الجمعة، 15 مايو 2015

الأخلاق والسياسة
تتداول الأخبار نبأ شراء سيارات لطلاب المؤتمر الوطني . عقب نجاح الزعيم بالمنصب لفترة ممتدة حتى طلوع الروح , لا عجب في  أن يعمل الحزب لصالح فئة تدعمه وتسانده , وبذلك يستحقون الهدية من أموال الضرائب , ومن استثمارات كبار القوم - في الحزب والدولة .. ولا عجب أن تتصل الهدايا والهبات لفئات بعينها دون الوطن ودون أهله الغبش الذين تراهم في كدح وعذاب . انظر إلى حال الأسواق الشعبية , لترى البؤس الذي لا يراه المسؤول والذي غطت عينيه المليارات والعمارات الشاهقة فحجبت عنه أهل الغبار والرماد..وجوههم كأنهم قد اخرجوا من الأجداث , وأعينهم غائرة .. وأنت إذ ترى , ترى صنفين من الناس : أصحاب السيارات الغالية المظللة , وفتيات حسناوات يخرجن إلى المولات , وكأن هؤلاء القوم لا يقطنون معنا في نفس الوطن .. وغالبهم يخرجون في المساء حينماء يدفأ الجو وتهدأ حرارة النهار .. أما الصنف الآخر فتراهم في سوق اللفة وكل سوق شعبي تعبأت أطرافه بالقاذورات والمياه الراكدة , والعفن المكدس في الجوانب , ترى هؤلاء بملابسهم المغبرة وأعينهم الغائرة .. وصدورهم المعروقة وأرجلهم المشققة وفي أيديهم أكياس لا تسمن ولا تغني من جوع .. آهٍ يا أهلي , لكم الله , ولكم الجنة , ولكم النعيم الأبدي .. أما الذين تسنموا المسؤولية فيا ويلهم منها , إنها عليهم حسرة وندامة يوم القيامة , وكل من خاض في الأموال بالباطل فسوف يرى .. وهل تظنهم بما سرقوا , وبما كدسوا , وبما اغتنوا سعداء ؟! لا والله .. إنهم وإن لم يكن جميعا فمعظمهم يصرف على الدواء , والسفر للعلاج الشئ الكثير , ولا يلحق شيئا .. جميع ما تتخيله من الأمراض الجديدة من سكري وضغط وقرحة وقولون وسرطانات .. انظر إلى حكمة الله الخالدة : تجد يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ...
ولك أن تسأل لماذا هذه العربات الخاصة لفئة في المجتمع .. ولماذا يأتي الإنكار في البدء تم الإعتراف بأنه عشرين مليارا؟! من أين أخرجت هذه الأموال ؟ هل هي من أموال دافع الضرائب ؟ أم أنها من استثمارات الذهب مع شركات مشبوهه .. ولماذا فئة بعينها ؟ ألا يرى المسؤول الذي هو غير مسؤول أهله وهم يعانون في لهب الشمس وهم ينتظرون ما يقلهم إلى بيوتهم والتي هي حرارة ملتهبة , فمن أين لهم بدفع الكهرباء الطائلة من منكم له قلب .. ومن منكم يتجرد من ظلمه ويعلن للملأ أنه بصدد البحث عن حل جذري لأزمة المواصلات المتواصلة من أواخر السبعينيات وحتى الآن , كم صرفنا في استيراد السيارات ..
الخواجي الكافر الذي يلعنونه في الملأ ويقبلون حذائه تحت الطاولة , قد مد آلاف الكيلو مترات لسكك حديد أسعدت الناس وقربت المسافات وعملت على توطيد الوحدة الوطنية , بينما ترى هذا الذي يدعي الوطنية أكثرمن أي إنسان آخر في وطنية يجلب المواصلات لفئة من المجتمع دون غيرها ..
إن عشرة من أهل النظام - والذي هو لا نظام - يمكنهم إن خرّجوا من أموالهم الطائلة أن يقيموا أكبر شبكة مواصلات : مترو أو قطارات صغيرة تعمل على حل أزمة الطلاب والطالبات الغُبش في جميع أرجاء العاصمة . ولكنه العمى وإنعدام الأخلاق الذي يغطيهم عن فعل الخير والعمل الصالح الطيب لصالح أهلهم .. و أنت تُزْكَم في كُل صباح بأنباء عن عفونة سرقاتهم , وأكلهم اموال الناس بالباطل . و أنت تكتب عن فسادٍ أخلاقي مريع في البلد الممزق , تعرف أنك مسدود الأُفق ومغلق عليك من كل أبناء جِلدتك ممن هو في الحكومة وممن يدعي أنه معارضٌ للنظام . كم من ساسة كنا نعتبر أنفسنا أنصاراً لهم , وإننا إذا دلفنا إلى دور الأحزاب سوف نميل إليهم , ولكنهم الآن والحكومة شيء واحد .. وشعار الواحد منهم كنا نخوض مع الخائضين .. الكُل خائض ولكِ الله يا أيتها الحاجة و يا أيها الحاج الذي يفترش الغبار في سوق شعبي ويبيع أشياء لا تسمن ولا تغني عن جوع ..
إن دعواتك للإصلاح في هذا الوقت المعبأ بالفساد والإفساد , لهي صرخة ضائعة في حفل رقصٍ قميء و أصوات عالية في الفراغ .. أما النصح فسوف يضيع في فضاءات من التلوث ويختلط بعوادم السيارات و بعوادم أصحاب البطون المليئة بالحرام والخوض الباطل في أمال الناس .
حسبنا الله ونعم الوكيل في من يخوض ويخرج علينا بكلمات الله ونصح النبي الكريم صلّ الله عليه وسلم .
وعزاءنا لطلاب يفترشون الأرض وتحرقهم حرارة في انتظار المواصلات , بينما أبناء النظام وسدنته يلقون التنعم والهدايا والهبات . وقد قرأت مقال للكاتبة : ناهد قرناص . وقد طفرت دموعي و أنا أقرأ لها وهي تكتب عن ديفد كاميرون الذي يخرج من قصر الحكم ليركب المواصلات ويشتري حاجته من السوق بنفسه , فأين عدل عمر الذي يجلب له الأمان .. لن يحصل عليه طالما هو غاض الطرف عن النهب المنظم في بلد لا يقوى على أخذ أي دماء منه ... 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق