السبت، 28 نوفمبر 2015

كلمة حق في وجه معارضة خائرة 
قيل أن أحد المشاغبين قد تاب , وقرر أن يكون إمام جامع , فأمَّ الناس في صلاة جهرية , وعندما أكمل قراءة الفاتحة أمن و  أمن المصلون خلفه , فما كان منه إلا أن أخذ عمامته ملوحا بها وهو يهتف أمين أمين , وخرج المصلون خلفه في مظاهرة . نكة كم ضحكنا عليها ونحن صغار ببراءة . وقد يسألني القارئ الكريم : لماذا أوردت هذه النكتة , هل وصلنا بنا الحال إلى هذا الحد ؟ نعم , وأكثر فكل من استطاع أن يجمع حوله بعض عشرات من المواطنين حوله كون له حزبا , و إلا فما التفسير لوجود أكثر من تسعين حزبا مشاركا في الحوار الوطني هذه الأيام ؟ وإن تيسرت سبل الحصول على السلاح صار فصيلا مسلحا , وليس غائب عنا واحد وثلاثين فصيلا مسلحا مشاركا في الحوار الوطني .
وتحضرني أبيات شعر بسيطة , لعلها منسوبة إلى البوفسيور عبدالله الطيب , تقول :
لي قطة صغيرة ..
سميتها سميرة .. 
تنام في الليل معي ..
وتلعب بأصابعي .. 
بذيلها الطويل ..
وشعرها الجميل ..
ودائما أحبها ..
 ولا أريد ضربها ..
هذه الأبيات كلما رددتها تعطيني إحساس بواقع المعارضة , ويعطيني التفكير أن المعارضة نوعان : نوع أليف ونوع متوحش , فالأليف هو كالقطة سميرة , الحكومة تحبها ولا تريد ضربها , بل هي مدللة وجميع الظروف في خدمتها ورعايتها , وعلى الشعب المتضرر أن يلجأ للقضاء , إن كان هنالك قضاء . 
أما الأبيات الأخرى , وهي تتحدث عن طائر فر من قفصه باحثا عن الحرية , تقول :
قد كان عندي طائر ** في قفص من خشب
.........
ولم أكن أمنعه من ** مأكل أو مشرب 
...........
ففرّ عني ومضى ** من دون أدنى سبب
وقال لي حريتي **لا تشترى بالذهب 
ومع معاني هذه الكلمات يتجسد لنا النوع الآخر من المعلرضة الذي دخل إلى باحة نظام الإنقاذ , ولكنه اكتشف الأمور المقيدة للحريات والداعمة للقمع , وهو يعنف رغم ما تحصل عليه من (مأكل ومشرب) فإذا به يفر من القفص الجميل , طلبا للحرية الحقة , ولكن الحكومة لن تتركه سوف ترسل له من (جنودها) من يقبض عليه , وهذا ما حصل مع بعض رموز المعارضة أخيرا ...
السؤال الذي يطرح نفسه : هل قامت هذه الأحزاب  باختلاف أنواعها لحاجة مجتمعية أو أنها قامت على التعايش الفكري أو الأيدلوجي الجاد ؟ ولك أن تسأل أيها المواطن وأيها المهتم بالشأن السياسي , هل هذه هي المعارضة التي نريد ؟ وحتما ستكون الإجابة : لا , إن المواطن يريد معارضة حقيقية مسئولة . ولك أن تسأل يا رعاك الله , هل المعارضة التي تتكاثر كما الجراثيم والأميبيا في مستنقع الانقاذ الآسن , يمكن أن تكون معارضة حقيقية  وفاعلة ؟ أم هي فقط منظمات إغاثية تنتشل حكومة (الانتكاس) البائسة كلما ترنحت وكادت أن تسقط ؟  ..  ومما يؤسف له أن معظم الأحزاب المتناسلة كالنبت الشيطاني , قائمة على المصلحة الشخصية ولا هم لهم بمصلحة الآخرين أو هم النفعيون الذين يلهثون وراء طلب المال والجاه , نشأوا نتيجة التزوير وشراء الذمم , وهل يرجى من مثل هؤلاء مصلحة للوطن ؟!
إن الديمقراطيات الحقة تنمو وتزدهر بوجود معارضة حقيقية تفوم على اقتفاء أثر السلطة , وإظهار عيوبها ومراقبة أداءها , فهي صمام الأمان والضامن للأمن والاستقرار الاقتصادي وحرية الشعوب . المعارضة الفاعلة همها الأول تطوير المجتمع ورفع وعيه الساسي وتنمية حياته . إن أعظم أمر ونحن نسير في الحوار الذي ندعي عظمته كماله , علينا أن نعرف أننا سوف نرى كل أربعة أعوام رئيسا جديدا وحكومة منخبة , فهذا هو لب الحوار الذي يريده المواطن . 
إن كثرة الأحزاب وعدم قدرتها على الإندماج وتكوين كيانات حزبية كبيرة وقوية لهو أمر مؤسف  , إن الخطاب متغطرس متعالي مترفع لكل من كون حزب , فهو لا يرى من هو أحق منه برئاسة الحزب مهما تطاولت سنوات بقائه , فكيف ننشد الديمقراطية ومداولة الحكم ممن يفقدونه ؟! إنه لأمر لا يدعو للطمأنينة أو التعويل على هكذا أحزاب . 
المراقب للحال السياسي في السودان يجد أن هذه يجد هذه الأحزاب على كثرتها , فلا صوت لها , فكثير من الناس لا يلمون بأسمائها ناهيك عن أفكارها أو أيدلوجياتها , فلسان الحال يقول أنها أحزاب منفصلة عن الواقع بصورة مؤلمة , ففي زمن العولمة لم يفطن من يسمون أنفسهم سياسيون لخطاباتهم , ولم يدركوا أن خطاباتهم يجب أن تكون شرفا للعلم وميثاقا للوعد وعزم على العمل , وأن تكون ملائمة لمتطلبات الجمهور , يكسبوا الدعم اللازم لقيام أحزاب فاعلة .
إن وجع وغبن المواطن العادي ضاربان في روحه عميقا , والشّقة بينه وبين الأحزاب بعيدة , ومهما كثرت الحوارات الوطنية, فإنها هباء منثورا ما لم تغير المعارضة سياساتها وتنبذ التشرذم والتقزم , وتبني وعيا جديدا وتطرح بديل قوي قابل للحياة , وقادر على تلبية الطموحات , وهذا لا يتحقق إلا بالاندماج بين الأحزاب الصغيرة وتوحيد غايتها والترقع عن المكاسب الضيقة أو السياسي العابر , فعندها فقط ستحقق الندية مع الحكومة , وعندها فقط ستضع لها الحكومة ألف حساب وحساب , وتعمل معها بجد لإيجاد مخرج سياسي لمشاكل البلد وحقن الدماء التي سالت بكل وادي . 

الخميس، 26 نوفمبر 2015

25 سبتمبر 2015

"التمباك".. هاوية سودانية آخرى

أسماء عبد اللطيف - كاتبة ومدونة من السودان

8
"التمباك"، "الصعوط"، "السفة" جميعها أسماء تطلق على مادة داكنة اللون يتعاطاها بعض السودانيين كتبغ شعبي منتشر في منطقتهم وذلك عبر وضع هذه الخلطة من التبغ بين الخد واللثة. ويظن أغلب من يتعاطى "التمباك" أنه يساهم في تحسين المزاج.
وعرفت السنوات الأخيرة تطورا في استهلاك الشباب والمراهقين لمادة "التمباك" إذ تثبت الإحصائيات الرسمية أن 25 % من المراهقين يتعاطونه رغم تحذيرات وزارة الصحة السودانية، وما يشاع عن تسببه في أمراض خطيرة كالسرطان. كما ينتشر استهلاك التمباك بين الطالبات مؤخرا بعد أن كان حكرًا على النساء المتقدمات في السن.
25 % من المراهقين في السودان يتعاطون "التمباك" رغم تحذيرات وزارة الصحة
يفسر استشراء "التمباك" في الأوساط الشبابية بالضغوط النفسية التي يتعرض لها الشباب وتردي الأوضاع الاقتصادية أو بالرغبة في الاستكشاف والتجربة، حسب رواية البعض من متعاطيه. وتقول تقوى، أستاذة علم نفس تربوي، لـ"الترا صوت"، إن"المحاكاة وتقليد الكبار من أهم أسباب تعاطي "التمباك" من قبل الشباب السوداني إضافة إلى ما يروج عن كونه يعدل المزاج ويحسن الحالة النفسية ويقلل الضغوط خاصة أيام الامتحانات".
يزرع "التمباك" أساسًا في إقليم دارفور، غربي السودان، لملاءمة طقسه لنمو النبتة. ونبات التنباك أخضر اللون بإرتفاع متر عن الأرض ولا يحتاج ريًا دائمًا كما أن مزارعه لا تحتاج إلى مراقبة أو متابعة لأن الحشرات والآفات الزراعية والحيوانات لا تفتك بالنبتة ولا تقترب منها عادة. يقوم مزارعون مختصون في هذا المجال بحصاد النبتة ويتبعون إجراءات سلامة خاصة لتجنب الإصابة بحروق جلدية أو التهابات في الأنف والعيون.
في حديث لـ"الترا صوت" مع عدد من شباب إقليم دارفور، الموطن الرئيسي للـ"تمباك"، أكدوا أن قلة من أبناء الإقليم يتعاطونه رغم أنه يزرع بأراضيهم وأن أغلب مستهلكيه من الشمال السوداني، وعلّقوا "زارع "التمباك" لا يتعاطاه وكل من يرى طريقة تحضيره لا يمكن بأي حال من الأحوال ومهما كان السبب أن يكون من المقبلين عليه".
بعد الحصاد، توضع أوراق شجرة "التمباك" في مكان جيد التهوية بعيدا عن أشعة الشمس وتوضع فوقها طبقة من أوراق نبات "العشر"، وفوقها طبقة من الروث، ثم طبقة أخرى من أوراق "العشر"، ويرش بالماء رشا خفيفا على مدار ثلاثة أيام. يقوم الأطفال بحركات دائرية على الكومة ليستحلب الماء المخزون في الروث على أوراق التبغ، ثم يعرض لأشعة الشمس حتى يجف ويصدّر للتجار الذين يضيفون مواد في عملية تسمى "التمطير" حتى تصبح الأوراق عجينة سوداء داكنة تباع للمستهلكين.
تشير دراسات غير رسمية إلى أن أكثر من 6 ملايين سوداني يدمنون "التمباك"
وعن تأثير "التمباك" على صحة مستهلكيه، تقول نجلاء قسم السيد، طبيبة محاضرة في جامعة الجزيرة، لـ"الترا صوت" إنه "يتسبب في تأثيرات ضارة على الفم، ومن الممكن أن يؤدي إلى مرض سرطان الفم بسبب احتوائه مواد النيكوتين والعطرون".
ويضيف صدق حمدين، طالب طب رسالته عن تأثير "التمباك" على اللثة، "أن عديد الأبحاث أثبتت أن نسبة السرطان بين المتعاطين أكبر من بين غير المتعاطين كما أن لـ"التمباك" دور واضح في اصفرار الأسنان وانحسار اللثة ما يؤدي إلى سقوط الأسنان غالبا".
وللتمباك أيضا تأثيرات سلبية على الجهاز الهضمي والأعصاب واضطرابات القلب وارتفاع ضغط الدم ويصعب التخلي عنه بعد تناوله لفترات طويلة، وتشير دراسات غير رسمية إلى أن أكثر من 6 ملايين سوداني يدمنون "التمباك".
ويلزم قانون الصحة العامة لعام 1999 ولائحة الصحة العامة المعتمدة سنة 2000 تجار "التمباك" بكتابة عبارة "التمباك ضار بالصحة ويسبب السرطان"، وذلك في مكان بارز في المحلات وعلى العبوات كذلك. وتقول أحلام عبد الله، المختصة في القانون، لـ"الترا صوت" "إن عديد القوانين قد وضعت في هذا الإطار لمنع تعاطي "التمباك" في الأماكن العامة ومنع بيعه لمن سنه تحت 18 عاما".
لكن المتابع للشأن العام السوداني والملاحظ لانتشار استهلاك هذه المادة في صفوف الشباب خاصة والمجتمع السوداني بصفة عامة، يتبين غياب أي مجهودات من قبل الحكومة أو منظمات المجتمع المدني لمكافحة الظاهرة والتوعية من مخاطرها، رغم مصادقة السودان على الاتفاقية التابعة للأمم المتحدة لمكافحة التبغ سنة 2005.
- See more at: http://www.ultrasawt.com/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%85%D8%A8%D8%A7%D9%83-%D9%87%D8%A7%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A2%D8%AE%D8%B1%D9%89/%D8%A3%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%B7%D9%8A%D9%81/%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9/%D8%B9%D8%B4%D9%88%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A7%D8%AA#sthash.A2z23pcx.dpuf
05 سبتمبر 2015

السودان.. طعنات الإقصاء

يلاحظ المتابع للشأن السوداني أن الكثير من بؤس الحال يأتي كنتاج للإقصاء والسعي نحو استئصال الآخر. والمتأمل في دعوات التكاتف والكلمات المنمقة عن الحوار الوطني يفهم أنها، في كثير من الأحيان، ليست سوى كلمات جوفاء تصدر من أصحاب فكرة الإقصاء، ويحق لنا التساؤل حول هذه الازدواجية وانفصام الشخصية.
في السودان، يسبغ حزب المؤتمر الوطني على نفسه صفة الوطنية، فهو الوطني الوحيد وما سواه لا وطنية له. ففي بلادنا السياسي المتصدر للمشهد يبقى على رؤوس الخلق من ميلاده إلى القبر. مَن من ساستنا حين تقدم به العمر اعتزل؟ أو حين خسر حزبه الانتخابات اعترف بالفائز؟ إنما هو الحزب الواحد والحاكم الواحد وكل من ينافسه قد اختير بعناية ليقوم بدور المحلِّل لا غير.
يسبغ حزب المؤتمر الوطني على نفسه صفة الوطنية فهو الوطني الوحيد وما سواه لا وطنية له
وأبشع صور الإقصاء تتمثل في سياسات حكومة الإنقاذ بقيادة الرئيس عمر البشير، فقد عملت على تهميش الأحزاب وتفتيتها وملاحقة قادتها، فعاشت الأحزاب في كهف السياسة المظلم طيلة ربع قرن من الزمان، والآن فجأة يخرجونها بالدعوة إلى الحوار الوطني ، فهل من يخرج من الظلام إلى النور الساطع يرى شيئًا؟
قد يخيّل للبعض أن دعوات الحكومة للحوار جادة، وأنها تريد إزالة كل الأضغان التي تراكمت نتيجة لسياسات الإقصاء التي انتهجتها طيلة سنوات حكمها، ولكن المتأمل يجد فيها من الخبث الكثير فهي جسور هشة يتوارى خلفها الفكر الراسخ بإقصاء الآخر والشعور المتضخم بالأنا والفوقية.
ويتضح ذلك للمتابع لنقاشات الجمعية العمومية للحوار الوطني التي انعقدت في آب/أغسطس الماضي، فتوزيع الفرص يأتي كما لو أن المتحدثين يتم اختيارهم بطريقة منتقاة لتوحي الجلسة بأن النزعة الشمولية للإنقاذ قد انفرط عقدها. ولكن عدم وجود رؤية واضحة في بنود الحوار وغياب المشاركة الفاعلة للمعارضة تنبئك بأن حوار الحكومة يأتي على طريقة "حاورني بشروطي أو أشهر في وجهك رايات الغضب".
ومما يدل على الإقصاء أيضًا هو الحزب الواحد والجماعة الواحدة التي تتحكم في كل مفاصل الحياة الاجتماعية والثقافية، فيسمح لجمعيات ومنظمات المجتمع المدني بالعمل فقط إن كانت تتبع الحزب الحاكم وما سواها فهم من المغضوب عنهم. ولا يخفى على أحد ما تعرضت له جماعة "نفير"، وهي جماعة شبابية لا تنضوي تحت أي مسمى سياسي ومن أهم أهدافها مساعدة المتضررين من المشاكل الطبيعية.
ويشهد السودان مؤخرًا إغلاق عديد المؤسسات الثقافية والاجتماعية في مخالفة صريحة للقوانين السودانية والدولية، وإلغاء تسجيلها ومصادرة ممتلكاتها، كمركز الدراسات السودانية الذي تم إغلاقه في كانون الأول/ديسمبر 2012 ومركز الخاتم عدلان للاستشارة والتنمية البشرية.
ولم تسلم أروقة الجامعة من دعوات الإقصاء، ففي بحث إستقصائي لأستاذ الفلسفة بجامعة الخرطوم عصمت عبد المحمود، تبين أن العنف الواقع على الطلاب من قبل طلاب المؤتمر الوطني، على قلة أعدادهم، قد أودى بحياة العشرات من الطلاب الأبرياء، وأن سياسة الإقصاء والرأي الواحد متجذرة في الجامعات السودانية.
وأمثلة الإقصاء كثيرة في عالمنا العربي، وفي محيط السودان، ومن صورها ما كان في مصر بعد ثورة 25 يناير، فمن جاء بالانتخاب سرعان ما أقصى غيره، فانقلب عليهم من هو أقسى منهم بمساعدة العسكر. وأتذكر القائل "من أنتم؟ فاتكم القطار"، فإن هذه العبارة متجذرة في الإقصاء والإبعاد وهي مثال للخطابات الهزيلة الخائرة المحتمية بجيش من أصحاب الغفلة من عسكر وسجانين ولكأن أصحاب هذه الخطابات يؤمنون بالقول: "طالما العصا في أيدينا والعسكر تحت إمرتنا والسجان رهن إشارتنا، فلن يقف شيء أمامنا".
- See more at: http://www.ultrasawt.com/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D8%B7%D8%B9%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%82%D8%B5%D8%A7%D8%A1/%D8%A3%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%B7%D9%8A%D9%81/%D9%82%D9%88%D9%84#sthash.koF6hoCz.dpuf
هي هجرة أخرى
تزداد أعداد الكفاءات الشابة المهاجرة من السودان يومًا بعد يوم ويتواصل النزيف بشكل غير مسبوق. تفيد الإحصاءات الرسمية أن عدد المهاجرين، في الفترة بين عامي 2009 و2014، قد بلغ ثلاثمائة وسبعة وأربعين ألف مهاجر كما صارت الهجرة ظاهرة في السودان منذ حوالي ربع قرن. في العام 2015، والذي لم ينقض بعد، تجاوز عدد المهاجرين خمسة وسبعين ألفًا معظمهم من الأطباء والكوادر التعليمية، حسب تقرير حكومي صدر عن وزارة العدل.
تفيد الإحصاءات الرسمية أن عدد المهاجرين من السودان، في الفترة بين عامي 2009 و2014، قد بلغ ثلاثمائة وسبعة وأربعين  ألف مهاجر 
وأعلن جهاز تنظيم شؤون العاملين بالخارج عن هجرة خمسين ألف كادر من الكفاءات السودانية، أساتذة جامعات، أطباء، صيادلة ومهندسين أساسًا، من ضمنهم ثلاثمائة أستاذ من جامعة واحدة وخلال عام واحد. ولا يزال نزيف العقول متواصلًا فعدد التأشيرات المنجزة للهجرة، حسب جهاز العاملين بالخارج، في ارتفاع يومي. في الأثناء، يخرج علينا من هم في سدة الحكم غاضبين من هذه الأرقام، ولكن لا أحد منهم يفكر في تصحيح الوضع، ولا أحد منهم يذكر سنوات طويلة انقضت والسودان لم ير خلالها غير هلاك ودمار وتفتيت، تحت عباءة الدين، وإن تتأمل جيدًا فلن تجد تحت العباءة غير الدجل والنفاق والسوء والقذر السياسي، واليد الممتدة لكل شيء لا تعرف حلالًا أو حرامًا.
أكثر من ربع قرن وسيف الصالح العام مسلط على رقاب كل من لا ينضوي تحت عباءة الإنقاذ. أكثر من ربع قرن والقوانين تسن من أجل أهل الحظوة، أفحموهم بفقه السترة وفقه التحلل وغيرها من القذر السياسي المتدثر بالدين. أكثر من ربع قرن ومؤتمرات الحوار تعقد ولكنها لا تفتح أفقًا للشباب ولا تقيم عدالة اجتماعية، فكفر الشباب بالوطن، فالحكومة تريده حوارًا لا ينقص من سلطانها شيئًا وتريده حوارًا يرضى فيه الآخر بالفتات وإلا فعلى الآخر الصبر على كيل من اتهامات العمالة والخيانة والخروج عن الملة. في ظل هذا الوضع القاتم والأفق المسدود، أضحى كل اهتمام الشباب البحث عن سبيل للخروج، فقاعة المغادرة بالمطار هي أحب بقاع الوطن للشباب السوداني مؤخرًا!
تأثرت معظم المجالات الخدمية في السودان بهجرة العقول الشابة، وأكثر المجالات تأثرًا هما مجالي الصحة والتعليم. فقد المجال الصحي كوادره من أطباء وممرضين واختصاصيي وفنيي المخابر والأشعة ويرجح أن أكثر من نصف أطباء السودان قد غادروا البلاد. وحسب تقارير هيئة الصحة العالمية، من الضروري وجود مائة وستين طبيب لكل مائة ألف نسمة ولكن بالسودان، وفي أحسن الأحوال يتوفر أربعون طبيبًا لكل مائة ألف نسمة. ومن أهم أسباب هجرة الأطباء بيئة العمل غير الملائمة كغياب المعدات والوسائل والمرافق المطلوبة حتى يتمكن الكادر الطبي من أداء وظيفته والإبداع فيها.
ويروي بعض الأطباء أن فرص الابتعاث للخارج والتدريب يتم توزيعها "خلف الأبواب الموصدة" ولا تتسم بالشفافية والعدالة في معايير الاختيار وإنما تخضع لمعايير سياسية والمحسوبية، ولا يوجد قانون واضح يحدد حجم الفرص للابتعاث والتدريب ولا شروط واضحة لنيلها. وبعيدًا عن المجال الصحي أيضًا، تأثر المجال التعليمي تأثرًا بالغًا بهجرة العقول الشابة، وهو القطاع الأهم لأن عليه مهمة تغذية كل المجالات الأخرى بالكوادر المؤهلة. ومن أهم أسباب هجرة الكادر التعليمي أيضًا، الرواتب المتدنية في السودان، والتي يعجز معها الأستاذ الجامعي عن تلبية متطلبات أسرته وتوفير العيش الكريم لها. هكذا أدى كل هذا إلى تردي التعليم الحكومي وارتفاع الحاجة إلى التعليم الخاص وعدم توفر العلاج بالمستشفيات الحكومية واللجوء إلى المستشفيات الخاصة.
ولا تزال الصحف ووسائل الإعلام السودانية تفاجئنا بتصريحات مسؤولين يشجعون من خلالها على الهجرة. يشجع المسؤولون على هجرة الكوادر من البلد بالرغم من كل الآثار السلبية على المواطن والوطن، وذلك بحثًا عن سد فجوة النقد الأجنبي التي تسبب بها الانفصال عن الجنوب وما أنتجه من ضعف في عائدات النفط، إذ يدفع الطبيب المهاجر ما بين ستين إلى سبعين ألف جنيه كرسوم للدولة لكن لا يتم الانتباه إلى الفقر البشري الذي تعانيه مرافق الدولة وخدماتها الأساسية.
- See more at: http://www.ultrasawt.com/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D9%87%D9%8A-%D9%87%D8%AC%D8%B1%D8%A9-%D8%A3%D8%AE%D8%B1%D9%89/%D8%A3%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%B7%D9%8A%D9%81/%D9%82%D9%88%D9%84#sthash.wfwBZ4ka.dpuf
تداعيات تفجيرات باريس :
ماذا عن الغرب ، داعش والاسد؟
العديد من صور الكاركتير في الصحف العربية وهي تعبر عن تفجيرات باريس ، فتصور ان سهما واحدا أصاب احدهم وهو غربي ،أما الآخر وهو عربي سوري فعلى ظهره عشرات السهام . الكاركتير الاخر فهو يصور احدهم وهو مجروح أصبعه والعالم ممثل بشخص يربت عليه ويواسيه بينما العربي وهو يرقد على سرير وقد لف جسده بالكامل بلفافات بيضاء ولا احد قربه ليطيب خاطره .
إننا هنا ومع إدانتنا القوية العميقة الشديدة لكل انواع القتل والتفجير والسحل ، وندين بشدة ما قامت به جماعة داعش في باريس خلال العام الحالي سواء في شارلي ابدو او تفجيرات ليلة السبت او تفجير الطائرة الروسية او تفجيرات الضاحية في بيروت ، انها جميعا تشعر بالأسى والاسف وتفجرطط الاحزان .
إن جئنا الى ما بعد الموت والغياب الذي شمل كل الانفس البريئة ،نجد ان هناك خلق إجرام تفجيري إجرام آخر هو أكبر وافظع وأشنع ، أن الذين ينادون بالحرية والسلام والكرامة الإنسانية وحقوق الكل في العيش الطيب هم من يعملون ضد جميع هذه المعاني . هؤلاء الذين يملاون الاعلام صباح مساء عن حضارة الغرب وإيمانه بالديمقراطية وحقوق الانسان وكرامته وعلو شانه وسمو حياته ، تجدهم يطبقون هذه الافكار ومعانيها بقوة ويدافعون عنها عند اهلهم وانسان بلدانهم ، لكنهم خارج مطاف الجغرافيا لديهم فهم غير رحماء إن جاز لنا التعبير . تجدهم في كل الارض يعملون مع الانسان بالعنف والقهر والسحل ويقغون في سبيل ان ينال حقوقه او ان يحيا حياته على طبيعته ويكسب حريته .
الغرب بكل حضارته الحالية وتقدمه ونظافته واسلوب حياتهم الراقي في كل شئ ، ليس بربئا ونظيفا حتى النخاع . أن اعداد القتلى والمسحولين والمغيبين الذين تسبب الغرب في غيابهم تفوق اعداد من قتلوا وسحلوا في كل تاريخ الأرض . انظر أعداد الضحايا خلال القرن العشرين ، بدءا من الحرب العالمية الاولى وحتى حرب بوش ضد صدام في الكويت تجدها اعدادا لا يمكن تصورها ، وإذ بالغرب يقيم الدنيا ولا يقعدها مع تفجير راح ضحيته مئة او يزيد . إن ديننا الحنيف يقف عند النفس الواحدة (ومن قتل نفسا بغير نفس فكانما قتل الناس جميعا ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعا ) ، وفي سوريا لم يقتل شخص او اثنين وأنما قتل ما يقارب الثلاثمائة ألف ، ولا يخفى على احد ان الاسد هو من تسبب في ذلك ، والغرب يعرف ان الشعب الذي يقتل إنما هو شعب اراد الحرية وثار لينال كرامته، فآذا يآلة القمع الأسدية تحصد ارواحهم لوقف حراكهم المشروع في كل الشرايع والمواثيق . ووقف الغرب الذي يعيش بوجهين غض الطرف عن السبب الحقيقي لثورة سوريا ، وبعد ما يقرب من الخمس سنوات ، إذا بالاسد هو البرئ عند الغرب ويجب الحفاظ عليه ، فبقاءه من امن إسرائيل .
وفي الوقت الذي يذرف فيه العالم غزير الدمع على ضحايا فرنسا نجده يغض الطرف عن افعال إسرائيل الدنيئة . ففي خلال شهر منذ انتفاضته ، قد قتلت ما يقارب المئة من الانفس ، وذلك شئ عادي فكأن شيئا لم يحدث . غزة منذ سنوات تعاني الحصار وكان شيئا لم يفعل ضد الانسان فيها . والغرب المتحضر حتى كندا وامريكا تلوذ بصمت القبور ، فروح انسانهم في المقدمة وارواح غيرهم في الحضيض.
ومن تابع مسيرة الثورة السورية الحقة ضد نظام الظلم الاسدي يفهم جيدا ألاعيب الغرب في قمعها وفي قمع الثورة المصرية وإهدار الثورة الليبية ، حتى إنك لتصدق ان زمن ميارك أو زمن القذافي هو النعيم الحق والجنة المفقودة . يا الله ! ..على الموازين المقلوبة ، الاسد يصبح جزء من الحل ويصبح هو الفارس الذي يجب مكافأته من قبل القرب بإقامة الحوار معه، وهو الذي لم يستمع منذ خمسة سنين إلا لاصوات جماعته وإيران وحزب جنوب لبنان .هل الآن أصبح ديمقراطيا ، وتجاهل الغرب تاريخه ووالده الأسود في القمع والقهر والسحل والاغتيال .
ومع كل ما جرى ضد ااثورة السورية الحرة , اجدني أردد تلك الكلمات المدهشة للناشط الحقوقي الأمريكي مالكوم إكس - رحمه الله ، حيث يقول : ( ان لم تكن فطنا فإن الجرائد و سائر وسائل الإعلام ستجعلك تكره المضطهدين وتحب الذين يمارسون الاضطهاد ، فوسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الارض ، لديهم القدرة على جعل المذنب بري وجعل الابرياء مذنبين ، وهذه هي السلطة لانها تتحكم في عقول الجماهير ) انتهى كلامه ..
واجدني أقول ان ما يمارسه الغرب مع العرب والأفارقة هو ضد كل تحرير يسعون إليه، وإذ اقول مثل هذا القول لا اسعى لتحريض ضد الغرب ، ولكنه التحريض لأنفسنا عسى ان نفهم ان الغرب في أفعاله غيره في أقواله ، الاقوال ناصعة مليئة بالحقوق والكرامة ، والافعال قميئة معباة بالحقد والقتامة . واننا لناسف على ضحايا تفجيرات باريس وغيرها من الذبح والسحل والحرق، وتجدنا نألم ونأيى لمن مان من أهلنا فاكثر من ربع مليون روح طاهرة في سوريا وحدها . وأصحاب الياقان والابتسامات يواصلون اللقاءات والمداولات والاجتماعات . لتجد نفسك أمام كلمة تنسب إلى جوزيف استالين حيث قال : وفاة واحد مأساة ، وفاة مليون إحصائيات .
ولا نختم الا بالقول ان الغرب والاسد وداعش كلهم يمثلون المؤامرة والغدر ضد الانسانية والكرامة والسعي للحرية والحقوق والمستقبل المشرق .
اسقاط الطائرة الروسية , هل عرّف بوتن حجمه ؟
يوم الاثنين الثالث والعشرين من نوفمبر الجاري يصل بوتن قيصر روسيا إلى إيران و استقبله المرشد على خامئني , ويهدي بوتن إلى قادة طهران أقدم نسخة للقرآن الكريم بخط اليد - بهذه النسخة هل يريد أن يقول للمسلمين يجب أن تتعاملوا مع قرآنكم كما نتعامل مع المتاحف فهو أصبح شيئا من الماضي . وتم تبادل الابتسامات والمجاملات إنه الفرح بزواج المتعة بين الجمهورية الشيعية ودولة القيصر الشيوعية , وتم إطلاق العديد من الكلمات وإرسال الرسائل لأمريكا وحلفائها , وأنه لا يستطيع أحد أن يفرض على الشعب السوري خياره , فهو قد صمم خياره وانحيازه إلى الأسد , كما انحازت روسيا إلى الثنائي بوتن وميديديف وكما انحازت إيران إلى المرشد ورئيس الجمهورية . ولك أن تسأل عن هذا الحلف الذي عقد قران زواج المتعة بين المرشد والضلال , فكيف تم عمل هذا المزيج وكيف تم صنع الخليط الذي يهدي ثمرة اللقاء إلى الأسد المدلل ؟ 
ويدعو بوتن من طهران أن لا حق لدول الجوار أو أمريكا في تقرير مصير السوريين في الوقت الذي جاء ليناقش الوضع السوري . إذا كانت أمريكا وحلفائها أجانب لا يحق لهم أن يدخلوا على الأسد ولا أن يخلوا به فهل إيران وروسيا هم من المحارم ؟! 
ولم تمضي أربع وعشرون ساعة على زواج المتعة بين روسيا وإيران , حتى تفاجأ بوتن كما يقول بطعنة في الظهر .

إنها ضربة جاءت في وقتها لتخرب على بوتين صباحية العرس , فلم يهنأ وشريكه الإيراني وهو يستعرض فحولته أمام العالم أجمع . حلف تركيا , الأطلسي والكتلة العربية السنية لم يعجبها استعراض الصواريخ المباعة لإيران , فكانت رسالتها شدة أذن بيد تركية , كي يلزم الدب الروسي حدوده وليعلم أن تحالفه مع إبران لن يقوى على فرض الأمر الواقع أو فعل شئ . 
رغم مرور شهر على الحرب التي تشنها طائرات هذا (البوتن) وقتلها الأبرياء , الذين تجاوز عددهم سقف الثلاثة آلاف من الأرواح الطاهرة , الباحثة عن الحرية , فإنها لم تحقق له أي مكسب على أرض الواقع , لذا هرول إلى إيران علها تفعل شيئا . المراقب للوضع يرى أن تحالف بوتن وإيران وحزب (اللاهي) لم يحقق للأسد أي استقرار وإنما فقط المزيد من التدني . 
روسيا  تبكي اسقاط طائرتين وموت طيارها , وهم يعلمون أن عداد القتل في سوريا متسارع إلى نصف مليون من الأنفس البريئة الطاهرة , فكفاك باسقاط الطائرتين خزيا وعارا وشنارا . 
ولعل المتابع للأحداث يفهم من تصريح الرئيس الأمريكي بارك أوباما , أن لتركيا الحق في حماية حدودها , وذهاب تركيا لحلف الاطلسي , بفهم منه أن تركيا ليست وحدها , وأن هنالك تنسيق بينهم ولعل السعودية وقطر ليست غائبة عن المشهد , مما يجعل الدب الروسي يدور حول نفسه بتصريحات نارية مثل قوله دعوت الأمريكان أن يلجموا كلبهم المسعور ويقابل ذلك تلطيف دبلوماسي للوزير ابروف يقول فيه أن روسيا لن تدخل في حرب مع تركيا . 
وما نأسى له جميعا هو حال الشعب السوري الذي ضاع وتشتت وتهدمت يلاده من أقصاها إلى أقصاها , ومجموعة العشرين ومجموعة الثمانية أو مجموعة ست زائد واحد ومجموعة السبعة أو سمها ماشئت من المجموعات , ماهم إلا شياطين الفساد في الأرض , فالاستثمار في السلاح والمخدرات والاتجار بالبشر وغسيل الأموال مستمر والشعوب منهكة ولا نرى ثمرة لهذه القمم باختلاف مسمياتها فلا أقامت دول العدل ولا أوقفت نزيف الحرب . والشاهد أنهم لا يريدون أن تنطفي نيران الحروب , فإن خمدت النار كيف ينمو عندهم الاستثمار ؟!

السبت، 21 نوفمبر 2015

الحوار الوطني إلى أين؟!
بعد شهرين من الاجتماعات واللقاءات والمداولات وما تم صرفه من مبالغ تكفي لاحضار العديد من أجهزة الغسيل الكلوي , ما الذي تمخض عنه الحوار الوطني ؟!  لقد قال أحد المنضوين لخيمة الحوار الوطني  أن الحوار نجح بنسبة 200% . يا للعجب كأني أستمع إلى كلمات الأبنودي :
هذا زمان الأونطة ..
والفهلوة والشنطة ..
تعرف تقول : قود نايت ..
وتفتح السمسونايت ..
قادة الحوار في المؤتمر الوطني ينادون ويملأون الصحف والإذاعات والتلفازات صباح مساء أنهم يفتحون الباب أمام جميع أبناء السودان , وإذا بك تجد هناك من هو محظور من السفر , وهناك من هو معتقل دون محاكمة أو حتى تحقيق , وهناك النقد اللاذع لجماعة نداء باريس وإذا بهم خونة ومشروعهم لإقامة مجلس رئاسي هو الهراء والهباء المنثور..
ومن مقترحات من يتقدمون الحوار أن يظل الرئيس لفترة انتقالية بعد فترته الحالية لمدة أربع سنوات , ليكمل الرجل ثلاثين ستة ..أم أنهم يريدونه يظل حتى تأكل الأرض منسأته !
كيف نجح الحوار المجتمعي بنسبة 200% وهل هناك شئ نجح في حياتنا خلال ربع قرن الماضي بنسبة 1% ؟ أين المشاريع ؟ أين التنمية ؟  وهل بقى الناس قراهم ومدنهم ؟
مع فرح البعض بنجاح مؤتمر الحوار الوطني ؟ لك أن تسأل عن ضخامة الجمع , فما يقارب الثلاثين من الجماعات المسلحة وأكثر من تسعين حزبا ؟ ولك أن تسأل : هل من لم يستطيعوا ان يوحدوا مطلبهم ويحددوا هويتهم , قادرون على التفاوض ؟ لماذا كل هذا العدد الهائل من الجماعات والأحزاب ؟  ولك أن تسأل ومن خلال الأوراق المقدمة ومنها موضوع  قضايا الحكم , وهنا مربط الفرس , هل الحزب الحاكم هو الخط الاحمر والذي يجب ألا يمس ؟! وعلى المتحاورين أن يوقنوا أن من حكم لربع قرن من الزمان قد نال من الخبرة ما يمكنه وحزبه من فهم المناورة ومعرفة أدواتها وكيفية إدارة ميزان المصالح لجهة الحزب الحاكم !!
المراقب للحوار يجب أن ينظر بعين الحذر لما يطلقه بعض أقطاب المؤتمر الوطني والحوار مستمر , مثل ما رشح من جانب شقيق رئيس الجمهورية , وهو يقول : ( أن من ظن أن الحوار سوف يؤدي إلى إزاحة البشير من كرسي الحكم فهو واهم .). ولك أن تتوقف عند كلمة الأمين العام للحركة الإسلامية السودانية : (أن الحوار ليس استسلاما ولا مداهنة وإنما هو وعاء للسلام والسلم ). وهويطلق مثل هذه العبارات لا يختلف  عما يصدره الحزب الوطني من تعابير تضخيم الذات وأن الأمر أيها المتحاورون في أيدينا , ولن ينتقل إلى سوانا مهما طال الحوار .
إن أي حديث عن السلام لا يتضمن محاسبة كل من تورط في دماء السودانيين في كل بقاع البلد من دار فور إلى جنوب كردفان والنيل الأزرق , إلى شباب سبتمبر , فلا معنى له . يجب على الحكومة أن تدلل على صدقها وجديتها في الحوار بان تتحلى بالشفافية وتفضح كل من ولغ في دماء المواطنين الأبرياء , مهما كان موقعه وصفته . وأي حديث عن السلام لا يطلق الحريات ويمكن لمشاركة حقيقة لكل ألوان الطيف السياسي فلا طائل منه . 
والمتابع للحوار عن قضايا الحكم , لا يجد موقع للدستور الدائم لأهل السودان , ليعرفوا بحق لماذا يستمر الرئيس لعشرات السنوات , وتستمر الوجوه في الإعلام تصور إلينا الشئ ونقيضه ( متى يبلغ البنيان يوما تمامه * إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم ) ومن عجب أن البناء والهدم يأتي من داخل الجماعة نفسها ...
هل سيختلف هؤلاء القوم عن القوم في اليمن والذين ساروا في الحوار لقرابة العام وأذيعت مخرجات الحوار , وإذا بك تجد أصحاب المصالح والسير إلى الخلف ينقلبون على مخرجات الحوار الوطني اليمني ويتحالف حزب المؤتمر المزاح مع الحوثيين ويدخل اليمن السعيد إلى الفوضى  والضياع . ما الذي يحصن الحوار عندنا ؟! إن أخوف ما نخاف منه هو تعمق الاختلاف , فبعد كل اتفاق تجد الاختلاف المر .
إن قضايا الحكم واستمرار حزب شمولي يوهم الجميع بأنه يحاول الخروج ولكنه لا يريد الخروج  , يجعلك تتعجب من أن أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية جورج واشنطون واضع الدستور الأمريكي , حينما انتهت ولايته الثانية رفض أن يترشح لولاية ثالثة إيمانا منه بما وضعه في الدستور وأن يكون أول الملتزمين به . 
وأننا لنعلم أن الظلم أو التلاعب في قضايا الحكم والمكر والنكث تعود على أصحابها في الحكم بالأسى والضياع , ألم يكن حسني مبارك قاب قوسين أو أدنى من توريث أبنائه ؟ فإذا بالدائرة تدور عليه . كذلك القذافي إن كان قد أصلح لاستقر الأمر له ولأبنائه , ولكن الظلم في الحكم لا يعود على أهله بخير أو بقاء . 
مع اجتماع هذا العدد الضخم من الناس سعيا وراء الحوار بعد كل سنوات الأسف والأحزان والأوجاع والفقر والعدم , أما كان من الأجدى أن يأتي رئيس الجمهورية وسط هذه الجموع ويعطي الوعود الصادقة بأنه وحزبه ملتزمزن بمخرجات الحوار , وأن يقدم عربونا لأهل السودان حتى يظنوا به خيرا , دعوة إلى انتخابات مبكرة لا يكون هو طرفا فيها , بل سيكون مراقبا حتى ينجح أول رئيس مدني وحكومته لادارة السودان , سودان المستقبل الذي يتحدثون عنه في التلفاز والصحف ثم يعملون ضده بالتشبث بالسلطة .
ونرجو ألا تكون نهاية الحوار حرف الراء كما قال أحد الظرفاء .  

الثلاثاء، 10 نوفمبر 2015

رئيس الجمهورية وطلب التحلل لحكومته
أعترف في البدء أنني لم أتابع هذا الخطاب العجيب لرئيس الجمهورية , وهو يقف أمام الناس وينادي فيهم بأعلى صوته : إننا لا نريد أن نأتي يوم القيامة ويقول الناس أمام الله عز وجل أن هؤلاء ظلمونا أو أن البشير وحكومته قد عملوا على تعذيبنا وإهانتنا وذلنا إلى غير ذلك من الشكوى .. إننا نريد أن يأتي الناس يوم القيامة ويقولوا لله عز وجل أن البشير وحكومته عملوا على إنصافنا وأعطاءنا حقوقنا ونشروا السعادة بيننا فاجزهم خيرا .. هذه الجزئية من الكلمات هي لمخاطبة البشير لحشد من الناس في 2013م , وقد نشرها أديب وصحفي مرموق على صفحته في الفيسبوك , وقد كانت مخرجة بصورة ساخرة فبعد , ان تكلم الرئيس بهذه الكلمات تم إيراد أغنية تعبر عن الشكوى لله , وبعد أن تتواصل الكلمة في تزكية الحكم الرشيد , ينفجر رضيع بالضحك حتى يستلقى على قفاه .. إنها صورة كوميدية مضحكة حد البكاء .
إن الرئيس وبعد أن أعلن فيما سبق أنه القائد إلى الجنة والنعيم المقيم , نجده في هذه الكلمات وكأنه يبحث عن التحلل في الدنيا قبل الآخرة , بما ارتكبته حكومته من جرم في حق الناس .
التحية والتقدير للشيخ الدكتور عبدالحي يوسف والذي نفى أن يكون هناك ما يسمى بالتحلل بعد أن يخوض المسؤول في أموال الناس بالباطل .. انتهى كلامه .
إن التحلل إنما هو أن ترد الحقوق لأهلها في الدنيا قبل أن تصل الروح الحلقوم , والذي بينك وبين الناس إنما يكون في العرض والمال والدم . 
ومرة أخرى : 
( إحنا عايزين يا جماعة والله نتمنى أنه يوم القيامة ما يجي واحد قدام ربنا سبحانه وتعالى يشكو عمر البشير وحكومته .. "الشكوى ليك يا ربي" عايزين الناس يجوا يقولوا الناس ديل ما قصروا وأدونا حقنا وكل شئ تمام ) .. هنا يا سيادة الرئيس لماذا ننتظرحتى يوم القيامة , هل لأن الدستور يجعل لك الحق في أن تواصل رئاسة البلاد حتى يوم القيامة ؟! لعل إحساسكم بالخلود وأن لا أحد ينازعكم في الأمر , يجعلكم تذهبون لمثل هذا الكلام . ألا تصل إليك التقارير أيها الرئيس معبأة بشكايات الناس , ألا تصلك النكات والطرائف الساخرة المعبرة عن الظلم والفساد , أم أنكم تظنون دائما أنكم ملائكة أطهار وبقية الشعب شياطين وعفاريت مردة ..
لقد وصلتك يا سيادة الرئيس التقارير والدراسات والقياسات , وأعلنتم أن نسبة الفقر قد بلغت قرابة الخمسون بالمئة . أتعرف ما يسببه الفقر للفرد من الذل والإنكسار وما يبلسه من الخوف والجوع والمرض . فهل أصحاب هذه النسبة سوف ياتون يوم القيامة ليشكروك أمام الله ويشكروا حكومتك ويعلنون أنك كنت بهم رحيما رقيقا ناعما ورؤوفا .. أأعطيتهم حقهم وأسعدتهم وأسقيت العطاش منهم الماء النظيف وأطعمت جائهم , وكسوت عاريهم .. ألم تقرأ يا عمر ما قاله أمير المؤمنين رضي الله عنه : ( لو أن شاة عثرت في العراق لسألني الله عنها ) , فكيف بخمسين بالمئة وقد سقطوا في مستنقع الفقر الآسن والجوع والمرض والعري والظمأ . يا الله للغيبوبة , هل يكتب الرئيس كلماته بنفسه أم أن هناك كُتاب لهم حسن جميل ينقلون إليك ما يجري في البلد حولك ويعرفونك بواقع الناس في الأسواق والحارات والمناطق النائية والذين لا يملكون شيئا , وهم كثر أعدادهم تصل إلى ما يقرب الخمسة عشر مليونا من الأنفس . 
فيا أيها البرئ من كل اتهام , ومن كل قول لا يليق بحكومتك , ألا تصل إليك تقارير الفساد وأكل الأموال بالباطل . لقد سمعت أو قرأت ما طال الوالي من اتهام حتى أعلن تحلله , مثل هذا العمل الكريه ألا يمس حكومتك الرشيدة ؟! ألم يصلك أي خبر فيما سبق وحتى الآن عن قصص هؤلاء المفسدين وظلمهم السئ في أموال الدولة ؟! لماذا لم تخرج علينا خلال ربع قرن من الزمان لتقيل الفاسد وتفضح الظالم , أم أن أهل البيت أولى بالستر والدفاع عنهم ؟! أليس لديكم أي وعي بذلك القول الطاهر من النبي العظيم صل الله عليه وسلم : (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت .... الخ) . أمثال هذه القصص والتي تنظرون إليها بأنها مقرضة , ألا تدفعك للخوف أن بأتي الناس يوم القيامة ويعلنون أمام الله عز وجل , العليم الخبير , أن التحلل كان مصطلحا معروفا وواضحا أمام الناس في خلال حكم البشير . 
وفي دار فور المحطمة , يتهمك المغرضون وأصحاب النفوس السقيمة بأنك تسببت وحكومتك الرشيدة في إزهاق أرواح ما يقارب الثلاثمائة ألف نفس , حتى أن بعض وزراءك جاء لينفي هذه الأعداد المغرضة ويقول أنها عشرة آلاف من الأنفس فقط لقوا حتفهم في حرب دار فور التي تسببتم فيها . ألا يزعجك سيادة الرئيس هذا العدد من القتلى , ولم نسمع كلمة لوم أو عتاب أو حتى إقالة وزير أو أي والي من طرفكم في دارفور , وكأن كل شئ حدث في دارفور هو بسبب أبناءها أنفسهم وهم الذين سعوا محاربتكم والخروج عن طوعكم ..
إن قضية دار فور وحدها كافية أن تجعل الموقف قاس وصعب عليكم أمام الله يوم القيامة .. ثم إذا انطلقنا إلى جنوب كردفان فإن الوضع ينذر بلعنة الله عز وجل لمن ارتكب فيه من المآس والجرائم والقتل والتشريد , ولك أن تسأل أيها الرئيس الخالي من الظلم وحكومتك الخالية من الفساد , كم بلغ عدد الجماعات الحاملة للسلاح ؟ إنكم من خلال مؤتمر الحوار ذكرتم أن عدد الفصائل المسلحة المشاركة في الحوار قد بلغت إحدى وثلاثين فصيلا مسلحا . ألم تسألوا أنفسكم كيف تناسلت هذه الجماعات , ما الذي دفعهم للتمرد ؟! هل كنا قبلكم نسمع نعرف مثل , فهل هؤلاء جميعا أهل خطأ وتمرد , وحكومتكم الرشيدة هي البراءة والنقاء . 
وكم من أرواح الناشطين الشباب أزهقت في رابعة النهار بعاصمتك , ولم يعرف لهم قاتلا , ولا سبب وجيه لقتلهم , ألا تخشى سيادة الرئيس أن يأتوا يوما القيامة يمسكون بتلابيبك يسألونك حقهم في الحياة الذي سلب منهم بدون وجه حق على مرأى ومسمع منك وحكومتك , ويسألونك عن عذابات أهليهم بسبب فقدهم . 
والسجون والمعتقلات , فتلك فصول أخرى من الظلم والفساد , فكم من معتقل عُذب ومنهم من سُلب حق الحياة تحت العذيب , ومنهم اختفى ولم يوجد له أثر , غير تلفيق التهم بكل رفع صوته بكلمة حق .. إنها مآسٍ ومظالم خطت أسوأ الذكريات في النفوس , فهل تعتقد سيادة الرئيس أن يأتي هؤلاء يوم القيامة مهللين مستبشرين شاكرين لك حسن صنيعك وحكومتك بهم ؟ّ أم قد أحل لكم الله عز وجل استعباد الناس بعد أن خلقهم أحرارا ؟!
إن الإعتراف بالخطأ وطلب العفو هو أولى الخطوات نحو التسامح لنسير جميعا نحو غد جديد . إن طريقة أن يكون الحكم هو الرشيد وبقية الخلق في الخطأ والتمرد والظلم فهذا لن يجعلنا أن نصل إلى حوار شفاف أو أي اجتماع يوحد الناس ويجعل في قلوبهم الرضا عن رئيسهم وحكومتهم . 
إن الأمر يوم القيامة أمام الله عز وجل ليس بالسهل الهين , أيها الرئيس كما تظن . إن الأمر صعب وقاس وشديد , وأنني لا أجد شيئا أختم به هذه الرسالة إليك أيها الرئيس سوى أبيات الواعظ أبي عثمان الواسطي .
مثل وقوفك  أيها  المغرور*** يوم القيامة والسماء  تمور
ماذا تقول إذا نقلت إلى البلى***فردا وجاءك منكر ونكير؟
ماذا تقول إذا وقفت بموقفٍ***فردا ذليلا والحساب عسير
وتعلقت فيك الخصوم وأنت في يوم الحساب مسلسل مجرور
وتفرقت عنك الجنود وأنت في ضيق القبور موسد   مقبور
وددت  أنك ما  وليت ولاية*** يوما ولا  قال  الأنام  أمير 
مهد  لنفسك  حجة  تنجو بها***يوم المعاد يوم تبدو  العور