الاثنين، 25 فبراير 2019

حفلة تيس على مقياس يوسا

حفلة التيس هي رواية الكاتب اللاتيني ماريو برغاس يوسا ، تحكي الرواية عن دكتاتور الدومنيكان رفائيل ليونيداس تروخييو ، ولكنها في الحقيقة هي رواية تحكي عن كل دكتاتور عاث فسادا في الأرض وتشبث بالكرسي حتى ولو على تلة من حثث مواطنيه ، ورأى أن لا حكم فوق رغبته /رغبة التيس ، وغطى الفساد باوهام الإنجازات ، واسبغ على كل ذلك مسحة من الدين والورع الزائف . انها بحق حفلة دكتاتورنا ، فعظمة الدكتاتور ، كما وضحها يوسا ، تتجسد في تعففه عن المال وطمعه في السلطة ، فهو يعلم أن المال لا يصلح إلا لشراء الأنفس والولاء والانتقام الدموي . والدكتاتور يعلم أن من حوله يحتقرونه ويخافونه وهو حريص على هذه العلاقة المريضة ، لأنه يعلم أن من حوله يعشقون المال ويسرقون أموال الدولة وهو يغض الطرف عنهم .
حفلتنا كانت في خطاب البشير الذي قال فيه إنه سيكون على مسافة واحدة من كل القوى الوطنية ، ليوهم الناس ويذر  الرماد في العيون ، فيعتقد البعض أن الرئيس قد تخلى عن جماعته وترك الإسلاميين ، وأنه اسلم الأمر للجيش . لكن الصورة لها رأي آخر ، فالكروش الممتدة والجلابيب ناصعة البياض والبدل الانيقة التي تتصدر المشهد ، الصورة تقول إن هناك مشهد خفي على شاكلة "اذهب الى القصر رئيسا وسوف اذهب الى السجن حبيسا " . ولم يتأخر الدليل ،فجاء سريعا في التعيينات من رئاسة الوزراء ونائب الرئيس إلى وزير المالية فكلهم من أهل الحظوة وآل البيت الكيزاني .
والمتابع لخطاب " الوكسة " هذا يعلم علم اليقين أن هناك خطابا اخر لأهل بيته وخاصته "قططه السمان المدللة " ، ليؤكد لهم ان ما قاله هو فقط لشراء الوقت وتخدير الشارع ، فالأمر ما زال لنا ولن نفرط في شبر من ملكنا !
ولسان حاله وهو يخاطب أهله وعشيرته يقول لهم مطمئنا  :
لا تبتئسوا من لغة خطابي هذا فهو يحمل في ظاهره انتي احمل الدفء بين جنبي لكل الناس ، ولكن الحقيقة التي سوف أسركم بها أن كل الينابيع الداخلية وفيض المشاعر هي لكم أنتم جماعتي وقبيلي . ولسان حاله يذكرهم بتأريخهم :
ألم نسبغ على حزبنا صفة الوطنية ، فهو الحزب الوطني الوحيد وما سواه لا وطنية له . لقد اشعنا ذلك بين الأحزاب وعملنا على تهميشها تفتيتها وشغلناهم بأنفسهم عن العمل الوطني . لقد صرفنا الأموال الطائلة (لتدجين ) أحزاب لها تاريخها ، ولاحقنا قادتها ، فعاشت في كهف السياسة المظلم طيلة ثلاثين سنة ، ثم اخرجناهم من كهفهم الى الحوار الذي فصلناه على هوانا ومقاسنا على مبدأ حاورني بشروطي أو أشهر في وجهك رايات الغضب . فكانت مخرجات الحوار التي تعلمون . وضعناها على الأرفف ، وأرضينا أحزاب الفكة بعضوية في البرلمان ووزارات هامشية ، أما الوزارات السيادية هي حكر علينا ولن نفرط فيه قيد انملة  . اسكرناهم بخمر المخصصات ، فلا أحد منهم واعي بما نفعل . الأمر انا مهما طال أمد الحوار ولن ينتقل الى سوانا .
يا ايها القوم لا تبتئسوا فأنا معكم قلبا وقالبا ، فأنتم اهلي وعزوتي ، وأن هذا الخطاب هو الماء البارد الذي أريد أن أسكن به الشارع الذي يغلي ريثما نتدبر أمورنا ونضع الخطط المحكمة لهزم هؤلاء المارقين ، فالتظاهر جسر هش سينهار بهم في نارنا عاجلا غير اجل ، حينها سيعلمون من هم الإسلاميين ، ومن الذي سيسقط .
كيف نسقط ونحن نسيطر على كل مفاصل الدولة من الحياة الاجتماعية و الثقافية الى الاقتصادية . كل المنظمات الفاعلة هي لنا وكل المؤسسات الخدمية بأيدينا وما عداها سوف نحكم عليهم الخناق أكثر وأكثر .
أما عن حديثهم الذي يدور حول الفساد والمفسدين ، فأنتم تعلمون أننا لن نترك لهم دليلا  أو أثرا ، ولن يصلوا الينا أبدا . نحن نعلم جيدا أوجه صرف المال ، فجنبنا المال في الولايات والوزارات لاستمالة الكثيرين ليكونوا معنا أو أقلها يكونوا محايدين ، فالمال يسحر القلوب الضعيفة . لقد كنت حريصا على اعطاء التسهيلات لأفراد جماعتنا حتى تكون مفاصل الإقتصاد بأيديكم . وحتى من ضعفت نفسه وتعدى على المال العام ، فأهل البيت اولى بالستر والدفاع عنهم ، فكان لهم قانون فقه السترة واستنينا لهم التحلل . وأنتم تعلمون أن فقه السترة ليس غريبا فقد عمل به شيخنا الفاضل حسن البنا رحمه الله ، حتى لا ينفرط عقد الجماعة .
أيها الجمع الكريم كونوا متفائلين فالأمر لنا من قبل ومن بعد ، فأنا الرئيس معكم ولن أترككم . و اطمئن كتائب الظل فهم في حماية حكومتنا الرشيدة ، ولهم الشكر على بث الرعب في صفوف هؤلاء المارقين . أما من قتلوا فلن تسفر التحقيقات عن قاتل لهم ، وسيسجل ضد مجهول كما حدث في 2013 .
وعن جانب الدول الإقليمية فلا يكن لكم شاغل أيها النفر الكريم ، كما عودتكم فأنا أجيد اللعب على كل الحبال ، فيوم مع اليمن ويوم ضدها ، ويوم مع قطر وتركيا ، ويوم مع بشار  ، ويوم مصر ويوم مع إثيوبيا  ويوم مع أمريكا ويوم استجدى لكم الحماية من بوتين ،  فالكل يجعل لي حسابا ويهاب قراراتي المفاجئة . 
وارى تساؤلات في وجوهكم على قولي انا على مسافة واحدة . نعم انا على مسافة واحدة وسأبقى كذلك وبكل الرضا مني لعبدالرحيم ونافع وأمين حسن عمر والمجلس الأربعيني ، والطاهر التوم وحسين خوجلي وكل الصحفيين الذين يمجدوننا ويسبحون بحمدنا . ولكن ضد كل من يمسك العصا من النصف وكل من ينتقدنا ، ولا أزال ضد أهل الفيس بوك وقبائل التويتر والواتساب . هذه القبائل الهزلية الكرتونية . وأنتم تعلمون ما الطوارئ وما معنى الطوارئ ، ( قال حكومة عسكر ,قال) ، أننا أتغلبنا عليهم بالخداع في 30 يونيو  1989. والان نقوم بثورة الدجل الكبرى في 22فبراير 2019
والقائلة نحن فوقها وفوقكم الى يوم الدين . ( والزارعنا غير الله الليجي يقلعنا ).
واطمئنوا تماما  فلا يكن لكم شاغل ، طالما العصا في أيدينا والعسكروتحت إمرتنا والسجان رهن إشارتنا ، فلن يقف أمامنا جيوش الفيس بوك والواتساب وتويتر ، ولا مجموعة شباب مارقين . 
هكذا اعتقد وكثيرون غيري أن كواليس الرئيس هي حفلة تيس على مقياس يوسا .
ولكن نقول وبكل ثقة لن يطول هذا الظلم أكثر ، وحتما سيفيق الطاغية من نشوته الكاذبة هو وجماعته على انتصار ثورة الشباب المباركة ، أمام محاكم الثورة والقصاص العادل ، فالشباب قال كلمته ومضى : 
#تسقط_بس
#الشارع_بس
قراءة لخطاب اهتزاز الرئيس
في البدء جاء الشيخ قاريء القران ليفتتح المشهد العجيب لخطاب المهزوز . وكان جيش الإعداد قد حشد أصحاب الكروس الضخمة ، وكانت فكرة أن يأتي هذا الفريق وفكرته الهائلة أن الرئيس السلطان هو ظل الله في أرضه وأنه هو العظيم الذي يجب أن يطاع ويتبع ، ففي الآيات الكريمة من سورة النساء . بدأ الشيخ قراءته بقوله تعالى :(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ).وهنا أمر خطير ، هل البشير هو رسول هذه الأمة ، وعلى أمته السودانية أن تحتكم إليه فيما شجر بينها .. وما جرى من ثورة مباركة كبيرة استهزا بها وطاف أرجاء البلاد وهو يسخر منها ويستهزأ من بجماعاتها من الشباب ، طاف شرقا وغربا وشمالا وجنوبا .. ليقول للشباب أن لا فيسبوك ولا واتساب ولا تويتر يسقط الحكومات .. وإذا به في هذه الليلة يأتي ذليلا خاضعا ليخلط الأوراق ولا يقدم شيئا .. ويسلموا تسليما .. لمن يسلم الشعب قياده بعد ثلاثين سنة من الفوضى والنهب والسلب والكذب والدجل والتدليس والعار والسوء وكافة قاموس الفحش والغرابة والانحدار .
ثم يقرأ الشيخ الآية الكريمة خطأ ، الآية الثانية في قراءته ولكن يظهر أن المتابعين للقراءة عدلوا قراءته عبر السماعة فأعاد قراءتها صحيحة ، قال في البدء : (لكان خيرا لهم واشد تقويما ) لا يوجد ختام للآية بهذا اللفظ والعياذ بالله وأنما ختام للآية (أشد تثبيتا ) ، تقول الآية الكريمة : (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم واشد تثبيتا ) .
ثم يدخل الرئيس بعد تلاوة الآيات والتي تعطيه الحق المطلق كسلطان وكظل الله في أرضه وأنه يجب طاعته والاحتكام إليه ، ما يتيح له أن يسير في هذا الطريق .. واي قداسة بعد ثلاثين سنة من الدمار و الاندحار و الشنار والعار . فمما يحز في قلبك ويفجعك الكروش الضخمة لمن هو مدني ومن هو عسكري ونصاعة البياض لما يلبسون من جلابيب وما يرتدون من بدل فاخرة والكروش ممتدة أمامهم ، وحتى الرئيس تتعجب لضخامة كرشه وبكري وغيرهم وغيرهم . ولك أن تتذكر وانت تطالع هذه الكروش والتي نبتت من حرام والنار أولى بها ، لك أن تتذكر أهلنا الغبش في بيوت الطين والصفيح والكرتون ، وهم يكابدون شظف العيش ، وأنت تسير في الأسواق المكدسة بالأوساخ والميادين المعبأة بالقمامة ، وانت ترى أسأل هؤلاء الذين يجلسون في دجل وكذب والتلفازات تنقل صورهم ناصعة البياض وكروشهم الممتدة ، اسالهم عن فقر ممتد وعطالة شباب ممتدة وكل شئ معطل في البلد ..
يا الله ! متى يخرج عبدالمنتقم الجبار ليقصم هؤلاء ويلقي بهم في غياهب السجون ومن ثم يوصلهم المقاصل ويومها تنشرح صدور امهات الشهداء ، ويشفي الله صدور الفقراء المسحوقين ، رجالا ونساء ويولي الله من يصلح وكفانا فسادا وقتلا وتدميرا .
والرئيس السرطان بعد شهرين من الاستهزاء والسخرية ، يأتي ليذر الرماد على العيون ، وكأنه تبرأ من المؤتمر الوطني وكأنه تبرأ مما يسمى بالاسلاميين ، وكأنه يعلن انحيازه للجيش . وبعد هتافه ورقصه الفاضح في الأقاليم تكون هديته الذين جمعوا له الناس البسطاء أن يزيحهم من حكم الولايات . أي حكم للولايات والمركز أسوأ بقعة في العالم وفاحشة في كل شئ ومقيتة في كل شئ ، عن أي ولايات يتحدث ؟! وهي جميعا خواء و خلاء و فضاء ، لا حياة فيها ولا نماء ..
الكلمة التي تقال سمك لبن تمر هندي هي ما يمكن أن يطلق على الخطاب ، مما جعل بعض الطيبون يظنون أن الرئيس قد تخلى عن حزبه المؤتمر الوطني وان كما يقول سيكون على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية .. عن أي قوى ايها القوم يتكلم هذا المثبت بغراء سيء على كرسي السلطة . نعم سيكون على مسافة واحدة ممن صنعتهم سلطته الفاسدة ، لو كان صادقا لفتح الطرقات على القصر واخلاها من جيوش الأمن وجيوش الظل ، واعلنها صراحة انني تخليت عن السلطة وسوف اكون أمينا عليكم جميعا وسوف احقن دماءكم بعد ثلاثين سنة ، وأعلن توبتي من السلطة ولن اتناول خمرها بعد اليوم .. بل سأظل حتى أعلن عن تنظيم انتخابات حرة نزيهة ، وهذا لن يكون في تواجده وتواجد الذين حضروا من جماعته لخطابه السيء . ولكنه وجماعته في سكرتهم يعمهون ، فبدلا عن ذلك أعلن عن تأجيل الأمر بخصوص التعديلات الدستورية ليبقى في السلطة ، كلام فج ووقح .
ثم يدلف الى قانون الطوارئ ، وهل كانت الطوارئ بعيدة عنا طيلة ثلاثين سنة ، أيها الراكض في هياج الرقص والدجل والافتراء والاستخفاف ، ون هذا الاستخفاف نسأله ما الذي يجعل الذين كانوا في صفك و ماتوا فأصبحوا شهداء ، ولا تزال تطلق المسميات العديدة عليهم مركز الشهيد كذا وشارع الشهيد كذا ، ثم تقول للذين قتلتهم آلة قمعك أنهم ماتوا خلال الأحداث الأخيرة وكأن لا يد لك في استشهادهم ؟ ابها الرئيس انت والغ حتى ركبتك في دم أهلنا بدار فور ، باعترافك ، وفي الانقسنا وجبال النوبة والشرق وسد مروي والمناصير ، وفي الثورة المباركة من التاسع عشر من ديسمبر وحتى الآن ، لماذا لم تترجم على المعلم الشهيد احمد خير الذي قضى تحت التعذيب باعتراف النيابة العامة ، ومن قبله قتلت التعليم وشيعته واشعت الجهل ،والشتات بين أبناء الوطن ثم تتحدث عن إشاعة الكراهية ، ومن الكراهية سواك وسوى عبدالعاطي ونافع واللمبي والمتعافي وأبو الجاز وبكل طغمتك وأنتم لا تحترمون شعبكم ، فكل من خرج علينا سب وشتم وقلل من قيمة الناس . انتم اهل البخس ، نسأل الله أن يخزيكم أجمعين .
ثم يذكر الشباب ، بعد أن تهكم عليهم وسخر منهم لشهرين ، ماذا سيقول لهم ، وهو وطغمته تعودا أن يكون الحل فرديا ، فكل من يبيع مبداه ونفسه يات ويتخلى عن فكرته ويذوب في أسيد السلطة الفاسدة ثم يجري في مجاريها العفنة . هل من معنى لكلامه عن الشباب وهو وطغمته تجاوزوا السبعينات من أعمارهم ؟
كفى هراء ، وكفى غباء ، وكفى استخفافا بهذا الشعب الكريم العاقل . واعلم أن ماء الشلال المغمور في هذه الأرض الطيبة لن يعيفه شيء من صخور السلطة وسوف يجرف هذه الطغمة ، ويظل الماء عذبا نقيا .
والشباب الجديد هم الامل وفقهم الله وسدد خطاهم ، واخزاكم . لن نقول تسقط بس ، بل نقول تسقط ويحاسب بس ، ونراكم قيد الحبس ، وانما هئ عدالة السماء وقصاصها من الكذبة المفسدين . Asma Abdullstif