الاثنين، 24 مارس 2014

الطريقة الفرعونية في تداول الحكم
كل شئ له تاريخ صلاحية يفقد بعدها أي مفعول له أو فائدة ..وسنة الله في كونه أن تكون الحياة مراحل ,تنتهي مرحلة لتحل محلها أخرى وكل منها لها ما يميزها .الطفل تنتهي فترة رضاعه بالفطام ليبدأ حياة أخرى أكثر حيوية واعتمادا على النفس ..وفي التعليم الطالب يكمل مراحل تعليمه ليبدأ حياته العملية يطبق فيها ما ناله من علوم وخبرات وتجارب ليفيد بها بلده ,وأهله وعشيرته بل الانسانية جمعاء. والمرأة جعل الله لها في الطبيعة فترة للحمل والولادة ثم تقعد .
ولماذا سن العالم قانون المعاشات ؟!
ولكن الحاكم العربي يخالف كل قوانين الحياة ,ليبقى في كرسيه الى الأبد..فلدينا رؤساء تحجروا على كراسيهم وما زالوا يطلبون المزيد .ولم يغادر أي منهم كرسيه طواعية فمن هلك منهم مات وهو ممسك بالكرسي وغارق في دماء شعبه من صدام حسين الى القذافي الى من خلعوا كمبارك وبن علي وعلي عبد الله صالح ,الى بشار يتشبث بالبقاء على أشلاء شعبه الي البشير الذي يريد ولاية أخرى على كومة وطن مفتته الى بوتفليقة الرئيس المريض ..والغريب حتى القادة الثوريين يبقون حتى الموت كياسر عرفات ...
هذه طريقة فرعونية سيئة ..ففرعون من قبل أن يولد موسى عليه السلام قال  له السحرة أنه سيولد من يزلزل عرشه فأمر بقتل كل صبي يولد .وشاء الله أن يولد موسى ويرضع ويكبر على عينه ويهاجر بعد صار شابا ويتزوج  ويقضي الأجل في مدين ثم سار بأهله ..ويظل فرعون طيلة المدة على عرشه ..الى أن أرسل الله موسى ..كم قضى من الزمن حتى أغرق فرعون ..إنه لعمر طويل حقا !
الانظار الطويل من شيم ابليس فقد قال رب انظرني الى يوم يبعثون .... الجلوس الطويل على سدة الحكم يوحي إما بالفرعونية أو الابليسية !
إن كان للحاكم صلاحية لا تنقضي وقوة لا تنتهي الى ضعف ,فأحسب أن الشعب سيكون كذلك ..فليلغوا صلاحية الأشياء وألغوا سن للتقاعد وليعود جدي وأبي الى أعمالهما ..ولتعمل النساء مدى الحياة ...ولتكن لهم قوانين تخالف قانون الطبيعة التي خلقنا عليها ربنا تبارك وتعالى ..وليتحدوا (من نعمره ننكسه في الخلق )أليس هذا ما يريدونه ؟!
وفشل الحوارات الوطنية في بلداننا العربية سببه هو الجلوس الطويل على الكرسي الذي يجلب مزيدا من الأذى والدمار
كم أترحم على ابراهيم عبود ..فهو في قمة قوته وفتوته عندما قامت ثورة اكتوبر 1964 رفض حتى ترقيته الى رتبة فريق وغادر كرسي الحكم برتبة لواء ..ورغم اختلافنا معه ولكن نحمد له مغادرته وحقن الدماء..
فكم من دماء أريقت وكم من أرواح أزهقت بسبب التعنت والاصرار على البقاء في سدة الحكم .ولكنها اللعبة الاقتصادية ومجموعات المصالح من جمارك ورؤوس أموال ومستثمرين ومستثمرين في الخفاء ,كل هؤلاء وغيرهم مصلحتهم في بقاء الحاكم ..أما الانشاء وما تكتبه جرائدهم فلا أحد يصدقه ,فكلها تطيل أمد الجلوس على الكرسي .وتضارب هذه المصالح مع ذهاب الحاكم هي سبب كل المشكلات القائمة في دولنا العربية
ما نراه الآن من ماس في العراق بسبب النعرة الطائفية البغيضة ,فقد راح طاغية ليحل مكانه طاغية آخر..وشلالات الدماء في سوريا ..لا أعتقد أنه كان سيكون لها مبرر لو كان هناك تبادل وتداول سلمي للسلطة بين أحزاب واعية بمصالح الوطن والمواطن ..وما حل بليبيا من تناحر بين المليشيات المسلحة وتدخل للدول الاوروبية وغيرها ونهب لثروات البلد كلها بسبب تعنت القذافي واصراره على الجلوس على الكرسي وتطبيل أصحاب المصالح له فقد كاد يقول أنا ربكم الاعلى !
ومأساة السودان في حاكم ظل جاثم على صدر البلد ربع قرن من الزمان ويطمع في المزيد ..ومعارضة شارفت أعمار بعض شيوخها الثمانين وآخرون منهم تعدوها ..فرأى السودان من الكوارث أسوأها ,مطوق بثلاثي وقح : فساد وفقر وتفتت .أما اليمن فمأساته تفوق الوصف ,وأقعدته الحرب والجهل والفقر والمرض ...
مجموعات المصالح في مصر تسعى لصنع فرعون بديل ..رغم أن المرحلة تحتاج الى رجل رشيد عادل على سدة الحكم لا ينحاز الى فئة دون أخرى ..قبل أن تأتي التدخلات الخارجية وتعمل على تغيير الواقع بقوة لصالحها وعندها لا ندم يجدي ولا بكاء سيفيد !
مات سليمان عليه السلام ولم تدري الجن بموته ..ونحن اليوم والله لا ندري هل الحاكم عائش أم مات وما نراه هل هو تمثال من الشمع أو روبوت شبيه بالحاكم يوهمنا بوجوده!
إن الله جل وعلا منّ على سيدنا سليمان عليه السلام بأن سخر له الجن ..ولكن الحكام وزمرهم في بلادنا يسخرون الشعوب كلها تحت امرتهم .
أجل إن هناك مدح لطول العمر ولكنه مشروط بحسن العمل (خيركم من طال عمره وحسن عمله) ..الذين تسمروا على الكراسي لأزمنة طويلة , هل حسنت أعمالهم ؟!
رغم كل هذا الركام من الآثام والآم والمآسي ..إلا أن الامل بواقع أجمل مازال يعيش فينا ..والآمال الآن معقودة على فتية آمنوا بربهم .
                                                   
                                                                أسماء عبد اللطيف
 http://www.raialyoum.com/?p=67039

twitter : @asmaAbdullatif1

http://www.alaraby.co.uk/opinion/c4e0a7d7-6dd4-4292-83ca-4443d7188022

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق