الخميس، 23 أبريل 2015

حول غرق المهاجرين الى أوروبا
مساء السبت الثامن عشر من أبريل غرقت مركب في البحر الابيض المتوسط قبالة السواحل الليبية , كانت المركب تقل أكثر من سبعمائة مهاجر غير شرعي , تم إنقاذ ثلاثين منهم فقط . ولكبر حجم هذه الكارثة الانسانية , نادى رئيس فرنسا فرانسوا أولاند على وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي للاجتماع في لكسمبيرج , محاولة منهم لحماية المهاجرين في البحر ..
       إن هذه الكارثة المتسببة في موت سبعمائة مهاجر , قد تزايدت  وارتفعت وتيرتها في السنوات الأخيرة , وعلى وجه الخصوص بعد تزايد السحل والقتل في سوريا والعراق وليبيا .. واختلاط الاوراق في اليمن , ناهيك عن الوضع السيء المتردي في القرن الافريقي في كل من الصومال واريتيريا , والمناطق النائية من أثيوبيا . إنك في حاجة لمراجعة ملفات الأمم المتحدة , لأخذ عدد اللاجئين والفارين من الأوضاع المتردية السيئة والمقيتة في معسكرات اللجوء, في كل من العراق وسوريا ولبنان  والأردن ..يجيء الشتاء ويروح ويجيء الصيف وينقضي , وكل هذه المعسكرات تعاني ما تعاني وقد فشلت الأمم المتحدة في الإيواء بصورة إنسانية تحترم الرجال والنساء والأطفال . ولا نسمع في بلداننا سوى نداءات خجولة لجمع البطاطين في الشتاء أو توفير الطعام ..وفي نفس الوقت تنادي لبنان والأردن أن هلموا أيتها الدول المانحة لمساعدتنا في تقديم يد العون لهولاء المنكوبين , ولا حياة لمن تنادي ..
ومن يستطيع من اللجئين ان يفر من هذه المعسكرات يجد السماسرة ليضع بين أيدهم كل ما يملك , ليلحق بمن استطاع الوصول إلى ألمانيا أو أي دولة أوروبية أخرى .. ونسبة المحظوظين قليلة جدا .. وهي فردية , ولا جهد حكومي أو أممي أو خيري لمساعدتهم , وهم كثر أعدادهم تساوي تعداد دولة كاملة أو أكثر .. وغير هؤلاء الذين تعرضوا للمآسي بخروجهم من أوطانهم وبيوتهم وأهلهم وجيرانهم , فهاموا على وجوههم , ليجدوا أنفسهم في حياة الخيام والمعاناة ..
     إننا الآن نتنفس هواء الحزن والأسف , تخيل حالك وبعد دفء البيوت والأهل والأبناء والأزواج والزوجات والجيران , تجد نفسك في حياة الخيام , وقد ضاعت عليك الخصوصية , والحياة الآمنة بكل مشاعرها .. إنها بحق مأساة القرن الحادي والعشرين .. وأنها الألم العميق ..وأكبرها حزنا أن تضع المستقبل أمام عينيك برغم الصور السيئة في منطقتنا العربية , وإذا بك في مركب يغرق وتغرق معه كل آمالك وطموحاتك وتفاؤلكفي غد جميل ..
    إننا ونحن نكتب نحس بمدى معاناة هؤلاء .. وأن الجهد لإنقاذ أهل المخيمات لهو جهد كبير وعظيم .. لا تكفيه الأمم المتحدة , وإنما نداء عاجل لكل أصحاب القلوب الرحيمة والحية أن تنادوا إلى وقفة رجل واحد .. يحض على طعام المسكين .. ويحض على إيواء المشردين , ما أكثرهم .. وإن كنا نشاهد ولا ننفعل بهذه المآسي , فإننا بحق أصحاب قلوب متحجرة ودماء جامدة ...
       إن الرئيس الفرنسي أولاند وهو ينادي وزراء خارجية و داخلية الاتحاد الأوروبي .. أن هلموا لمناقشة هذه المأساة .. يضف إلى كلامه جملة  صارت مفردة لدي الجميع ( إن الذين يساعدون المهاجرين هم أهل الارهاب ) .. إن أولاند ومن معه من قياصرة الاقتصاد في الزمن الحالي , هم المشاركون الحقيقيون في غرق سفن المهاجرين ..وغرق أوطان المقيمين في بلدانهم .. إن إقتصاد تجارة الغاز والغاز الصخري , والأعمال الضخمة في اليورانيوم في كل من النيجر ومالي وغيرهما ..هل تعمل مثل هذه الاقتصاديات لاضخمة لفرنسا مع المجموعات الضمنية المستغلة لثروات البلاد دون أن تعمل على تنمية هذه البلدان وإقامة حياة كريمة لرجالها ونساءها ..
          إن الارهاب في الوقت الحالي يأخذ شكلان . الشكل الاول وهو الشئ المعروف بالقتل والسحل والدمار .. ثم الارهاب الأسوأ وهو ارهاب الاقتصاد المستنزف لثروات البلاد وامتصاصها وإبقاء أهلها في فقر وهلاك ...
      كان الاستعمار فيما مضى يأتي إلى البلدان ويستخرج خيراتها ويشارك أهلها الثروة ويقيم المشاريع الضخمة .. ففي السودان تجد أن المستعمر البريطاني قد أقام بنية تحتية كبيرة متمثلة في خطوط السكة الحديد , وغقامة مشروع الجزيرة , كانت فائدة عظمى لأهل البلد .. واليوم فرنسا ومن شاكلها من المستعمرين الجدد تجد أنها يمتصون خيرات البلاد عبر الوكلاء وهم حكومات تسمي أنفسها وطنية ..فتعود الفائدة على الأمريكي والأوروبي واليهودي .. ويلقى الفتات للشعب , فيتسبب ذلك في الأعداد الكبيرة من المهاجرين الذين يتعرضون للذل والموت , ومن يصل إلى هدفه من رجال ونساء قلة .. أما دعم الأمم المتحدة وما يصلها من عون من الحكومات يضيع بين أيدي السماسرة وتماسيح الدول وغربانها ..
      إن مؤتمر مصر الاقتصادي والذي وصلت احجام مساعداتها الى أكثر من مئة مليار دولار أمريكي .. يدلك على أن هنالك خلل.. وهناك سوء يشارك فيه رجال أعمال ورؤساء وشركات . وفي مقدور شركة أو شركتين إيواء آلاف الشباب رجال ونساء , وتمنع عنهم التشرد والتعرض للموت عبر الهجرة غير الشرعية .. إن هنالك كثرة من البشر بقيت في أوطانها اليوم تمضغ الصب وتلتحف السماء , وغيرهم ينعمون بالثراء والهناء ...
        إن الثورات القادمة هي ثورات الفقراء حين يضج بهم الضنك والجوع ..فسوف يعلم هؤلاء المخمليون أصحاب الثروات الضخمة من نافذين في الحكومات والشركات ورجال أعمال أن الهجمة الشرسة سوف تقضي عليهم ..
    ورحمة الله على المهاجرين .. والجميع في أوطاننا مهاجر وعلى مركب لا يعلم متى تغرق به .. اللهم فأشهد ......

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق