الاثنين، 10 نوفمبر 2014

قراءة في هجوم القصر الجمهوري 

منذ السطر الأول تبدأ القراءة , ما جرى كيف جرى ؟ .. ما هذه الهشاشة في بنية من يدافعون عن رمز السيادة .. لكن هناك من يرد عليك و يقول : يحدث مثل هذا في أرقى العائلات .. ألم تشاهد ؟! ألم تسمع بمن اقتحم البيت الأبيض و كاد أن يصل إلى أوباما .. فلا تنزعج لما جرى في البيت الأسود السوداني .. قدر الله وما شاء فعل .. 
نترحم على من قُتل جراء هذا الاقتحام و حتى بيان حكومتنا لم يسمِ الذي يقتلوا - فإن تعرف اسم من مات و تترحم عليه باسمه أفضل من أن يظل مجهولاً - رحم الله الذين قتلوا و جعل مثواهم الجنة وتقبلهم في الشهداء ..
في كثير من الأحيان تخفى الأمور عن الشعب و لا يملّك المعلومات والحقائق .. وتتعجب لماذا يخفي ما حدث من الرجل ؟ و كيف تحصّل على السلاح ؟ وما خلفيته ؟..إن التعجب في الحكم عليه بأنه معتوه , وإخفاء الأمور يفتح الابواب على مصاريعها ليتم الناس الرواية و تتواصل التكهنات في بلد ( الشمار ) الذي يؤكل طازجاً من مزارع من يحبون زراعته .. ما أحلى (الشمار ) المحكي .. ما علينا ... فما يجب علينا هو الوقوف دائماً عند الإشارات .. وكثيراً ما تستهويني الإشارات - كان السلف رحمهم الله إذا حرن لهم حماراً وقفوا وراجعوا أنفسهم لماذا تسمرت هذه الدابة , و يبدأ اللوم و التعنيف للنفس , لعلي فعلتُ كذا وكذا و لعلي أغضبت ربي - لكن حزبنا الحاكم .. وحكومتنا الرشيدة و رئيسنا الراقص الموقر .. لعله لا يعير مثل هذه الأحداث اهتمام . ولا يكلف المستشارين إليه بمراجعه هذا الأمر ودراسته ولماذا في أكثر الأماكن تحصيناً جرى ما جرى ؟ و لعل الذين يخوضون في دماء أهلهم لا يهمهم دم البعوض .. فالذي جرى في القصر مقابل دارفور و جبال النوبة والشرق بمثابة دم بعوضة على ثوبٍ أبيض ..
حزبنا الحاكم و حكومتنا الرشيدة و رئيسنا الموقر : إذا كان المهاجم يعاني مرضاً نفسياً , فيجب أن تتوقعوا كم الأمراض النفسية التي يعاني منها الشعب الآن , وكم ما يحمله من الوساوس و العنت والضيق و الكبت والانهيار العصبي .. أنظر إلى الوجوه في الحافلات و المواقف الشعبية للباصات السفرية .. و عند مجالس ستات الشاي .. و أنظر.. عند أكوام القمامة في الأسواق و ما حولها كم الذين يكلمون أنفسهم و يأشرون بأيديهم لكثير من التراكمات والضغوطات بالفقر والقلة والذلة والمسكنة و الخور .. إنها تراكمات ثقيلة و تحتاج إلى جهود حكومية و حزبية لإنقاذ هذا الشعب الطيب .. 
ولا يغرنك مناظر و جمال من يظهرون في التلفازات من نساء ورجال عليهم من النعومة والطراوة ما الله به عليم .. ولا يغرنك الحسناوات البيضاوات وسط تراجع هائل لأن ترى امرأة سوداء تقدم برنامج في تلفازاتنا .. انفصل الجنوب بكل سواده و الآن فلننفصل عن سوادنا في الشمال ؟! 
و لا يغرنك يا أيها الرئيس بعض مولات و أسواق تجارية لامعة تظهر هنا وهناك و ما يحويه شارع المطار و شارع الستين من مناظر أسواق التخفيضات والعروض التي لا يعرفها الفقراء المعدمون فهم لا يأكلون غير الفول إن وجد .. إن الحالات النفسية و العصبية كبيرة لدرجة لا توصف .. و إنك لتنادي على كل من تخرج في حقل علم النفس أو علم الإجتماع ليخرجوا لنا الكشف الفاضح عن حال أهل الخرطوم .. فلعلنا لا نستغرب إن هاجموا القصر أو البرلمان أو البنوك أو المولات الوهمية .. 
إنك يجب أن تصرخ يا دارس علم النفس وعلم الإجتماع و يا أيها الأطباء لتكشفوا عن حال من تعرضت أمه أو أخته أو ابنته أو زوجة للاغتصاب .. ما هي الحالة النفسية التي يكون عليها إن شاهد هذه الفظاعة أو حكيت له ؟! 
إن أهل حكومتنا يؤكدون لنا دائماً ويرددون إن أهل الباطل الذين يعارضونهم لا هم لهم سوى تشويه سمعة الإنقاذ و ترديد الفارغ من القصص .. و أنت تقرأ أو تسمع أن مئات النساء تعرضن للاغتصاب في معسكر "كذا" .. وحتى الجنود الأشاوس توقفوا بصافرة من القائد .. فأين نحن من لا تقطعوا شجرة ولا تقتلوا طفلاً أو امرأة أو شيخاً كبيراً ؟! .. لعل الاغتصاب في الفكر العسكري المعاصر هو الحرب النفسية لتدمير الآخر . 
إذا أردنا أن نسترسل لدوافع من يظهرون بين الفينة و الأخرى فيقتلون و يُقتلون فإن الأحوال النفسية و الدوافع سوف تجعلنا نتوقف ’ ثم إن الإشارات إن توقفنا عندها سنقرأ الكثير من دلالاتهم .. لماذا يجري الهجوم لأكثر الأماكن حصانة أمناً ؟ ولماذا لم يتم تعطيل الرجل في يديه أو رجليه ليتم سماع هذا الصوت و الذي وصفوه بأنه غير طبيعي ؟ ماذا قال المهاجم وماذا كان يردد ؟ 
إننا ضد أي تطرف سواء من الحاكم وزمرته أو من المحكوم ولكن الأذى الذي لحق نفسيات السواد الأعظم من الناس أضخم ** أخبث وأفظع فعلى الجميع أن ينتبهوا قبل فوات الاوان .. إن بقيّ هنالك أوان .. 
ومره أخرى نترحم على من قتلوا في هجوم القصر و نسأل الله أن يلهم ذويهم الصبر وحسن العزاء .. وعلى من أراد الترشح أن يقرأ إشارات الهجوم و جماعته تدفع به أن يكون في المقدمة لسنوات كالحة قادمة , ونسأل الله السلامة للجميع . 
ح تترشح ؟!!
ح تترشح 
أكيد طبعاً ح تترشح 
و آلاف من لصوص حزبك 
ح تطالبك لتترشح 
و تترشح ,
و معاك الشعب يترنح
و حال سودانك الطيب
يعاني دوار ويتشرشح
فقد طعم العذوبة زمان
و كيف يسعد ؟
و كيف يفرح ؟
و انت جعلت من البلد مسرح !
تنطط فيهو بي كيفك
و ترقص ما بهمك شيء
بتسافر و تتفسح
ورغم جنوبنا راح منك
بتخرج انت كل صباح
تقول .. تشرح
بأن بلادنا في نعمة
و حال سودانا صار أوضح
لأنك انت أنقذتو
و علمتو .. وأطعمتو
و انت كسيتو من كسبك
و أنت حميتو من كل الذي يجنح
بتترشح ..
بعد ربع القرن يا زول ؟
ايه قدمت ..
بركاتك ؟
مد ايدك .. عشان بي الفيها نتمسح
يمكن حالنا يتصلح
نفارق الفقر والضيق
و يرجع لينا حالنا الكان
قبل جيتك .. قبل انقاذك المشؤوم
قبل كذب الذي يسرق ..
يخرج فينا ..
يقرأ علينا سورة التين و ألم نشرح
بتترشح ؟!
وين مشروعك الهمام ؟
بناكل نحنا من زرعك
و نحلب نحنا من ضرعك
و نلبس من مصانعنا ..
كذبتا علينا ..
بس غادر ..
ولغيرك مكان أفسح ...

الجمعة، 7 نوفمبر 2014



بين ترشح أولاند وترشح البشير
الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند يقول في مقابلة معه : لن أترشح للرئاسة القادمة لولاية جديدة إلا بانخفاض نسبة البطالة , ولكن الرئيس السوداني عمر البشير يقول : سوف أترشح مع إزدياد البطالة , ومع إزدياد التوتر  أو الانفصال في باقي الأقاليم .
وإنك حين تنظر إلى تواريخ الرئاسة عندنا فإنك تستطيع أن تعد رؤساء عدد أصابع اليد الواحدة فقط . ولكنك مع فرنسا أو أمريكا أو غيرهما فسوف تعد رؤساء لهذه البلدان بعدد هو ثلاثة أضعاف من سيطروا علينا وفرضوا إرادتهم وإرادة غوغائياتهم .. ولم يستطيع أحد منهم أن يضع خارطة طريق للوطن تجعل الشعب يؤمن الثوابت  ويجعل من يصل إلى سدة الحكم أن يكون همه تطبيق ثوابت البلد في التنمية والتقدم وخدمة الناس ..لا خدمة قبيلته أو أهله أو جماعته ..ها يستطيع أحد منكم أن بعدد الرؤساء الذين عبروا على فرنسا منذ ديغول إلى أولاند , أو في أمريكا من فورد إلى أوباما ..بالطبع ستجد العديد الكثير ...
وحتى في إيران وثورتها الإسلامية , تمنح إعجابك لهذا الشعب الذي استطاع خلال الثلاثين عاما من ترسيخ مبدأ مبدأ تداول السلطة وتغيير وجه الحاكم ..فمنذ الحسن بني صدر وحتى روحاني , تعرف أن الشعب الإيراني استطاع أن يشق طريقة الرئاسة بسهولة وفهم .. وأنه يسير في إتجاه إعطاء إنموذج تغيير الحاكم ..وإراحة الناس من دوامن استمرارية مطالعة وجه الحاكم , وكأنه إله سرمدي البقاء ..ففي بلدان تطالع وجه الحاكم منذ النضرة ووجه ممتلئ بالشباب والحيوية وحتى وصوله إلى التغضن والذبول .. ولننظر للبشير ترى هذا الوجه المتهدل وترى الشيخوخة الزاحفة إليه , ماهذا والذين ولدوا يوم مجيئه تخرجوا من الجامعات ؟! أليس منكم رجل رشيد يمنع الترشح ..بوركينا فازوا ,أقول فازوا وليس فاسوا , خلال يومين من إعلانه الترشح , أجبروا كمباوري من يضع استقالته ويغادر بعد سبعة وعشرين عاما من التعفن والفقر والتأخر ..
إن ترشح هذا الرجل بعد هذه التراكمات الفظيعة من انفصال وتوترات يخفي أمرها وحقبقتها أن يمتلكها شعبنا عن وضع دار فور وكردفان كافة والنيل الأزرق..
إنني لست معنية بإعلام من يضربون الدف .. والذين يلمعون أحذية الزمن ..ويرفعون الغبار عن صورته . ولست معنية بالمسميات الضخمة من مؤتمرات لا تسمن ولا تغني من جوع , حول الإله الرئيس الذي أوصلنا إلى مصاف الدول العظيمة !.. لست معنية بكل هذا .. ولكن هناك واقع لابد أن يكشف من الفساد والسوء والتدني والانهيار والتحطم في كل شئ .. وعدد كل شئ .. ووضع خطوط عريضة تحت كل شئ وعدد كل شئ بينك وبين نفسك .. فهل مثل هذه الانهيارات والأبخرة الفاسدة من نهب ولصوصية تشفع للبشير أن يترشح ويتقدم المسيرة لسنوات قادمة ؟!
وكذلك لا يعنينا الدعم الذي حصل عليه من بعض دول الخليج , وقد صرح عنه بأن حالة الفتور مع السعودية قد زالت .. وكل ذلك دعما للسيسي .. إن البشير الان كل همه أن يستمر على كرسي الحكم وكذلك هم جماعته فالمصالح الآتية تجعلهم يأتمرون ويخططون  بأن هذا الإله سيجعل الغذاء والكساء والدواء للجميع بينما الواقع خلاف ذلك ..
إما أن تتحدوا يا أهل بلادنا .. وأما أن تواجهوا الفشل .. والاتحاد هو في منع هذا البشير الذي لن يرتد به السودان بصيرا بل سيكون مصيرنا التخبط والعمى .. وحين انادي بمنعه من الترشح أدعوه للتبصر .. ولا أدعوا لإقصاء أحدحتى حزبه الذي أغرق البلد الويلات .. لا للإقصاء ..لا للتهميش .. لا لوجود رئيس أكثر من خمسة أعوام .

الخميس، 6 نوفمبر 2014

حكومة الانقاذ وإصرارها على ترشح البشير لولاية أخرى
حكومة الإنقاذ التي أتت إلى رأس السلطة في السودان بليل بهيم وخديعة كبرى .. دبرها عراب الجبهة الإسلامية حسن الترابي وبقيادة عمر حسن البشير .. لم تتجاوب مع مشاكل البلد .. ولم تحقق آمال وأحلام شعب ظل يعاني لسنوات طويلة بعد الاستقلال .. ولم تحقق تطور ملموس في أي منحى من مناحي الحياة للشعب المكلوم .. خمس وعشرون سنة من التقدم للوراء .. وعرابي الإنقاذ و بإسلوبهم الفظ المستفز ..ووجوههم القاسية الكالحة .. لم يلتمسوا العذر من الشعب , ولم يسوقوا حججاَ منمقة تسد الفجوة بين شعاراتهم التي أتوا بها *وعلى رأسها"نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع"فقد استورد السودان في عهدهم الخضر والفواكه من شتى البقاع حتى غور الأردن شحيح المياه* ولا مشاريعهم التي وعدوا بها *ابرزها المشروع الحضاري* . فالذي لا يختلف فيه اثنان أن السودان الآن دولة على حافة الإنهيار أصاب مواطنيها من التعب والنصب ما يستعصى على الوصف . نقاد كُثر تناولوا هذه الفترة من تاريخ السودان ومن بينهم إنقاذيون , وعلى رأسهم الصحفي الإنقاذي *حسين خوجلي* : عبر برنامجه"مع حسين خوجلي" الذي يذاع على فضائيته "أم درمان" رصد وبالأدلة البراهين إنهيار اقتصادي و إجتماعي و أخلاقي غير مسبوق ...
تسرب اليأس إلى نفوس الناس ترافقه خيبة أمل عظيمة و إحتقان متصاعد .. مع فجوة سحيقة بين واقعهم المعاش و واقع الإنقاذيون الذين ينظرون إليهم شذراً من أبراجهم العاجية .. لا يحسون المطحنة الكبرى التي تطحن السواد الأعظم منهم .. فكأنما إخفاق وخمس وعشرين سنةً غير كافٍ حتى تأتي لهم الأخبار بإعتزام البشير الترشح لولاية أخرى دون حياء أو خجل ..كأنما السودان رفل في إزدهار ونماء طيلة عهده ؟ وكأنما الإنفصال لم يكن ؟ وكأنما الحرب في كردفان والنيل الأزرق لم تشتعل ؟ وكأنما إقليم دارفور لم يشرب أهله كأس الذل قتلاً وتهجيراً واغتصاب للحرائر .. 
و إن تعجب فإنك تعجب للمبدا الذي إنطلق منه الإنقاذيون لإعادة ترشيح البشير !    هل إعتمد الإنقاذيون على إعتقادهم بأنهم شعب الله المختار وأن الله حباهم من العلم والذكاء والفطنة مالم يهبه لأحد من أبناء السودان , فهم بذلك أحق بحكمه ؟ أم أن الإنقاذيين إستندوا إلى استطلاع رصد تسامح أهل السودان وعفوهم عند المقدرة ؟ .. ولكن أبشركم أنكم عار على الإنسانية و أن ما فعلتموه بأرض السودان وأهله لا يجدي معه إلا القصاص العادل .. و أن السودان مازال به من الشرفاء الذين لن يتركوا حقاً لمواطن أهدرتموه .. 
إن فرضنا أن أهل السودان مسحوا ذاكرتهم المعاصرة .. وصموا أذانهم عن ضجيج الفساد والإفساد الممنهج .. وغضوا طرفهم عما حدث من انفصال وتدمير وتهجير جراء حكم الإنقاذ السابق .. فالسؤال هو : ما الذي سيجنيه السودان و أهله من ترشج البشير لولاية جديدة ؟!! 
لا يمكن لعاقل أن يتوقع إصلاح الأمور تلقائياً .. فالهموم تكالبت على أكتاف الشعب أرتال , و أن الأمور بلغت حداً من التعقيد لا يمكن معه معرفة أين المبدأ وأين المنتهى .. والجميع يعلم أن ترشح البشير له من السلبيات الكثير و إن شئت قل "الكوارث" .. 
أكبر التحديات التي تواجه السودان و أكثرها استحقاقاً للمعالجة العادلة هي الديون الخارجية التي فاقت "أربيعن مليار دولار" تثقل كاهل البلد المتهالك أصلاً .. وتنقل لنا الأخبار أن الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها من الدول الدائنة تشترط عدم ترشح البشير , للتخفيف منها وبالتالي تفادي الشق الأعظم من تأثيرها على الوطن والمواطن و آفة أخرى سيجرها ترشح البشير على السودان ألا وهي حرمانه من الدعم الدولي للمشاريع التنموية .. وخطرٌ محدق يهدد استقرار و أمن ومصالح البلد هو سعي التنظيم الدولي للإخوان لبقاء الحركة الإسلامية في الحكم في السودان و الحفاظ على وحدتها بقيادة البشير لتكون حديقة خلفية يرتع فيها بعد أن ضيقت على الحرب على الإرهاب الخناق .وفوق ذلك الرئيس المحتمل مطلوب للعدالة الدولية ....
  إن اصرار الإنقاذيون على ترشح البشير مصيبة المصائب .. وليس هنالك إثم أعظم من جحود قلوبهم.. وعدم خفقانها لما يحيّ الوطن .... لعائن الرحمن على كل انتهازي وصاحب مصلحة ساهم في تفتيت الوطن , إن كان عمدا أو غباءا .... 

السبت، 1 نوفمبر 2014


حول زيارة البشير الى مصر
بعد عودته من الحج ، صرح الرئيس البشير بأن حالة الفتور بين السعودية والسودان قد انتهت . وهو بذلك يؤكد ما تداوله النشطاء حول استقباله في جدة وهو قادم للحج من أنه كان استقبالا فاترا، أو لنقل لا اسقبال على الاطلاق ، وكأنه تاجر من التجار أو رجل أعمال لا يهتم بحضوره أحد ..ولكن الرئيس الشيخ وببركاته وبعد زيارته للشعائر المقدسة في عرفات ومزدلفة ومنى ، توصل إلى أن الفهم الصحيح لما تريده السعودية هو عين العقل وهو مسار الحكمة والاتزان . والمطلوب هو أن يكون بجوار مصر . وأن يضع يده في يد السيسي . وأنه هو والسيسي يجمعهما يوم الثلاثين من يونيو —ففي مصر يوم الثلاثين من يونيو أتى بانقلاب السيسي وزير الدفاع على رئيسه المنتخب .وقبل ربع قرن وفي الثلاثين من يونيو جاء البشير بانقلاب وخديعة كبرى دبرها حسن الترابي . وسموه الانقاذ الذي لم ياتي بأي إنقاذ لاهل السودان ، بل أصبح السودان أشد حالات الضيق والحرج طلبا للإنقاذ من جديد !
وبالطبع فإن الرئيس البشير وقد أدى مناسك الحج واستغفر ربه وأناب ، وصلته التوجيهات والاشارات السعودية من خلال اللقاءات في الحج وبعده . بأن عليه أن يعمل بجد واجتهاد في دعم النظام الجديد في مصر ، وعليه أن ينسى وإلى الأبد أنه قد جاء من خلفية إخوانية ، وإلا فإن يد التغيير الخفية ستعمل على ازالته وإزالة كل من له ميول إخوانية في السودان ...
ولا يخفى على أحد الأزمات الاقتصادية المتتاية في السودان ، وأنه في أشد الحاجة للدعم من دول الخليج . وتقول الاشارات الخليجية أن على البشير إن أراد المحافظة على كرسيه والحفاظ على مكتسبات ربع القرن الانقاذي ، أن يراجع موقفه من حكومة مصر المدعومة خليجيا بقوة . وايضا تقول الاشارات الخليجية :أننا كخليجيين لا ننظر الى ماضي الاخوان في السودان بل سيكون التعامل مع معطيات اليوم ....
ومن هنا جاءت الزيارة الى مصر ..وتتعجب إنها جاءت بعد الحج ..لأن الزيارة تحمل كل معاني النفاق السياسي . فالرجل جلس الى مرسي، وكانت بينهما بروتوكولات وأحلام إخوانية لوادي النيل ، وشهر عسل لحلايب وشلاتين ، فلا ضجة ولا رفع صوت ، مما دفع الحكام الجدد في مصر للغضب تجاه مرسي وإخوانه . فما نراه الان في كثير من البرامج الاخبارية والتحليلة هو صورة خريطة مصر وحلايب وشلاتين واضحة داخل الحدود المصرية ؟
واليوم السبت الثامن عشر من اكتوبر ،يصل البشير الىمصر ليؤدي نفاقا سياسيا بانه (سيسيا) وليس إخوانيا ..وأن لا مكان للإخوان في السودان وأن الأخوان بعد أن أخرجوا من قطر لن يكون السودان ملجأ لهم .
وإن كنا نرى أن البشير بزيارته الى مصر ينفذ المطالب الخليجية بشأنها ..وأنه يؤدي النفاق السياسي برغم أن العين منه لتدمع والقلب منه ليحزن على مرسي وما جرى له... هل يستطيع البشير ولو همسا أن يطلب من السيسي أن يعمل على اطلاق حرية مرسي ، وأن يخفف على الخوان الكبار .؟!
هذا ما نراه ، ولكن هناك من يرى ان للبشير ذكاء حب الكرسي .. وهو بهذا يعمل على التحضير للانتخابات ، فهو بهذه الزيارة يكسب الدعم الخليجي ..لانه سوف يترشح لربع قرن اخر من الزمات . ويرى أحبابه أن ذكاءه يدفعه لتنفيذ الأجندة الخليجية . وأن هذا الذكاء يجنب السودان الحالة اليمنية ..او الحالة الليبية ، فالوضع أصلا متهلهل والخرق في الجلباب السوداني كبير ..وهو ان لم يعمل على تنفيذ الاجندة الخليجية في دعمه لمصر ، فسوف يكسب ياسر عرمان وعقار( الحركة الشعبية) الجولة ولن يكون لإخوان السودان موطئ قدم في الخارطة المستقبلية ....
من هنا نفهم سر زيارة البشير الى مصر ..وعليك أن تتأمل وجهه جيدا في صوره في الاعلام .لتعرف انه يذهب لمصر على مضض ، فهو في قصر عابدين مع جماعة الثلاثين من يونيو وعلى بعد خطوات منه مرسي واخوانه في السجن ، ستلاحظ أن وجهه يحمل الحزن على اخوانه في مصر ، لان القلب وما يحمله لا يخفى علىالوجه وتعابيره ...
وبالطبع ليؤكد للخليجيين دعمه لمصر ، فسوف يعمل على منح المصريين مزيدا من الاراضي والتوطين ، حتى يفك عن السيسي بعضا من أزماته ..فللرجل عنتريات أضرت بأهل السودان وعملت على خلق الازمات للجميع ..ولكن على اهل السودان ان يعملوا على وقف هذا الرئيس عند حده ، والعمل على عدم ترشحه لولاية جديدة ..
ولربما يسأل سائل :ان كان البشير جرى مع توجهات الخليج في دعم السيسي وعمل على تنفيذ كل ما وصله من اشارات ..يسأل اين دور ايران في السودان وهل يكفي من البشير وحكومته في حسن النيه اغلاق المكتب الثقافي الايراني ..والذي لم تعره طهران ادنى اهتمام او تعليقات ..وذلك لأن الايرانيون يعملون على نار هادئة ويعملون على تنفيذ ما يرونه في دعم حلفائهم ..وطهران تعرف دورها بدرجة كبيرة وواعية ...
فايران اصبح لها موطئ قدم  . ولها اهل طاعة ، ولها حسينيات . وليس ببعيد ذلك اليوم الذي ترى فيه الامر وقد اصبح كبيرا وبارزا للعيان ، فخميني السودان الكامن سيخرج للوجود ..
والرجل الداعم لمصر بتوجيهات خليجية ..سوف يعمل على ارضاء روحاني ايران واردوغان تركيا  في ان واحد ، ولكن بمغازلات خفيفة وليس عسلا كما السابق .أي سيكون الصمت عن انتشار الحسينيات وتغلغل المد الشيعي ..حتى يصل الى سدة الحكم في 2015 م . وبعدها سيكون للرجل حجة أخرى لربما تكون حجة الوداع ، يعمل بها على تصفية كل نفاق سياسي قام به في حياته ...

فرقاء السودان هل يأتون إلى كلمة سواء؟

الحوار سنة من سنن الحياة ، وسبيل من سبل استقامتها ..فقد كان الحوار في السماء بين رب العزة والجلاة وملائكته الكرام في أمر خلق الإنسان ، وكيف أن الله أعطاهم الفرصة كاملة ليدلوا بارآئهم ،رغم أنه خالقهم وهم عباده الطائعين المسبحين ..وأيضا نرى صورة الحوار في صورة جدال الشيطان الرجيم للحق عز وجل ،أبى واستكبر ،ولكن الله تعالى لم يمنعه الحق في إبداء رأيه ، وأن يجادل ويرد عليه.. والأنبياء صلوات ربي وسلامه عليهم جمعيا اتبعوا الحوار في ايصال رسالة السماء ، وتبيين الحق للناس ،وكان جدالهم بالتي هي أحسن..فأخرجوا الناس من الظلمات إلى النور …
ولكن مالنا نرى من يسمون أنفسهم بالإسلاميين في السودان —والذين ما فتئوا يتشدقون بطبيق الشريعة الاسلامية ، وينصبون أنفسهم حماة للدين — ينأون عن هدي الإسلام في الحوار ،والكلم الطيب إلى سقط القول ، وفظاظة الألفاظ ، واحتكار الرأي ،واحتقار الآخر ، وتغييب فضيلة المشورة ؟!ويقول لسان حالهم : حاورني بشروطي أو أشهر في وجهك رايات الغضب !
دعا الرئيس عمر البشير في خطابه الشهير بخطاب الوثبة ، في شهر يناير / كانون الثاني الماضي ، وأتبعه بخطاب آخر منذ أيام ..إلى حوار جامع ..يجنب البلاد مزيدا من الانقسام والتشتت . وتحدث عن الديقراطية وحقوق الإنسان . وأنه يريدالتحرك من أجل أجزاء البلاد التي تعاني وتتألم ،وتمزقها الحروب . فاستبشر الناس خيرا ، وظنوا بالإنقاذ خيرا ،وإنها سوف تعدل من سياساتها التي أوردت البلاد بئر مظلم بعيد القرار …
وتمر الأيام على الخطاب الملئ بالتفاؤل والأمل ..ولا نرى تغيرا ملموسا ، ويبدو أن من يترك عادته قلت سعادته ، فعادت الإنقاذ إلى عادتها القديمة لتأخذ بالشمال ما أعطته باليمين..فإذا بالصحف تصادر ، ودور الجمعياتالمدنية تغلق وتصادر ممتلكاتها ، وتمتلئ السجون بالمعتقلين السياسيين .. لم يتركوا للشعب فرصة أن يهنأ بالأمل ونشوة العطاء الانقاذي !
تعطلت لغة الحوار مع سبق الإصرار ..وعاد الشعب بخيبته إلى معاناته ، حيث لا غذاء ولا دواء ولا كساء ، بعد رفع الدعم عن السلع الأساسية .. والشباب يعاني من البطالة والتهجير .. والحكومة مستمرة في ممارسة سياسة الكذب والقلب القاسي ، وتقتل بدم بارد كل من يعارض أو يطالب بشفافية محاكمة الفاسدين …
طبقات ركام الآلام بعضها فوق بعض .. والعجيب أن يخرج من بينها صوت الإعلام الإنقاذي ، يمجد الرئيس الضرورة ، الرئيس الزعيم ، الرئيس الساحر الذي يلقي عصاه وإذا هي إقتصاد يسعى ينمو ويزدهر ! هل نسي إعلام الإنقاذ في خضم تلميع الرئيس لفترة رئاسية أخرى أنه هو ذاته الرئيس الذي في عهده انشطر السودان لدولتين لدودتين ، وأن في عهده انهار الاقتصاد ،وأن في عهده صنف السودان عالميا ضمن الدول الآيلة للفشل ؟! أم أن صمت الشعب خيل لهم أنهم يدعون شعبا أصم أو غائبا؟!
إن السودان يواجه مصيرا صعبا ..ويهوى إلى منزلق خطير ..وليس ليبيا والصومال ببعيد . فهل يأتي الفرقاء إلى كلمة سواء ..ويتحمل كل فريق مسؤوليته ، وتحلى بالشجاعة والوطنية .. فيترك الإنقاذيون غطرسة (لا أريكم إلا ما أرى ولا أهديكم إلا سبيل الرشاد) ، وأن يتحلوا بالجدية ، ويلتزموا بالعهود والمواثيق ، مع ابداء مرونة وتقديم تنازلات حقيقة وملموسة لزرع الثقة ، وأن يضعوا بنودا واضحة للحوار… وعلى أحزاب المعارضة أن تجري اصلاحات شاملة داخلها ،فمعظم الأحزاب صارت أحزاب عائلية ، وهمتها بعيد ة كل البعد عن الهمة الوطنية الجامعة .. ثم تتوحد وتجمع كلمتها ..وتضع المصالح الحزبية الضيقة جانبا .. وأن تكون كلمتهم العليا هي قضايا الوطن والمواطن .. إنا منتظرون .. والتاريخ منتظر ..فإما أن يسطر بحروف من نور أنكم أنقذتم السودان وجنبتوه الردى .. أو أن يسقطكم في مزبلته — جميعا حكومة ومعارضة — غير مأسوفا عليكم ….