الجمعة، 3 يوليو 2015

السر قدور : أنسام الزمن الجميل
التحية في البدء للشفيع عبد العزيز حسن , وضيف برنامجه الدائم الوالد السر أحمد قدور , الضحكة الرنانة والكلام العذب . وهو ىخر من تبقى لنا من سيرة الزمن الجميل , والأمس الرائع بكل ما فيه من حكايات وأساطير ..
    برنامج أغاني أغاني تنمو سنواته .. وإن كان يجذبنا فهو مغناطيس المشاعر الذي يلصقنا بالزمن الماضي .. وكأننا نجول في شوارع أم درمان .. وأنت ترى الحركة الدائبة في الإذاعة الناشئة في العام 1940 م , وكأنك ترى السر قدور والذي قال عن نفسه أنه دخل الإذاعة حينما كان عمر في السنة السابعة عشرة , وكيف أنه قام بكتابات عدة تمثيليات إذاعية في ذلك الزمن وكيف أنه تصادق مع زملاء أذكياء كأمثال إسماعيل خورشيد وغيرهم ..    التحية للسر قدور وهو يقدم أغاني أغاني , وهو الوالد الجميل مهندم في ملابسه ,راق في جلسته , فيما نرى صغار السن الشباب وهم يجلسون جلسات عجيبة أمام الكاميرا .. أين المخرج , وأين المصور ؟! وأين منسق الديكور من نظرة لهذه الملابس المزركشة ..نعم لا نحجر على من يلبس ماذا يلبس لكن الذوق الذي نراه في اختيار والدنا السر أحمد قدور لملابسه يجعلك تتساءل لماذا ينزع هؤلاء الشباب إلى لبس ملابس هي أقرب إلى (اسكيرتات) البنات .. وإن كنا في الصيف نرى ( البالطوهات).. نعم إن لكل زمان موضه ولشباب ما يروق لهم ولكن هناك ذوق عام يجب مراعاته ...
  ما علينا من ذلك إلا إننا نشيد بذوق الوالد السر قدور وعاصم البنا أما البقية  فملاحظاتنا عليهم نحيلها للمخرج ومنسق المناظر .. ونحيلها كذلك إلى الشفيع حسن ..
أما ما يقدمه الوالد فإننا نحس أنهم حينما يجلسون يبدأون عفو الخاطر , بلا تنسيق مسبق لأن أغاني رمضان هذا العام نحس فيها المجاملة وذكر بعض الشخصيات وكأنهم قبل البرنامج بقليل ذكرهم أحدهم هذا الشاعر أو ذاك ...
ولأن الوالد السر قدور قد عاش بحق خبرة أواخر الأربعينات من القرن الماضي وهو يافع .. وكذلك مدة الخمسينات والستينيات بكل عنفوان الفن بها .. فإننا كنا نأمل أن يكون برنامجه بكل ما فيه من ترفيه ولطائف وضحكات أن يكون موثقا لذلك الزمن الجميل .. إنني حين أراجع مجلة هنا أم درمان وما كان يقدم فيها من تفصيل برامج الإذاعة .. تخيل أن الآن مجلات متخصصة تقدم مسحا شاملا لبرامج التلفاز والإذاعة ونحن فعلنا ذلك قبل نصف قرن من الزمان أو يزيد .. كنت ألحظ في تفصيل البرامج .. أنهم يكتبون مثلا : نستمع إلى فاصل غنائي الساعة العاشرة والربع صباحا ومن ثم ذكر أسما بعض المطربين أمثال صالح سعد وصالح الضي وحسن درار  وحسن سليمان والتجاني مختار ومحمد حسنين , وعمر الشريف ,وبخصوص أسماء كصالح سعد , فإنني استمعت ذات مرة في الإذاعة إلى صوته العذب وهويغني أغنية من كلمات عبد الرحمن الريح وهويقول فيها :
غاب عن عيني جمالك مالو
الربيع إنت وإنت جمالو
يا زهر يا نضير
حرت منك تفكر
هذه الألوان
للجمال عنوان
وبقلبي مكان كل أمالو
 كيف ظهروا وكيف اختفوا ؟!إننا هنا مع ذكر هذه الأسماء آمل أن تكون موضع تعليق والدنا السر قدور ليذكر لنا بعضا من سيرة أول فنان عزف العود أو كما تم تداوله وهو الفنان عبد الحميد يوسف .. أو يذكرنا بالفنان السيوفي .. وبهاء الدين عبد الرحمن وذكرياته مع الكاشف الذي غنى من كلمات السر قدور يوم المهرجان .. وذكرياته مع عثمان مصطفى الذي غنى : عندي كلمة عايز أقوله فيها من عمري ابتسامة وفيها من عمر الطفولة .. وكنا نأمل أن يحدثنا عن أصدقائه الملحنين امثال : أحمد زاهر وخليل أحمد , وعلاء الدين حمزة , ووعربي الصلحي وبرعي محمد دفع الله .. فإنهم قدموا باقات رائعة من الغناء السوداني .. إن تذكر الفنان يطغى على كثير من أسماء الشعراء , وكثير من أسماء الملحنين .. آملين أن يضع البرنامج خارطة طريق تقسم بالتساوي , بين الفنانين والشعراء والملحنين وتاريخ تقديم الأغنية ..فإن هذا الإرث الجميل الرائع نأمل أن يتم التوثيق له كما يفعل الرائع عوض بابكر لغناء الحقيبة .. كما نأمل أن يتناول السر قدور ما قدمته الإذاعة السودانية من برامج اعتنت بالغناء كبرنامج صالة العرض وبرامج المبارك إبراهيم , وبرنامج أشكال وألوان الذي نسيت اسم صاحبه وهو كأشهر برنامج اكتشف المواهب ..ومع ذكر بنامج كشف المواهب نأمل ان يحدثنا الوالد قدور عن عبد الرحمن الريح وكيف أنه كان مؤسسة لاكتشاف المواهب , منهم من واصل رحلته الفنية ومنهم من مات ومنهم من اختفى وآثر الغياب .. وأجمل ثمار عبد الرحمن الريح هو الفنان الراحل إبراهيم عوض ..
أما عمر الشريف والذي كان صديقا للفنان الكابلي فإن أشهر أغياته سمعتها من الإذاعة من كلمات مبارك المغربي رحمه الله , تقول الأغنية : 
إنت يا راحل 
في الفؤاد حبك ..أصلو ما راحل
ومنها الكسرة الشهيرة :
انت وين ..انت وين
يا غرام الروح
فرفقا بينا في ربيع ريدنا
ما نهلنا غرام 
عمرك كان عاجل
وذكرياته مع صلاح بن البادية الذي غنى من كلمات السر قدور (يا حلوة يا ست البنات) ولا بأس أن يفصل لنا تاريخ كلماته فإنها عذبة وهل يمل الانسان من كلماتك يا سر قدور وهو يطرب مع الكاشف ( أنا إفريقي أنا سوداني ) ..
أما ذكرياتك مع إخوانك الشعراء لذلك الزمن السعيد كأمثال على محمود , واسماعيل خورشيد الذي ترك في الاذاعة أعذب الأغنيات كأمثال أغنية (داري عينيك عينيك داريها ) أنا شفت عيون **كتير وشفت عيون الليل صاحية 
ولكن عينيك ما شفت شبيها .. وأن تحدثنا عن ذكرياتك مع عبدالمنعم عبدالحي .. وعبد الرحمن الريح..
 وإن كانت لي ملاحظة أخيرة : آمل من المخرج أن يعدل الجلسات المنفرطة لبعض الشباب .. ولينظر الجميع لجلسة الوالد السر قدور المعتدلة الرصينة , متعه الله بالصحة والعافية وأطال الله عمره لمزيد من الضحكات والسرور في زمان يحمل الكدر والغبر...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق