السبت، 31 مايو 2014

تأملات في الحمار الوطني
حينما سخرنا فيما سبق مما أطلقته الحكومة من دعوة للحوار الوطني , وأطلقنا على اللفظة كلمة أخرى هي (الحمار ) الوطني , كنت أعني أن الحوار هو حوار الصم البكم العمي , ومع احترامنا وإعزازنا لكل مخلوق بصمم وبكم . فإن اجتماع طرفي الحكومة والمعارضة هو حوار صم وبكم , ولا يوجد أدنى حد من لغة الإشارة بينهما وأطلقنا على الحوار الحمار لأننا كنا نعرف أن هذا الحمار قد حملوه بأثقال على أثقال ثم يريدون أن يقفزوا على ظهره الاثنان معا . ولكن من يرى أنه صاحب الحمار يرى لنفسه الفضل والحق أن يكون هو على ظهر الحمار وحده وإذا أراد من حمل شيئا أو يريد أن يحمل شيئا على ظهر الحمار عليه أن يسير بجانب صاحبه حتى يصلا بهذه الأثقال إلى وجهتها , سواء إلى حيث الانتخابات أو إلى مبنى الحكومة .
إن الحوار الحمار كنا نعرف أنه لن يتحمل الأثقال ولن يتحمل صعود اثنين معا , إنه يئن من حجم الحمولة وإنها لثقيلة الوزن حقا , فإذا به وبعد خطوات من الأمر له بالسير يحرن ويتوقف تماما حتى قبل الوصول إلى المستودع لإنزال الأحمال من على ظهره .
وهذا الحمار في الأصل ضعيف وهزيل يعاني من تقرحات الظهر وهشاشة العظام من طول ما حبسه صاحبه (المنقذ) ومنعه الماء والغذاء لسنوات طويلة بعد أن كان يرتع في مزارع واسعة.. ويتنسم بحقول الحرية ..ويمضغ برسيم التسامح , فإذا به قد أصبح محبوسا حزينا . ويدعي من سيطر على الأرض بالقوة أن الحمار حماره وليس للغير الحق في قوده , أو الركوب على ظهره ,ومن أراد أن يحمل عليه شيئا عليه أن يستأذن ويرضى بشروط صاحب الحمار .
سقط الحمار الوطني على الأرض بعد أن سار لمسافة قصيرة ظن البعض معها أنه صحيح وقادر على السير ويستطيع تحمل الأثقال , وإذا به بالفعل ينطبق عليه قول من قال وقف حمار الشيخ في العقبة . نعم وقف عند أول عقبة ولكن نقول : إنها عقبات ثقيلة ومؤلمة وفاجعة منها : أقال الغطرسة وفرض كل شئ بالقوة والنظر للآخر بنظرة مترسخة متجذرة بأنه غير وطني وبأن لا علم له بأصول السياسة ويجب عليه أن يقدم السمع والطاعة والسير تحت ظلال سحابة الحاكم والحزب الذي هو وطني وما سواه ضمنيا غير وطني , وكذلك قوله: عليكم بالرضا أن أقود الحمار وأن أحدد ما يوضع عليه من أقال وأنا الذي أحدد من يكون رديفي عليه , فإذا رضيتم فمرحبا بكم وهلموا معي إلى ساحة الحرية لنركب ونسير بالحمار الوطني إلى وجته التي أحددها له ولكم وإلا فعليكم الصمت والبعد عن هذا الحمار الذي لا يفضل من يقف قريبا منه , وأعلموا أن يرفس كل من هو غير متأدب بقربه إلا صاحبه .
وقف حمار الشيخ في العقبة , والعقبة هو منعرجات وصخور ومنحدرات متمثلة في مليشيات مسلحة يمتلكها الحاكم الذي يعرف أنه صاحب قوة الردع لكل تلميذ لا يعرف ولم يذاكر دروس الوطنية , فهاهو الصادق المهدي هو تلميذ في نظر الحاكم يجب أن يتم تأديبه على ما قال ولمح وصرح .
وقف حمار الشيخ في العقبة والعقبة هي كل من له وظيفة ومسمى وظيفي في المؤتمر الوطني وتأمل كلماتهم وأقوالهم وتعابير وجوههم وهي مرهقة وهي صارخة في وجوه الغير فلا ارتياح في تعابير الوجه , فكأنما هنالك تدريب واحد لكل من هو من أهل المؤتمر ولكل من يجرى معهم حوار في القنوات الفضائية , أن يكون متجهم الوجه كالحه معبر عن المعنى الفرعوني : ما أريكم إلا ...... أو أنه متدرب على القول القذافي : من أنتم ؟!!
فكيف لنا أن نعتمد الحوار ؟ وكيف لنا أن نجلس مع المتسلط؟ المتجبر الذي لا يرى إلا نفسه ؟ أين الحوار مع الفرعون ؟ أين الحوار مع الفتوات ؟ أين الحوار مع الرباطة ؟ أين الحوار وكيف يكون مع من بيده الساطور والسكين ؟!
إن البهيمة بين يدي الجزار لا خيار أمامها , ولا استطاعة لها أن تحاوره أن يتركها أو يؤجلها أو يخلي سبيلها ؟ عليها فقط الرضوخ لشروط الجزار بالذبح فقط.
من هنا أطلقنا على لفظة الحوار كلمة أخرى وقلنا أنه الحمار الوطني , مع احترامنا وإعزازنا للحمار وكل مخلوقات الله . لكن الحمار هو المخلوق الوحيد الذي أورد الله عز وجل في حقه ثلاث صفات : أن له أنكر الأصوات , وأن الذين لا يعلمون ولا يفهمون المعاني اللطيفة كالحمار يحمل أسفارا . ثم أن الحمار جاء في آخر القائمة : الخيل والبغال لتركبوها .
إن الحمار الوطني هنا له صوت منكر . وأن من سعوا وراءه هم أيضا يدخلون في معنى كالحمار يحمل أسفارا . ثم هم في آخر القائمة ليسوا كالخيل التي معقود في نواصيها الخير . ولا كالبغال المتحملة للأثقال والأحمال .
لكن بعد كل هذه المعاناة والآلام والفجائع نأمل أن يولد من رحم التفاهم والعقلانية الحوار الحوار وليس الحوار الحمار , يولد وطنيا خالصا بعيدا عن عاهات المنقوليا والتوحد والإعاقة , بعيدا عن الأغراض والسعي وراء المصالح . يحيا حرا طليقا بلا تخويف أو تهديد أو تأديب , أو حبس أو سجن أو تكميم للأفواه أو تكسير للأقلام .
قال شوقي في أبيات فكاهية له:
سقط الحمار من السفينة في الدجى **فبكى الرفاق لفقده وترحموا
حــــتى إذا طلع الصـــباح أتت به **نـــــحو السفينة مــوجة تتقدم

قــالت خـــذوه كما أتاني ســالما *** لــم أبتلـــــعه لأنه لا يــهضم 
فينا كبّر 
فينا كبّر ..
وفينا هلّل ..
وكم دعانا ..
عشان نصلي ,
ونذكر المولى ونسبِّح ..
وما نعيش في الدنيا نغفل
ثم نعرف ..
-       ويا عجايب الدنيا فينا –
انو لص ..
لابس ثياب شيخاً مبجَّل
و انو لازم ..
يتبع القول المخوَّل
من حكومة سوء عجيبة ..
و انو لازم يتحلل
من فلوس الشعب ..
ويبقي للباقي المُفضِل
وديا كلو عشان ..
يؤمن على الجاي
عليه مُقبِل
فينا كبّر ..
وفينا هلّل ..
وألف لعنة ,
على بشر ..
تبخس حقوق حُكّاما
تستغرب على راغب التحلل
فكم خدم ليلو ونهارو ..
وكم تعذَّب ..
وضحّى بي نفسو وتبهدل
ثم يظهر في صحفنا ..
زول مغفَّل
ينتقد حق الوزير ..
في مال وزارتو ..
و انو كيف ينهب ..
ويظهر يتحلل
فينا كبّر ..
وفينا هلّل ..
ثم قال بكل صراحة ..
انو تنهب وتبقى معروف ..
بالتحلل
شيئاً أفضل ..
لص ومعروف بالتحلل
هو أحسن من حرامي ..
يسرق الشعب بالتخفي ..
و بي كلام مرشوش معسَّل
فينا كبّر ..
وفينا هلّل ..
ووضح القول بي صراحة
انو نحنا ..
جماعة أخمش ..
وأجعل الفاضح ومخفَّى ..
ثم أخرج في ثياب شيخاً..
مُفَضّل ..
وأفتح الأبواب ..
على التقوى وثيابا ..
في غيابك ..
من عيون الناس..
 تعلَّق ..
بي غراب فعلاً مضلل
فينا كبر ..
وفينا هلل ..
ومن حقوق الناس تحلل
ربك الغفار بيعفو ..
وكم بيغفر للفواحش ..
وللي صاب الدم وقتّل
الصحيح ربك بيعفو ..
والصحيح ربك بيغفر ..
إلا انو ..
ما دعاك لفعل سيء ..
وما دعاك للسرقة تفعل
وثم تخرج ..
فينا في أقبح عجيبة ..
انو تعلن للتحلل
وليعرف الوالي وجماعته ..
انو جثمان المسجى ..
بعد موتو ودفنو ..
يبقى يتعفن , يدوِّد..

يتحلل .. 

الاثنين، 26 مايو 2014

الطاغية لا يعرف الحريات
من كلمات فرعون الواردة في القرآن الحكيم قوله تعالى : (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي).. وقوله لقومه : (أنا ربكم الأعلى . وتكبره وتجبره واستخفافه بهم وقوله :.)  مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ ). أن الحكم الذي بيده هو فيسالهم : (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ).. وأثبت الله عز وجل لفرعون الطاغية المتكبر أنه كان عاليا في الأرض وأنه من المسرفين .. وأنه أمره غير رشيد .. وأنه صاحب كيد كبير ضد قومه وجميع الناس ..
جميع ما ذكره القرآن هو قانون ثابت وسنة لا تتبدل ولا تتحول , تنطبق على كل طاغية وعلى كل متسلط على الناس , وكل متعال لا يرى سوى نفسه , وبالتالي لا تجد سوى الاستخفاف . وتجد قانون الغاب وقوانين العذاب : ( وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ) ..إنه أي الطاغية يظن أنه باق ودائم ..ويغفل عن حكم الله وأنه هو الباقي الدائم : ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) ..ومن قوانين الطاغية أنا أحي وأميت !
من أنتم ؟! تتكرر كلمات الاستكبار والتعالي ولا شئ غير اللغة الكاذبة الفارغة : إنه لكبيركم الذي علمكم السحر , أول الاتهامات الباطلة .. (إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد ) ..فليس لكل فرعون غير يسومونكم سوء العذاب .. وغير لأصلبنكم .. وغير ذروني أقتل .. وغير لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف .
إن هذه المقدمة عن فرعون تأخذنا لننظر في أفعال النظام في السودان وإن كانت التحفظات على كلمة النظام , وإنما هي الفوضى والسحل والقتل والعنف منذ خمسة وعشرين عاما لم نر من فرعون السودان غير هلاك ودمار وتفتيت .. ومن عجب أن كل ذلك تحت عباءة الله أكبر وسيماهم في وجوههم .. وليس تحت العباءة غير الدجل والنفاق والسوء والعفن واليد القذرة الممتدة لكل فلس فلا تعرف حلالا أبدا .. فما هذه القوانين السيئة من تحلل وسترة وغيرها من قذر سياسي .. وكلها تصب في صالح فرعون وملائه .. وغيرهم تكال لهم الاتهامات وتصدر في حقهم القوانين القاسية .. ويمتطي إعلام الفوضى كل من حكمت عليه المحاكم بالجلد والغرامة وحتى الحكم بالإعدام . وترى كل ذلك و تصحبه ضجة إعلامية عالية .. وكل ما فشت الروائح النتنة عن أخبار من سرقوا أو زنوا أو تاجروا في المخدرات والدعارة وتصاعدت الأخبار عنهم . فإذا بهم وكدأبهم يخرجون إلى الملأ بأشياء انصرافية تصرف الناس عن أحوال جماعتهم السيئة المتمسحة بالدين واستغلاله لمزيد من التمكين ..
إن كل شئ أضحى مكشوفا وصريحا ..أروني حاكما أو واليا أو محافظ بنك أو إداري أو أي وزير أو برلماني أو حتى وكيل وزارة إلى أصغر إداري في الولاية أو غيرها من الأماكن سمعنا به وقد نال جزاءه جراء قانون من أين لك هذا .. وسبحان الله يخرج علينا أحد رجال الفوضى ولا أقول النظام , ليعلن للملأ بإقرار ذمته ويري الناس أمواله وأصوله الثابتة .. بعد خمس وعشرين سنة من الخوض في أموال البلد ..
لا عقاب لأهل البيت والمقربين من النظام –أعني الفوضى- ومن يدافعون عنهم ..هم يغطون عليهم بستر وتحلل , فلا كشف ولا فضائح أما سواهم فلعنة الله تغشاهم ( كانوا إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وإذا سرق الشريف تركوه ) .. يا الله على نبي الإنسانية الصادق المصدوق وهو يردد : ( والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها ) .. ولكن هيهات لهولاء أن يصلوا إلى هذه العظمة وهذا الشرف العالي ..
إن القذر المكدس في شوارع الخرطوم , وحول أسواقها الشعبية لهو التفسير الواضح لأمثال هؤلاء الذين يعيشون في بلد ينهبوا ثرواته ولا يحسون بما فيه من قذر .. إنهم يمرقون حول كل هذه الأوساخ في سيارات فارهة مظللة وكأنهم من كوكب آخر .. ألا لعنة الله على الظالمين ..
كل ما سقناه في هذا المقال تصل به إلى إيقاف جريدة الصيحة , لفإن كل صيحة حق أو إظهار لخفايا عفنة قذرة , ترعب الطاغية وزمرته .. وإن كانت لنا تحفظات على مؤسس الصيحة , وهو نفسه من ساهم في تكريس واستمرارية الفوضى وتواصل التفاهة ..إلا إننا نحي كل حر متطلع إلى غد جميل مترع بالحرية , مشرق بالشفافية , بعيدا عن الخوض في الحرام , وأكل أموال الناس بالباطل ..
تحدثنا من قبل عن أن النظام وبعد خبرة خمسة وعشرين عاما في تكريس الفوضى الفوضى وزرع الخراب والخيبة والخسران والخور والخذلان ..فإنه لن يسمح لوصول تداول السلطة .. السلطة إن تقع في أيدي الآخرين فيفقد هذا (الكنز) وهذا المخزن الملآن بالذهب وغيره من خيرات الطبيعة .
أما الرئيس الذي خرج علينا بخطاب الدعوة إلى الحوار والحريات , هو في الأصل لم يقل شيئا غير الفراغ ولا أحد يستطيع أن يحمله شيئا لأن السحرة كتبوا له خطابا بالحبر السري , فهو وهم لم يلزموا أنفسهم بأي شئ .. فالصم البكم العمي من المعارضة هم الذين سمعوا بالحرية والحوار .. وهو أصلا لم يدع لشئ من ذلك .. قالوا السجون خالية من كل سجين رأي ولن تكون .. ثم بعد حين أعتقل من أعتقل من النشطاء .. ثم يدخل الصادق المهدي المعتقل .. ولا إيقاف لصحيفة بعد اليوم .. ثم تتم مصادرة الصيحة وإيقافها لأجل غير مسمى ...
إن حكومة الفوضى لا تحتاج جريدة الصيحة .. إنها بحاجة إلى أصوات عالية متضامنة تخرج علينا بصحف الصرخة والنفخة والبأس ,فصيحة واحدة لا تكفي .. إنما صيحات متضامنة تعمل جميعا على إزالة الكابوس وإيقاظ الناس ..
وأختم بما يحضرني من قول سعيد بن عامر الجمحي الصحابي الجليل لعمر بن الخطاب : يا عمر أقم وجهك لمن ولاك أمره من بعيد المسلمين وقريبهم .. وأحب لهم ما تحب لنفسك وأهل بيتك .. وأكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك .. وألا يخالف قولك فعلك , فإن أصدق القول ما صدقه الفعل .. وإننا لتعلم أن عمر آخر الزمان قد اغتصب الحكم ونازع فيه أهله ولم يحترم خيار الناس ..
ولا يفلح الساحر حيث أتى ......


الأحد، 25 مايو 2014

الفقر في السودان ومصر
الفقر في السودان ومصر , أكثر ما يشعرك بالخجل والخزي والإحساس بالكآبة والدونية . وأضف إلى هذين البلدين العراق . ولماذا لا تحس بالألم والفجيعة وأنت تقرأ وتسمع في وسائل الإعلام أن نسبة الفقر في مصر وصلت 40% وكذلك السودان تقول الحكومة أن الفقراء يمثلون قرابة 50% , ولعل النسب المذكورة في البلدين غير صحيحة . وأنها ربما وصلت إلى 75% ..والواقع المؤلم هو أن السودان ومصر يملكان الأراضي الصالحة للزراعة ويجري بينهما أطول أنهار العالم , ويملكان الثروة البشرية , ويملكان الثروة المعدنية .
إن الحديث عن ماض جميل ومتماسك للبلدين في الخمسينات والستينات والسبعينات , ومِن المحللين مَن يعزون الأوضاع الجيدة وقتها لإدارات مسؤولة في تلك الحقبة ولكن كثيرون لا يرون شيئا من ذلك , فإن كل النخب في بلداننا ومنذ الخمسينات يستهلكون الكلام , ويصدرون البلاغة , ويصنعون الأقوال .. إن تلك الحقبة الزاهرة للسودان ومصر في الخمسينات والستينات إنما هي نتاج العمل الدؤوب الذي قام به الرجل الأوروبي . وما بذله من جهد كبير أقام البنية الأساسية في إنشاء خزانات المياه وشق طرق السكة الحديد وإقامة مصانع وورش وبنية مساندة –وإن كانت لصالح برامجه الاستعمارية –
يا سبحان الله , الرجل الأوروبي الذي يشار إليه بالكافر ويوصف بأولاد ....... إلى غير ذلك من كيمياء الخيال الشعبي ..الكافر أقام في السودان مصر كثير من المباني الأساسية مثل القصر الجمهوري وقصر عابدين وكثير من مباني الوزارات التي سخر لها أبناء البلد ..القطن طويل التيلة في السودان ومصر من كان المحرك لظهوره ..مشروع الجزيرة في السودان ..كيف نجح الكافر المغتصب في تسخير أهل البلد للعمل وإنجاح مشاريعه بينما عجز سياسيونا ؟!
وكما قلت نحن صناع البلاغة ومصدري الأقوال وأهل التنظير والكلام
. أخرج من القاهرة إلى أسوان فلن ترى أي مشروع زراعي ضخم متكامل يعمل على حل مشكلة الفقر والبطالة والهجرة من الريف إلى المدن
وفي السودان كذلك على طول البلاد وعرضها لا تجد مشروع كذلك ..بل البلد التي من المفترض أن تكون سلة غذاء العالم استوردت الخضر والفاكهة من غور الأردن أكثر مناطق العالم شحا بالمياه .
وكما يقول المصريون الملافظ سعد , فإنك إن تأملت الألفاظ السياسية ومنذ أن خرج الاستعمار , والذي عمل على استعمار الأرض واستغلالها , لتجد الألفاظ مثل الأمن القومي والإستراتيجية الأمنية وغيرها من الألفاظ المولدة للنحس والفقر . فالديون في السودان ومصر تصل إلى قرابة 50مليار دولار  لكل منهما , وتكاد تجزم أنها جميعا ذهبت إلى أصحاب الشارات العسكرية المكدسة على الأكتاف دون خوض غمار أي حرب ضد الأعداء , ولكنه نالها بالحرب ضد الشعب وقمعهم وسحلهم .
منذ عبد الناصر وحتى آخر انقلابي على السلطة لا تجد سوى الكلمات نفسها ومنها في هذه المرحلة الدقيقة من مراحل حياتنا السياسية , وإننا في منعطف خطير , وفي هذه المرحلة الحساسة من التنظيم والقيادة .
إنها أعاصير الاستخفاف , انظر إلى الحاكم الجديد في مصر أين برامجه للمستقبل وهو يحدث بطريقة حساباته عن عربات ولمبات وأمنيات .. أين هو من بناء المشاريع الكبيرة لتنمية جنوب مصر وتنمية سيناء للقضاء على الفقر والبطالة , وكذلك الحال في السودان والذي كان ينظر إليه بأنه سلة غذاء العالم , تجده اليوم يستورد الخضر والفاكهة من الأردن وقد تدمر مشروع الجزيرة وقضي تماما على وسائل النقل المتمثلة في السكك الحديدية , ولا نريد بعد هذا أن ينمو الفقر .
سبحان الله , القران العظيم أورد فرعون وجنده , وهامان أشارة إلى الوزراء , وقارون إشارة إلى ثروة المتكبرين . واليوم نجد هذا المعنى متمثل في الحاكم , ففي السودان ومصر رأس السلطة هو رأس الفساد , ثم الوزراء إلا من رحم ربك , ثم رأس المال المتكبر الذي لا يعمل على إنشاء مشاريع مفيدة , إنما استثماراته فقط في الربح السريع والعائد له فقط , وبعد هذا لا نريد للفقر أن ينتشر ..

ومن المعيب أن تشرق الشمس على السودان ومصر طوال العام ولا نجد أي استغلال  للطاقة الشمسية , وتجد المعاناة العنيفة في انقطاع الكهرباء , ومن قلة الكهرباء توقفت المصانع والمعامل , وبعد هذا لا نريد للفقر أن ينتشر ويزداد , وسينطبق الحال على العراق الذي ينتج النفط وعنده دجلة والفرات والآن يعاني الفقر وانقطاع الماء والكهرباء 
http://www.sasapost.com/opinion/poverty-in-sudan-and-egypt/.  

الثلاثاء، 20 مايو 2014

خشونة ركبة الرئيس والعلاج المجاني
الرئيس يعاني من أوجاع الركبة , فقامت الدنيا ولم تقعد على تحميده السلامة على الألم الذي زال من الركبة , وفرح المهنئون ومن لف لفهم من  الذين يودون أن تظهر أسماؤهم لدى الرئيس ويعرفهم المقربون منه , فيحصل الرضا , ومن بعده يسهل الحصول على التسهيلات .. لتهنئة الرئيس أو إبداء الحزن على ما أصابه ليس دون ثمن , تمتلئ صفحة كاملة في جريدة يومية ويذكر فيها اسم الشركة و مؤسسها وكذا الأبناء والأخوة وغيرهم أنهم يحزنون على ما أصاب الرئيس من ألم الحنجرة أو خشونة الركبة , ويدفعون بلا حساب في هذا الإعلان لأنهم يعرفون أنهم سيحصدون دون حساب ..
يا الله على أزمنة الأموال المبعثرة بسفه وبطيش وبغيبوبة تامة عن الذين يعانون ويخسرون على حياتهم السيئة وأحوالهم المعيشية و أمراضهم التي يحملونها منذ سنوات ولا أحد ليحس بهم .. يا الله على الذين يدفعون بلا حساب على مرض الرئيس أو حتى وعكته الخفيفة والخفيفة جداً بسعال أو زكام أو غيره أو وجع بطن ..
يخرج الآلاف للتهنئة وإعلان الحزن والألم ..
يا الله لو دفع هؤلاء لصندوق أسموه صندوق دعم المرضى وصندوق دعم المعاقين وصندوق دعم الذين لا يملكون لا بيت ولا وظيفة ولا حتى ملابس أو أحذية ..
بالله عليكم لو أمر الرئيس أمثال هؤلاء - وجاءته إحصائية بعدهم - وطلب منهم أن يدفعوا لإنشاء مستشفى على غرار 57357 لعلاج أهلنا المرضى بخشونة الركبة أو حتى خشونة الأحشاء لعدم كفاية الغذاء .. لأقاموا لنا أكبر مستشفى يعيد لنا مجانية العلاج ..
وإني هنا أنادي وأقول يا من تهنئون الرئيس على سلامة عملية خشونة الركبة , ادفعوا أموالكم في سبيل الله لتعالجوا أهلكم المرضى وما أكثرهم الآن .
إن بلادنا اليوم لا يعاني رئيسها وحده من أوجاع الركبة , ولكن بلدنا كله يعاني من الأوجاع فمن الذي يحزن له ومن الذي يقوم بعمل إعلان يعلن فيه أنه على استعداد لعلاج كل من يعاني فقر الدم و سوء التغذية .
وأنا على يقين تام لو جمعنا كل الذين أعلنوا في الصحف تهنئة أو مشاركة للرئيس على سلامته وقمنا بحساب مبالغهم المدفوعة للإعلان لعملنا على إعادة البسمة في بيوت كثيرة .
والرئيس له ميزانية للعلاج وله أطباء كثر في الداخل وفي الخارج يكلف مبالغ لا نعرفها ولن يستطيع أي صحفي بارز أن يخرجها لنا ويعطينا تفاصيلها , وكذلك الحال ينطبق على الوزراء والبرلمانيين وكبار ضباط الجيش والأمن والشرطة وغيرهم , يدفع لهم حساب حتى تتواصل القدرة على حماية النظام وحماية مصالحهم .. بالله عليكم اخجلوا يا أصحاب فرعون وقارون وهامان وجندهم , اخجلوا من أن تتعالجوا أنتم وأسركم في سويسرا وماليزيا وعواصم العالم الكبيرة وأهلكم بإحصائية ضخمة يعانون السرطانات وأمراض جديدة مخيفة لم تكن في أسلافهم ولم يكن يعاني منها أي سوداني فيما سبق , وكنا صغارا نتخيل أن الذي يموت هو العجوز , لأننا في قرية بأكملها لم نكن نسمع بسرطان أو قولون أو تضخم غدة درقية ..

إننا نهنئ الرئيس على سلامته من خشونة الركبة .. ولكننا نطالبه أن يخرج علينا ويشكر الذين هنؤه وحزنوا على آلامه , وأن يعلن آلامه وأحزانه لما يعانيه شعبه من قلة ذات اليد وتفشي الأمراض فيهم وليس لهم من يدفع لهم ثمن العلاج . والعلاج كله تحول إلى أيادي أصحاب الجشع الذين أقاموا المستوصفات والمستشفيات الفارهة .. وأنه يطالب بمستشفى المواساة لعلاج الفقراء مجانا ,وأن يكون حساب مستشفى الفقراء 89630 وهو التاريخ الذي شهد بداية الكارثة لتحول كل شئ حسن إلى ضده , فدخلنا في زمن ارتفعت فيه البالونات الفارغة في الهواء وسقط كل أصيل إلى أسفل سافلين ....

السبت، 17 مايو 2014

تتعجب الآن لكلمات متداولة في الفضاء الإعلامي من صحف و إذاعة وتلفاز و انترنت ومن يقولون : نحن تكنوقراط , نحن مفكرون , ونحن ليبراليون .
ولكنك الآن وأنت تنظر إلى الوضع الساخن في مصر .. ترى مدى هشاشة هذه المصطلحات , ومدى هشاشة وضحالة هؤلاء المؤسسين لهذه التيارات الليبرالية أوالتكنوقراطية أو العلمانية .
تتعجب أكثر وأنت تنظرإلى الكتل الهائلة من هؤلاء الناس وهم مصابون بجرثومة قاتلة , وهم لا يشعرون بفظاعة ما شبه لهم من لوثة الوقوع تحت حذاء العسكر فالرجل الذي استقال من الجيش ليقدم نفسه رئيساً ترى الكثيرين من هؤلاء لا يذكرون اسمه خالياً من كلمة المشير .. وهم في الحقيقة ينزعون إلى الركون إلى أحضان العسكر و الاختباء خلف البزة العسكرية والانبطاح تحت أقدام رجال الجيش .
وتسمع إليهم وبعد كل هذا السعي وهم يقولون بحرية الرأي والديمقراطية ولا قمعٌ لأحد .. وإن كنا نختلف مع من أزيحوا من المشهد المصري وأودعوا السجون وجرى القمع العنيف ضدهم فإن ذلك لا يستقيم لوطن يسعى أبناءه لإقصاء بعضهم بعضا .. ثم يخرج البعض علينا بمصطلحات لا تسمن ولا تغني عن جوع لا إقصاء .. لا منع .. لا تكميم للأفواه .. وحين تقترب إلى فكر هؤلاء , تفهم بحق أن هؤلاء يعانون ليس من فيروس  سي , ولكن أضف إليه سي أخرى لتصبح معاناتهم هي فيروس سي سي وإذا كان ذلك الفيروس سي يدمر الكبد فإن فيروس سي سي الجديد يدمر الفكر والأحزاب والحياة المدنية .
وأنظر الآن إلى واقع الحياة السياسية المعربة و أسأل أين حزب الوفد ؟ وأين حزب النور . وأين حزب الدستور ؟ وأين ؟ وأين ؟
وأنظر إلى واقع مجتمعهم وما أسموه بالإنقاذ , هل أنقذوا مصر وانتهى دورهم ؟
وهل قدروا أن يوقفوا العناد , أن التحدث عن عام سيء لحزب الحرية والعدالة والذي لم يسع لا لحرية ولا لعدالة هل يتساوى هذا العام مع عاماً من الفساد والتدمير والخراب وأين نضع عام عدلي منصور والببلاوي و السيسي وكل المجموعة التي تدير مصر من خلف الكواليس بسرية متآزرة ضد كل حر وكل مطالب بالديمقراطية الحقة , وكل منادٍ بحقوق الإنسان وكل منتقد لمنع التظاهر وكل صارخ في وجه السلطة وما نجهله في السجون وما يتكدس  به من أعداد كبيرة لدرجة ما كانت في التاريخ .. وكل من يتكلم في حق القضاء المصري وما أصدره من أحكام بالجملة , كل هذا يجعلك تعود إلى مبتدأ هذا المثال لتسأل أين التكنوقراط ؟ وأين الليبراليين ؟ وأين العلماني ؟ وأين أصحاب حرية الرأي والديمقراطية 

الاثنين، 12 مايو 2014


يتقاتلون ويتذابحون في الجنوب والشمال السوداني هو الخاسر الاكبر!


(1)

دولة جنوب السودان دولة حديثة نالت استقلالها في التاسع من يوليو / تموز 2011م , بعد حروب طويلة ومريرة مع شمال السودان , راح ضحيتها أكثر من مليون ونصف المليون مواطن من الطرفين .. الدولة غنية بالموارد الطبيعية ,من النفط والاراضي الخصبة والأنهار التي تجري تحتها , والأمطار الغزيرة معظم شهور السنة ..ولكن رغم ذلك تواجه الدولة الوليدة مخاطر الصراعات القبلية .. فالولاء والإخلاص للقبيلة أعمق وأقوى من الولاء للدولة .. فالصراعات الاثنية هي أخطر ما يواجه الدولة .. ويعمق تلك المخاوف أن سيطرة الحكومة المركزية على الجيش لم تكن محكمة .. وقرار سلفاكير رئيس الحكومة الذي ينتمي إلى قبيلة الدينكا وهي أغنى وأكبر القبائل في دولة جنوب السودان – بإبعاد نائبه رياك مشار ومجموعة من القادة واستبدالهم بموالين من قبيلته أجج الصراع أو بالأصح كان بمثابة نزع الفتيل عن القنبلة الموقوته ..

إن أسوا الحروب هي تلك التي تستعر على أساس إثني ..خاصة إن قابلت ذلك  سياسات تكرس روح الحرب , ولا تشجع على التصالح , بل تعمل على التجييش المستمر .. وهذا ما شهده العالم – للأسف- من عنف وعنف مضاد بين قوات الجيش الحكومي والقوات المسلحة التابعة لرياك مشار ..

إن أخبار القتل , وصور الجثث التي تملأ الشوارع , وروائح الموت التي تخييم على القرى المهترئة أصلا لسوء الأحوال الاقتصادية , وعدم وجود بنية تحتية أو مشاريع تنموية .. وقصص الاغتصاب والتعذيب يندى لها جبين كل إنسان حر .. فقد استخدمت القوات من الطرفين الاغتصاب كسلاح , فقد نقلت بعض المواقع الإخبارية قصص مروعة لحالات الاغتصاب .. وكان تبرير كل طرف أن يرد على ما فعله الطرف الآخر بنسائه !

محاولات لإجراء حوار جاد بين الفرقاء للوصول الى حل للأزمة الإنسانية الخانقة , فتنازل مشار عن شرط استبعاد سلفاكير نتيجة لضغوط أمريكية وإسرائيلية , وقال لام أكول وهو قيادي بالحركة الشعبية من قبيلة الشلك : ” إن رحيل سلفاكير عن السلطة مسألة صعبة يمكن أن تهدد الاستقرار السياسي والأمني بالدولة” .

تناقلت وكالات الأنباء خبر المصالحة بين الفرقاء الجنوبيين , فقد اتفق قطبا الصراع سلفاكير ميارديت ورياك مشار مساء الجمعة على وقف الأعمال العدائية بينهما في غضون أربع وعشرين ساعة ..ورغم المصافحة بينهما إلا أنهما بدآ متجهمين أثناء الاتفاق !

والسؤال هو : هل سيصمد الاتفاق ويرى النور على أرض الواقع ؟ أم أن الشيطان يكمن في التفاصيل , ويضاف إلى ذلك أن قيادات جنوبية ترى أن الزعيمين سلفاكير ومشار غير مؤهلين لقيادة الدولة الوليدة بعد أن تورطت قواتهما في سفك دماء أبناء الشعب الأبرياء , وتشريدهم وزيادة معاناتهم ..والمتمردون بالمقابل يطالبون بإبعاد سلفاكير عن قيادة البلاد .

هل سيسير الجميع نحو مصالحة عادلة ترفع عن كاهل الشعب معاناة دامت لأكثر من سبعة وخمسين عاما ؟! ويتجاوز الطرفان الخروقات المتبادلة بينهما.. فقد قال المتحدث العسكري باسم قوات مشار : أن الجيش الحكومي انتهك الاتفاق الذي يهدف إلى حل الأزمة . وأردف قائلا : “أن سلفاكير إما أنه منافق أو فاقد السيطرة على قواته” ..وبدورها الحكومة اتهمت قوات مشار بانتهاك الهدنة . هل ستكون الاتهامات المتبادلة ذريعة لاستئناف القتال ضاربين بعرض الحائط الضغوط الدولية ؟ أم أنها مناوشات من الممكن السيطرة عليها ؟

لقد حمل الشعب الجنوبي أحلامه وآماله بعيش رغيد وحياة هنية في ظل دولته الجديدة , بعد طول معاناة مع الحروب والتشرد والنزوح ..فهل يعمل الفرقاء على إنعاش هذه الأحلام وإيقاظ تلك الآمال ؟

ما نأمله هو أن يضع جميع الفرقاء خلافاتهم السياسية جانبا وأن ينضووا تحت لواء الإنسانية .. وأن يعمل الجميع على وقف الانتهاكات .. وأن يبدلوا مشاهد القتل والتقتيل بمشاهد التنمية ..وأن يكون الخطاب مكرسا لقيم التسامح والإخاء والتكاتف ..رافضا لانتهاك حقوق الآخر ..نابذا للعنف …

(2)

إن الصراع الدموي الدائر بدولة جنوب السودان يؤثر تأثير مباشر على السودان ..اقتصاديا وأمنيا .. فالاقتصاد السوداني المنهك يعتمد في موازنته على عائدات إيجار خط أنابيب البترول , والتي تمثل مورد مهم للعملات الأجنبية ..الحرب تسببت في توقف الإنتاج بأحد حقول النفط الرئيسية وتهدد بإيقاف حقل رئيسي آخر .. وبالتالي سوف يتوقف مورد هام للعملات الأجنبية يصعب على الحكومة سد فجوته لسببين : الأول : أن سياسة حكومة السودان الخارجية وتحالفاتها غير المتوازنة أفقدتها تعاطف الدول النفطية الكبرى (السعودية والإمارات) , والسبب الآخر : داخلي حيث أن الحكومة رفعت الدعم في وقت سابق عن المحروقات والسلع الأساسية مما تسبب في مواجهات دموية راح ضحيتها شباب أبرياء..فأي زيادة ربما تكون وقودا لاندلاع انتفاضة شعبية ثالثة عارمة تهدد بقاء حكومة البشير ..

وبالإضافة لتأثير عائدات عبور النفط سيتأثر السودان بوقف التبادل التجاري بين البلدين  ..

الاستقرار الأمني خطر آخر يتهدد السودان من جراء الحرب الدائرة في دولة الجنوب , فالحدود بين البلد ممتدة يصعب على كل من الدولتين السيطرة عليها وعليه ربما ينتقل الصراع إلى أراضي السودان مهددا حدوده الجنوبية ومناطق النفط بها  ..

نزوح أعداد كبيرة من مواطني جنوب السودان الى السودان يمثل عبئا مالي واجتماعي وأمني يزيد من إنهاك اقتصاده المنهك أصلا ..

(3)

تداعيات الحرب الدائرة في دولة جنوب السودان لا تهدد أمن السودان فحسب بل تتعداه إلى الأمن القومي العربي ..فدخول إسرائيل كمؤثر حقيقي في الصراع الدائر ..وضغطها لبقاء سلفاكير على سدة الحكم في دولة جنوب السودان غير خفي .. فدولة إسرائيل تبحث لها على موطئ قدم في العمق الأفريقي لتطويق العالم العربي , وإبعاد أكبر دولة عربية عن الصراع العربي المحوري المتمثل في تحرير فلسطين , . وتسعى لإضعاف مصر من خلال عمقها الاستراتيجي الحيوي السودان وأيضا تسعى للسيطرة إلى تأمين ملاحتها ومصالحها الحيوية بالسيطرة على البحر الأحمر .. فعملت الدولة على دعم المتمردين في جنوب السودان وعززت سبل الانفصال باكرا  فأتاها –موطئ القدم – على طبق من ذهب بانفصال جنوب السودان !

وبعد الانفصال كانت من أول الدول التي بادرت بالاعتراف بدولة جنوب السودان .

تشير الدراسات على أن منطقة الشرق الأوسط مقبلة علة فترة شح في المياه والذي قد يشعل حروبا في المنطقة ..والدولة العبرية فطنة لمصالحها فبدأت بدعم دولة جنوب السودان ودولة إثيوبيا للضغط على مصر والسودان وإضعافهما .

إن الحرب في دولة جنوب السودان على درجة عالية من الخطورة على الأمن القومي العربي .. فمن خلال ذريعة الدعم العسكري واللوجستي لحكومة جنوب السودان سيكون لإسرائيل وجود عسكري كثيف , يمكنها من الحصول على معلومات أمنية عن لدول المنطقة العربية...

http://www.raialyoum.com/?p=86848

http://www.alrakoba.net/articles-action-show-id-49507.htm

الاثنين، 5 مايو 2014

 الاحزاب التي نريد
هل الأحزاب هي الجهة الفاعلة لتطوير المجتمع ؟ ولتنمية الحياة والسعي بها نحو الأفضل " وهل هي النادي الذي يجتمع الناس حوله ليمارسوا السياسة والرياضة وشتى ضروب النماء ؟ هل هي المكتب الصحي الذي يسعى لنظافة البيئة وتجميل صور مدننا ؟ وهل هي العاملة على أن يتمتع الفرد بصحة وسلامة ؟ ما معنى الأحزاب في وطني ؟!
بعيدا عن الأطر القانونية ..التعريفات الأيدلوجية  .. والتفاسير السياسية المعقدة .. وبلغة بسيطة يعلمها رجل الشارع البسيط ويتفاعل معها ..ندلف إلى معاني أسماء الأحزاب وهل لها من أسمائها حظ ونصيب .. الحزب الاتحادي نشأ اسمه في وقت كان الهم أن يكون هناك إتحاد سوداني مصري ..ومضت الأيام ومررنا بتجارب عديدة لإقامة الاتحاد مع مصر ..فلا الاتحاد قام ولا التكامل نجح .. بل بعد التنازلات المؤلمة التي قدمها السودان من أجل بناء السد العالي ..استجدت نزاعات حدودية بينهما ..لا يدري الشعبين إلى أين تقودهما ؟!
وحزب الأمة ..هل قامت به الأمة السودانية ؟! وهل حافظ على الأمة من حلفا إلى نمولي ؟ أم أن الأمة عنده هي أمة الأنصار- فكرتها تستبعد أي طائفة أو أثنية أخرى  .. وإن كان هو حزب الأمة فأين مقاره في كل مدينة وفي كل قرية وفي كل بادية .. هل أقام الحزب أي تنمية للمناطق النائية ..أم أنه سعى فقط لتبجيل وتقديس شخص بعينه تركض الناس خلف سيارته طمعا في تقبيل الأرض التي مر بها .. أو حتى الحصول على بقية ماء تركها خلفه ؟!
وأخرج إلى فضاء حزب آخر , كونه تآمر على الديمقراطية وانقلب عليها .. ولكنه نال جزاءه بانقلاب تلامذته عليه ..نقصد به حزب المؤتمر الشعبي .. فلا كلمة المؤتمر مريحة تدعو للطمأنينة ..فماذا صنع القذافي بمؤتمراته ودورها ومقارها كان وبالا على ليبيا ..ولا كلمة الشعبي تجعلك في ميل نحوه ..فزعيم الشعبي خطابه مترفع متعال ..هل رأيتم الترابي وسط الغبش الكادحين في الأسواق أو حتى شباب الحزب رأيناهم وسط من ماتوا وهم يحلمون بالذهب !
وانطلق إلى عشرات الأسماء من الأحزاب .. وأسأل أين هي؟  وأين دورها الفاعل في المجتمع ..ثم نسأل عن دور المرأة في كل حزب ..
إننا شعب من الأحزاب .. وشعب من الصحف .. وشعب من كتاب الأعمدة ..وشعب من الشعراء ..وشعب من كتاب القصة القصيرة .. وشعب من السياسيين .. لكن حين تخرج إلى الشارع تجد الغبار والأتربة والسلوك غير الحضاري ..وتجد القمامة وتكدس القاذورات .. والآن كم تزحف الصحراء ويغزونا التصحر ..وتدفن أطرافنا بالرمل ..تجدنا كل يوم ندفن تحت ركام من الأوساخ والعفر وحين تستمع إلى المذياع أو تشاهد التلفاز تجد الكلام المنمق والأحلام المعلبة.. وتسمع إلى رؤساء الأحزاب : البرنامج طويل وجميل ومنمق ولكن على أرض الواقع لا تجد حزباً أو مستقبلاً لحزب..
وهل نصمت عن حزب المؤتمر الوطني ؟ لا لن نصمت ! هل استطاع كما المؤتمر الهندي أن ينجح في إقامة ديمقراطية تتداول فيها السلطة و أن يجعل العلم والتنمية ديدن هذا البلد .. إنه حزب جماعة ترى تماسكها في خطابها المتكرر وشخصياته المعتمدة على سلقوكم بألسنةٍ حداد .. وعضو عليكم الأنامل من الغيظ و أنه لحزب يعمل على فكرة تمكين أفراده و دعمهم وأن يقودهم ليكونوا أصحاب مصالح .. وهو حزب بخلفية دينية باهتة لم يستطع أن يحكم شرع الله .. ولم يستطع أن يجعل الحياة ذات رفاه , أو أن يجعل من الناس هداه مهتدين .. يتنافسون في حفظ كتاب الله و يتنافسون في حفظ أحاديث الرسول صلّ الله عليه وسلم .. أو أن يجعل من المجتمع مجتمع خير متآزر متحاب .. بل هو منذ ربع قرن يقود الحرب تلو الحرب وفي الوقت الذي يفسد ويسرق وينهب ويخرب المشاريع .. ينصب من نفسه المجاهد الكبير في سبيل الله .
بعد كل هذا السرد قد يسأل سائل : كل الأحزاب باهتة وغبية ولم تنجح في امتحان الشهادة الوطنية لتقيم دولة حديثة متماسكة متوحدة ؟!
نقول أن الأحزاب التي نريد حزب العمل الحق .. بمعنى تعلية شأن العمل والكدح والسعي للتنمية ..
وحزب الخضر .. الداعي للفلاحة والزراعة وأن تكون بلادنا بحق سلة غذاء العالم .. وأن تجعل في كل بيت مزرعة وحديقة وتزرع الأحزمة الخضراء حول المدن لتكافح التصحر ..وأن تحافظ على نظافة وسلامة البيئة ..وبحث النفايات المشعة وغيرها المدفونة في صحارينا ومعالجة أمرها ,فقد قاسى الناس عذابات أمراض ما كنا نسمع بها من قبل ..و نحن أولى من الأوروبيين بحزب الخضر لأننا مدعوون بأن نزع فسيلة ولو قامت القيامة ..
وحزب المرأة العظيمة .. الحزب الذي يعمل على ظهور المرأة في المجتمع بفاعلية أكثر ويعمل على أن تكون المرأة رئيسة الوزراء أو رئيسة البلد عامة وأن تمثل في الوزارات بنسبة خمسين في المائة وفي البرلمان بالنسبة ذاتها .. و تكون المرأة هي الأم الموجهة للمجتمع والحياة بصدق وإخلاص .. لعلها تنسخ زمن الذين دمروا حياتنا ...
http://www.alrakoba.net/articles-action-show-id-49484.htm