الأربعاء، 17 يوليو 2019

دموع درير
ــــــــــــــــــ
بقلم / أسماء عبداللطيف
ـــــــــــــــــــ

الدموع التى طفرت من عينى محمود درير هي دموع غالية تخلّد صورتها بأكثر مما خلدت الموناليزا وصورة ذلك الطفل الذى تنحدر دموعه فى أجمل لوحة عالمية لكم تمنيت أن أكون بارعة فى الرسم لأخلّد هذا الجمال الذى تدفق من عيني هذا الجار الأثيوبي العزيز ولكم تمنيت أن امتلك قدرة النحت كمايكل انجلو لأنحت هذا الوجه الرائع وقد اقرورقت منه أعينه بالدموع ولكننى مع لحظة صدق الرجل وهو يشهد لحظة تؤرخ فى التوافق والتسامى والتسامح ان صدق فيه الفرقا
ووجدتنى وأنا أتأمل اللحظة إلا ان سمعتنى وأنا أنتحب وأبكى بكاء واسعا لم أتذكر اننى بكيته من قبل وذلك أن اللحظة قد جمعّت فى ذهنى كل معاناة أهلنا فى كل شبر من أرض السودان تذكرت المهمشين والمغبرين والرجال والنساء وكل الكادحين فى ارضنا وهم يعانون العذاب والفقر والمسغبة والآلام المكتومة والضرر والأذى الذى عاشوه طوال عقود ثلاثة وهم يئنون ويصرخون ويدعون ويتضرعون بكيت وأنا أسائل نفسى هل هم على موعد مع الفجر هل هم على موعد مع السعد ولو بعد حين 
ثم عدت الى دموع درير ومضيت على ما حرّك مشاعره تجاه الجار السودان عله استحضر طيبة من عاش معهم من شيوخ وشباب هم أنفسهم هذه المدنيه وهذا التوق العجيب الى الحرية والى التسامى فوق الجراح رغم ما شهدوا من هول مجزرة فى آخر يوم فى رمضان والناس تُمنى النفس بالعيد السعيد أن يجمعهم مكبرين مهللين لعيدين سعيدين عيد الفطر بعد رمضان المبارك وعيد الفطر من قمعِِ اوردهم الجوع والضنك والمسغبة
طفرت دموع درير وهو كم قد صافح صديق يوسف الذى سعى وكافح للحرية منذ خمسين عاما 
طفر الدمع من درير وقد سار لأيام مع نخبة من شباب هم الجمال والصباحات الندية المتفتحة لخير السودان هذا البلد العملاق الذى يكفى العالم كله وليس أهله البسطاء الطيبين المبتسمين دائما ولا تسمع عندهم إلا تكرار الحمدلله والذى حياتهم السلام وحتى ان سلموا عليك او سلمت عليهم عانقوك ولزموك وما تكرار السلام لوقت طويل بينهم إلا دلالة خير لأنفس لا تحب سوى الخير والنبل للناس
طفرت دموع درير وهو يقول لدواخله مع هذه الشلالات من العذوبة فى هؤلاء السمحين كيف ألتوت أنفس بعضهم وسوّل لهم الشيطان أن يذهبوا فى طريق الغدر والخيانة ؟ كيف أغوى الشيطان فئة من هؤلاء الذين تفيض وجوههم بشرا وفألا وطيبة وسماحة وسلاما ؟ كيف كيف. ولماذا إنحدروا مع الشيطان فى غيه

وطفرت دموع درير وهو يرى اكف الفرقاء وقد تعانقت وهو يراهم وكأنهم هم الذين طفرت الدموع من أعينهم لأجل بلدهم الذى إن رأى النور بعد سنوات السوء والظلام فسوف يكون منارة لكل الدنيا 
طفرت دموع درير وهو يقارن بلاده التى خرجت من الديكتاتورية الى فضاء المدنيه فأصبحت درة فى افريقيا خلال أعوام وجيزة فكيف سيكون حال السودان خلال الخمس سنوات القادمة وقد لبس أثواب التقدم والرياد بعد أعوام السواد والرماد والحداد لكن الله على كل شئ قدير وهو الرحمن الرحيم وطفرت دموع درير وهو يسبح فى كل فضاءات السودان وقد حكى له الشباب والشيوخ عن الأراضى الشاسعة الصالحة للاستثمار وعن مشروع الجزيرة والفاو وعن ارض الذهب وارض الأنهار وارض المعادن كلها
وطفرت دموع درير وهو يعلم كم هذه البلاد غنية بإنسانها الذى طوّف فى الأفاق فكم لهذا البلد من ثراء عجيب فى كفاءاته وقدرات ناسه فى العلم والادب والفن فكل افريقيا جنوبه وشرقه وغربه كانت تعيش الحلم فى الذهاب للخرطوم وكانت تمثل عند بعضهم وكأنهم سافروا الى باريس فانسان هكذا ما شرده الا فئات الضلال الذين تبعوا إغواء الشيطان فى الفحش والفساد والثراء الحرام فعمل على تمكين شلته وطغمته 
طفرت دموع درير وهو يرى أن الغد بإذن الله سيخرج هؤلاء البسطاء الطيبين من ضيق العيش وضنكه الى رحابة الحياة الرغيدة وسعادتها وانهم ليستأهلون الخير والعطاء والنماء>
ختامه مسك سأختم مقالي هذا بكلمة الوسيط الأثيوبي محمود درير وهي كلمة تكتب بمداد من نور وتحفظ للأجيال القادمة .
نص كلمة الوسيط الأثيوبي للسودان محمود درير الذى لم يستطع حبس دموعه خلال الإعلان عن توقيع الإتفاق السياسي بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي :

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله. وصحبه أجمعين .
الإخوة والأخوات من الصحافة المحلية والدولية لقد كان لنا الشرف كوسيطين ممثلين للاتحاد الأفريقي ودولة جمهورية أثيوبيا الديمقراطية الإتحادية أن نكون شركاء فى مرحلة حاسمة من التاريخ الحديث لهذا البلد العظيم السودان وهذا الشعب الأصيل _ ( وهنا بكى السفير محمود درير وطفرت الدموع حرى من عينيه )_ الذى يجب أن يخرج من بوتقة الفقر ومن بوتقة الحصار المفروض عليه ومن سجل ما يسمى بدولةِِ داعمةِِ للإرهاب .
هذا الشعب العظيم يستحق هذا اليوم التاريخي الذى تكاتف أبناؤه لا أقول الفرقاء ولا أقول الجهتين ولكن أقول الكتلة الواحدة الموحدة لجيشه العظيم المجلس العسكري الإنتقالي وأبنائه الأشاوس قوى إعلان الحرية والتغيير .
هنيئا للسودان
هنيئا لأفريقيا .

هناك تعليق واحد: