الخميس، 30 أبريل 2015

حرب الأسفلت
إن الحروب المشتعلة في السودان كثيرة , منها ما خمدت نيرانه وسكنت , كحرب الجنوب وما حصدت من أرواح فاقت المليون أو كادت .. وحرب دار فور وما تم تداوله عن زهق الأرواح فيها وما قارب النصف مليون أو كاد .. ثم الآن في جنوب كردفان والنيل الأزرق ولا أملك إحصائية عما تم زهقه من أرواح فيها .. إنها المسأة في بلادنا .. أن يواصل السياسيون استمرارهم في مناصبهم ولا يحس أحد منهم بخجل أو غضب أو حتى إعتذار لهذا الكم الهائل من الأحباب الذين ودعناهم .. وأضف إليه ضحايا حرب الألغام .. ثم حرب الأمراض القاسية على الفقراء وأهل الحاجة .. لكن الحرب المسكوت عنها هي حرب الأسفلت .. وأعلم أنه بمقاييس الطرق في العوالم المتحضرة , لا يوجد لدينا أسفلت ولا يوجد لدينا طرق .. ولكنك تتعجب لذلك الكم الهائل من السيارات الداخلة لبلادنا كل عام , ولكنها متهالكة تسير على طرق متهالكة ...
      كم فقدنا بسبب حرب هذه الحرب المؤلمة حرب الاسفلت .. ويؤلمك أن لا أحد من كبار المسؤولين يخرج ليصرخ كفى كفى .. مع أنهم هم أنفسهم فقدوا العديد من أصحاب الفكر والسياسة .. هل ننسى المفاوض مجذوب الخليفة .. وهل ننسى الداعية العظيم محمد سيد حاج , ذلك الوجه البشوش , ذلك الشيخ الطيب صاحب الكلمة الطيبة .. وهل ننسى ذلك الشاب الجميل والذي كان يحض الناس على الخير , إنه صاحب الصلات الطيبة : محجوب عبد الحفيظ ..رحمهم الله جميعا .. إنها ثلاثة نماذج لمن فقدنا .. ولكن ببساطة هل هنالك بيت في السودان لم يعش الأسى والأسف لأرواح أعزاء فقدناهم ؟ ببساطة تكاد تجزم أنه ليس هناك بيت في السودان لم يعرف فجيعة حرب الأسفلت ...
          وإلى متى سيستمر هذا النزف , وهذا العذاب ولا تجد أي مبادرة أو أي فكرة من أبناء هذا البلد الغني الثري بأهله من أصحاب الرأي والفكر .. ولكن ربما أوقفني أحدهم وقال : إذا كنت تنتقدين سوء الطرقات المتهالة , إن أصلحناها دخلنا فيما دخلت فيه السعودية ودول الخليج الأخرى .. ففي السعودية كما قيل ومنذ أن تأسست الطرق السريعة فقدت ما يقارب المليون من أبنائها في حرب الأسفلت عندها وعانت من وجود نصف مليون معاق , لا أدري إن كانت هذه الإحصائية صحيحة أم لا ولكنها بأي حال تعكس مدى هذه الحرب المؤلمة في جميع البلدان العربية ..
وهناك مصر وهي تصنف على أنها أكبر بلد تحدث فيه مآسي الطرقات , إنما يهم في الأمر هنا أنه في بلادنا ليس هنالك أي تحرك رسمي لمحاولة وقف هذا النسف وحين تتأمل برامج المرشحين لرئاسة الجمهورية أو دخول البرلمان لا تجد أي إشارة بقريب أو بعيد إلى هذه المأساة الفاجعة في السودان ..
ولكن ربما يسألني سائل : يا صاحبة المقال ما هي مبادرتك لوقف هذه الحرب الأليمة ؟! أقول : على الحكومة و أهل التنفيذ فيها من وزارة الداخلية وشرطة مرور ومراقبين أن يكون لهم البرنامج اليومي المكثف للتوعية المستمرة مع ما يصحبها من إعلانات الطرق لنشر الصور الأليمة مع الأرشاد بقوة , و إن لزم الأمر أن تكون هناك في كل مدرسة و جامعة ومعهد وفي وقت دخول الطلاب صباحاً تكون هنالك دقائ معدودة والأرشاد والإشارة إلى ضحايا الطرق وهذا النزف الكثيف وما علينا أن نفعلهم كسائقين وراكبين وسائرين ..
ومن المبادرة أن يخرج علينا رئيس البلاد إن لزم الأمر بعد كل حادث أليم وأن يقول كلمة عزاءٍ أو أسف لما جرى لأبناء وطنه , إن الرئيس الذي يقابل مغنياً مثل إيهاب توفيق مقابلة رسمية أولى أن تكون له كلمة حانية لأبناء الوطن في حوادثهم وكوارثهم ..
ومن المبادرة .. مثل ما تفننت حكومة الإنقاذ - ولا إنقاذ - في إنشاء الصناديق , صندوق كذا وصندوق كذا وصندوق كذا أن يكون هنالك صندوق جديد هو صندوق ضحايا الطرق و أن ندعى جميعاً للمساهمة فيه كما تمت دعوتنا لدعم عزة السودان وغيرها , كم هم الذين أعرفهم وهم بسطاء ومساكين حد العِفة لا يسألون الناس إلحافاً مات عائلهم ولم ينالوا أي تعويض من أي جهة لا فردية ولا حكومية وتعرضوا بعد عائلهم لمآسيٍ عدة ومثل هذا الصندوق المبادرة _ صندوق دعم ضحايا حوادث المرور _ ربما تجد مثل هذه الأسر دعماً يكون عوناً لهم ضد شراسة الحياة الصعبة في وقتنا الحاضر ..
ومن المبادرة أيضاً وما أكثر مسميات الضرائب المفروضة على المغتربين و المقيمين في الوطن , فلو كان هنالك صاحب قلبٍ ممن إخترعوا تلك المسميات السيئة في الضرائب أن يكون له خير بعمل ضريبة ولو بسيطة على كل مغترب وجميعنا أصبح مغترباً أن تكون هنالك ضريبة لحوادث المرور نساهم في جميعاً ولكن هل ستصل هذه الضرائب وحصيلة الصندوق وهذه الحوادث إلى مستحقيها أو أنني متفائلة لدرجة شروق الشمس على السهول .. وسلمتم جميعاً و أتمنى ان يصلني المزيد من المبادرات .

الأربعاء، 29 أبريل 2015

ماذا بعد ؟!
بعد إعلان الانتخابات في السودان .. والفرح من جانب اللجنة القومية العليا للانتخابات , وجانب من حزب المؤتمر الوطني , نقول أن هذه النغمة من السعادة لأهل السلطة والحزب والمستفيدين سوف تستمر ويتعالى صوتها لاشعار الخصم أو الطرف الآخر بدونيته وقلة شأنه ..وهذا صوت يجب ألا يتداول .. ولكن مع هذه السلطة واحساسها الدائم بتضخم الذات وأنها أكبر من الآخر , والآخر لا شئ .. وسوف تستمر في ترديد أن الرئيس قد فاز وأن حزبه فاز بثلاث أرباع مقاعد البرلمان ..
إن يافوخي يكاد ينفجر .. فبلد تعداده يقارب ثلاثين مليون نسمة .. نجد أن السدس فقط أدلى بصوته .. ومن هذا السدس حصل المبرور على 94% , فكيف لجماعته ومجموعته الحامية لوجوده أن تتشدق بأن الرجل فاز .. هنيئا لمن فاز ..والعزاء الجميل لمن فشل , ألا وهو الوطن الذي لم يخرج من غيبوبته و أزماته  وعلله وشكاته وضيق تنفسه .. فاز المفروض بالقوة , وبإعلان جماعته الجهاد في سبيل الله لمآرب أخرى .. فاز المفروض بالدولة العميقة , و إن كان شخصه لم ير أي نتيجة تؤهله للقعود على كرسي الرئاسة .. هنيئا لمن فاز من رئيس وحزب .. وإنك لتشعر بالخزي والعار والخجل حيث ترى صورة الحزب الوطني وخلفيتها التي يتباهى بها هي خريطة السودان الجديد , صورة جلباب ممزق تآكل أسفله وبدت صورة تشعر بالأسف , ولكنه يصر على أنها شعاره المفضل .. كفى بمن فاز أن ينظر إلى خارطة السودان ليشعر أنه لم يفز .. وأننا يجب أن نقدم فوز بلادنا على أشخاصنا ..
      وما ذا بعد الفوز .. ويا سبحان الله الفوز عند الله عز وجل له صفات ثلاث : كبير ومبين وعظيم .. فإذا نظرنا إلى بلادنا من منظور هذه الصفات الثلاث للفوز , نجد أنها ليست ببلاد كبيرة .. ولا فازت فوزا كبيرا .. وأنها أي بلادنا غير مبينة , فهي الآن مخفينة تحت رماد نظام أشعل الحرائق , وأهلك الحرث والنسل .. وهي أي بلادنا ليست بعظيمة , فشأنها الآن الشأن الحقير .. وإن كان هناك بقاء , فبفضل طيبة أهلها أهل الطيبة والأخلاق النبيلة , لا بفضل النظام .. والذي لا فرق عندي بينه وبين فطاع الطرق .. قاطع الطريق أسلوبه الغضب ورفع الصوت واستخدام القوة .. وأن ليس لمن أمامه أي فرصة لقول أو فعل .. وهذا ما قام به النظام - وإن كان لنا تحفظ على كلمة النظام , فهو الفوضى ...
وهنيئا لمن فاز .. ونعزي أنفسنا على الفشل الضارب أطنابه في كل مجال .. هنيئا لمن فاز والأعداد الضخمة قد هاجرت .. وهنيئا لمن فاز ولا حياة تذكر لعمل سياسي أو صوت معارض .. وما هو المعول عليه بعد الفوز؟! .. وماذا نرجو من الرجل؟! .. إن سياسة المراوغة , والتدليس , وذر الرماد على الأعين سوف يستمر .. وهل هذا الفوز وبقاء الرجل حتى الموت سوف يؤدي بالسودان أن يكون فيه تداول للسلطة ؟!
      إن السيناريو القادم خلال سنوات الخمسة أن يعد داخليا لانقلاب يأتي بدكتاتور جديد , لأن الحياة السابقة والحالية وصورتها في السياسة لن تأتي بجديد .. والفائز لن يقدم جديد ,  ففي ربع قرن من الزمان رأينا الفوضى والفشل والدمار والفقر والجوع والاقتصاد المتردي .. ولن يكون بعد الفائز أي رئيس يأتي بانتخاب أو يأتي باستفتاء .. إن كنت تفقد الآلية لحياة سياسة طاهرة فمن أين ستأتي بها بعد ربع قرن من الزمان ؟! .. كنا نظن أن أهل النظام وجماعته على درجة من الذكاء ليقدموا مرشحين بارزين من الحزب أو الحكومة .. لكن استمر من تربع على أنفسنا حتى الموت , فهذا لن يؤدي إلا إلى العنف والفوضى . وسوف تعمل الحكومة العميقة والجماعة العميقة على بقاء الرجل وحمايته بشتى الطرق , وافشال أي محاولة لإقامة حوار أو إقامة حياة سياسية صادقة .. تتداول فيها السلطة فلا شئ من ذلك يلوح في الافق ...
    ولنا أن نكرر السؤال الذي سألناه من قبل : كيف نجحت الثورة الإيرانية وقد سبقت النظام السوداني بعشرة أعوام .. وأصبح هنالك تداول للسلطة .. فخلال ستة وثلاثين عام شاهدنا سبعة روؤساء في إيران منذ الحسن بني صدر وحتى حسن روحاني ..ونحن خلال ربع قرن نطالع وجها واحدا .. كيف تطورت إيران من خلال ثورتها وأصبحت في ميزان القوى العالمية قوة لا يستهان بها .. وكذلك تركيا وقد صارت في عداد أكبر عشرين اقتصاد عالمي.. إن الانقاذ - وإن كنا نتحفظ على اسم الانقاذ - ماذا صنع بنا .. لم يتم تداول السلطة .. ولم يتم النهوض بأي شئ .. لا اقتصاد , لا تنمية .. ومن دون حياء تعترف الحكومة ب 46% نسبة الفقراء في السودان .. فاز الرئيس , يا للعجب .. فاز ونحن نرى الفشل في كل شئ .. فاز الرئيس ونحن لا ندري حقيقة ما يجري في دار فور وما ينتظرها من رئيس شرعن لنفسه في الأعوام القادمة .. فاز الرئيس ونحن لا ندري حقيقة ما يجري بجنوب كردفان والنيل الأزرق .. لعل هذه المناطق ستلقى مصير جنوب السودان .. فاز الرئيس ونحن لا نعلم حقيقة أعداد الوافدين إلى البلد .. فاز الرئيس ونحن لا ندري حقيقة دور المعارضين البارزين وما موقفهم الحقيقي من الرئيس وحكومته .. ما دور الترابي ؟!! ما دور الصادق المهدي؟!! ما دور غازي صلاح الدين ؟!! وما دور إتحاد الصحفيين مما يجري من مهازل سياسية ؟!! وما دور ما نطلق عليه أحزاب !!!
     فاز الرئيس هنيئا لمن فاز .. وعزاؤنا لمن قتل بدم بارد .. ونعزي أنفسنا في مصائبنا .. فاز الرئيس ولن نر ممن فاز سوى نفس كلمات التعالي , الغطرسة,الصراخ , الرقص والشتم والسب وأننا جميعا شذاذ آفاق .. وطابور خامس نسعى لفساد البلاد والعباد ...

الاثنين، 27 أبريل 2015

خطاب البشير بعد فوزه في الانتخابات
لا محالة بعد كل هذا الدراما التراجيدية .. وهذه السيناريوهات .. وهذا الكم الكبير من الكلام في إعداد حار للانتخابات .. وما نحن فيه من إعدادات ضخمة لفيلم كبير اسمه: الانتخابات .. وبعد كل هذا الهدر للمال لاقناعنا أن هنالك عملية انتخابية شفافة , يشارك فيها جميع أبناء الوطن بحرية تامة وبموضوعية متناهية النظير  .. بعد كل هذا الحشد العجيب .. فسوف يظل الرئيس على كرسيه إلى الأبد .. وإلى أن تودعه الأمة وتبكي عليه, وتذرف الدموع على المنقذ وعلى المخلص .. وعلى الذي كان منتظرا أوجاء وبه تنزلت رحمة الله علينا .. .
    أتوقع وبعد الفوز الساحق لزعيم الأمة وعظيم أهل السودان , والقائد البطل المغوار الشجاع الأمين , الحامي للوطن وغير ذلك من الأوصاف والأسماء التي تفوق التسعة والتسعين اسما .. أتوقع أن يقوم الرئيس الزعيم الأوحد بتقديم خطاب فوزه بالانتخابات .. فما هو هذا الخطاب وكيف تتوقعونه ؟! وما سيقدم فيه؟! .. الجميع سوف يفكر ويحلل ولكن دعوني أقدم لكم خطاب الرئيس الفائز بالانتخابات 100%.. وبالطبع مستشارية الرئيس وفي أضابيرها يوجد مثل هذا الخطاب سلفاً .. وهاكم خطاب الرئيس المنقذ بعد فوزه في الانتخابات ..
وبعد أن ألبسوا الرئيس البذلة العسكرية وما فيها من النيّاشين والنجوم و أنواط الجدارة - وللبذلة العسكرية دلالاتها يوم يقدم الرئيس خطابه .. لأنه يريد أن يقول : أنا انقلابيَّ وسوف أظل انقلابيّاً والبذلة التي جاءت بي إلى الحكم لن أتنكر لها .. ولن أقعل كما فعل السيسي الذي بدل البذة العسكرية بملابس مدنية ولكن حكومته كما هي .. أما أنا و أجيء إليكم بها لأقول لكم لو لا هذا الشكل العسكري لما قهرتكم طوال هذه السنوات ) .
   أيها الشعب الكريم .. وأنت بالفعل شَعبٌ كريم تكرمتم علينا برغم ما فعلناه من سوء وفحش وعنف ودمار .. تكرمتم علينا بكرمٍ عربيٍّ أصيل وغضضتم الطرف عن أفعالنا السيئة وظُلمنا البيِّن فقد استلمنا البلد موحداً شمالاً وجنوباً , ففصلناه ونسعى بجهد أن نفصل الغرب .. حتى جنوب كردفان وبذلك نشكر لكم هذا الكرم الحاتميَّ الجميل .. أيها الشعب الكريم أعلم أنك رغم طيبة قلبك تجاه من لَم ينقذكم إلا أنكم شعب أمامه ..الكثير والكثير من الوقت حتى تلحقوا بركب الأمم المستحقة للديمقراطية الحقة .. والتدوال السلمي للسطلة .. وأن يأتيكم كُل أربع سنوات رئيساً جديداً , فهذا حلم بعيد المنال عليكم .. و أنا كعسكري كنت حامياً لكم من التمزق والتفرق فلولا وجودي لربع قرن من الزمان لضاع شيء أسمه السودان منذ أواخر الثمانينات في القرن الماضي ..
أيها الشعب الكريم بالطبع فإن الفترة المقبلة سوف يعمل فيها المستشارون بهمة ونشاط للمزيد من تجميل صورتي لدى الناس وسوف يسعونلوضع صورتي على العملة ..ولا أخفيكم سرا إن قلت لكم أن الفترة القادمة سيكون التمهيد فيها ليكون الأمر لآل البشير .. هذا الرجل المكافح الذي أنجب أنجب الأبناء وأنا أولهم .. وسوف يعمل المستشارون على تغيير اسم السودان لأن هذا الاسم يدل صفة سواد اللون ..فالبيض ستكون دولتهم البيضان ! أما السود فليلتحقوا بجنوب السودان ..وأنا والسيدة الأولى نحب اللون الأبيض .. وبذلك سيصبح اسم السودان : المملكة العربية البشيرية , فكل رجل سيكون بشيري وكل امرأة ستكون بشيرية .. فهنيئا لكم أيها الشعب الكريم بفوزي وبتواصلي في الحكم إلى الأبد .. زأسأل الله أن يهبني عمر نوح عليه السلام ( ألف سنة إلا خمسين عاما ) !!
أيها الشعب الكريم .. بعد فوزي لن يكون هناك تغيير يذكر .. فالوزراء هم خاصتي , وهم الذين ساندوني منذ القرن الماضي .. وأنا الآن ذو القرنين فقد عشت في القرن العشرين والآن في القرن الواحد والعشرين .. وأنتم تعرفون أن ذو القرنين خاطبه ربه وقال : (إما أن تعذب إما أن تتخذ فيهم حسنا)..فأنا يا شعبي الكريم لن أعذب بعد اليوم وسوف أتخذ فيكم حسنا .. كفاكم عذابا وما أذقناكم من ويلات ونكد .. فسوف أكون بكم رحيما لأنك أبها الشعب الكريم تواصل صبرك على وعلى جماعتي برغم ما تكشف لكم ن أفعالنا قبيحة  .. وما ازكم أنوفكم من التحلل والفضيحة .. فحكومتي القادمة هي نفس الوجوه المعهودة ..
   ولا يفوتني يا شعبي الكريم أن أزجي أزاهير الشكر لشيخنا الترابي والذي لولا فضل ربي و ثم دعم منه ومن حزبه الشعبي لكنت في خبر كان إلا أنه في اللحظات الأخيرة قام شيخنا ومرشدنا وحزبه بدعمه الامطلق لشخصي حتى أواصل رحلة الجلوس على كرسي الرئاسة ..
 وأنني إذ أشكر شيخنا ومرشدنا أنوه أنني وحزبي الوطني والترابي وحزبه الشعبي قد أصبحنا أكبر حزبين في هذا البلد وأننا نمثل الفيل والحمار .. فأمريكا العظمى تتمتع بحزبي الفيل والحمار إلا أنهم يتمتعون بالشفافية الكاملة والموضوعية العاملة .. أما أنا والكاشف أخوي أقد أخوي الترابي فمثل فيل وحمار السودان .. فحزبي ومجموعتي هم الفيل .. بل هم الفيلة التي تطأ كل شئ .. أما الترابي وحزبه فعليه أن يلزم ( الحمار ) فهو شعار جيد لمن ينسى ما فعلناه ضده من إزاحة وإزالة بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من كرسي الئاسة .. ولكننا الآن وبعد دعمه الكبير للوطني , فسوف يكون له مستقبل مشرف !
   أبشروا يا أهل السودان بالحزب الوطني والحزب الشعبي , الفيل والحما على أرض السودان .. وكفاكم نقد الأحزاب الهزيلة والتي لا تسمن ولا تغني من جوع ...
   وقبل أن أنهي خطابي هذا أيها الشعب الكريم .. هناك شكر واجب ومستحق للمحللين أقصد المستقلين الذين تنافسوا معي على كرسي الرئاسة ..الذي يعلمون سلفا أنهم لا يستطيعون الوصول إليه وفي طريقهم سبع مثلي !!

الخميس، 23 أبريل 2015

حول غرق المهاجرين الى أوروبا
مساء السبت الثامن عشر من أبريل غرقت مركب في البحر الابيض المتوسط قبالة السواحل الليبية , كانت المركب تقل أكثر من سبعمائة مهاجر غير شرعي , تم إنقاذ ثلاثين منهم فقط . ولكبر حجم هذه الكارثة الانسانية , نادى رئيس فرنسا فرانسوا أولاند على وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي للاجتماع في لكسمبيرج , محاولة منهم لحماية المهاجرين في البحر ..
       إن هذه الكارثة المتسببة في موت سبعمائة مهاجر , قد تزايدت  وارتفعت وتيرتها في السنوات الأخيرة , وعلى وجه الخصوص بعد تزايد السحل والقتل في سوريا والعراق وليبيا .. واختلاط الاوراق في اليمن , ناهيك عن الوضع السيء المتردي في القرن الافريقي في كل من الصومال واريتيريا , والمناطق النائية من أثيوبيا . إنك في حاجة لمراجعة ملفات الأمم المتحدة , لأخذ عدد اللاجئين والفارين من الأوضاع المتردية السيئة والمقيتة في معسكرات اللجوء, في كل من العراق وسوريا ولبنان  والأردن ..يجيء الشتاء ويروح ويجيء الصيف وينقضي , وكل هذه المعسكرات تعاني ما تعاني وقد فشلت الأمم المتحدة في الإيواء بصورة إنسانية تحترم الرجال والنساء والأطفال . ولا نسمع في بلداننا سوى نداءات خجولة لجمع البطاطين في الشتاء أو توفير الطعام ..وفي نفس الوقت تنادي لبنان والأردن أن هلموا أيتها الدول المانحة لمساعدتنا في تقديم يد العون لهولاء المنكوبين , ولا حياة لمن تنادي ..
ومن يستطيع من اللجئين ان يفر من هذه المعسكرات يجد السماسرة ليضع بين أيدهم كل ما يملك , ليلحق بمن استطاع الوصول إلى ألمانيا أو أي دولة أوروبية أخرى .. ونسبة المحظوظين قليلة جدا .. وهي فردية , ولا جهد حكومي أو أممي أو خيري لمساعدتهم , وهم كثر أعدادهم تساوي تعداد دولة كاملة أو أكثر .. وغير هؤلاء الذين تعرضوا للمآسي بخروجهم من أوطانهم وبيوتهم وأهلهم وجيرانهم , فهاموا على وجوههم , ليجدوا أنفسهم في حياة الخيام والمعاناة ..
     إننا الآن نتنفس هواء الحزن والأسف , تخيل حالك وبعد دفء البيوت والأهل والأبناء والأزواج والزوجات والجيران , تجد نفسك في حياة الخيام , وقد ضاعت عليك الخصوصية , والحياة الآمنة بكل مشاعرها .. إنها بحق مأساة القرن الحادي والعشرين .. وأنها الألم العميق ..وأكبرها حزنا أن تضع المستقبل أمام عينيك برغم الصور السيئة في منطقتنا العربية , وإذا بك في مركب يغرق وتغرق معه كل آمالك وطموحاتك وتفاؤلكفي غد جميل ..
    إننا ونحن نكتب نحس بمدى معاناة هؤلاء .. وأن الجهد لإنقاذ أهل المخيمات لهو جهد كبير وعظيم .. لا تكفيه الأمم المتحدة , وإنما نداء عاجل لكل أصحاب القلوب الرحيمة والحية أن تنادوا إلى وقفة رجل واحد .. يحض على طعام المسكين .. ويحض على إيواء المشردين , ما أكثرهم .. وإن كنا نشاهد ولا ننفعل بهذه المآسي , فإننا بحق أصحاب قلوب متحجرة ودماء جامدة ...
       إن الرئيس الفرنسي أولاند وهو ينادي وزراء خارجية و داخلية الاتحاد الأوروبي .. أن هلموا لمناقشة هذه المأساة .. يضف إلى كلامه جملة  صارت مفردة لدي الجميع ( إن الذين يساعدون المهاجرين هم أهل الارهاب ) .. إن أولاند ومن معه من قياصرة الاقتصاد في الزمن الحالي , هم المشاركون الحقيقيون في غرق سفن المهاجرين ..وغرق أوطان المقيمين في بلدانهم .. إن إقتصاد تجارة الغاز والغاز الصخري , والأعمال الضخمة في اليورانيوم في كل من النيجر ومالي وغيرهما ..هل تعمل مثل هذه الاقتصاديات لاضخمة لفرنسا مع المجموعات الضمنية المستغلة لثروات البلاد دون أن تعمل على تنمية هذه البلدان وإقامة حياة كريمة لرجالها ونساءها ..
          إن الارهاب في الوقت الحالي يأخذ شكلان . الشكل الاول وهو الشئ المعروف بالقتل والسحل والدمار .. ثم الارهاب الأسوأ وهو ارهاب الاقتصاد المستنزف لثروات البلاد وامتصاصها وإبقاء أهلها في فقر وهلاك ...
      كان الاستعمار فيما مضى يأتي إلى البلدان ويستخرج خيراتها ويشارك أهلها الثروة ويقيم المشاريع الضخمة .. ففي السودان تجد أن المستعمر البريطاني قد أقام بنية تحتية كبيرة متمثلة في خطوط السكة الحديد , وغقامة مشروع الجزيرة , كانت فائدة عظمى لأهل البلد .. واليوم فرنسا ومن شاكلها من المستعمرين الجدد تجد أنها يمتصون خيرات البلاد عبر الوكلاء وهم حكومات تسمي أنفسها وطنية ..فتعود الفائدة على الأمريكي والأوروبي واليهودي .. ويلقى الفتات للشعب , فيتسبب ذلك في الأعداد الكبيرة من المهاجرين الذين يتعرضون للذل والموت , ومن يصل إلى هدفه من رجال ونساء قلة .. أما دعم الأمم المتحدة وما يصلها من عون من الحكومات يضيع بين أيدي السماسرة وتماسيح الدول وغربانها ..
      إن مؤتمر مصر الاقتصادي والذي وصلت احجام مساعداتها الى أكثر من مئة مليار دولار أمريكي .. يدلك على أن هنالك خلل.. وهناك سوء يشارك فيه رجال أعمال ورؤساء وشركات . وفي مقدور شركة أو شركتين إيواء آلاف الشباب رجال ونساء , وتمنع عنهم التشرد والتعرض للموت عبر الهجرة غير الشرعية .. إن هنالك كثرة من البشر بقيت في أوطانها اليوم تمضغ الصب وتلتحف السماء , وغيرهم ينعمون بالثراء والهناء ...
        إن الثورات القادمة هي ثورات الفقراء حين يضج بهم الضنك والجوع ..فسوف يعلم هؤلاء المخمليون أصحاب الثروات الضخمة من نافذين في الحكومات والشركات ورجال أعمال أن الهجمة الشرسة سوف تقضي عليهم ..
    ورحمة الله على المهاجرين .. والجميع في أوطاننا مهاجر وعلى مركب لا يعلم متى تغرق به .. اللهم فأشهد ......

السبت، 18 أبريل 2015

 يا مرشح الشجرة 
يا مرشح الشجرة
هات لي معاك بقرة..
البقرة حلابة ..
للنيل مع الغابة..
تحلب تعشيني..
 بالمنطق الديني..
لكن ح تتعجب ..
من ذالكم مطلب..
لأنه آه هيهات..
مشروعم الديني..
قد ضاع سقط في البير ..
والبير دي مندثرة
والشجرة قد صارت..
شاهد قبر قد بان..
بعظامه النخرة
يا مرشح الشجرة
هات لي معاك ثمرة
والثمرة في ايدي..
حلوة وتكون نضرة
لكن نقول من وين؟
الشجرة يا إخوان..
تصبح زهور وجمال..
نمسح بها الغبرة
وحياتنا مزدهرة
والشجرة آه يا ناس..
في ضلها السحرة
نسفوا الثمار فيها..
وخلوها بس عيدان..
مرمية منكسرة
يا مرشح الشجرة
هات لي معاك ثمرة
والثمرة طاعمة كمان..
ريانة مخضرة
لكن تجيك الآه..
وتفجر الحسرة
من وين تسد الجوع؟
وتفارق الأوجاع؟
ويقولوا انت سعيد..
في ظل من سلبوك..
وخلو العباد فقرا
يا مرشح الشجرة 
هات لي معاك ثمرة
والثمرة قد جفت ..
في يد جماعة الزور..
الغبرة الفجرة
قاسين قلوب وشعور..
ما هم من البررة
يا مرشح الشجرة
انت العظيم في الناس..
وحكومة الافلاس..
بي صوتك الرنان ..
بالطبع مفتخرة
والقاطعو الشجرة ..
في الأصل هم أرذال..
في الأصل هم أنذال..
وشذّاذ من الآفاق ..
وأحزابهم قذرة
وحكومة الافلاس ..
بتنادي في الاعلام للقاطع الشجرة:
مين انت يا صرصور؟
يا نكرة يا حشرة 
يا مقاطع الشجرة:
انت العزيز في الناس..
ومن هذه الألفاظ..
الكاتبة معتذرة
مقرر دروس مادة الوطنية
في ظل الأنظمة القمعية، الأنظمة الدكتاتورية، أنظمة تكميم الأفواه ووأد الديمقراطية، وقطع كل صلة بالنقد أيًا كان نوعه سواء سياسيًا أو اقتصاديًا أو اجتماعيًا فعليك أن تبتعد عنه وتنأى بنفسك عما يدخلك في المساءلة، أو الزج بك في غياهب المجهول. وأصعب ما يكون ذلك النقد هو نقد الرئيس، أو تناول الذات العظيمة المجيدة الكبيرة المتمتعة بالحصانة التامة ضد كل رصاصات النقد. وعليك في هذه الحالة إن كنت صاحب شهية لنقد الرئيس أو تناول أي مادة تدور حول حزب الرئيس أو جماعته عليك أن تأتي معنا لتنظر في مقرر دروس مادة الوطنية.
في البدء اعلم أن الوطنية هي الحالة المتماسكة وهي الشعور النبيل الذي يتمتع به الرئيس أو الذات العظيمة وجماعتهم وحزبهم وكل من يمت إليهم بصلة القرابة أو النسب. أما أنت أيها المواطن الذي تثبت وطنيتك بما لديك من أوراق الميلاد أو الجنسية فأنت مواطن وليس وطنيًا. فالوطني هو الرئيس وحزب الرئيس وجماعة الاقتصاد الداعمة له وجماعة أصحاب الطبل وجماعة أصحاب تلميع الأحذية.
إذن أول الدروس في المقرر الوطني: أن لا تتناول الرئيس بأي نقد أو أي توجيه. أو لمم أنك إن كنت من أصحاب الإيمان بفكرة رحم الله امرأ أهدى إليّ عيوبي. فتطبيق هذه الفكرة في حقك جيدة وذات معانٍ يمكن أن تستفيد منها في حياتك. أما أن تحاول أن تهدي إلى الرئيس عيوبه فهذا سوف يؤدي بك إلى المهالك وسوف تنبري أقلام سيادة الرئيس وكل المدافعين عنه في السراء والضراء وسوف تلقى الهجوم تلو الهجوم. وعليك أن تحترم نفسك وتنسحب كما انسحب باسم يوسف الذي هاجم الرئيس السابق صاحب العام الواحد. ثم حينما ظهر في الأفق نجم جديد قبل أن يصبح رئيسًا تلقى باسم يوسف الدروس والمحاضرات والموجهات العامة، ولكنه احترم نفسه وغاب عن المشهد.
إذن وقد وعيت الدرس الأول في مقرر مادة الوطنية، تعالَ معنا لننتقل إلى الدرس الثاني وهو درس الأمن القومي. وما أدراك ما الأمن القومي. فأنت مواطن عادي. والذين هم حماة الوطن أو القومي هم رجال الدولة. دولتك العظيمة وهي المدافعة عن شرف الأمة وحامية الحدود من تغول الأعداء وكل المتربصين بأمن بلدك فعليك أن تعرف حجمك وتدرك حجم الأعباء الملقاة على السيد الرئيس العظيم حامي الدستور وحامي الأمن القومي. فأنت حين تكتب عن بلدك من منطلق النقد فإنما تقف بذلك إلى جانب صفوف المتربصين بأمن البلاد والذين يحاولون سرقتها والزج بها في جانب البلاد المتأخرة. فعليك الانتباه لأسرار ومعاني الأمن القومي والذي يمثله رئيسك ليل نهار ويعمل على راحتك ويحميك من الأعداء والمتربصين. وعلى كل ناقد أن ينتبه إلى كلمات دولته الرنانة والطنانة فأي عبث أو تلاعب بهذه المصطلحات يعرضك إلى الخطر ممنوع الاقتراب والتصوير.
والدرس الثالث في مقرر مادة الوطنية؛ هو التحدث عن الثوابت الوطنية. فعليك حين تسمع هذا المصطلح، أن تتعلم أنها ثوابت قوية قد ترسخت وتجذرت منذ عقود ولا أحد يستطيع أن يغيرها أو ينال منها. فمن أهم الثوابت والتي تم حفر أساسياتها بعمق في أرض الواقع السياسي هي مدة بقاء الرئيس، لدرجة أن الجمهورية من العادي وغير المثير للقلق أن تورث القيادة فيها لابن الرئيس. فهذه من الثوابت الجديدة في الأنظمة العربية. وعليك أن تنتبه إلى أن المؤيدين بالطبل وتلميع الأحذية للرئيس الجديد في مصر يسعون إلى جعل مدة رئاسته سبعة أعوام. فيجب عليك أن تنتبه للثوابت الوطنية وتنأى بنفسك عن التهلكة. ومن الثوابت الوطنية أن تدرس في دولتك لا تتدخل في شؤون الغير، إلا بمقدار أن يكون رئيس دولتك عسكريًا ومن الممكن أن يدعم من هو حفتريّ وهذه من الثوابت.
ومن الدروس المهمة في مقرر مادة الوطنية درس حرية الرأي والتعبير فهي كما يقول الدستور وتقول الفطرة السليمة أنك حر ولا حجر عليك من أحد، لكن بشروط بلدك وقيادتك الحرة النزيهة وقيادة القائد الملهم البطل المغوار حامي الحريات. وبهذا يمكنك أن تتكلم عن انعدام البصل واختفاء البطيخ كما يحلو لك وتوجه النقد العام للتّجار. لكن عليك أن تنتبه وأنت بصدد ممارسة حريتك أن لا تتناول أحد رموز النظام الأغنياء النافذين في تجارة البصل والبطيخ. فإنك إن فعلت ذلك لا تلومن إلا نفسك “وعلى نفسها جنت براقش” وسَلّم لي على الحرية واعلم أننا أمة القرن الحادي والعشرين لا نأبه بالسياسة العُمَرية القائلة: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟ وعليك أن تفرق دائمًا بين الكلام عن الحرية وحرية التعبير والكلام عن الرأي والرأي الآخر، وبين الفعل والتنفيذ وأن تفرق بين الحديث عن الديمقراطية وتطبيق الديمقراطية.
 http://www.sasapost.com/opinion/decision-lessons-national-substance/

الثلاثاء، 14 أبريل 2015

                  مقرر دروس مادة الوطنية

في ظل الأنظمة القمعية ..الأنظمة الدكتاتورية ..أنظمة تكميم الأفواه ووأد الديمقراطية.. وقطع كل صلة بالنقد أيا كان نوعه سواء سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي فعليك أن تبتعد عنه وتنأى بنفسك عما يدخلك في المساءلة .. أو الزج بك في غياهب المجهول ..وأصعب ما يكون ذلك النقد هو نقد الرئيس ..أو تناول الذات العظيمة المجيدة الكبيرة المتمتعة بالحصانة التامة ضد كل رصاصات النقد..وعليك في هذه الحالة إن كنت صاحب شهية لنقد الرئيس أو تناول أي مادة تدور حول حزب الرئيس أو جماعته عليك ان تاتي معنا لتنظر في مقرر دروس مادة الوطنية ..
في البدء أعلم أن الوطنية هي الحالة المتماسكة وهي الشعور النبيل الذي يتمتع به الرئيس او الذات العظيمة وجماعتهم وحزبهم وكل من يمت اليهم بصلة القرابة أو النسب . أما أنت أيها الواطن والذي تثبت وطنيتك بما لديك من أوراق الميلاد أو الجنسية فأنت مواطن وليس وطني ..فالوطني هو الرئيس وحزب الرئيس وجماعة الاقتصاد الداعمة له وجماعة أصحاب الطبل وجماعة أصحاب تلميع الأحذية ...
إذن أول الدروس في المقرر الوطني : أن لا تتناول الرئيس بأي نقد أو أي توجيه ..أو لمم انك إن كنت من أصحاب الإيمان بفكرة رحم الله امرءا أهدى إلى عيوبي ..فتطبيق هذه الفكرة في حقك جيدة وذات معاني يمكن أن تستفيد منها في حياتك .. أما أن تحاول أن تهدي إلى الرئيس عيوبه فهذا سوف يؤدي بك إلى المهالك وسوف تنبري أقلام سيادة الرئيس وكل المدافعين عنه في السراء والضراء وسوف تلقى الهجوم تلو الهجوم ..وعليك أن تحترم نفسك وتنسحب كما انسحب باسم يوسف الذي هاجم الرئيس السابق صاحب العام الواحد..  ثم حينماظهر في الأفق نجم جديد قبل أن يصبح رئيساًتلق باسم يوسف الدروس والمحاضرات والموجهات العامة .. ولكنه احترم نفسه وغاب عن المشهد .
اذن وقد وعيت الدرس الأول في مقرر مادة الوطنية .. تعال معنا لننتقل الى الدرس الثاني و هو درس الأمن القومي .. وما أدراك ما الأمن القومي .. فأنت مواطن عادي .. والذين هم حماة الوطن أو القومي هم رجال الدولة .. دولتك العظيمة وهي المدافعة عن شرف الأمة وحامية الحدود من تغول الأعداء وكل المتربصين بأمن بلدك فعليك أن تعرف حجمك وتدرك حجم الأعباء الملقاة على السيد الرئيس العظيم حامي الدستور وحامي الأمن القومي ..فأنت حين تكتب عن بلدك من منطلق النقد فإنما تقف بذلك إلى جانب صفوف المتربصين بأمن البلاد والذين يحاولون سرقتها والزج بها في جانب البلاد المتأخرة ..فعليك الانتباه لأسرار ومعاني الأمن القومي والذي  يمثله والذي يمثله رئيسك ليل نهار ويعمل على راحتك ويحميك من الاعداء والمتربصين ..وعلى كل ناقد ان ينتبه إلى كلمات دولته الرنانة والطنانة فأي عبث أو تلاعب بهذه المصطلحات يعرضك إلى الخطر ممنوع الاقتراب والتصوير...
والدرس الثالث في مقرر مادة الوطنية ..هو التحدث عن الثوابت الوطنية ..فعليك حين تسمع هذا المصطلح , أن تتعلم أنها ثوابت قوية  قد ترسخت وتجذرت منذ عقود ولا أحد يستطيع أن يغيرها أو ينال منها .فمن أهم الثوابت والتي تم حفر أساسياتها بعمق في أرض الواقع السياسي هي مدة بقاء الرئيس ,لدرجة أن الجمهورية من العادي وغير المثير للقلق أن تورث القيادة فيها لابن الرئيس ..فهذه من الثوابت الجديدة في الأنظمة العربية .. وعليك أن تنتبه إلى أن المؤيدين بالطبل و تلميع الأحذية للرئيس الجديد في مصر يسعون إلى جعل مدة رئاسته سبعة أعوام .. فيجب عليك أن تنتبه للثوابت الوطنية تنأى بنفسك عن التهلكة .. ومن الثوابت الوطنية أن تدرس في دولتك لا تتدخل في شؤون الغير .. إلى بمقدار أن يكون رئيس دولتك عسكريّ ومن الممكن أن يدعم من هو حفتريّ وهذه من الثوابت .
ومن الدروس المهمة في مقرر مادة الوطنية درس حرية الرأي والتعبير فهي كما يقول الدستور وتقول الفطرة السليمة أنك حر ولا حجر عليك من أحد .. لكن بشروط بلدك وقيادتك الحرة النزيهة وقيادة القائد الملهم البطل المغوار حامي الحريات .. وبهذا يمكنك أن تتكلم عن إنعدام البصل واختفاء البطيخ كما يحلو لك و توجه النقد العام للتّجار .. لكن عليك أن تنتبه وانت بصدد ممارسة حريتك أن لا تتناول أحد رموز النظام الأغنياء النافذين في تجارة البصل والبطيخ .. فإنك إن فعلت ذلك لا تلومن إلا نفسك "وعلى نفسها جنت براقش " وسلم لي على الحرية و أعلم أننا أمة القرن الواحد والعشرين لا نأبه بالسياسة العمرية القائلة متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا وعليك أن تفرق دائماً بين الكلام عن الحرية وحرية التعبيروالكلام عن الرأي والرأي الآخر .. وبين الفعل والتنفيذ وأن تفرق بين الحديث عن الديمقراطية و تطبيق الديمقراطية .
ونواصل في طرح دروس مادة الوطنية فنجد درس الانتخابات .. وما أدراك ما الانتخابات .. سواء كانت انتخاب الرئيس أو انتخاب المجالس النيابية أو البرلمانية أو مجلس الشعب أو المجلس الوطني , سمها ما شئت , هي جميعها مغلفة بالتزوير والبلطجة , وأعلم أن النسب في انتخاب القائد الملهم هي مائة في المائة فجميع الناس و نكرر جميع الناس في الوطن يحبون الرئيس و يقدسونه ويقدرونه , ويعرفون قيمة ان يكون هو هو لا أن يكون أحد غيره .. وعليك أن تقول معي سبحان الله فالله عز وجل الخالق الرزاق الكبير المتعال ينادي الكافرين به والذين لا يعترفون بوجوده فيجعل طريقتهم المنحرفة الضالة ديناً ( لكم دينكم ولي دين ) مع أن دينه هو الحق وهو الدين القيّم فالله عز وجل لم ينل من عبيده هذه التسعة والتسعون  وتسعة من ...... ولكن الرئيس الملهم الدكتاتور ينال هذه النسبة و يظل على الكرسي ترشيح بعد ترشيح وانتخاب بعد انتخاب , وهذا هو البشير يترشح لولاية جديدة .. بعد ربع قرن من الجلوس على الكرسي .. أما الحديث عن انتخابات مجلس الشعب فهي الضلال البعيد .. وعليك أن تسميها ( أنتم خيبات ) وليس انتخابات ..
ونصل إلى الدرس السابع في دروس مادة الوطنية وهو بعنوان التدوال السلمي للسلطة . هنا عليك أن تظل في حزبك تعتني به , وتواصل الأحلام في الوصول إلى السلطة .. والسلطة بيد الحزب الوطني الذي يجعل من الأحزاب الأخرى أشياء هامشية لا أهمية لها . ولكنه في الإعلام يواصل النهار مع الليل وهو يتحدث عن التداول السلمي للسلطة يرسل الإشارة بذلك إلى الذين خرجوا عليه وحملوا السلاح ولم يستطيع أن يقضي على تمردهم و كيف يمكن للأحزاب المسالمة أن تصل إلى السلطة وكل السلاح بيد الحزب الحاكم الجيش , الشرطة , حرس الحدود , الدفاع المدني , الدفاع الشعبي و غيرها من المسميات الأخرى . فمن هو الذي يجب عليه أن يكون سلميّ فجميع أدوات القمع في يده و الأحزاب لا تمتلك سوى الأعضا ء وكيف يكون التدوال السلمي والرئيس ينتخب مره بعد مره و الحزب الذي سمى نفسه وطنيا ً يريد أن تكون الأمور بيده إلى الأبد فهو العظيم الجليل . وما سواه إلى جماعات لا يجب أن تصل و تحكم وتتحكم في الشعب .

الثلاثاء، 7 أبريل 2015

البشير و دلالات رمز الشجرة
يختار الرئيس البشير الموجود أصلاً من ربع قرن من الزمان في المشهد السياسي وسيواصل وجوده لسنوات قادمة ..
يختار الشجرة رمزاً لترشحه .. أي شجرة هذه المختارة .. هل هي.. هل هي شجرة مثمرة ؟! وإن كانت مثمرة فبأي فاكهة؟ .. وهل كان الرجل طوال ربع القرن هو صاحب علاقة حميمة وشفافة مع الشجرة , ومع الزرع في بلاده , كيف يختار رمز الشجرة وقد أطلق في أول سنوات تواجده : شعارات رنانة ولم يثمر لنا منها شييئا : طالما أزعجنا الاعلام بترداده علينا ( نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع ..
       وإذا جئنا لشجرة القطن والذي كان فيه أكثر بياضا , وكان حالنا فيه ناصعا  جميلا ..ماذا فعل هذا الرئيس مع شجرة القطن ؟! لقد دمر أكبر مشروع زراعي وتنموي في أفريقيا وفي العالم .. وأكبر استثمار اجتماعي لتوطين الناس , وفتح مجالات الحياة أمامهم في مساكن طيبة , وعيش كريم .. وأعمال وسط حقول وإنتاج . فماذا صنع ؟ هل طوره وصعد به إلى مراق الشموخ .. فأي شجرة يختار .. إنها شجرة باهتة بلا ثمار ...
وهل قام من يختار الشجرة بنداء للناس  وتحفيز لهم أن تكون الزراعة في بلادهم هي الشأن الأول  , والهدف العظيم ليكون السودان كما ينادى دائما سلة أفريقيا والعالم , سلة غذاء في عالم يزدحم بالجوع .. وهل كان له نداء و تحفيز أن يكون التشجير هو الهدف الأسمى في بلادنا وسط عالم يختنق بالزحف الصحراوي , فمنذ نداء النميري بزراعة مليون شجرة , فبدأ المشروع بزراعة بعض الأشجار على طول طريق مدني حتى سوبا أو أبعد منها بقليل ثم توقف المشروع !
والرجل الذي ورث الحزام الأخضر جنوب الخرطوم ممن سبقوه , عمل هو وجماعة الافساد ببيع الأراضي بإزالة أكبر مساحة خضراء حول جنوب الخرطوم بإزالته ..ثم يعود الأن ليختار رمز الشجرة .. أي شجرة أيها الرجل الذي أهلك الحرث والنسل ؟! وهل كان الرجل ونظامه ظلا ظليلا .. هل الشجرة المختارة هي شجرة نوم واسترخاء , إنها كذلك .. وإن كنت تتأمل حال الزراعة في مجال الخضر والفواكه ..تتعجب أن يلادنا تستورد من الأردن ,أكثر منطقة شحيحة المياه.. وكم هي مساحة الأردن لنسبة مساحة بلادنا حتى يستورد هذا النظام منها الخضر والفواكه .. ولك أن تسأل عن الكم الهائل المذكور في مجال الاستثمار .. ماذ ا أنتج للبلد من خير و للمواطن من رفاه ونعيم .. هل أصبحنا خلال الرجل من أشهر البلاد المصدرة للخضر والفواكه .. وأنت في دول الخليج تتعجب من وصول الموز من غواتيمالا , والمانجو من الهند , والنادر هو من السودان .. فأي شجرة يختار الرجل .. أم أن الشجرة تتناسب مع سن الرجل وآلام ركبتيه ,إنه يحتاج أن يستريح تحت ظل شجرة وارفة ظليلة كثيفة يجلس تحتها للاسترخاء , دون أن يكون هناك فعل أو عمل أو إنتاج ..شجرة ذات ظلال في بلد أصبحت حرارته لا تطاق ..فقط تعالوأ إلى ظل هذه الشجرة نجلس ونحكي ونضحك منا ومن المارة ..
    وماذا قدم من يختار الشجرة إلى الخرجين في كليات الزراعة بالسودان .. وما هو الدعم المقدم للمزارعين .. وهل اتحاد المزارعين في بلادنا حقق أهدافه ونما بالبلاد في الزراعة ..
          إن القضية العظمى أن يكون أصحاب أكبر مساحة زراعية ومياه نيل تجري من تحتها ثم نعاني من الجوع وفقر , ونقص الفيتامين .. وأن تكون الخضر والفواكه غالية الأثمان , إن الكثيرين من أهلنا أيها الرئيس صاحب الشجرة لا يستطيعون شراء الخضر والفواكه إلا نادرا ناهيك عن اللحم !! وفي جانب آخر الفواكه في بعض مناطق إقليم كردفان تلقى في النفايات  .. فهل عملتم على مشروع تجميع لهذه القواكه , وإنشاء مصانع مساندة للعصائر والتعليب والتصدير .. لا شئ يا من تختار الشجرة رمزا لك !

      شر البلية ما يضحك .. تختار الشجرة وأنت ضد الخضرة .. كفاك ربع قرن من الزمان ولك أن تستريح تحت ظل شجرة .. ونسأل الله العافية ممن يختار شيئا وليس له أي أبعاد أو أهداف في حياته وحياة وشعبه .
   وفي البحث عن دلالات اختيار البشير لرمز الشجرة : ماذا فعلت جماعته لوقف الزحف الصحراوي ؟ مع إفساد جماعات المصالح الحكومية في قطع الأشجار بصورة منظمة , حتى تعرت مناطق بأكملها .. فلا حزم ولا عزم مع القطع المتواصل للغابات . ولا تعرف أين تذهب هذه الأخشاب , هل هي لجماعات تعمل في انتاج الفحم ؟ وما هو ناتج انتاج الفحم في السودان ؟ وكم استفادتنا من تصديره ؟ .. وإذا نظرنا حولنا نجد في المملكة العربية السعودية عمل حكومي حازم وباصرار لمنع قطع الأشجار .. أينما كانت مع قانون حازم .. فماذا صنعت يا صاحب رمزالشجرة لوقف قطع الأشجار في السودان , بعدما تمت إزالة الحزام الأخضر , وغابة السنط في الخرطوم لتنشأ في أماكنها مناطق سكنية .. ولصالح من يتم بيع هذه الأراضي .. إن الذين يشكون من إرتفاع درجة الحرارة في صيفا وشتاء عليهم أن سألوا أهل الإنقاذ : أين أنتم من التشجير والمسطحات الخضراء لوقف تدهور المناخ ؟!
   وإذا كان اختيار الرئيس لرمز الشجرة , لأنه يحسب نفسه وجماعته هم من أهل إرضاء الله .. وأنهم صحابة هذا الزمان الأخير ..( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ) .. فما هي أفعال وأعمال الرضا التي قدموها لربهم , حتى يصبحون من أهل رضا الله ولهم استحقاق أن تنزل عليهم السكينة وتغشاهم الرحمة : إن كل الأخبار المتداولة عن المسؤولين خلال ربع قرن من الزمان هي أفعال السوء الصادر من شياطين أغواهم إبليس بالأكل من الشجرة .. إن شجرة الفساد والظلم وقد نهانا الله عن الأكل منها , تجد أن هذه الجماعة موغلة في الأكل منها ( ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين .. أروني مسؤؤلا واحدا وصل إلى المحاكمة ليسأل عما اغترف من أكل أموال الناس بالباطل .. سبحان الله خلال الأعوام الماضية كم من المسؤولين اليهود وصل إلى المحاكمة ونال جزاء ما اغترفت يداه .. ولكن أهل الإنقاذوالذين يصرون إلى الآن إلى الركض خلف مسمى الإنقاذ , هم أهل رضا الله , يزكون أنفسهم .. ومن اختار رمز الشجرة قد زكى نفسه وجماعته بأنهم جاءوا لقود الناس إلى الجنة !!
وبالطبع رمز الشجرة عنده مرتبط بتزكية عظيمة للنفس (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ) فهو باختياره رمز الشجرة يقول لنا ويردد بقية الآية  إن الله(علم ما في قلبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ) والفتح بالطبع هو وصول الرئيس أو هو البقاء في سدة الحكم لعصر قادم .. والله المستعان
   وليعلم أهل الإنقاذ أنهم شجرة ولكن في أصل الجحيم , طلعها كأنه رؤوس الشياطين ....

الاثنين، 6 أبريل 2015

ماذا تتوقعون ؟ 
اكتملت الاستعدادات في السودان لتنفيذ استحقاق الانتخابات في الثالث عشر من ابريل الجاري .. ليتم تنفيذ اكبر ثاني مسرحية هزلية في تاريخ السودان السياسي .. المسرحية الاولى تم تنفيذها في العام ٢٠١٠ بعد فصل الجنوب ، وفاز بها الرئيس الذي تم تجميل صورته الانتخابية بمجموعة من شباب المستقلين والذين اعدوا سلفا ليظهر للناس الذي غيبوا بأن هنالك انتخابات وهنالك منافسة .فكل من خاض الانتخابات مع الرئيس الذي يواصل مسيرة حكم لم نسمع بهم من قبل ولن نسمع بهم من بعد . 
واليوم وبعد خمسة اعوام تجري نفس الانتخابات بنفس الصورة ليعلن للملأ أن هنالك اربعة واربعين حزبا ، تخوض مع الرئيس سباق الرئاسة . ولقد اكتلمت الصورة بأن هنالك خمسة عشر مرشحا سوف ينزلون في منافسة الرئيس .. يمثلون اربعة احزاب ليس لها اي دور مؤثر في الحياة السياسية لعل ابرزها الحزب الاشتراكي وحزب الحقيقة ، وحزب العدالة ، وحزب الاصلاح .. وبمناسبة حزب الاصلاح أين هو الآن ، هل قام غازي صلاح الدين بالإنشقاق عن المؤتمر الوطني وتكوين حزبه . ثم قاطع الانتخابات ليتيح الفرصة أمام البشير ، ومن اظهروا انفسهم أنهم ضده وضد توجهه ، ومن ثم نجد الآن بعدهم عن خوض الانتخابات ليفسح المجال امام الرئيس ليواصل الى الابد .
ومع كامل احترامنا للمرشحين لرئاسة الجمهورية واحترامنا لحسن النية لديهم ، حتى يبرز لن ان هنالك حياة انتخابية شفافة .. ولكن لا يستقم الظل والعود اعوجُ .. أين نحن خلال السنوات الماضية من الحياة السياسية الحرة والبعيدة عن الملاحقة وعن التضييق .. وأين هي الممارسة للحريات ؟! ان نتائج الانتخابات وضحت جلياً مع هذا الاعداد الضخم وهذا الصرف البذخي ، إن النتيجة هي لرئيس الجمهورية ليواصل مسيرة الانقاذ . ولا احد غيره من الخمسة عشر مرشحاً .. هل تحلم فاطمة عبدالمحمود بالوصول الى سدة الحكم بعد هذا السن ، وهي قاربت للثمانين من عمرها .. مع احترمنا لكل سن وان ممارسة الحياة لا تقف عند سن معين طالما المستحق كان رجل أو امرأة كان صاحب استعداد للحياة وراغبا في تطويرها ونموها . إن الأحزاب والمستقلين المنافسين للرئيس هم جميعاً لا يمثلون خلفية قوية مثلما هي بحزب المؤتمر الوطني .. إن برامجهم جميعاً لا تمثل صورة لمرشح لرئاسة الجمهورية ناهيك أن تكون برامج لمرشح لبرلمان ..
إن الصرف الكبيرو الضخم كان من الأولى أن تخرج علينا رئاسة الجمهورية وتقول أنها ترغب في صرف راتبين لكل موظف في الدولة .. أنها تدعم بناء المستشفيات وتطويرها والنهوض بها .. أو إنها تريد تطوير التعليم وبناء مدارس في المناطق الهامشية الذي يدرس طلابها في العراء .. بدلاً من هذا الصرف غير المبرر لوصول الرئيس لسدة الحكم وهو أصلاً لن يتخلى عنه ولا مجموعته الظاهرة والخفية ، تريد منه أن يرحل أو أن يترجل .
ولو كان حزب المؤتمر الوطني صادقاً في مسيرته نحو الديمقراطية و الانتخابات الشفافة لكنا رأينا مرشحاً واحداً من المنظرين للإنقاذ .. لو كان أمين حسن عمر مثلاً قد ترشح لكان الأمر قد أخذ منحى جديداً وجدياً .. إن الثورة الإيرانية نجحت في مسيرتها لأنها أتاحت لأبنائها ومن يخالفوهم الرأي للوصول لسدة الحكم ، ولم تعمل الثورة أن أهلها الأُوّل هم من يواصلون إلى الأبد .. لو كنت رأيت أن كمال عبيد قد ترشح أو حتى ربيع عبدالعاطي ممن لا نتفق معهم - هم يبثون الكراهية والعداء تجاه الآخرين - لو ترشحوا مقابل البشير .. لحدث تغير جديّ . 
إن مقاطعة الأحزاب الكبرى لهذه الانتخابات لهي لطمة عظمى للمسرحية الهزلية الهزيلة .. فما الذي سوف يحدث بعد أن يعلن أن رئيس الجمهورية قد حصل على أعداد الأصوات الكبرى ، عشرة ملايين صوت من مجمل ثلاثة عشر مليون .. وبذلك قد حقق نسبة ٧٠% .. نعم بعد أن يذاع فوز الرئيس وتقام الأحتفالات البذخية .. فما الذي سوف يحدث من تغيير ، إن الحال سوف يكون على ماهو عليه .. ربما يسألني سائل : لماذا لا تتفاءلين و أنت تنظرين أنزه انتخابات لوصول رئيس الجمهورية لسُدة الحكم ؟ أقول : كنت سأعيش التفاؤل لو أنني رأيت حسين خوجلي قد خاض الانتخابات ، برغم ما خاض في حياتنا السياسية من فساد . وبما كان مسانداً وداعماً لأهل السوء والخراب ، فإذا كان قد ترشح لكان الوضع يدعو للتفاؤل بأن المخربين يسعون إلى الإصلاح .. لو رأينا مرشحين جادين لكان التفاؤل قد سرى في أنفسنا أن هنالك خطة تسعى للتغير .. 
سيأتي ويواصل العيش في القصر الجديد وسوف يتمتع بعدد خمس وسبعين من السيارات هي منحة من جمهورية الصين للسودان ، وسوف يتمتع كل فريقه العامل بهبات وخيرات السودان وبالويدعة السعودية .. و على المتضرر اللجوء إلى المنتخب - محمد الحسن محمد الحسن محمد الحسن - لأنه وعد المرشحين بصرف مبلغ ألف دولار لكل فقير كخطة عاجلة .. وهو يمثل حزب الإصلاح الوطني . من الذي سوف يجيز لك هذه المنح للفقراء ؟ وأي خزينة في هذه الدولة سوف تسمح لك ؟ وهل عندك إحصائية صادقة لعدد فقراء هذا البلد ؟ إن هذا البلد جميعه فقراء .. فقراء فقراء و أغنياء فقراء .. ألا ترى كبار رجالات الإنقاذ برغم ما حققوه من الثراء هم في الأصل فقراء يخطفون اللقمة من أيدي مساكين البلد ..
إن صمت النخب في السودان ممن كان في سُدة الحكم ومسانداً له أو ممن كان في المعارضة بكل أطيافها عن هذه الانتخابات الهزلية ، ليسمح بوصول وبقاء من هو في الحكم ، لهو أمر خطير وسيء وسوف يذيق الناس ويلاته .. وسينقلب المركب بالجميع .. إن الكلام عن الوفاق الوطني والحوار الوطني و المسلمات الوطنية لهو كلامٌ لا يحمل أي معنى على أرض الواقع .. فالأمر سيستمرعلى ما هو عليه .. إلا أن يعود العقل لأهل الحكم ليصدقوا مع أنفسهم أو أن المعارضة تتحد في جبهة واحدة لتصدق الناس . 
إن هذه الانتخابات التي ستوصل البشير لا تؤسس لأي مستقبل لهذه البلاد .. فسوف يواصل نفس المسيرة بنفس الوجوه وعلى خط الأستكبار و الكلام بالقرآن بينما الواقع مختلف تماماً عن هذا الخطاب الضلالي .. وماذا بعد أن يقضي البشير مدة الخمس أعوام القادمة ؟ هل سيستحي عن ترشيح نفسه أو ربما تستحي جماعته عن ترشيحه ؟ أم هل سيقوم بكتابة دستور يسمح له أن يواصل إلى الأبد أو أن يحق له الفترة الألف للترشح .. 
إن هؤلاء القوم بعملهم هذا السيء في تسويق انتخابات سيئة ذات صرف ضخم يكفي لدعم الكثير من أوجه القصور الإجتماعية و الإقتصادية أو جلب عشرات الأجهزة لمرضى الفشل الكلوي و ما أكثرهم في زمن الإنقاذ .. ومثل هذا التسويق في ظل مقاطعة لكثير من الأحزاب وأهل الرأي .. لا ينتج سوى الدمار لنخرج بعد هؤلاء القوم دون تاريخ ، ودون جغرافيا ، ودون لغة مع فقر دم وفقر فهم ...