الاثنين، 10 نوفمبر 2014

قراءة في هجوم القصر الجمهوري 

منذ السطر الأول تبدأ القراءة , ما جرى كيف جرى ؟ .. ما هذه الهشاشة في بنية من يدافعون عن رمز السيادة .. لكن هناك من يرد عليك و يقول : يحدث مثل هذا في أرقى العائلات .. ألم تشاهد ؟! ألم تسمع بمن اقتحم البيت الأبيض و كاد أن يصل إلى أوباما .. فلا تنزعج لما جرى في البيت الأسود السوداني .. قدر الله وما شاء فعل .. 
نترحم على من قُتل جراء هذا الاقتحام و حتى بيان حكومتنا لم يسمِ الذي يقتلوا - فإن تعرف اسم من مات و تترحم عليه باسمه أفضل من أن يظل مجهولاً - رحم الله الذين قتلوا و جعل مثواهم الجنة وتقبلهم في الشهداء ..
في كثير من الأحيان تخفى الأمور عن الشعب و لا يملّك المعلومات والحقائق .. وتتعجب لماذا يخفي ما حدث من الرجل ؟ و كيف تحصّل على السلاح ؟ وما خلفيته ؟..إن التعجب في الحكم عليه بأنه معتوه , وإخفاء الأمور يفتح الابواب على مصاريعها ليتم الناس الرواية و تتواصل التكهنات في بلد ( الشمار ) الذي يؤكل طازجاً من مزارع من يحبون زراعته .. ما أحلى (الشمار ) المحكي .. ما علينا ... فما يجب علينا هو الوقوف دائماً عند الإشارات .. وكثيراً ما تستهويني الإشارات - كان السلف رحمهم الله إذا حرن لهم حماراً وقفوا وراجعوا أنفسهم لماذا تسمرت هذه الدابة , و يبدأ اللوم و التعنيف للنفس , لعلي فعلتُ كذا وكذا و لعلي أغضبت ربي - لكن حزبنا الحاكم .. وحكومتنا الرشيدة و رئيسنا الراقص الموقر .. لعله لا يعير مثل هذه الأحداث اهتمام . ولا يكلف المستشارين إليه بمراجعه هذا الأمر ودراسته ولماذا في أكثر الأماكن تحصيناً جرى ما جرى ؟ و لعل الذين يخوضون في دماء أهلهم لا يهمهم دم البعوض .. فالذي جرى في القصر مقابل دارفور و جبال النوبة والشرق بمثابة دم بعوضة على ثوبٍ أبيض ..
حزبنا الحاكم و حكومتنا الرشيدة و رئيسنا الموقر : إذا كان المهاجم يعاني مرضاً نفسياً , فيجب أن تتوقعوا كم الأمراض النفسية التي يعاني منها الشعب الآن , وكم ما يحمله من الوساوس و العنت والضيق و الكبت والانهيار العصبي .. أنظر إلى الوجوه في الحافلات و المواقف الشعبية للباصات السفرية .. و عند مجالس ستات الشاي .. و أنظر.. عند أكوام القمامة في الأسواق و ما حولها كم الذين يكلمون أنفسهم و يأشرون بأيديهم لكثير من التراكمات والضغوطات بالفقر والقلة والذلة والمسكنة و الخور .. إنها تراكمات ثقيلة و تحتاج إلى جهود حكومية و حزبية لإنقاذ هذا الشعب الطيب .. 
ولا يغرنك مناظر و جمال من يظهرون في التلفازات من نساء ورجال عليهم من النعومة والطراوة ما الله به عليم .. ولا يغرنك الحسناوات البيضاوات وسط تراجع هائل لأن ترى امرأة سوداء تقدم برنامج في تلفازاتنا .. انفصل الجنوب بكل سواده و الآن فلننفصل عن سوادنا في الشمال ؟! 
و لا يغرنك يا أيها الرئيس بعض مولات و أسواق تجارية لامعة تظهر هنا وهناك و ما يحويه شارع المطار و شارع الستين من مناظر أسواق التخفيضات والعروض التي لا يعرفها الفقراء المعدمون فهم لا يأكلون غير الفول إن وجد .. إن الحالات النفسية و العصبية كبيرة لدرجة لا توصف .. و إنك لتنادي على كل من تخرج في حقل علم النفس أو علم الإجتماع ليخرجوا لنا الكشف الفاضح عن حال أهل الخرطوم .. فلعلنا لا نستغرب إن هاجموا القصر أو البرلمان أو البنوك أو المولات الوهمية .. 
إنك يجب أن تصرخ يا دارس علم النفس وعلم الإجتماع و يا أيها الأطباء لتكشفوا عن حال من تعرضت أمه أو أخته أو ابنته أو زوجة للاغتصاب .. ما هي الحالة النفسية التي يكون عليها إن شاهد هذه الفظاعة أو حكيت له ؟! 
إن أهل حكومتنا يؤكدون لنا دائماً ويرددون إن أهل الباطل الذين يعارضونهم لا هم لهم سوى تشويه سمعة الإنقاذ و ترديد الفارغ من القصص .. و أنت تقرأ أو تسمع أن مئات النساء تعرضن للاغتصاب في معسكر "كذا" .. وحتى الجنود الأشاوس توقفوا بصافرة من القائد .. فأين نحن من لا تقطعوا شجرة ولا تقتلوا طفلاً أو امرأة أو شيخاً كبيراً ؟! .. لعل الاغتصاب في الفكر العسكري المعاصر هو الحرب النفسية لتدمير الآخر . 
إذا أردنا أن نسترسل لدوافع من يظهرون بين الفينة و الأخرى فيقتلون و يُقتلون فإن الأحوال النفسية و الدوافع سوف تجعلنا نتوقف ’ ثم إن الإشارات إن توقفنا عندها سنقرأ الكثير من دلالاتهم .. لماذا يجري الهجوم لأكثر الأماكن حصانة أمناً ؟ ولماذا لم يتم تعطيل الرجل في يديه أو رجليه ليتم سماع هذا الصوت و الذي وصفوه بأنه غير طبيعي ؟ ماذا قال المهاجم وماذا كان يردد ؟ 
إننا ضد أي تطرف سواء من الحاكم وزمرته أو من المحكوم ولكن الأذى الذي لحق نفسيات السواد الأعظم من الناس أضخم ** أخبث وأفظع فعلى الجميع أن ينتبهوا قبل فوات الاوان .. إن بقيّ هنالك أوان .. 
ومره أخرى نترحم على من قتلوا في هجوم القصر و نسأل الله أن يلهم ذويهم الصبر وحسن العزاء .. وعلى من أراد الترشح أن يقرأ إشارات الهجوم و جماعته تدفع به أن يكون في المقدمة لسنوات كالحة قادمة , ونسأل الله السلامة للجميع . 
ح تترشح ؟!!
ح تترشح 
أكيد طبعاً ح تترشح 
و آلاف من لصوص حزبك 
ح تطالبك لتترشح 
و تترشح ,
و معاك الشعب يترنح
و حال سودانك الطيب
يعاني دوار ويتشرشح
فقد طعم العذوبة زمان
و كيف يسعد ؟
و كيف يفرح ؟
و انت جعلت من البلد مسرح !
تنطط فيهو بي كيفك
و ترقص ما بهمك شيء
بتسافر و تتفسح
ورغم جنوبنا راح منك
بتخرج انت كل صباح
تقول .. تشرح
بأن بلادنا في نعمة
و حال سودانا صار أوضح
لأنك انت أنقذتو
و علمتو .. وأطعمتو
و انت كسيتو من كسبك
و أنت حميتو من كل الذي يجنح
بتترشح ..
بعد ربع القرن يا زول ؟
ايه قدمت ..
بركاتك ؟
مد ايدك .. عشان بي الفيها نتمسح
يمكن حالنا يتصلح
نفارق الفقر والضيق
و يرجع لينا حالنا الكان
قبل جيتك .. قبل انقاذك المشؤوم
قبل كذب الذي يسرق ..
يخرج فينا ..
يقرأ علينا سورة التين و ألم نشرح
بتترشح ؟!
وين مشروعك الهمام ؟
بناكل نحنا من زرعك
و نحلب نحنا من ضرعك
و نلبس من مصانعنا ..
كذبتا علينا ..
بس غادر ..
ولغيرك مكان أفسح ...

الجمعة، 7 نوفمبر 2014



بين ترشح أولاند وترشح البشير
الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند يقول في مقابلة معه : لن أترشح للرئاسة القادمة لولاية جديدة إلا بانخفاض نسبة البطالة , ولكن الرئيس السوداني عمر البشير يقول : سوف أترشح مع إزدياد البطالة , ومع إزدياد التوتر  أو الانفصال في باقي الأقاليم .
وإنك حين تنظر إلى تواريخ الرئاسة عندنا فإنك تستطيع أن تعد رؤساء عدد أصابع اليد الواحدة فقط . ولكنك مع فرنسا أو أمريكا أو غيرهما فسوف تعد رؤساء لهذه البلدان بعدد هو ثلاثة أضعاف من سيطروا علينا وفرضوا إرادتهم وإرادة غوغائياتهم .. ولم يستطيع أحد منهم أن يضع خارطة طريق للوطن تجعل الشعب يؤمن الثوابت  ويجعل من يصل إلى سدة الحكم أن يكون همه تطبيق ثوابت البلد في التنمية والتقدم وخدمة الناس ..لا خدمة قبيلته أو أهله أو جماعته ..ها يستطيع أحد منكم أن بعدد الرؤساء الذين عبروا على فرنسا منذ ديغول إلى أولاند , أو في أمريكا من فورد إلى أوباما ..بالطبع ستجد العديد الكثير ...
وحتى في إيران وثورتها الإسلامية , تمنح إعجابك لهذا الشعب الذي استطاع خلال الثلاثين عاما من ترسيخ مبدأ مبدأ تداول السلطة وتغيير وجه الحاكم ..فمنذ الحسن بني صدر وحتى روحاني , تعرف أن الشعب الإيراني استطاع أن يشق طريقة الرئاسة بسهولة وفهم .. وأنه يسير في إتجاه إعطاء إنموذج تغيير الحاكم ..وإراحة الناس من دوامن استمرارية مطالعة وجه الحاكم , وكأنه إله سرمدي البقاء ..ففي بلدان تطالع وجه الحاكم منذ النضرة ووجه ممتلئ بالشباب والحيوية وحتى وصوله إلى التغضن والذبول .. ولننظر للبشير ترى هذا الوجه المتهدل وترى الشيخوخة الزاحفة إليه , ماهذا والذين ولدوا يوم مجيئه تخرجوا من الجامعات ؟! أليس منكم رجل رشيد يمنع الترشح ..بوركينا فازوا ,أقول فازوا وليس فاسوا , خلال يومين من إعلانه الترشح , أجبروا كمباوري من يضع استقالته ويغادر بعد سبعة وعشرين عاما من التعفن والفقر والتأخر ..
إن ترشح هذا الرجل بعد هذه التراكمات الفظيعة من انفصال وتوترات يخفي أمرها وحقبقتها أن يمتلكها شعبنا عن وضع دار فور وكردفان كافة والنيل الأزرق..
إنني لست معنية بإعلام من يضربون الدف .. والذين يلمعون أحذية الزمن ..ويرفعون الغبار عن صورته . ولست معنية بالمسميات الضخمة من مؤتمرات لا تسمن ولا تغني من جوع , حول الإله الرئيس الذي أوصلنا إلى مصاف الدول العظيمة !.. لست معنية بكل هذا .. ولكن هناك واقع لابد أن يكشف من الفساد والسوء والتدني والانهيار والتحطم في كل شئ .. وعدد كل شئ .. ووضع خطوط عريضة تحت كل شئ وعدد كل شئ بينك وبين نفسك .. فهل مثل هذه الانهيارات والأبخرة الفاسدة من نهب ولصوصية تشفع للبشير أن يترشح ويتقدم المسيرة لسنوات قادمة ؟!
وكذلك لا يعنينا الدعم الذي حصل عليه من بعض دول الخليج , وقد صرح عنه بأن حالة الفتور مع السعودية قد زالت .. وكل ذلك دعما للسيسي .. إن البشير الان كل همه أن يستمر على كرسي الحكم وكذلك هم جماعته فالمصالح الآتية تجعلهم يأتمرون ويخططون  بأن هذا الإله سيجعل الغذاء والكساء والدواء للجميع بينما الواقع خلاف ذلك ..
إما أن تتحدوا يا أهل بلادنا .. وأما أن تواجهوا الفشل .. والاتحاد هو في منع هذا البشير الذي لن يرتد به السودان بصيرا بل سيكون مصيرنا التخبط والعمى .. وحين انادي بمنعه من الترشح أدعوه للتبصر .. ولا أدعوا لإقصاء أحدحتى حزبه الذي أغرق البلد الويلات .. لا للإقصاء ..لا للتهميش .. لا لوجود رئيس أكثر من خمسة أعوام .

الخميس، 6 نوفمبر 2014

حكومة الانقاذ وإصرارها على ترشح البشير لولاية أخرى
حكومة الإنقاذ التي أتت إلى رأس السلطة في السودان بليل بهيم وخديعة كبرى .. دبرها عراب الجبهة الإسلامية حسن الترابي وبقيادة عمر حسن البشير .. لم تتجاوب مع مشاكل البلد .. ولم تحقق آمال وأحلام شعب ظل يعاني لسنوات طويلة بعد الاستقلال .. ولم تحقق تطور ملموس في أي منحى من مناحي الحياة للشعب المكلوم .. خمس وعشرون سنة من التقدم للوراء .. وعرابي الإنقاذ و بإسلوبهم الفظ المستفز ..ووجوههم القاسية الكالحة .. لم يلتمسوا العذر من الشعب , ولم يسوقوا حججاَ منمقة تسد الفجوة بين شعاراتهم التي أتوا بها *وعلى رأسها"نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع"فقد استورد السودان في عهدهم الخضر والفواكه من شتى البقاع حتى غور الأردن شحيح المياه* ولا مشاريعهم التي وعدوا بها *ابرزها المشروع الحضاري* . فالذي لا يختلف فيه اثنان أن السودان الآن دولة على حافة الإنهيار أصاب مواطنيها من التعب والنصب ما يستعصى على الوصف . نقاد كُثر تناولوا هذه الفترة من تاريخ السودان ومن بينهم إنقاذيون , وعلى رأسهم الصحفي الإنقاذي *حسين خوجلي* : عبر برنامجه"مع حسين خوجلي" الذي يذاع على فضائيته "أم درمان" رصد وبالأدلة البراهين إنهيار اقتصادي و إجتماعي و أخلاقي غير مسبوق ...
تسرب اليأس إلى نفوس الناس ترافقه خيبة أمل عظيمة و إحتقان متصاعد .. مع فجوة سحيقة بين واقعهم المعاش و واقع الإنقاذيون الذين ينظرون إليهم شذراً من أبراجهم العاجية .. لا يحسون المطحنة الكبرى التي تطحن السواد الأعظم منهم .. فكأنما إخفاق وخمس وعشرين سنةً غير كافٍ حتى تأتي لهم الأخبار بإعتزام البشير الترشح لولاية أخرى دون حياء أو خجل ..كأنما السودان رفل في إزدهار ونماء طيلة عهده ؟ وكأنما الإنفصال لم يكن ؟ وكأنما الحرب في كردفان والنيل الأزرق لم تشتعل ؟ وكأنما إقليم دارفور لم يشرب أهله كأس الذل قتلاً وتهجيراً واغتصاب للحرائر .. 
و إن تعجب فإنك تعجب للمبدا الذي إنطلق منه الإنقاذيون لإعادة ترشيح البشير !    هل إعتمد الإنقاذيون على إعتقادهم بأنهم شعب الله المختار وأن الله حباهم من العلم والذكاء والفطنة مالم يهبه لأحد من أبناء السودان , فهم بذلك أحق بحكمه ؟ أم أن الإنقاذيين إستندوا إلى استطلاع رصد تسامح أهل السودان وعفوهم عند المقدرة ؟ .. ولكن أبشركم أنكم عار على الإنسانية و أن ما فعلتموه بأرض السودان وأهله لا يجدي معه إلا القصاص العادل .. و أن السودان مازال به من الشرفاء الذين لن يتركوا حقاً لمواطن أهدرتموه .. 
إن فرضنا أن أهل السودان مسحوا ذاكرتهم المعاصرة .. وصموا أذانهم عن ضجيج الفساد والإفساد الممنهج .. وغضوا طرفهم عما حدث من انفصال وتدمير وتهجير جراء حكم الإنقاذ السابق .. فالسؤال هو : ما الذي سيجنيه السودان و أهله من ترشج البشير لولاية جديدة ؟!! 
لا يمكن لعاقل أن يتوقع إصلاح الأمور تلقائياً .. فالهموم تكالبت على أكتاف الشعب أرتال , و أن الأمور بلغت حداً من التعقيد لا يمكن معه معرفة أين المبدأ وأين المنتهى .. والجميع يعلم أن ترشح البشير له من السلبيات الكثير و إن شئت قل "الكوارث" .. 
أكبر التحديات التي تواجه السودان و أكثرها استحقاقاً للمعالجة العادلة هي الديون الخارجية التي فاقت "أربيعن مليار دولار" تثقل كاهل البلد المتهالك أصلاً .. وتنقل لنا الأخبار أن الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها من الدول الدائنة تشترط عدم ترشح البشير , للتخفيف منها وبالتالي تفادي الشق الأعظم من تأثيرها على الوطن والمواطن و آفة أخرى سيجرها ترشح البشير على السودان ألا وهي حرمانه من الدعم الدولي للمشاريع التنموية .. وخطرٌ محدق يهدد استقرار و أمن ومصالح البلد هو سعي التنظيم الدولي للإخوان لبقاء الحركة الإسلامية في الحكم في السودان و الحفاظ على وحدتها بقيادة البشير لتكون حديقة خلفية يرتع فيها بعد أن ضيقت على الحرب على الإرهاب الخناق .وفوق ذلك الرئيس المحتمل مطلوب للعدالة الدولية ....
  إن اصرار الإنقاذيون على ترشح البشير مصيبة المصائب .. وليس هنالك إثم أعظم من جحود قلوبهم.. وعدم خفقانها لما يحيّ الوطن .... لعائن الرحمن على كل انتهازي وصاحب مصلحة ساهم في تفتيت الوطن , إن كان عمدا أو غباءا .... 

السبت، 1 نوفمبر 2014


حول زيارة البشير الى مصر
بعد عودته من الحج ، صرح الرئيس البشير بأن حالة الفتور بين السعودية والسودان قد انتهت . وهو بذلك يؤكد ما تداوله النشطاء حول استقباله في جدة وهو قادم للحج من أنه كان استقبالا فاترا، أو لنقل لا اسقبال على الاطلاق ، وكأنه تاجر من التجار أو رجل أعمال لا يهتم بحضوره أحد ..ولكن الرئيس الشيخ وببركاته وبعد زيارته للشعائر المقدسة في عرفات ومزدلفة ومنى ، توصل إلى أن الفهم الصحيح لما تريده السعودية هو عين العقل وهو مسار الحكمة والاتزان . والمطلوب هو أن يكون بجوار مصر . وأن يضع يده في يد السيسي . وأنه هو والسيسي يجمعهما يوم الثلاثين من يونيو —ففي مصر يوم الثلاثين من يونيو أتى بانقلاب السيسي وزير الدفاع على رئيسه المنتخب .وقبل ربع قرن وفي الثلاثين من يونيو جاء البشير بانقلاب وخديعة كبرى دبرها حسن الترابي . وسموه الانقاذ الذي لم ياتي بأي إنقاذ لاهل السودان ، بل أصبح السودان أشد حالات الضيق والحرج طلبا للإنقاذ من جديد !
وبالطبع فإن الرئيس البشير وقد أدى مناسك الحج واستغفر ربه وأناب ، وصلته التوجيهات والاشارات السعودية من خلال اللقاءات في الحج وبعده . بأن عليه أن يعمل بجد واجتهاد في دعم النظام الجديد في مصر ، وعليه أن ينسى وإلى الأبد أنه قد جاء من خلفية إخوانية ، وإلا فإن يد التغيير الخفية ستعمل على ازالته وإزالة كل من له ميول إخوانية في السودان ...
ولا يخفى على أحد الأزمات الاقتصادية المتتاية في السودان ، وأنه في أشد الحاجة للدعم من دول الخليج . وتقول الاشارات الخليجية أن على البشير إن أراد المحافظة على كرسيه والحفاظ على مكتسبات ربع القرن الانقاذي ، أن يراجع موقفه من حكومة مصر المدعومة خليجيا بقوة . وايضا تقول الاشارات الخليجية :أننا كخليجيين لا ننظر الى ماضي الاخوان في السودان بل سيكون التعامل مع معطيات اليوم ....
ومن هنا جاءت الزيارة الى مصر ..وتتعجب إنها جاءت بعد الحج ..لأن الزيارة تحمل كل معاني النفاق السياسي . فالرجل جلس الى مرسي، وكانت بينهما بروتوكولات وأحلام إخوانية لوادي النيل ، وشهر عسل لحلايب وشلاتين ، فلا ضجة ولا رفع صوت ، مما دفع الحكام الجدد في مصر للغضب تجاه مرسي وإخوانه . فما نراه الان في كثير من البرامج الاخبارية والتحليلة هو صورة خريطة مصر وحلايب وشلاتين واضحة داخل الحدود المصرية ؟
واليوم السبت الثامن عشر من اكتوبر ،يصل البشير الىمصر ليؤدي نفاقا سياسيا بانه (سيسيا) وليس إخوانيا ..وأن لا مكان للإخوان في السودان وأن الأخوان بعد أن أخرجوا من قطر لن يكون السودان ملجأ لهم .
وإن كنا نرى أن البشير بزيارته الى مصر ينفذ المطالب الخليجية بشأنها ..وأنه يؤدي النفاق السياسي برغم أن العين منه لتدمع والقلب منه ليحزن على مرسي وما جرى له... هل يستطيع البشير ولو همسا أن يطلب من السيسي أن يعمل على اطلاق حرية مرسي ، وأن يخفف على الخوان الكبار .؟!
هذا ما نراه ، ولكن هناك من يرى ان للبشير ذكاء حب الكرسي .. وهو بهذا يعمل على التحضير للانتخابات ، فهو بهذه الزيارة يكسب الدعم الخليجي ..لانه سوف يترشح لربع قرن اخر من الزمات . ويرى أحبابه أن ذكاءه يدفعه لتنفيذ الأجندة الخليجية . وأن هذا الذكاء يجنب السودان الحالة اليمنية ..او الحالة الليبية ، فالوضع أصلا متهلهل والخرق في الجلباب السوداني كبير ..وهو ان لم يعمل على تنفيذ الاجندة الخليجية في دعمه لمصر ، فسوف يكسب ياسر عرمان وعقار( الحركة الشعبية) الجولة ولن يكون لإخوان السودان موطئ قدم في الخارطة المستقبلية ....
من هنا نفهم سر زيارة البشير الى مصر ..وعليك أن تتأمل وجهه جيدا في صوره في الاعلام .لتعرف انه يذهب لمصر على مضض ، فهو في قصر عابدين مع جماعة الثلاثين من يونيو وعلى بعد خطوات منه مرسي واخوانه في السجن ، ستلاحظ أن وجهه يحمل الحزن على اخوانه في مصر ، لان القلب وما يحمله لا يخفى علىالوجه وتعابيره ...
وبالطبع ليؤكد للخليجيين دعمه لمصر ، فسوف يعمل على منح المصريين مزيدا من الاراضي والتوطين ، حتى يفك عن السيسي بعضا من أزماته ..فللرجل عنتريات أضرت بأهل السودان وعملت على خلق الازمات للجميع ..ولكن على اهل السودان ان يعملوا على وقف هذا الرئيس عند حده ، والعمل على عدم ترشحه لولاية جديدة ..
ولربما يسأل سائل :ان كان البشير جرى مع توجهات الخليج في دعم السيسي وعمل على تنفيذ كل ما وصله من اشارات ..يسأل اين دور ايران في السودان وهل يكفي من البشير وحكومته في حسن النيه اغلاق المكتب الثقافي الايراني ..والذي لم تعره طهران ادنى اهتمام او تعليقات ..وذلك لأن الايرانيون يعملون على نار هادئة ويعملون على تنفيذ ما يرونه في دعم حلفائهم ..وطهران تعرف دورها بدرجة كبيرة وواعية ...
فايران اصبح لها موطئ قدم  . ولها اهل طاعة ، ولها حسينيات . وليس ببعيد ذلك اليوم الذي ترى فيه الامر وقد اصبح كبيرا وبارزا للعيان ، فخميني السودان الكامن سيخرج للوجود ..
والرجل الداعم لمصر بتوجيهات خليجية ..سوف يعمل على ارضاء روحاني ايران واردوغان تركيا  في ان واحد ، ولكن بمغازلات خفيفة وليس عسلا كما السابق .أي سيكون الصمت عن انتشار الحسينيات وتغلغل المد الشيعي ..حتى يصل الى سدة الحكم في 2015 م . وبعدها سيكون للرجل حجة أخرى لربما تكون حجة الوداع ، يعمل بها على تصفية كل نفاق سياسي قام به في حياته ...

فرقاء السودان هل يأتون إلى كلمة سواء؟

الحوار سنة من سنن الحياة ، وسبيل من سبل استقامتها ..فقد كان الحوار في السماء بين رب العزة والجلاة وملائكته الكرام في أمر خلق الإنسان ، وكيف أن الله أعطاهم الفرصة كاملة ليدلوا بارآئهم ،رغم أنه خالقهم وهم عباده الطائعين المسبحين ..وأيضا نرى صورة الحوار في صورة جدال الشيطان الرجيم للحق عز وجل ،أبى واستكبر ،ولكن الله تعالى لم يمنعه الحق في إبداء رأيه ، وأن يجادل ويرد عليه.. والأنبياء صلوات ربي وسلامه عليهم جمعيا اتبعوا الحوار في ايصال رسالة السماء ، وتبيين الحق للناس ،وكان جدالهم بالتي هي أحسن..فأخرجوا الناس من الظلمات إلى النور …
ولكن مالنا نرى من يسمون أنفسهم بالإسلاميين في السودان —والذين ما فتئوا يتشدقون بطبيق الشريعة الاسلامية ، وينصبون أنفسهم حماة للدين — ينأون عن هدي الإسلام في الحوار ،والكلم الطيب إلى سقط القول ، وفظاظة الألفاظ ، واحتكار الرأي ،واحتقار الآخر ، وتغييب فضيلة المشورة ؟!ويقول لسان حالهم : حاورني بشروطي أو أشهر في وجهك رايات الغضب !
دعا الرئيس عمر البشير في خطابه الشهير بخطاب الوثبة ، في شهر يناير / كانون الثاني الماضي ، وأتبعه بخطاب آخر منذ أيام ..إلى حوار جامع ..يجنب البلاد مزيدا من الانقسام والتشتت . وتحدث عن الديقراطية وحقوق الإنسان . وأنه يريدالتحرك من أجل أجزاء البلاد التي تعاني وتتألم ،وتمزقها الحروب . فاستبشر الناس خيرا ، وظنوا بالإنقاذ خيرا ،وإنها سوف تعدل من سياساتها التي أوردت البلاد بئر مظلم بعيد القرار …
وتمر الأيام على الخطاب الملئ بالتفاؤل والأمل ..ولا نرى تغيرا ملموسا ، ويبدو أن من يترك عادته قلت سعادته ، فعادت الإنقاذ إلى عادتها القديمة لتأخذ بالشمال ما أعطته باليمين..فإذا بالصحف تصادر ، ودور الجمعياتالمدنية تغلق وتصادر ممتلكاتها ، وتمتلئ السجون بالمعتقلين السياسيين .. لم يتركوا للشعب فرصة أن يهنأ بالأمل ونشوة العطاء الانقاذي !
تعطلت لغة الحوار مع سبق الإصرار ..وعاد الشعب بخيبته إلى معاناته ، حيث لا غذاء ولا دواء ولا كساء ، بعد رفع الدعم عن السلع الأساسية .. والشباب يعاني من البطالة والتهجير .. والحكومة مستمرة في ممارسة سياسة الكذب والقلب القاسي ، وتقتل بدم بارد كل من يعارض أو يطالب بشفافية محاكمة الفاسدين …
طبقات ركام الآلام بعضها فوق بعض .. والعجيب أن يخرج من بينها صوت الإعلام الإنقاذي ، يمجد الرئيس الضرورة ، الرئيس الزعيم ، الرئيس الساحر الذي يلقي عصاه وإذا هي إقتصاد يسعى ينمو ويزدهر ! هل نسي إعلام الإنقاذ في خضم تلميع الرئيس لفترة رئاسية أخرى أنه هو ذاته الرئيس الذي في عهده انشطر السودان لدولتين لدودتين ، وأن في عهده انهار الاقتصاد ،وأن في عهده صنف السودان عالميا ضمن الدول الآيلة للفشل ؟! أم أن صمت الشعب خيل لهم أنهم يدعون شعبا أصم أو غائبا؟!
إن السودان يواجه مصيرا صعبا ..ويهوى إلى منزلق خطير ..وليس ليبيا والصومال ببعيد . فهل يأتي الفرقاء إلى كلمة سواء ..ويتحمل كل فريق مسؤوليته ، وتحلى بالشجاعة والوطنية .. فيترك الإنقاذيون غطرسة (لا أريكم إلا ما أرى ولا أهديكم إلا سبيل الرشاد) ، وأن يتحلوا بالجدية ، ويلتزموا بالعهود والمواثيق ، مع ابداء مرونة وتقديم تنازلات حقيقة وملموسة لزرع الثقة ، وأن يضعوا بنودا واضحة للحوار… وعلى أحزاب المعارضة أن تجري اصلاحات شاملة داخلها ،فمعظم الأحزاب صارت أحزاب عائلية ، وهمتها بعيد ة كل البعد عن الهمة الوطنية الجامعة .. ثم تتوحد وتجمع كلمتها ..وتضع المصالح الحزبية الضيقة جانبا .. وأن تكون كلمتهم العليا هي قضايا الوطن والمواطن .. إنا منتظرون .. والتاريخ منتظر ..فإما أن يسطر بحروف من نور أنكم أنقذتم السودان وجنبتوه الردى .. أو أن يسقطكم في مزبلته — جميعا حكومة ومعارضة — غير مأسوفا عليكم ….

الأربعاء، 23 يوليو 2014

رسائل إلى باراك حسين أوباما


إلى باراك أوباما رئيس أكبر دولة في العالم , ألا وهي دولة أمريكا المريبة ..وكذا الراعي الرسمي لإسرائيل , والمعتنية بها , والمحافظة عليها ..آلان يا أوباما وعندما أحسستم بالخطر على ابنتكم المدللة إسرائيل , أسرعتم بإرسال وزير خارجيتكم إلى المنطقة ..بعدما تأكد لكم وعلمتم تماما أن ما روجتم له باسم المبادرة المصرية لم يصلح ولم ينجح ..
ألم تسأل نفسك يا أوباما لماذا لم ينجح هذا المنتج المسمى المبادرة المصرية ؟! .. لقد كان المنتج سيئا  وتم تسويقه عبر مندوبي مبيعات في المنطقة بطريقة سيئة ..
وأنت تعرف أن صناعة المنتج تمت في تل أبيب حتى تستطيع إسرائيل أن تستعمل هذا الكريم لتبييض وجهها الكالح ..وتبيض وجه أكبر دولة في المنطقة – مصر السيسي -  فإسرائيل رأت وجهها في مرآة شعبها فعلمت أن السواد الكالح قد اكتسح الوجه المسود أصلا والمقيت .. ومصر منذ أن تربع من تآمرتم  على إيصاله لم يعرف وجهها أي صفاء أو لمعان , فقد قمتم بسرقة ربيعها .. وقام عملاء تسويق منتجاتكم القذرة على دعم  الكسيح صاحب التوحد .. وحين علمت بموت المبادرة المصرية تماما – والتحية لحماس التي تعرف وتفهم أهدافها جيدا وتفهم لغة المبادرات وتمييز بين صالحها ومنتهي الصلاحية منها – قمت يا أيها الرئيس بإرسال كيري إلى القاهرة على وجهة التأخير بعد أن رأيت فضيحة أهزل جيش وأضعف جند على وجه الأرض . وسمعت بأخبار أسر شاليط جديد . فأسرعت لتجد حلا لتخرج به صاحب الغباء نتن ياهو من ورطته غير المدروسة ..
أيها الرئيس أوباما .. أنتم لا تعرفون سوى منطق القوة .. تأريخكم كله يقوم من جانبكم على استخدام القوة ,فإن لم تجدوا من يواجهكم بقوة تغلبتم عليه وأعلنتم سيطرتكم فوقه , وقمتم بسحقه وإهلاكه .. ولكن إن واجهكم الآخر بالقوة والعنفوان تراجعتم .. وها أنتم قد أزحتم طالبان منذ أكثر من عقد من الزمان , ولما لم تروا منهم غير القوة والبطش بجنودكم وعملائكم أسرعتم مهرولين إلى بلادكم ..كما فعلتم في فيتنام .. هرولتم كأرانب في حقل البرسيم كما يصف الشاعر البياتي الجند الفارين من أرض المعركة ..
وبعد أكثر من عقد من الزمان جلستم يا أوباما إلى طالبان للتفاوض معها على فك أسر جندي أمريكي , يا للعار على أمريكا . ولكن الخطأ هو منطقتنا , إننا نعاني من رؤساء المنقوليا والتوحد والفصام والشيزوفرانيا , والشلل والكساح . إن حماس تخط في المنطقة فهما جديدا يصلح لكم تماما ..منهج الهدف الواضح والذي يعمل صاحبه على تحقيقه بالقوة , لا من خلال مضغ العلكة والوقوف على واحدة ونص كما يقولون ..
يا أيها الرئيس ولا أقول سيدي الرئيس لأن السيد الحق هو من يقف إلى جانب الحق والخير والفعل الصالح .. رأيت مجزرة الشجاعية  خرجت وكعادتكم في مثل هذه المواقف بكلام هزيل . وبدلا من أن تردع ابنتكم وتوقف أعمالها الإجرامية القذرة تقول أن إسرائيل تتعرض للصواريخ من حماس .. ولم تستحي أيها الرئيس وأنت من تدعي حماية الإنسانية والعمل على نشر الديمقراطية !
ومنذ قرابة العقد وغزة محاصرة وتعاني بشدة , ولكنها صامدة وشجاعة تواجه قدرها بثبات .. و أنت ترى معاناتها ولا تحرك ساكنا , بل وتعمل على دفع إسرائيل لنزع سلاح حماس ..لقد خسئتم وبان فشلكم مع محاولاتكم مع محاولاتكم المتكررة لنزع سلاح حزب الله .. وجلستم بدلا عن ذلك مع إيران للتفاوض .. وهذه هي القوة المفهومة لديكم .. أما أصحاب الهزال والكساح الذين هم في حاجة ل(الحفائظ) الأمريكية والمقعد الأمريكي المتحرك , أنتم أصدقاء لهم تحبونهم ويحبونكم ..
أيها الرئيس أوباما : ما معنى المفاوضات عندك إن لم تصل بأصحابها إلى بر استحقاق للفلسطينيين ؟ لا نستطيع أن نحصي عدد المرات التي وصل فيها كيري إلى تل أبيب والقاهرة والرياض والدوحة .. ما هذا الهراء ؟
ما معنى حل الدولتين .. ما الحل لإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة ؟! نفهم أنكم تريدونها دولة منزوعة السلاح , ومنزوعة حماس منها .. ولكن هيهات أن يتم لكم ذلك ..فحماس إن استشهد جميع قادتها ستبقى الفكرة .. فهل تدري أيها الرئيس ما معنى كلمة حماس .. إن الحماس شئ خالد فإذا كان لديك حماس صنعت الأعاجيب ..لقد كان عندك حماس أوصلك إلى رئاسة أكبر دولة ولم تتخل عن حماسك طوال مسيرتك , فكيف تريد ممن أغتصب وطنه أن يتخلى عن حماسه ؟!
إنك تدعي الحكمة والهدوء .. فإذا كنت بحق هكذا فلتعمل على وجه السرعة بإصدار أوامرك بإنهاء الحصار عن غزة وأن تفتح المعابر جميعها.. وأن تعمل على إقامة مؤتمر المصالحة لاعمار غزة وعلى وجه السرعة .. وأن تعمل إصدار قرار بتعويض لكل فلسطيني في غزة دمرت إسرائيل بيته .. وأن تدفعوا دية كل من قتلتموه خطأ أو بعمد ...

وانتبه أيها الرئيس إنك بأفعال أمريكا الغافلة في المنطقة تعملون على فتح مسار جديد هو خروج جماعات سوف تتوحد (بحماس ) لإزالة إسرائيل الخائرة الهزيلة ولكنها تبدو كذبا بأنها قوية ..بمواقف أهل التخنث في المنطقة ...

الثلاثاء، 22 يوليو 2014

لا صوت يعلوا فوق صوت المعركة 
التنظيم الدولي للأخوان المسلمين نشأ باكرا مع بدايات تكوين الجماعة الإسلامية في مصر بزعامة الإمام حسن البنا ..وقد بدأ كمجالس تنفيذية للجماعة تضم في عضويتها الدول العربية والأجنبية .. ورغم النكسات التي تعرضت لها الجماعة في عهد الرئيس جمال عبد الناصرإلا أن المكاتب أو المجالس التنفيذية ظلت فاعلة ومنتشرة في البلاد العربية والإسلامية وبعض الدول الأوروبية ..تجتمع دوريا بممثلين من كل الدول .. وبعد استحداث منصب المرشد العام للجماعة ,كانت تتم مبايعته من الأعضاء جميعا . والبيعة كانت هي تعهد على السمع والطاعة ..أي أن الأوامر كانت ملزمة للأعضاء .. وما نسمعه ونشاهده هذه الأيام من قيادات جماعة الخوان , يدل دليل قاطع على التنظيم موجود , ويدحض كل الأقوال التي تقول بعدم وجوده ...
سنت قيادات التنظيم الدولي ألسنة حداد ,شجبا وندبا للانقلاب في مصر . وما حدث برابعة من قتل وسحل للأبرياء , فليس في ذلك عجب , فكل إنسان يتمتع بإنسانيته هزه ما حدث – وقد أوضحت ذلك في مقالات سابقة-  ولكن العجب والدهشة والأسئلة المتناسلة هي في صمت الجماعة عما حدث ويحدث في السودان .. ففرع الجماعة في السودان سبق الانقلاب في مصر.. فقد انقلب حسن الترابي بقيادة عمر البشير على الشرعية في السودان .. أو قل هم من سنَّ الانقلاب على الشرعية بمباركة أو صمت التنظيم .. وباسم الصالح العام دمر الحياة المدنية .. وأولوا الأمور إلى أصحاب الولاء والبراء وأبعدوا أصحاب العلم والخبرة ..فكاد أن يتحول السودان إلى دولة فاشلة ...
والأدهى والأمر هي الحروب التي تقودها جماعة أخوان السودان .. فما أن تنطفئ نارا للحرب إلا أوقدوها .. وقيادات التنظيم الدولي أمثال الدكتور طارق السويدان والدكتور محمد العوضي والدكتور عصام البشير وحتى المرشد محمحد بديع , صمتوا صمت أهل القبور أما المجازر في دار فور وجنوب كردفان والنيل الأزرق .. فطائرات النظام تقصف المدنيين العزل – الذين يعانون أصلا من تهميش الحكومات المتعاقبة لهم منذ الاستقلال – فلجأوا للكهوف وأكلوا ورق الشجر ..وأيضا روائح الفساد التي فاحت روائحها المنتنة وأزكمت الأنوف , وطرق معالجة الأخوان في السودان لها التي استفزت كل مسلم عاقل , فقد ابتدعوا فقه السترة وفقه التحلل , دون محاكمة عادلة ترد المال العام الذي هم مؤتمنين عليه  من قبل الشعب ..
 وقد نسي هؤلاء أو تناسوا أن أنصر أخاك ظالما أو مظلوما .. أي دستور هذا , وأي قانون ذاك وأي شريعة تلك التي تحتكم اليها جماعة الأخوان الدولية .. الذي لا يردع ظالما ولا يحاكمه المحاكمة العادلة .. ألهم دين غير دين الله السمح ؟!
صمت الجماعة , وعدم تدخلها , أو حتى شجبها لما يحدث في السودان , بل حفاوتها بإخوانه , أفقدها الكثير من المصداقية .. وأورث عداوة الناس للجماعة .. وما الرعب الذي أصاب شعب مصر ببعيد ..حيث جعلهم يهرعون بغير هدى خلف تمرد التي قادتهم إلى تهلكة العسكر ..وانتشر بين الناس البغض لكل ما هو إسلامي , بل انتشرت حالات الردة والإلحاد بين الشباب خاصة في السودان .. أي دين ذاك الذي يمجد الظالم , ويوفر له الحماية , ويمد له بأسباب البقاء ؟!
ولكن ما يؤسف له حقا أن تحول كل هذا الكم من البغض والكراهية المخزون في النفوس نتيجة أخطاء التنظيم الفادحة إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) باعتبارها عضو في الجماعة الدولية .. فنجد من ينادي اسرائيل بدك حماس , ونجد من يطلب منها قطع رأس حماس .. ونجد من يحمل حماس مسؤولية ما يحدث ...
أقول وكثيرين غيري يجب أن نفرق بين حماس وجماعة التنظيم الولي للإخوان .. فهي تحمل راية المقاومة ضد عدونا اللدود الذي أذلتنا حكوماتنا العربية بالتحالف معه أو الصمت المطبق على ما يقوم به ..فأبطال المقاومة في حماس والجهاد الإسلامي وكتائب شهداء الأقصى وغيرها ,تصدوا لقوات الاحتلال الصهيونية الغاشمة وكبدوهم خسائر فادحة ..بقليل من السلاح .. وألبسوا الجيوش العربية العار والذل .. وفضحوا صفقات السلاح المليارية التي تكشفها لنا وسائل الإعلامية بين الفينة والأخرى ..فما خطته حماس بدماء الشهداء ملاحم تعجز اللغة عن ترجمتها إلى كلمات .. ومهما كان الاختلاف مع حماس فكريا وأيدلوجيا فيجب على الجميع أن يقف أمامها اجلالا واحتراما ...
ويجب على الأحرار في كل العالم وخاصة العالم الإسلامي والعربي الوقوف بصلابة والانتفاض على الذل ودعم حماس وأخواتها حتى توقف إسرائيل عدوانها وترفع الحصار عن غزة وتلتزم بتعهداتها تجاه الأسرى .. فالشعب في غزة يموت بطيئا بالحصار أو عاجلا يآلة الدمار الشامل الصهيونية ..

فيا شعوب المسلمين أفيقوا .. ودعكم من حكومات العار وإعلام الشنار ..وادعموا المقاومة وساندوا صمود الشعب الفلسطيني .. وأتركوا محاسبة حماس عضو التنظيم الدولي للإخوان الآن ..فلا صوت يعلوا فوق صوت المعركة ...  

الأحد، 13 يوليو 2014

مكر خداع إسرائيل في أرض النصر والعزة

إسرائيل لم يسرها توقيع اتفاق بين عباس وحماس فسعت الأفكار الشيطانية إلى هدم ما تم الاتفاق عليه ..مع العلم أن الحكومة الجديدة بعد المصالحة لم تكن برئيس وزراء من حماس كما جرى حين فازت حماس ووصل السيد إسماعيل هنية إلى رئاسة الوزراء .. يا الله على حال المسلمين , وحال المسلم حتى وإن كان وسطا لا يحمل التطرف ولا يعرف (الإرهاب )  فإنه يلاقي من الغرب ومن جميع من يؤيدونه الإقصاء والقمع والمسح من خارطة الوجود .. والإبعاد لكل من تسمى بالإسلام حتى وإن كان حسن النية طيب القصد ..مطالب بحقوقه الشرعية !
وها هي إسرائيل وحين فشلت في جهود أن تفشل المصالحة ليصبح الفلسطينيين كتلة واحدة , فإنها سعت للمكر , وسعت إلى الكذب .. فعملت على إعداد سيناريو الثلاثة الين خرجوا ولم يعودوا .. وفي سرعة البرق حال اختفاء الصبية الإسرائيليين تم اتهام حماس بأنها وراء اختفاءهم وغيابهم .. ولم يصدق أحد نفي حماس ,, وإننا نسأل هنا لماذا يأتي اتهام حماس وتهديدها بالويل والثبور وعظائم الاجتياح ؟.. ولماذا يأتي هذا بعد توقيع المصالحة ؟ والإجابة ببساطة لأن حماس أدخلت العدو الإسرائيلي في الحرج طوال سنوات الحصار والتزمت الصبر والهدوء , فلا صواريخ ولا تفجيرات من كل الفصائل والعالم جميعه يشهد بأنها محاصرة وممنوعة من العلاج والحج والعمرة , ودخول الطعام والأدوية .. والعالم الكاذب المفتري والمتشدق بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان لا يتحرك تجاه بلدة تعاني وتتألم وتتمزق ولا يحرك ساكنا ..
يا الله كيف كان سيكون الأمر لو أن بلدة أوروبية مُنع عنها الغذاء والدواء والكساء وعانى بأجمعه رجالا ونساء شيبا وشبابا , صغارا كبارا ..إن سياسة الكذب والقلب القاسي هي سياسة الغرب بكل حضارته المزيفة ..
وهاهي إسرائيل قد سعدت بإقصاء الإسلاميين في مصر بغض النظر إن كنا نؤيدهم أم لا – فقد انتقدنا سياساتهم ولكن عنف الإقصاء لا نحبذه ولا نؤيده حتى مع الذين لا نحبذهم ولا نؤيدهم – نعم سعدت بإقصاء من تراهم سندا لأعدائها . سعت لاغتنام فرصة المصالحة .. فأعدت سيناريو تفجير هذا الإلتمام الفلسطيني .. وها هي بكل فرق مخابراتها قد واصلت إخفاء هؤلاء الفتية  .. ثم تعلن أنها قد وجدتهم قتلى .. وما أسهل عمل السيناريوهات في السياسة ولدي أهل الشر من السياسيين .. وإنك إذا أردت أن تطلع على أرشيف المكر والخداع وبعد حين من الأحداث التي اطلعت عليها سيشيب رأسك ويتساقط شعره لما تقرأ وتطلع على الخبث والمكر . هنالك أحياء سردوا ذكرياتهم وقد حكوا أن وزارة الداخلية في هذا البلد أو ذاك قد أعدت التفجيرات العديدة وألصقتها بأناس آخرين حتى يمكن اصطيادهم والزج بهم في السجون أو اقتادهم إلى حبال المشانق ..
وها هو السيناريو قد نجح في خطواته الأولى وتواصلت عملية العقاب , والكل يتفرج ولا دور لما يسمى بالبلدان العربية .. بل هي الإدانة والشجب لما تفعله إسرائيل .. إن زواج المتعة والزواج العرفي بين إسرائيل وجيرانها العرب زج بالفلسطيني إلى غياهب النسيان , والإهمال , وأن لا يذكرهم أحد فكل مشغول بليلاه ..فأكبر البلدان العربية وبكل إرثها الحضاري والثقافي وقعت في فخ المكر والخداع لإرضاء إسرائيل .. وهاهو وزير الخارجية الجديد يزور إسرائيل للتنسيق الأمني بين البلدين ودعم العلاقات الاستراتيجية !!
إن علة القضايا وأكبر المآسي في حياتنا وثقافتنا هي قضية أرض فلسطين .. ويوم أن تظهر فلسطين إلى حيز الوجود , فسوف نستطيع أن نفك أسر قوانا .. ونخرج إلى فضاء الحرية الحقة .. إن كل تعقيد وكل ظلام وكل شباك الفقر التي اصطادت حريتنا هي إسرائيل .. اليهود يلاقون الدعم والمساندة والعون والوقوف إلى جانبهم في كل شئ .. أما العربي والفلسطيني فليذهب إلى الجحيم ولعنة الله عليه هذا الذي يقول إنني عربي .. فكل التهم السيئة وكل الصفات الخبيثة تلصق به .. ولا حق له في أن يعيش بكرامة ..
مرة أخرى ندخل لمشاهدة كأس الدم في غزة .. عقاب ما بعده عقاب .. والصمت يخيم على كل من حولك يا غزة ..فإسرائيل في قمة بهجتها لما يحدث في سوريا  ودعم الغرب للأسد .. وما يجري في العراق من تفتيت وتمزيق .. وما هو حادث في مصر من صعود الجيش الذي تزوجته عرفيا منذ نشوئها .. ولكن سياساتها وغباء (نتن ياهو) سوف يؤدي حتما إلى دمار إسرائيل في السنوات المقبلة , وقد بدأ العد التنازلي الآن ..

إن الصواريخ التي تشكو منها إسرائيل فسوف تكون آتية في مقبل الأيام من سوريا والعراق وغزة وسيناء .. إن سياسات العنف الإقصائي من أنظمة باهتة ومن شخصيات كرتونية مثل المالكي والسيسي والأسد ودعم الغرب لهم , لن تؤدي إلا إلى مزيد من الانفجار ..حتى يصل الأمر عبد الجبار أو عبد القهار وإلى من يقول ويفعل .. فكل الشعارات المزيفة في طريقها إلى الزوال .. والتاريخ لن يتوقف عند نتن ياهو .. وسوف يفقد اليهود ألف شاليط وشاليط .. وينتهي هناء المستوطنات وما توفره للمغتصبين من حياة سهلة ميسورة ورغد عيش , بينما الفلسطينيين لا حق لهم في الحياة ..انظر إلى حال غزة سنوات تحت الحصار ولا بلد في العالم الحر يقطع علاقته بإسرائيل ..وانظر إلى حال الحكومات المسلمة المعتدلة والوسطية والمدعية ذلك , بينما هي في غاية التطرف . كيف ترضى بهلاك ملايين الأنفس في فلسطين ولا تحرك ساكنا ..وأنت تسمع في الأخبار وهم يرددون الحكومة الإسرائيلية , والقيادة الإسرائيلية , بينما هم مجموعة من القتلة السفاحين .. لا ينفع معهم غير ما تقوم به حماس والكتائب المقاومة من مواصلة القصف .. وكم نتمنى أن توفقوا في ضربة قوية وقاتلة حتى يسقط العالم (الحي) ليدافع عن إسرائيل ..فلو أن صاروخا واحدا أهلك مجموعة من الإسرائيليين لرأيت العالم كله يتحدث عن إرهاب حماس والفصائل المقاومة وعن أنهم مجموعة من القتلة ..بينما إسرائيل تسمي حملتها الصخرة الصماء , والجرف الصامد والعالم كله صخرة صماء .. بينما تنادي إسرائيل العالم ليضغط على الحكومة الفلسطينية لمنع مشاركة حماس فيها .. ما أعجب عالمنا اليوم إسرائيل تقتل المئات وتهد منازلهم عللى رؤوسهم , ثم تظهر للعالم أنها الضحية ! 

الاثنين، 7 يوليو 2014

روحانيات الشهر الكريم وغفلة الإعلام
روحانيات شهر رمضان تستشعرها وأنت تزور بيت الله الحرام معتمرا , فتنال البركة والإحساس بالهدوء والسعادة الحقة .. ويثلج صدرك وأنت ترى تسابق الناس للخيرات , أهل مكة وغيرهم من الزوار وهم يتسابقون لنيل كرم إفطار الصائم . والواحد منهم ينسى نفسه لأن السعادة أن يرى البشر في وجه أخيه المسلم وقد تناول تمرا أو قارورة ماء . إنها البهجة الحقة في النفس . وترى هذا العمل في المدينة المنورة في مسجد رسول الله صل الله عليه وسلم والجميع يتسابق لنيل شرف إفطار صائم . فترى أسر لها مواقع في الحرم النبوي الشريف تجهزه بالماء والتمر والزبادي والخبز والقهوة العربية . مسلمون من كل الأجناس يسارعون في الخيرات ولهم مواقع اعتادوها يسعدون هم وأبنائهم بهذا العمل في رمضان ..
ما زالت الدنيا بخير .. ففي كل بلداننا الإسلامية ترى صور هذا الكرم الرمضاني الشفاف والمليء بخيرات النفوس وطبائعها الجميلة الحسنة ..
ترى في السودان هؤلاء الطيبين وهم يقفون على الطرقات ليوقفوا كل عابر وكل قائد مركبة يعبر عليهم في وقت الإفطار ويصرون عليه ليتوقف للإفطار لينالوا شرف أن يناولوه تمرة وماء ..
هذا العطاء الرباني الذي يمنع عنك توجسات وضجيج النفس مما تراه وتسمعه في الإعلام من صور القتل والدمار . والتسلط والنهب والسؤقة ..والصخب والعنف ممن هم في السلطة تجاه الآخر ألا يكون .. وكأنك حين تشاهد التلفازات وتطلع على الصفحات الأولى من الجرائم اليومية تردد مع البحتري :
إنّ الزّمَانَ زَمَانُ سَوْ **وجميع هذا الخلق بو
وإذا سألتهم ندى**فجوابهم عن ذاك وو
لو يملكون الضوء بخ**لا لم يكن للخلق ضو
ذهب الكرام بأسرهم،**وبقي لنا ليت ولو
إن الإعلام غابة أو غابات من الكلام .. أو هو مستنقعات متصلة مليئة بالأوحال , لا يتولد عنها سوى البعوض والذباب والروائح الكريهة . ماذا ينتج معظم هذا الإعلام سوى تكريس التفاهة والاضمحلال .. أجلس إليه في رمضان فلن تجد سوى الظلمة وانتزاعك من روحانيات أيامك وأنت تسعى أن تجعلها النور وأن تبيض وجهك الذي يسوده الإعلام ليل نهار .. فلا برامج تسر الخاطر .. فهي إما سعي لأكل أموال الناس بالباطل , بتخدير أن تفوز بجائزة , فلا حصاد غير السراب . لتسمع عن أناس فقدوا الكثير من الأموال أو صدمتهم فواتير اتصالاتهم بحلم الفوز بحلم أو غيرها .. حتى برامج الأطفال تجدها تمارس هذا الكذب وهذا الخداع .. وتتعجب أن يتصل طفل وتكلمه المذيعة ويجيب على ثلاثة أرباع الأسئلة وحين يخطأ في إجابة واحدة تغلق دونه الخط ولا ينال شيئا ..فلا تحفيز للأطفال حتى لو أجابوا إجابة واحدة .. ومن عجب أن البرامج تنتج في بلاد المليارات .. وهم إن أرادوا أن يسعدوا الأطفال في الوطن العربي كله لفعلوا , ولو شاءوا أن يزودوا كل طفل بمستلزمات المدارس والتكنولوجيا لَفعلوا ..ولكن القلة القليلة ممن تمكنوا من الإعلام تفعل بالمشاهد الاستخفاف والاستغفال وتأخذه إلى حيث الغباء في رمضان وغير رمضان . أما إذا دلفت إلى عالم المسلسلات وما يدفع فيه من أموال طائلة لإنتاج التفاهة والانحطاط والسعي للفراغ .. لتجد الجزء السادس من مسلسل وكذا الجزء الرابع من آخر .. ثم سيل الرومانسيات التركية الذي جرف كل شئ في طريقه . فتجد هذا التخدير لجيل بأكمله , لا يجد في حياته سوى الجفاف والكذب والخداع ليكون المسلسل التركي واحته بما يحويه من المناظر والرومانسيات .. وهو ببساطة طريقة جديدة للإعلان والتسويق للحياة التركية من مستشفيات ومصحات وفنادق وشواطئ ومعاهد وغيرها..
فعلينا أن ننأى بأنفسنا عن هذا الصندوق الأسود والذي يروج للغفلة والانجرار وراء الفراغ أكثر مما يروج للحق والفضيلة و اعمار الأوقات بما يعود علينا بالنفع الدنيوي والأخروي  ..
ولترى النكبة والضياع جراء هذا المقتحم لبيوتنا : انظر كيف انحرف الربيع وعدنا مرة أخرى إلى العصر الحجري , بعد ما أملنا في غد بلا طغاة , ومستقبل دون لصوص .. وهاهم من أزحناهم يتفرجون ويضحكون ويسخرون : قال ربيع عربي قال !
وعودة أخرى إلى أجواء الشهر الكريم .. فإننا لا نريد أن تضيع أوقاته مع هؤلاء الذين تفننوا في استخلاص أنواع سموم جديدة تمل على القتل الفوري ...
وبرغم ضخامة هذه الجبال ..فهناك أمل عظيم في أن ينسفها ربك نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا .. إن هذه الجبال ستزول بإذن الله وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ..
وكل عام وأنتم بخير .. وتهنئتي لكل مسلم ومسلمة ,أسأل الله أن تنالوا في هذا الشهر الكريم رحمة ومغفرة وعتقا من النار , ودمتم .


الجمعة، 27 يونيو 2014


مصر الأهرامات ودعوة التقشف بالدراجات

177047347
المسافة بين دراجات السيسي وعامل الكهرباء الذي ذكره مرسي في آخر خطاب له، وهي مسافة ومساحة واسعة من الاختلافات .
السيسي في أثناء الدعاية له الترشح الرئاسة الجمهورية ظهر على الناس بلباس رياضي و دراجة فاخرة .
فتحدث الإعلام عن الرجل الضرورة و الرجل الزعيم و الرجل الساحر الذي يلقي عصاه فإذا هي إقتصاد يسعى وينمو ، وكنت قد تحدثت عن عجلة السيسي وقلت يومها أن أحد الظرفاء علق على تلك العجلة فقال ألا يعلم السيسي أن العجلة من الشيطان .
واليوم نرى السيسي مرة أخرى و قد تفتفت أذهان مستشاريه أن يخرجوا له فيلماً وثائقياً جديداً ، فظهرت العجلة من جديد ، و كأنه قائد الصين في عهد الثورة الثقافية ، و حين ينزل ليسبح في الماء و يعلن بدء الثورة الثقافية في الصين بكل ما تحمله من دلالات و تأويلات و دعوات ، و اليوم يدفعه استشاريه إلى ظهور جديد على الدراجة أضافوا إليه أن يكون سباقاً للدراجات و يكون الرجل محاطاً برجال الأمن و المجازات و لا يعلن عن السباق قبل حدوثه ، إنها المجموعات المحيطة به و ستظل تحمي تمثال الشمع من حرارة شمس المعارضة .
إذا كان الإعلاميون قد تناولوا كل شيء في حفل التنصيب و عملوا على التحدث عنه و تأويل دلالاته ، حتى أن صحفياً يرى القرموطي تحدث بإسهاب عن فتح الباب الذي دخل منه الرئيس المؤقت ثم الرئيس العريس الجديد .
و بالطبع تواصل الكلام عن سباق الدراجات و دعوة السيسي الرئيس الضرورة للمصريين أن اعملوا على دعم وطنكم بالسير على الأقدام أو ركوب الدراجات ، وتوقفوا عن استخدام السيارات ليتم توفير المليارات لبناء مصر الغد ومصر الحضارة لتبوأ مكانها بين الدول .
يا سبحان الله ، ماذا جرى معك يا مصر التاريخ و مصر الحضارة ومصر رائدة في كل شيء ، ففي أفقر الدول الأفريقية لم نسمع أن خرج رئيس لهم ليدعوا الشعب إلى تقشف مثل هذا .. مع احترامنا للنيجر وتشاد و الصومال .. هل سمعتم أن خرج زعيم لهم و ناداهم أن عودوا للدراجات و أن تناولوا في اليوم خبزاً ؟
إن من ينظر لحال الرئيس يوم تنصيبه وقد جاءت به و جماعته من الحراس رتل من السيارات السوداء الفاخرة ، و تم تجهيز قصر عابدين بكل تلك الفخامة ، كنا نتوقع أن يبدأ الرئيس عهده بوضع حجر الأساس لأكبر مصنع وطني أو بداية طريق جديد يعمل على منع تكديس السيارات ، لا أن يخرج علينا بهذه الفكرة الهزلية المضحكة .
إن السيسي الآن بين عملين متلازمين عنده الأول استجداد الشعب ، و الثاني التسول للدول المانحة .
إن الذين حضروا لتنصيب السيسي وهم من عليهم القدوم في مصر رأس مالية و عسكريين وإعلاميين وقضاة ، ضخامة الأجسام بملابس راقية ، ألا يشعرون اليوم بالاشمئزاز من دعوة الرجل للشعب للتقشف بالسير على الأقدام و ركوب الدراجات .
إذا تحدث السيسي يوم تنصيبه وهو في قمة شعور النصر بوصوله إلى عابدين ، و خاطب الشعب وقال : إن هذا القصر رمز لكل المصريين لن أسكنه وسوف أعيش بينكم وفي نفس الحارة المنسية التي رباني فيها أبي لكان اليوم كلامه عن الدراجات مقبولاً .
و أنا من الذين نقدوا مرسي كثيراً ومن يرجع إلى مقالتي في فترة حكمه سيجد الكثير من الانتقادات ولكني أعجب للذين انتقدوا مرسي مراراً وتوقفوا الآن تماما ًعن نقد الرئيس الجديد الرئيس الضرورة الرئيس المنزل من عند الله لا انتقاد له بل تمجيد و تعظيم وترتيل وتلاوة لما قاله من أحسن الحديث و جميل الدعوات للشعب .
و يوم أن تحدث الرئيس مرسي عن عامل الكهرباء الذي يغلق المفتاح و يتسبب في انقطاع الكهرباء اشمئز الكثيرون من كلام الرئيس ووضعوه في خانة رئيس قسم وليس رئيس دولة .
و كما قلنا أن فخامة أعمال يوم التنصيب وما ظهر فيه السيسي وجماعته وأنصاره وجماعته من الدولة القديمة ، وما كانوا عليه من فخامة و بذخ وأنوار وكلها تكاليف عالية و باهظة يوماً ما ستكشفها الأيام لنا و نعلم أنها أخذت جميعا من دماء الشعب المصري ، إن كل تلك الفخامة الباذخة لا تتناسب اليوم مع الدعوة بالتقشف بالدراجات والسير على الأقدام وترك السيارات و هي لا تتناسب مع مصر الأهرامات و مصر أم الحضارات .
إن أفكار المستشارين الحالمين لم تتوفق في يوم الجمعة إلى إعطاء الرئيس الجديد دفعه لمحبته و لعل صورة الرئيس أمام التي تم اغتصابها وهو يعتذر و يتأسف بطريقة رومانسية كانت أفضل من منظره باللباس الرياضي والدراجة على الأقل كان هنالك مشاعر و أحاسيس ولو كانت زائفة و إن صورتها في نظري أقوى من المنظر الجديد الداعي للتقشف .
إننا لنسأل هنا كم تكلفت الدراجات التي ظهرت في الماراثون و كم تكلف اللباس الرياضي لعل أصحاب العلاقات العامة بعد إطلاعهم على عروض الأسعار أوقفوا البيع على أقرب الأنصار و أكثرهم دعماً و تأييداً ؟
يا سبحان الله الرئيس ينصب ليعيش في قصر عابدين وهو يمتطي أفخم السيارات ويتم تجهيزه بأفخم المكياجات و كأننا أمام بطل لفيلم أو مسلسل تركي رومانسي و شعبه يمشي سيراً على الأقدام و الرئيس و حوله أفخم الموائد و الأطعمة وعلى الشعب أن يقلل من أكل الرغيف دعماً لمصر .
إن شبكة ضخمة من الإعلاميين عملت على نقد مرسي في كل صغيره وكبيره و أخرجوا له قوائم ضخمة لصرف بذخي أيام حكمه و لكنك اليوم مع الرئيس الضرورة تجد الغناء والغزل والنقد التحليلي البناء والهادف لكل كلمة ولكل لفته صادرة ممن هو في نظرهم لا ينطق إلا الحديث الجميل الطيب وعاشت ومصر أم الحضارة و أم الإهرامات و أم الدنيا حرة عزيزة غير متقشفة ولا متلحفة بأثواب سوداء يريدها لها الأعداء .
http://www.sasapost.com/opinion/pyramids-egypt/
ازدواجية الغرب والكيل بمكيالين
اليوم الثالث والعشرون من شهر يونيو صدر الحكم بالسجن على صحفي الجزيرة الإنجليزية وكانت الأحكام تتراوح بين عشرة أعوام و سبعة أعوام و بحمد الله نجا الشامي منها نسبة لتدهور حالته الصحية , وقالت السلطات المصرية أن إطلاق سراحه جاء لنواحي إنسانية , وإن كنا نعرف سلفا أن لا قلب لهؤلاء المجموعة الحاكمة في مصر .
وبعودة للأحكام الصادرة اليوم بحق صحفي الجزيرة فإن الأحكام هي بالعمق سياسية لتوصيل الرسائل الواضحة لقطر إن الأصوات الصادرة عنكم أو حتى عن تركيا أو أي بلد في العالم لن يكون الجزاء لمعارضي الحكم في مصر سوى الحبس و إسقاط الصوت .. و تتعجب للمدد الطويلة لمن يتهم لأنه سعى للفتنة في البلد , ينال عشرة أو سبعة أعوام بينما مبارك و رموز نظامه يتم الربت على كتوفهم ويكون الحكم الصادر ضدهم ثلاثة أعوام وربما يتم احتساب المدة التي قضوها في الحبس ذي الخمس نجوم ليخرجوا للملأ بعد أشهر قليلة .. إننا هنا ندين الحكم الصادر ضد كل صحفي أو كاتب وكل ناشط وكل صوت مضاد للحكم الحالي في مصر ..
بخصوص الأحكام المقيتة ضد صحفي الجزيرة وقد جاءت بعدما يقارب العام على حبس سيء ومهين . إنني أود أن أتطرق إلى ازدواجية المعايير لدي الغرب .. فاليوم جاءت ردود الفعل عنيفة وقوية وواضحة تجاه الحكم الصادر تجاه بريطاني و أسترالي فحقوق الإنسان انفعلت بعنف تجاه الحكم وكذا منظمة العفو الدولية و كذا منظمة مراسلون بلا حدود و الأمم المتحدة .. والسفير البريطاني والسفير الأسترالي ووزير خارجية أستراليا و الناطقة باسم وزارة الخارجية البريطانية والخارجية الأمريكية ... كل هؤلاء صرخوا ونددوا وشجبوا و أدانوا الأحكام الصادرة تجاه مواطنيهم .. إننا لنسأل هنا بعنف أين كل هؤلاء من الحكام الجدد في مصر منذ الثالث من يوليو الماضي .. الآن فقط يعرفون أن مجموعة السيسي غير عادلة وتعمل ضد الحرية .. أين هم يوم أن تم فض اعتصام رابعة العدوية وميدان النهضة بعنف و مات المئات من الناس بدم بارد وتم سحل الجثث وحرقها أين هم من موت أكثر من صحفي وصحفية كل أولئك الذين سقطوا برصاص محمد إبراهيم وزير الداخلية .. ألم يكونوا بشرا ؟؟ حينما يكون الموت والسحل بحق العربي لا أحد ينطق أو يتكلم أو يشجب أو يدين .. و لو تعرض أحد مواطني هذه البلاد الغربية لحكم خرجوا علينا بالشجب والإدانة والتنديد .. لنجد أستراليا تشعر بالصدمة وهولندا تعترض و بريطانيا تدين و أمريكا تعتبر الأحكام جائرة فاليوم فقط يعرفون أن مصر ليست بلد حرة بل هي بلد القمع والسحل و تكميم الأفواه , وبلد المصادرة لكل ناشط .. إننا في الوقت الذي نستعجب فيه استياء العالم الغربي , إلا أننا ننظر إليهم نظره متفهمة , لأنهم يحترمون مواطنيهم ويدافعون عنهم .. أنظر إلى إسرائيل كيف فعلت مع شاليط و كيف فاوضت فيه حتى أطلقت سراح المئات مقابل أن يعود هذا الجندي الصغير واليوم أنظر إسرائيل كيف تبحث بعنف عن فتيانها الثلاثة .. وكيف يتوجهون بعنف ضد الفلسطينيين , اعتقلت العشرات منهم مقابل هؤلاء الفتية حتى يعودوا إلى حضنها .. أما نحن فلا قيمة لأي إنسان فإسرائيل فاوضت حزب الله على رفات الموتى و أطلقت سراح لبنانيين اعتقلوا مقابل رفات موتى يهود أما نحن فالإنسان حي كان أو ميت لا قيمة له ولا أحد يسأل عنه .
أنظر لحال مصر اليوم تعود للفرعونية المقيتة ( يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم ) . والسيسي مع وفود الأوروبيين يعد بأن المصالحة في بلده ستكون مع من لم تتلوث أيديهم بالدماء و نسي الغافل المصنوع بالطريقة الفرعونية أنه والغ في دماء المصريين ليس بيديه وحسب و إنما الدماء وصلت إلى ركبتيه وهو سائر على أجساد الموتى .
إن المالكي قضى فترته الأولى , ثم الثانية و الآن لولاية ثالثة .. وهو في كل تلك السنوات يعمل على القمع والسحل والإقصاء لمجموعة كبيرة في بلاده و أنظر إلى النتيجة , إنها داعش تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام و أن هذه المجموعة المقاتلة القوية لن تتوقف عند حد العراق و ليعلم السيسي وكل طاغية إن نهجه – إن كان له نهج – سوف يعمل على إتحاد جميع المختلفين حتى يسقطوا القهر والظلم و الأحكام الجائرة وكل الأفعال المقيتة الظاهر للناس شرها وضرها .
http://www.raialyoum.com/?p=110906

الدور الأمريكي المشبوه في المنطقة 
أمريكا تفاجأت بالربيع العربي , أو هكذا يقولون .. وبذلك دخلت في صدمة و ارتبكت , وارتعبت من أن يكون الربيع بنسائم تسري في الوادي والسهل والجبل و تتحول نسائمه الباردة إلى رياح و أعاصير , وتجربتها مع الأعاصير والزوابع ترعبها وتربكها .. ولكن سرعان ما تداركت أمريكا وعملت على أن تعيد التوازن لنفسها و إن كانت تبدو للغير بأنها مرتبكة وحساباتها مبعثرة , إلا أن الأمر غير ذلك .. لقد عملت بأسرع ما يكون , فإن مراكزها الظاهرة والمخفية تعرف ما تود عمله .. فقد خدعنا بأنها انسحبت من العراق و أخذت خيبتها المتمثلة في جنود أثخنوا بالجراح ودخلوا في التشتت النفسي , و الانهيار العصبي .. إن كانت لنا مراكز دراسات و رصد لوجدنا العجب العجاب لما أصاب الصغار من الجند والإداريين مما فعله الكبار بغبائهم وغيبوبتهم ولهوهم .. و هذا أيضا نعانيه نحن من حكامنا فهم في غيبوبة والشعب في غيبوبة و هم في لهو والشعب في لهو و أضف إلى ذلك خيانة حكامنا في المال العام , وبذلك تطبع الشعب بطابع العبث واللهو في أموال و أملاك الدولة وغيرها ..
نعود مرة أخرى لأمريكا فهي تنسحب من أفغانستان وتظل متدخلة في كل شيء فيه .. و تنسحب من العراق و تظل قابعة حتى النخاع و تحكم من خلال ابنها البار المالكي .. أمريكا تنادي بالحرية والديمقراطية و عدم إقصاء الأخر , و لكنها تحت الطاولة تدعم توجه المالكي في أن ينفرد في الأمر دون أطياف الشعب الأخر .. أمريكا تعمل من خلال المؤسسات الداعمة للديمقراطية !
لعنة الله على الشيطان .. أمريكا بكل قوتها أفكارها هي مع إسرائيل .. وهي الخط الأحمر الذي لا تتجاوز ولا تسمح لأحد أن يتجاوزه .. وبذلك نفهم موقفها من بشار الأسد , فعملت بكل قوتها على أن يستمر الوضع ضبابيا مائل إلى الرمادي حتى لا يلومها أحد على موقفها من الأسد الحامي لإسرائيل من الزوال , فهي تعرف حق اليقين أن الأسد ضمان لإسرائيل و إن تشدق بالممانعة وغيرها من الثورية . فهي إن عملت على وصول الثوار الجدد فلربما كان في ذلك قضاء تدريجيا على إسرائيل .. وموقفها من التدخل لإزاحة الأسد والذي فهمه البعض أنه كان وشيكا إنه مجرد وهم كبير , فهي رأت بأم عينيها ما معنى إزاحة طالبان , وما معنى إزاحة صدام , الذي جعل من العراق مزرعة للقتل و حصاد الأرواح , فلم يهنأ البلد باستقرار أو أمان . لكن الأمر مع سوريا التي لا تبعد جولانها المحتلة سوا عشرين كيلو متر أو أقل فالأمر مختلف وفي ذلك تهديد لأمن إسرائيل , لأن سوريا سوف تمثل حينئذ موطأ قدم لكل الجهاديين في العالم حتى يتحقق حلم إزاحة و إزالة إسرائيل والذي نحلم به جميعا ..
و بذلك تفهم موقف أمريكا من التدخل في سوريا والذي كان مهينا لأمريكا المترددة والعاجزة في زمن أوباما فهو يعمل من خلال الكيد والمكر والخديعة .. .. ثم في بدء الربيع العربي مد يده للإسلاميين بمعسول الكلام .. ثم عمل في الخفاء على إزاحتهم و أنظر لما فعلته أمريكا تجاه حكومة مرسي .. تكاد تجزم بعد سماعك لتصريحات السيدة كلينتون عن أن الجيش المصري تدخل وخطط لمسرحية الثورة وخروج الناس ثم الانقلاب في ثلاثة يونيو , نعم ! تكاد بأن أمريكا على عمل تام وقد خططت لحماية ظهر إسرائيل من أكبر بلد إسلامي معبأ بالألم والغبن تجاه إسرائيل .. و أنظر لحال بلد كمصر بلد حضاري يعيش أهله في المقابر والعشوائيات و يحملون الأمراض من تلوث الماء , ولتلوث كل شيء يحيط بالإنسان , وتظل مصر مكبلة بالهموم والمشاكل والاضطرابات حتى لا يتفرغ أهلها لإسرائيل ..
إن كل الاضطرابات والقلاقل في المنطقة هي من صنع أمريكا والجميع معها يعمل باجتهاد لحماية الفتاة المدللة إسرائيل . ولا تصدق أي كلام عن  الثورية والحرية والديمقراطية فهاهي تبارك لحسني مبارك جديد اسمه السيسي .. يعمل معها بكل حماس وعزم لحماية أمن إسرائيل . ولا تصدق أحلام الغد والمستقبل .
ولكي تكتمل الصورة ويظهر لك إطارها و تتجلى لك الألوان فيها تأمل موقف أمريكا من داعش أو ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام .. أمريكا لم تتحرك ضد من قتل مئة وخمسين ألف أو يزيدون في سوريا .. ولكنها تتحرك الآن بكل جد و اجتهاد و ترسل الدعم اللوجستي للمالكي حين شعرت بصدق و عمق أفكار داعش و قوتها المتولدة من تهميش أمريكا والمالكي للسنة في العراق وحكاية طارق الهاشمي ليست ببعيد . لماذا لم تعمل أمريكا ولها القدرة على إيقاف الأسد عند حده و قد قتل وشرد عدد ضخم من اللاجئين لم يحصل مثله في تاريخ المنطقة . و بشأن اللاجئين في الأردن ولبنان وتركيا ما هو دور أمريكا لدعم هؤلاء المعذبين في الأرض لأربعة أعوام ؟ هم يعانون حر الصيف و قر الشتاء , أمريكا لا دور لها إنها ضد السنة في بعض الأماكن و معهم في أماكن أخرى وفي كل الأحوال هي تعمل على مصلحتها و مصلحة إسرائيل .
ولكي تقترب أكثر وأكثر من الدور المشبوه لأمريكا في المنطقة تعال معي لحضور حفل زواج المتعة بين أمريكا و إيران وبعد كل ذلك الغزل الفاضح يدخل الأمريكي المشبوه إلى مخدع إيران ليتم الكلام حول أسلحة إيران في الوقت الذي يواصل الأسد افتراسه لأبناء بلده وتقتيلهم وتشريدهم وتحطيم مدنهم , و أمريكا بذلك تمد يدعها لإيران مكافأة لها في البطش الذي تدعم فيه الأسد . ومن هنا تفهم دور أمريكا ضد سنة المنطقة في العراق والشام .. ولربما بعد قليل الوقت ستجد الدعم الأمريكي المخفي قد أوصل الحوثيين إلى سدة الحكم لتكتمل دائرة الخناق حول الثائرين من أبناء السنة .. إننا ما كنا نود أن نفصل بين الناس على أساس الأفكار والرؤى و الانتماء والاختيار , ولكن أمريكا هي التي تعمل بمكر وخبث وخديعة على إذكاء النار في المنطقة .. وليحذر الذين يلعبون على تحطيم السنة على أن داعش سوف تنمو سريعا , وهي في المنطقة اليوم بمثابة طالبان . فطالبان تولدت جراء الظلم الشيوعي المكار و السيئ والقذر في أفغانستان , فقد قويت حتى وصلت إلى سدة الحكم .. ثم أنظر إليها بعد عقدين من الزمان مهمشة مبعدة بالقوة من السلطة كما ابعدوا جبهة الإنقاذ الإسلامية في الجزائر وكما أبعدوا حماس في فلسطين , و كما عملوا على إبعاد إخوان مصر , و إن كنا لا نؤيد أفكار هؤلاء المبعدين إلا أن قسوة الظلم و القهر والتهميش تولد الانفجار .. أنظر إلى حال أمريكا الواهن المشبوه هاهي تفاوض طالبان حتى يتم إطلاق خمسة منهم مقابل أسير أمريكي ..

إننا نعلم أن أمريكا بكل جبروتها وحساباتها في المنطقة ستعمل على محاربة داعش ولكن داعش كفكرة ضد الظلم سوف تنمو وتكبر حتى يأتي اليوم الذي تجلس فيه أمريكا معهم للتفاوض كما فاوضت طالبان وكما فتحت لهم مكتبا في الدوحة .. فليحذر الذين يلعبون بالطائفية إنهم سوف يكتوون بها ثم يجلسون إليها للتفاوض .  
السيسي والتجربة الجزائرية 
أول زيارة له خارج البلاد سافر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى الجزائر , و إذا كنت تسأل لماذا جاءت الزيارة الأولى للجزائر دون غيرها من دول العالم ؟ لماذا لم تأتِ الزيارة إلى السعودية لتقديم واجب الطاعة والشكر , و أنه سيكون مع السعودية أليفا طائعا مسكينا ثم تجد أن الزيارة للجزائر جاءت , لأن الرجل سيبحث عن الوصفات التي تمكنه من توطيد حكمه وهو يعلم أنه لن يستطيع أن تهدأ له حكومة أو يستقر له نظام إلا بعد تطبيق الوصفات , والسير مع تناول الأدوية التي تمكن من العلاج .. فكانت من بنات أفكار المستشارين أن تكون الجزائر هي الوجهة الأولى لأن لها تجربة عميقة مع جبهة الإنقاذ في تسعينيات القرن الماضي .. أدت إلى حرب قذرة تم بها إزاحة من فازوا بالانتخابات وكان الانقلاب عليهم بنفس طريقة السيسي مع جماعته , تواصلت الحرب مع جبهة الإنقاذ لسنوات ولما كانت القوة والبطش بيد السلطة , فقد استطاعت أن تقضي على الجماعة و تعمل على إزاحتها من واجهة الحياة السياسية .. و كانت الحصيلة الآلاف من الأرواح , وكانت الحكومة هي من تخترع التفجيرات . و يزور السيسي الجزائر ليفهم أبعاد هذا العمل الجزائري القاسي تجاه جبهة الإنقاذ الإسلامية . و كيف استقر للعسكر في الجزائر الأمر ليستمر الرؤساء في تناول السلطة وتداولها بين العسكريين ؟ ثم إن تجربة بو تفليقة و حصوله على ولاية للمرة الرابعة , إنها طريقة معجبة يجب على مصر الحضارة أن تستقي منها المعاني ..
و بهذه الزيارة الأولى للجزائر يكون السيسي وجماعته قد أرسلوا رسائل واضحة لمعارضيهم و لكل جماعات الإسلام السياسي , إننا سوف نطبق معكم التجربة الجزائرية .. إن عملتم ضدنا بسلمية فسوف نحاربكم .. و إن عملتم ضدنا بالسلاح فسوف نطبق فيكم الوصفة الجزائرية و التي ستعمل على إسكات أصواتكم كما عملت الجزائر على إسكات جبهة الإنقاذ الإسلامية .. و الجزائر لن تبخل بتقديم الاستشارة للسيسي .. وهي تود له أن يوطد حكمه و يستمر كما استمر بو تفليقة في الحكم فترة بعد أخرى .. فعلكم أيها الإسلاميون فهم معنى هذه الزيارة الأولى ..
و مما يدلل على فهم معاني ودلالات هذه الزيارة ما صرح به السيسي في قوله : إن أقوى التحديات لمصر والجزائر هي مواجهة الإرهاب ..
و لكنك ترى أن تحديات مصر غير تحديات الجزائر فإن الجماعة في مصر أذهبت السلطة في حرج واضح وهي تسلك مسلك السلمية ولا يبدو من قريب أو بعيد أنها بصدد مواجهة السلطة .. ولم تقل إنما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة .. ولا يبدو أنها ستسلك مسلك طالبان في مواجهة السلطة . فهل يعود السيسي ليطبق الوصفة الجزائرية بعمل تفجيرات وهمية و عمليات قتل دراماتيكية ليكون بعدها بدأ البطش تجاه من تبقى من الجماعة في الشارع ..
ولعل أولى خطوات السيسي بعد عودته من زيارته العلاجية .. هي أن يعمل على إطلاق سراح حسني مبارك ومعه العادلي , لأن الجزائر خلال عقد التسعينيات استفادة من تجربة مبارك في محاربة الإرهاب , وهي أن تصنع و أنت صاحب السلطة والمالك للمتفجرات والسلاح مسرحية القتل ليكون لك التحرك تجاه كل من يعلن أنه صوت إسلامي معارض ..
ولعل الزيارة للجزائر تحمل الحب الخجول الذي يود أن يوصله السيسي لفرنسا من خلال البيت الجزائري .. إننا نحبك يا فرنسا فساعدينا كما دعمتِ الجزائر .. فالزعماء الجدد في مصر يرغبون أن تبادلهم فرنسا حبا بحب ودعما بدعم ..
أما الذين سيحاولون أن يلفتوا النظر إلى الناحية الاقتصادية .. و أن الرجل ذهب إلى الجزائر ليستفيد من تجربتها في الاستقرار الاقتصادي فلا أرى أن هنالك نهضة اقتصادية في ظل نظام دكتاتور يعمل ليل نهار على توطيد أركان حكمه ويدفع الأموال تلو الأموال لكل من يرى فيهم القدرة على البطش .. نعم يعمل الدكتاتور بقوة ويعمل ويعمل لتدر عليه الأرض الأموال و لكن انظر أين يصرفها ؟ أرتال من الضباط الحراس يدفع لهم حتى يزدادوا ضخامة في الأجسام ليتم تأمين الدكتاتور ولا شيء غير ذلك !
ولعل الزيارة الثانية سوف تكون إلى فنزويلا ليقف الدكتاتور الجديد عند قبر شافيز ليسأل مستشاريه .. كيف عمل الرجل على توطيد حكمه ولم يستطع أي معارض أن يخترقه و يزيحه برغم المظاهرات المتواصلة ضده ..
ولكن ربما تأتِ النصيحة إليه أن يصل إلى كوبا و يقف عند سرير فيدل كاسترو ليسأله كيف حكم لخمسين عاما ثم سلم السلطة لأخيه .. إنها تجربة معجبة .

وتحياتي لكل مستشار أعمى يغرد خارج السرب في زمن انكشفت فيه الألاعيب الغرائبية .