الجمعة، 29 مايو 2015

الأزهر الشريف ومعركة الإنسانية
في هذا الوقت المملوء والمشحون بالفوضى , والفائض بالفتنة , أو قل الفتن . والمتدافع بالتحريض وبالأصوات المرتفعة سبا وشتما وقذفا وقسوة .. كيف لك أن تختار , وكيف لك أن تنحاز إلى فئة أهل الحق والعدل والجمال والرؤية المستقيمة والمضيئة , بعيدا عن ظلمات من أوشكوا أن يأخذوا بقاليد كل شئ , وهم أبعدعن كل حق وخيروجمال , ولكنه التضامن بالكذب والدجل الانحراف , جعل من أصحاب هذه الأصوات في علو وظهور ..
    كان لابد من هذه المقدمة لأدلف إلى ما صرح به الأزهر الشريف مؤخرا : حينما رأى سقوط تدمر في أيدي داعش , وما أدراك ما داعش, هذا النمو الغريب للقتل والسحل والدمار , و تخريب كل شئ . قال الأزهر الشريف : إن الدفاع عن مناطق الآثار في تدمر هي معركة الإنسانية بأكملها ... انتهى كلامه ..
يا الله كيف لي أن أجعل دماغي نابضا , وكيف لي أن أثيت نفسي في مواجهة الألم والبشاعة في هذا الزمان الممتلئ بالتناقض ! .. فيا أزهرنا الشريف نساءلك : هل أنت الموقع النظيف الذي عهدنا أن نستقي كلماته ونتخذها منارا للتوجه لمعركة الانسانية ؟! أين كنت يا أزهرنا الشريف .. يوم أن فضت رابعة وسقط الالاف , وحين تم كنس الجثث مع بقايا القمامة في يوم فظيع ومريع في تاريخ مصر .. ومهما قيل عن رابعة فإننا يجب أن  نقف بشرف وبسالة دفاعا عن رأي من يخالفنا الرأي , لنكون معا في نفس الساحة .. وأن لا نكون إقصائيين لأحد كائنا من كان .. والفكر لا يفله إلا الفكر .. فهل الأزهر الشريف التزم الحياد وكان أساس بناء لجمع شمل بلد لو انفجر فيه العداء لتدمر تدميرا كبيرا ..
  ويتحدث الأزهر عن معركة الانسانية تجاه ما سيجري لآثار وحجارة , وهو يرى أبناء سوريا والأسد المتعنت أهلك منهم ما يقارب الثلاثمئة  ألف نفس وشرد منهم الملايين , في أكبر عملية نزوح وهجرة وإفراغ  للبلد لعلها ما كانت مع فئة أخرى عبر التاريخ, ولكن الفجر سينبلج ويهلك كل الطغاة .. فهل ارتفع صوت الأزهر الشريف مناديا لايقاف الحرب والحق واضح , إن موقف الأزهر المتخاذل تجاه الدم السوري لا يجعله أمينا يتحدث عن آثار وحجارة .. وإننا لنعلم أن تاريخ المسلمين الأوائل أصحاب الأدب والجمال بحق , وقد أتوا مصر ووجدوا آثار الفراعين الطغاة فيها فلم يمسوها ولم يعملوا على تحطيم أي شئ فيها .. إننا كمسلمي مدعوين للنهوض بالقلب تزكية ونماء وعلما وأدبا ...
  ثم أين الأزهر الشريف مما يجري مع أهل غزة .. ليقول أنها معركة الإنسانية , ويدلنا كيف نفعل مع المعبر , وآخر الأنباء المؤسفة تأتينا بأن مسنة فاضت روحها وهي في انتظار أن يُمَن علىيهم بفتح المعبر ! وفي ذلك انحياز مع الصهيوني ضد المسلم في غزة .. وإنها الآن لسجن كبير يموج بالفقر ونقص الغذاء والدواء  وعذابات ما أنزل الله بها من سلطان .. فهل الحجر في تدمر أهم من غزة ومعاناة أهلها ؟! 
   وهل الحجر في تدمر أهم من الآلاف المكدسة في السجون المصرية , رجالا ونساء, فتية وفتيات , وأطفال , مع صدور أحكام إعدام وتأبيد بالجملة ولا كلمة أو حكمة تصدر من أزهرنا الشريف لاغلاق هذا المنعطف السئ في تاريخ مصر وحاضرها .. أفلا يحق لنا أن ننادي بأن الدفاع عن معتقلي وسجناء الرأي في مصر هو معركة الانسانية بأكملها .. أم أن الانسياق وراء أفكار لسياسيين أرادوا الوصول لمنصب أو سلطة هو أهم من الدعوة لوقف الاستخفاف الذي يجري في مصر .. إن الانقلاب فاضح ومشين يقف إلى جواره أصحاب أقلام وظفوا كل طاقاتهم لبناء شخص يعتقدون إنه المنقذ .. وبعد عامين من صعوده السئ لا يبدو أن الأمور تسيلا إلى انفراج . أفيدوني ما الفرق بين البغدادي والسيسي .. البغدادي وزمرته يحطم ويهلك ويسحل ويفعل الغرائب .. والسيسي يمضي في نفس الطريق قتلا ودمارا وتدليسا .. لا فرق بين الرجلين .. ولكن ما تتعجب له وتألم له أن يباركه الأزهر , وأن بخرج علينا من يعدون علماء كبار فيجعلونه في مصاف الأنياء .. يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على الحق ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق