الأربعاء، 2 أبريل 2014

هل السجون للتأديب والاصلاح حقا ؟
السجن للتأديب والإصلاح هكذا كان يقال .. وفيما مضى كانت السجون في كل أدبياتها هي لكل من ارتكب جرماً , ومن قضت المحاكم بتحويله إلى السجن .. وسجناء الرأي كانوا قلة .. كنا صغاراً في المرحلة الابتدائية نسمع أن جارنا فلانٌ يقضي أيامه في السجن لأنه شيوعي وكانت هذه الحالة تستدعي أسئلةٌ عدة لا نعرف لها جواباً .. لماذا ولماذا ؟ وهل هذا الشيوعي خطيرٌ على الناس وعلى من سجنوه أكثر ممن قتل أو سرق أو اعتدى ؟
وريداً رويداً مع انتشار العلم والثقافة وفضاءات المعرفة ازداد عدد السجناء ووصلنا إلى سجناء الرأي .. وما كنا نسمع عن امرأة سجنت إلا من ارتكبت جرماً أو فحشاً , ولكننا أصبحنا اليوم نسمع عن عشرات النساء في السجون إلا أنهن عبرن عن رأيهن أو صرخن في وجه من ظلم أو تجبر و تكبر .. هل هناك اليوم جهة لدراسة إجتماعية تعطينا إحصاء عدد النساء في الوطن العربي , والمدد التي قضينها .. إن صور نساء العراق في السجون لا ينساها أحد .. فالسجينات العراقيات يتأثرن تأثر مباشر بالأزمة الطائفية التي تعصف بالبلاد فالنساء يتعرضن للإهانة والإعتداء الجسدي بسبب انتماءاتهن الدينية .. ولكن الصمت عنها كبير والمطالبات من الجهات الناشطة لإطلاق سراح هؤلاء قليل وخجول .
وإن أحوال النساء في سجون الاحتلال وما يلاقين من ظلم وجورهو جانب مُرٌ أليمٌ مسكوت عنه .. أما السجون في السودان فواقع مظلم وخاصة للنساء فالواقع الاجتماعي الهش نتيجة للنزاعات والحروب المستمرة لعقود فهو ظلمٌ آخر يتعرضن له في داخل السجن أو عند خروجهن للمجتمع ..
و الأسوء هو حال الأطفال المرافقين لأمهاتهم في السجون فالدولة لا تخصص لهم أي رعاية .. من مأكل أو مشرب أو ملبس . أين الجمعيات الحقوقية ؟ هل من برامج لتأهيل هؤلاء النساء حين يخرجن من السجن ليكن نساء فاعلات في المجتمع ..
وإننا حين نتحدث عن السجن فإننا لا ندافع عن النساء فقط ولكننا نصرخ في وجه كل سجان لمراعاة أحوال الرجال والنساء على السواء ..
مما دفعني إلى هذا الكلام حول ما يتم تداوله عن مأساة المعتقلين السياسين في السودان ومصر وما يشار إلى من أعداد ضخمة , يعيشون في أوضاعٍ مأساويه ومنهم من هو مريض ويحتاج إلى رعاية ومنهم كبار السن , وجميعهم لهم الحق في الحياة بصورة إنسانية كريمة ..
فالسجن مأساةٌ ويكون أشد خطورةً وألماً على كرامة الإنسان حين يكون مرتعاً للضرب والسب والتعذيب والتنكيل بشتى الأشكال ولنا أن نتساءل أين جمعيات الحقوق و النشطاء  من جميع ما يجري في السجون العربية وأوضاعها , وهل هناك دراسة موثقة لعدد مباني السجون في وطننا العربي وعدد السجناء وهل يستطيع موثق أن يوثق شيئاً مثل ذلك ؟!!.. إن منفستو فرعون في التعذيب لا يزال مستمراً : (فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ ) هذه هي ثقافة السجون .
فسجن غواتنامو لم يجد حقه في النقاش في الوطن العربي .. حكامنا لم نسمع منهم أحداً شجبه أو دعا إلى إغلاقه أو تقديم المتهمين الى محاكمة عادلة . ولكننا انفعلنا مع قصص الذين رووا لنا معاناتهم فيه وحكوا عن مأساتهم وما لاقوه من عنت وعذاب . إنها قصص تفري النفس وتفتت القلب وتدمي اليافوخ .كل دولة عربية لها رعايا هناك .
أننا مسجونون في أرضٍ في مساحة وطن . فكيف حال هؤلاء الذين يعيشون في زنازينهم في مساحة متر في متر هي عيشةٌ أقرب للموت من الحياة .
يا الله .. إسرائيل تفاوض رفات ميت , وتفاوض على جلعاد واحد , و الفلسطينين عشرة آلاف أو يزيد في سجون الاحتلال ونفرح عندما تفرج إسرائيل عن بضع عشرات منهم وننسى مأساة السواد الأعظم منهم .. يا لسعادتنا بالكلمات الرنانة : يوم السجين , يوم المعتقل , ولكننا لا نفعل تجاههم أي شيء سوا أن نمنحهم المزيد من الكلمات التي لا تسمن ولا تغني ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق