السبت، 1 نوفمبر 2014


حول زيارة البشير الى مصر
بعد عودته من الحج ، صرح الرئيس البشير بأن حالة الفتور بين السعودية والسودان قد انتهت . وهو بذلك يؤكد ما تداوله النشطاء حول استقباله في جدة وهو قادم للحج من أنه كان استقبالا فاترا، أو لنقل لا اسقبال على الاطلاق ، وكأنه تاجر من التجار أو رجل أعمال لا يهتم بحضوره أحد ..ولكن الرئيس الشيخ وببركاته وبعد زيارته للشعائر المقدسة في عرفات ومزدلفة ومنى ، توصل إلى أن الفهم الصحيح لما تريده السعودية هو عين العقل وهو مسار الحكمة والاتزان . والمطلوب هو أن يكون بجوار مصر . وأن يضع يده في يد السيسي . وأنه هو والسيسي يجمعهما يوم الثلاثين من يونيو —ففي مصر يوم الثلاثين من يونيو أتى بانقلاب السيسي وزير الدفاع على رئيسه المنتخب .وقبل ربع قرن وفي الثلاثين من يونيو جاء البشير بانقلاب وخديعة كبرى دبرها حسن الترابي . وسموه الانقاذ الذي لم ياتي بأي إنقاذ لاهل السودان ، بل أصبح السودان أشد حالات الضيق والحرج طلبا للإنقاذ من جديد !
وبالطبع فإن الرئيس البشير وقد أدى مناسك الحج واستغفر ربه وأناب ، وصلته التوجيهات والاشارات السعودية من خلال اللقاءات في الحج وبعده . بأن عليه أن يعمل بجد واجتهاد في دعم النظام الجديد في مصر ، وعليه أن ينسى وإلى الأبد أنه قد جاء من خلفية إخوانية ، وإلا فإن يد التغيير الخفية ستعمل على ازالته وإزالة كل من له ميول إخوانية في السودان ...
ولا يخفى على أحد الأزمات الاقتصادية المتتاية في السودان ، وأنه في أشد الحاجة للدعم من دول الخليج . وتقول الاشارات الخليجية أن على البشير إن أراد المحافظة على كرسيه والحفاظ على مكتسبات ربع القرن الانقاذي ، أن يراجع موقفه من حكومة مصر المدعومة خليجيا بقوة . وايضا تقول الاشارات الخليجية :أننا كخليجيين لا ننظر الى ماضي الاخوان في السودان بل سيكون التعامل مع معطيات اليوم ....
ومن هنا جاءت الزيارة الى مصر ..وتتعجب إنها جاءت بعد الحج ..لأن الزيارة تحمل كل معاني النفاق السياسي . فالرجل جلس الى مرسي، وكانت بينهما بروتوكولات وأحلام إخوانية لوادي النيل ، وشهر عسل لحلايب وشلاتين ، فلا ضجة ولا رفع صوت ، مما دفع الحكام الجدد في مصر للغضب تجاه مرسي وإخوانه . فما نراه الان في كثير من البرامج الاخبارية والتحليلة هو صورة خريطة مصر وحلايب وشلاتين واضحة داخل الحدود المصرية ؟
واليوم السبت الثامن عشر من اكتوبر ،يصل البشير الىمصر ليؤدي نفاقا سياسيا بانه (سيسيا) وليس إخوانيا ..وأن لا مكان للإخوان في السودان وأن الأخوان بعد أن أخرجوا من قطر لن يكون السودان ملجأ لهم .
وإن كنا نرى أن البشير بزيارته الى مصر ينفذ المطالب الخليجية بشأنها ..وأنه يؤدي النفاق السياسي برغم أن العين منه لتدمع والقلب منه ليحزن على مرسي وما جرى له... هل يستطيع البشير ولو همسا أن يطلب من السيسي أن يعمل على اطلاق حرية مرسي ، وأن يخفف على الخوان الكبار .؟!
هذا ما نراه ، ولكن هناك من يرى ان للبشير ذكاء حب الكرسي .. وهو بهذا يعمل على التحضير للانتخابات ، فهو بهذه الزيارة يكسب الدعم الخليجي ..لانه سوف يترشح لربع قرن اخر من الزمات . ويرى أحبابه أن ذكاءه يدفعه لتنفيذ الأجندة الخليجية . وأن هذا الذكاء يجنب السودان الحالة اليمنية ..او الحالة الليبية ، فالوضع أصلا متهلهل والخرق في الجلباب السوداني كبير ..وهو ان لم يعمل على تنفيذ الاجندة الخليجية في دعمه لمصر ، فسوف يكسب ياسر عرمان وعقار( الحركة الشعبية) الجولة ولن يكون لإخوان السودان موطئ قدم في الخارطة المستقبلية ....
من هنا نفهم سر زيارة البشير الى مصر ..وعليك أن تتأمل وجهه جيدا في صوره في الاعلام .لتعرف انه يذهب لمصر على مضض ، فهو في قصر عابدين مع جماعة الثلاثين من يونيو وعلى بعد خطوات منه مرسي واخوانه في السجن ، ستلاحظ أن وجهه يحمل الحزن على اخوانه في مصر ، لان القلب وما يحمله لا يخفى علىالوجه وتعابيره ...
وبالطبع ليؤكد للخليجيين دعمه لمصر ، فسوف يعمل على منح المصريين مزيدا من الاراضي والتوطين ، حتى يفك عن السيسي بعضا من أزماته ..فللرجل عنتريات أضرت بأهل السودان وعملت على خلق الازمات للجميع ..ولكن على اهل السودان ان يعملوا على وقف هذا الرئيس عند حده ، والعمل على عدم ترشحه لولاية جديدة ..
ولربما يسأل سائل :ان كان البشير جرى مع توجهات الخليج في دعم السيسي وعمل على تنفيذ كل ما وصله من اشارات ..يسأل اين دور ايران في السودان وهل يكفي من البشير وحكومته في حسن النيه اغلاق المكتب الثقافي الايراني ..والذي لم تعره طهران ادنى اهتمام او تعليقات ..وذلك لأن الايرانيون يعملون على نار هادئة ويعملون على تنفيذ ما يرونه في دعم حلفائهم ..وطهران تعرف دورها بدرجة كبيرة وواعية ...
فايران اصبح لها موطئ قدم  . ولها اهل طاعة ، ولها حسينيات . وليس ببعيد ذلك اليوم الذي ترى فيه الامر وقد اصبح كبيرا وبارزا للعيان ، فخميني السودان الكامن سيخرج للوجود ..
والرجل الداعم لمصر بتوجيهات خليجية ..سوف يعمل على ارضاء روحاني ايران واردوغان تركيا  في ان واحد ، ولكن بمغازلات خفيفة وليس عسلا كما السابق .أي سيكون الصمت عن انتشار الحسينيات وتغلغل المد الشيعي ..حتى يصل الى سدة الحكم في 2015 م . وبعدها سيكون للرجل حجة أخرى لربما تكون حجة الوداع ، يعمل بها على تصفية كل نفاق سياسي قام به في حياته ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق