الخميس، 26 نوفمبر 2015

تداعيات تفجيرات باريس :
ماذا عن الغرب ، داعش والاسد؟
العديد من صور الكاركتير في الصحف العربية وهي تعبر عن تفجيرات باريس ، فتصور ان سهما واحدا أصاب احدهم وهو غربي ،أما الآخر وهو عربي سوري فعلى ظهره عشرات السهام . الكاركتير الاخر فهو يصور احدهم وهو مجروح أصبعه والعالم ممثل بشخص يربت عليه ويواسيه بينما العربي وهو يرقد على سرير وقد لف جسده بالكامل بلفافات بيضاء ولا احد قربه ليطيب خاطره .
إننا هنا ومع إدانتنا القوية العميقة الشديدة لكل انواع القتل والتفجير والسحل ، وندين بشدة ما قامت به جماعة داعش في باريس خلال العام الحالي سواء في شارلي ابدو او تفجيرات ليلة السبت او تفجير الطائرة الروسية او تفجيرات الضاحية في بيروت ، انها جميعا تشعر بالأسى والاسف وتفجرطط الاحزان .
إن جئنا الى ما بعد الموت والغياب الذي شمل كل الانفس البريئة ،نجد ان هناك خلق إجرام تفجيري إجرام آخر هو أكبر وافظع وأشنع ، أن الذين ينادون بالحرية والسلام والكرامة الإنسانية وحقوق الكل في العيش الطيب هم من يعملون ضد جميع هذه المعاني . هؤلاء الذين يملاون الاعلام صباح مساء عن حضارة الغرب وإيمانه بالديمقراطية وحقوق الانسان وكرامته وعلو شانه وسمو حياته ، تجدهم يطبقون هذه الافكار ومعانيها بقوة ويدافعون عنها عند اهلهم وانسان بلدانهم ، لكنهم خارج مطاف الجغرافيا لديهم فهم غير رحماء إن جاز لنا التعبير . تجدهم في كل الارض يعملون مع الانسان بالعنف والقهر والسحل ويقغون في سبيل ان ينال حقوقه او ان يحيا حياته على طبيعته ويكسب حريته .
الغرب بكل حضارته الحالية وتقدمه ونظافته واسلوب حياتهم الراقي في كل شئ ، ليس بربئا ونظيفا حتى النخاع . أن اعداد القتلى والمسحولين والمغيبين الذين تسبب الغرب في غيابهم تفوق اعداد من قتلوا وسحلوا في كل تاريخ الأرض . انظر أعداد الضحايا خلال القرن العشرين ، بدءا من الحرب العالمية الاولى وحتى حرب بوش ضد صدام في الكويت تجدها اعدادا لا يمكن تصورها ، وإذ بالغرب يقيم الدنيا ولا يقعدها مع تفجير راح ضحيته مئة او يزيد . إن ديننا الحنيف يقف عند النفس الواحدة (ومن قتل نفسا بغير نفس فكانما قتل الناس جميعا ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعا ) ، وفي سوريا لم يقتل شخص او اثنين وأنما قتل ما يقارب الثلاثمائة ألف ، ولا يخفى على احد ان الاسد هو من تسبب في ذلك ، والغرب يعرف ان الشعب الذي يقتل إنما هو شعب اراد الحرية وثار لينال كرامته، فآذا يآلة القمع الأسدية تحصد ارواحهم لوقف حراكهم المشروع في كل الشرايع والمواثيق . ووقف الغرب الذي يعيش بوجهين غض الطرف عن السبب الحقيقي لثورة سوريا ، وبعد ما يقرب من الخمس سنوات ، إذا بالاسد هو البرئ عند الغرب ويجب الحفاظ عليه ، فبقاءه من امن إسرائيل .
وفي الوقت الذي يذرف فيه العالم غزير الدمع على ضحايا فرنسا نجده يغض الطرف عن افعال إسرائيل الدنيئة . ففي خلال شهر منذ انتفاضته ، قد قتلت ما يقارب المئة من الانفس ، وذلك شئ عادي فكأن شيئا لم يحدث . غزة منذ سنوات تعاني الحصار وكان شيئا لم يفعل ضد الانسان فيها . والغرب المتحضر حتى كندا وامريكا تلوذ بصمت القبور ، فروح انسانهم في المقدمة وارواح غيرهم في الحضيض.
ومن تابع مسيرة الثورة السورية الحقة ضد نظام الظلم الاسدي يفهم جيدا ألاعيب الغرب في قمعها وفي قمع الثورة المصرية وإهدار الثورة الليبية ، حتى إنك لتصدق ان زمن ميارك أو زمن القذافي هو النعيم الحق والجنة المفقودة . يا الله ! ..على الموازين المقلوبة ، الاسد يصبح جزء من الحل ويصبح هو الفارس الذي يجب مكافأته من قبل القرب بإقامة الحوار معه، وهو الذي لم يستمع منذ خمسة سنين إلا لاصوات جماعته وإيران وحزب جنوب لبنان .هل الآن أصبح ديمقراطيا ، وتجاهل الغرب تاريخه ووالده الأسود في القمع والقهر والسحل والاغتيال .
ومع كل ما جرى ضد ااثورة السورية الحرة , اجدني أردد تلك الكلمات المدهشة للناشط الحقوقي الأمريكي مالكوم إكس - رحمه الله ، حيث يقول : ( ان لم تكن فطنا فإن الجرائد و سائر وسائل الإعلام ستجعلك تكره المضطهدين وتحب الذين يمارسون الاضطهاد ، فوسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الارض ، لديهم القدرة على جعل المذنب بري وجعل الابرياء مذنبين ، وهذه هي السلطة لانها تتحكم في عقول الجماهير ) انتهى كلامه ..
واجدني أقول ان ما يمارسه الغرب مع العرب والأفارقة هو ضد كل تحرير يسعون إليه، وإذ اقول مثل هذا القول لا اسعى لتحريض ضد الغرب ، ولكنه التحريض لأنفسنا عسى ان نفهم ان الغرب في أفعاله غيره في أقواله ، الاقوال ناصعة مليئة بالحقوق والكرامة ، والافعال قميئة معباة بالحقد والقتامة . واننا لناسف على ضحايا تفجيرات باريس وغيرها من الذبح والسحل والحرق، وتجدنا نألم ونأيى لمن مان من أهلنا فاكثر من ربع مليون روح طاهرة في سوريا وحدها . وأصحاب الياقان والابتسامات يواصلون اللقاءات والمداولات والاجتماعات . لتجد نفسك أمام كلمة تنسب إلى جوزيف استالين حيث قال : وفاة واحد مأساة ، وفاة مليون إحصائيات .
ولا نختم الا بالقول ان الغرب والاسد وداعش كلهم يمثلون المؤامرة والغدر ضد الانسانية والكرامة والسعي للحرية والحقوق والمستقبل المشرق .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق