رب العالمين ويتشدقون بأحاديث رسوله صلّ عليه وسلم .. 
هل عمر القرن الحادي والعشرين يستطيع أن يقول كما قال عمر بن الخطاب : لو أن شاة عثرت في العراق لسألني الله عنها لم لم تمهد لها الطريق يا عمر ؟
\إن قصر الرئيس الجديد يذكرني بالقصر الذي بناه سنمار وكان قصرا فخما ولكنه ألقي من أعلاه حتى لا يبني لأحد مثله وجرى المثل جزاء سنمار , إن القصر الجديد بناه الشعب السوداني ولكن سلطته الحالية تلقي به من أعلى تكاليفه وهذا جزاء الصابرين طوال سني القحط وليس الإنقاذ ..
و إننا نقول للرئيس الذي كان راعي الغنم ومان عامل يوميات أن يستغفر ربه .. ويعمل على تأجير هذا القصر لأحدى الشركات المقتدرة ومن ثم يكون العائد لفقراء الشعب ويعلن أمام الخلق أنه يبرأ لله من سكنى هذا القصر ويقدمه للشعب الصابر المحتسب .. هذا إن كان للرئيس أي حسن نية تجاه شعبه .
وختاما أقول لسيادة الرئيس أن القصر الحق هو ما يبنى لك في قلوب أبناء الشعب الذين يهمهم أن تكون إلى جانب أوجاعهم وفقرهم و عذاباتهم وأمراضهم وعللهم وقلة ذات اليد عندهم , لا أن تكون أنت في القصر وشعبك في الفقر .
امرأة فرعون من عاشت في القصور والفخامة لم تسأل الله قصرا في الجنة بل قالت : ( رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ) بيتاً يا سيادة الرئيس وليس قصراً !  وشعبك المطحون جله يتمنى بيتاً صغيراً ( غرفتان وصالة ) على منوال أهل ذلك الزمن خلف خلاف .
إن قصرك الجديد يا سيادة الرئيس لم تبنه الصين بل بني من عرق وفقر و كدح الكادحين في السودان , من عذابات ( ستات الشاي ) و عذابات العمال الذين لا يكفي راتبهم لوجبات قليلة , ومن عذابات أبناء دارفور و الإنقسنا و جنوب كردفان وكل مطحون في هذا البلد .. أما آن لك أن ترعوي و ترد الأمر لأهله و القصر لأبناء الفقراء ؟! 

الاثنين، 16 فبراير 2015

لماذا سيفوز البشير في الانتخابات؟!
حينما تتأمل في قناة تصويت السودان تذهل لهذا العدد الكبير من الأحزاب , مسميات ما أنزل الله بها من سلطان ..أسماء لم نسمع بها من قبل , ولم تر لها أي حياة على أرض الواقع , كيف انبثقت ؟! كيف تولدت ؟! كيف تطورت ؟!ماذا قدمت للإنسان البسيط ؟! وبعملية حسابية لعدد هذه الأحزاب تجد أن كل حارة من حارات أو أحياء العاصمة المثلثة يمكن أن تعطيها حزبا خاصة بها .. ولك أن تسبحن الله وتذهل . كيف انيثقت هذه الأحزاب من ظلام الحكم الأحادي ومن حياة القهر التي يقودها وعمل على تصنيع هذه المسميات ليعطينا صورة أن الوضع قد تغير وأن أحزابنا قادرة على خوض انتخابات مهرجانية بهلوانية ..تعمل على انتاج نفس الحزب ونفس الوجوه وتستمر الدوامة ..حتى يخرج من رحم الغيب الشباب الجديد ..إن كانت الأحزاب الكبيرة قد تشظت وتكاثرت بمباركة الحكومة المسرورة بهذه الإنقسامات ..إن كانت أحزاب الأمس - والمولودة حتى قبل أن يولد رئيس الحكومة الحالية - قد بهتت وخفتت أضواءها وذبلت ورودها وجفت أوراقها , فكيف تقنعنا أن السلام العادل سيكون له دور في قيادة الحياة الجديدة ,أو أن حزب الحقيقة الذي لا يعرف حقيقة سيكون له دور في الحياة المستقبلية ؟!
إن كل المؤشرات والدلالات تنبيء بأن الحزب الحاكم سيأتي مرشحه الموجود منذ ربع قرن من الزمان ,سوف يفوز بكرسي الرئاسة وسيشكل حكومته من نفس المنتفعين الذين يسيرون مع كل من كانت السلطة والأموال في يده..
ولك أن تسأل لماذا سيفوز البشير ..الأمر ببساطة أن الرجل وحزبه ىلم يعملوا طوال ربع قرن إلا على الفوضى والدجل والسيطرة على منابع الأموال إن كانت هناك منابع .. لذا لا يمكن مقارنة من يملك موارد الدولة مع أحزاب هشة هامشية ..
هل تصدق أن دوائر الفساد والسيطرة في التجارة الخارجية والداخلية والجمارك والموارد المائية والحيوانية , سوف تتنازل ببساطة عن قيادة طويل العمر ليكون جمعها لرجل آخر ؟! كل التراكمات لمن يقولون أننا نمثل الإسلام والحركة الإسلامية هل  ستجعل منهم ديمقراطيين يقبلون بوصول قائد من البجا أو الحزب الشيوعي أو حزب البعث ؟! وهل يستطيع إن وصل أن يطبق مبادئ حزبه ؟ كلا .. إن الأمر بكل هذه الجبال الضخمة من المصروفات والتي لا داعي لها ..إن إطلاق قناة تصويت السودان بكل مصاريفها وأتعابها وقمرها الصناعي لكانت جديرة هذه الأموال أن تجلب عشرات الأجهزة لمرضى الفشل الكلوي .ولكن نحن نعيش بين يدي قيام الساعة وبين يدي رجال الفساد والافساد..
فإذا كانت انتخابات روسيا قد أعادت بوتن الى سدة الرئاسة مرة تلو أخرى , وأصبح هو مدفيديف يتبادلان الأدوارفي بلد يتمتع بالكثير من العلم والتطور .فهل يقنعني أحد أن انتخابات السودان ستأتي بوجه جديد لحكم السودان و سيطمع أن يطبق أفكاره ومبادئه الحزبية و يشكل الحكومة على هواه .
إنك في الوقت الذي تسمع فيه الكلام عن الإنتخابات و حرية الرأي .. تجد أن الصحف تصادر , والناطق العسكري يتكلم عن صيف حاسم .. ما الذي تغير عندنا حتى نقتنع أننا نخوض إنتخابات الحرية و عملية التداول السلمي للسلطة .. إن خروج أحدعسكريين في مؤتمر دعم الكرامة و العزة و غيرها من المصطلحات غير المناسبة ..أن هناك صيف حاسم كما كان من قبل صيف العبور الذي انتهى لمفاوضات فيغاشا .. إن تصريحات مثل الصيف الحاسم و إنهاء التمرد..لا يتناسب و المرحلة الإنتخابية . إن كان هؤلاء القوم في صدق ونية حسنة وطيبة تجاه أبناء جلدتهم , لطرحوا مبادرة شجاعة تنهي الحرب في كل ربوع البلاد , لكن النية هي السحل والقتل والقهر , ومواصلة السير على نهج إسكات كل من يحاول أن يقول لا ؟ فكيف تصدق أن هناك إنتخابات ستأتي بسلطة جديدة ؟ نسأل الله العافية من انتاج الفساد و الإفساد والرأي الواحد والحزب الواحد و المجموعة المجرمة الواحدة ...
والمتأمل للانتخابات الايرانية يرى أن الثورة الايرانية منذ سنواتها الاولى ..في ثمانينيات القرن الماضي وصل أبو الحسن بني صدر كأول رئيس للجمهورية وتوالت انتخاباتهم حتى وصلت الى الرئيس السابع حسن روحاني ..فأين أصحاب الحزب الواحد والقمع المتواصل مما قدمته الثورة الايرانية من انموذج المرشد والانتخابات ؟ كان الترابي مرشدا لما أسموه الانقاذ ولكن تلاميذه الذين لا يضعوا أي اعتبار لأي قيمة أو لصغير أو كبير أو أي إرث تاريخي فككوا كل شئ ..والآن يحاولون اقناعنا بأن النزاهة والشفافية والموضوعية هي من أدواتهم وأصولهم ..من يقنعنا بهذا الزخم البالوني بما يسمى انتخابات سوف يأتي برئيس جديد وحكومة جديدة ..تعمل على تغيير الواقع الذي يحتاج الى جهود جبارة , ومجتمع مدني غير موجود أصلا ... 
إن الانتخابات اليهودية تعمل على انتاج نفس المجاميع منذ سنوات ( نتن ياهو -اولمرت - ايهود باراك -بيريز) .. وانتخاباتنا هي على نفس المنوال ..أو هي على الطريقة البنقلاديشية (حسينة وخالدة) ..
هنيئا لمؤيدي صاحب الست وعشرين عاما..هنيئا لهم بقاءه في الكرسي لسنوات قادمة ..سنوات بالطبع لن تكون نضرة , بل عبوسا قمطريرة .. ورغم أني متفائلة حد الجنون إلا أن عزائي أقدمه لكل أكاديمي عظيم في السودان ..وكل بروفسير وكل طبيب وكل عالم وكل طالب علم وكل باحث ..أقدم عزائي لهم جميعا في أن يصل أحد منهم الى سدة الحكم ..طالما أن السل والعلل المؤلمة تنهش في جسد اسمه السلطة ..
أما عزائي الكبير فلكل ست شاي شريفة ..ولكل بائعة تفرش في أشواق معفرة مغبرة وتستنشق عوادم السيارات وهي تبيع أشياء لا تؤمن لها عيشا وتظل قابعة متكورة قرب حائط متهالك ولا يحس بها أحد من الذين عملوا على صرف ميزانيات ضخمة على انتخابات وهمية ..وعلى بناء قصور وصرف ماله حدود ...
عزائي لجيش عرمرم أهله يمضغون الصمت ويلتحفون المساكن الخالية من كل ما يجعل الحياة كريمة ..
ممن من الصحفيين الشرفاء يخرج لنا ما تم صرفه وما سيتم حتى الثالث عشر من أبريل من أموال كانت تكفي لصرف رواتب الذين لم يستلموا رواتبهم في الأصقاع البعيدة وتأهيل المدارس الحكومية ,إن بقيت هناك مدارس !!!!!