السبت، 18 أبريل 2015

مقرر دروس مادة الوطنية
في ظل الأنظمة القمعية، الأنظمة الدكتاتورية، أنظمة تكميم الأفواه ووأد الديمقراطية، وقطع كل صلة بالنقد أيًا كان نوعه سواء سياسيًا أو اقتصاديًا أو اجتماعيًا فعليك أن تبتعد عنه وتنأى بنفسك عما يدخلك في المساءلة، أو الزج بك في غياهب المجهول. وأصعب ما يكون ذلك النقد هو نقد الرئيس، أو تناول الذات العظيمة المجيدة الكبيرة المتمتعة بالحصانة التامة ضد كل رصاصات النقد. وعليك في هذه الحالة إن كنت صاحب شهية لنقد الرئيس أو تناول أي مادة تدور حول حزب الرئيس أو جماعته عليك أن تأتي معنا لتنظر في مقرر دروس مادة الوطنية.
في البدء اعلم أن الوطنية هي الحالة المتماسكة وهي الشعور النبيل الذي يتمتع به الرئيس أو الذات العظيمة وجماعتهم وحزبهم وكل من يمت إليهم بصلة القرابة أو النسب. أما أنت أيها المواطن الذي تثبت وطنيتك بما لديك من أوراق الميلاد أو الجنسية فأنت مواطن وليس وطنيًا. فالوطني هو الرئيس وحزب الرئيس وجماعة الاقتصاد الداعمة له وجماعة أصحاب الطبل وجماعة أصحاب تلميع الأحذية.
إذن أول الدروس في المقرر الوطني: أن لا تتناول الرئيس بأي نقد أو أي توجيه. أو لمم أنك إن كنت من أصحاب الإيمان بفكرة رحم الله امرأ أهدى إليّ عيوبي. فتطبيق هذه الفكرة في حقك جيدة وذات معانٍ يمكن أن تستفيد منها في حياتك. أما أن تحاول أن تهدي إلى الرئيس عيوبه فهذا سوف يؤدي بك إلى المهالك وسوف تنبري أقلام سيادة الرئيس وكل المدافعين عنه في السراء والضراء وسوف تلقى الهجوم تلو الهجوم. وعليك أن تحترم نفسك وتنسحب كما انسحب باسم يوسف الذي هاجم الرئيس السابق صاحب العام الواحد. ثم حينما ظهر في الأفق نجم جديد قبل أن يصبح رئيسًا تلقى باسم يوسف الدروس والمحاضرات والموجهات العامة، ولكنه احترم نفسه وغاب عن المشهد.
إذن وقد وعيت الدرس الأول في مقرر مادة الوطنية، تعالَ معنا لننتقل إلى الدرس الثاني وهو درس الأمن القومي. وما أدراك ما الأمن القومي. فأنت مواطن عادي. والذين هم حماة الوطن أو القومي هم رجال الدولة. دولتك العظيمة وهي المدافعة عن شرف الأمة وحامية الحدود من تغول الأعداء وكل المتربصين بأمن بلدك فعليك أن تعرف حجمك وتدرك حجم الأعباء الملقاة على السيد الرئيس العظيم حامي الدستور وحامي الأمن القومي. فأنت حين تكتب عن بلدك من منطلق النقد فإنما تقف بذلك إلى جانب صفوف المتربصين بأمن البلاد والذين يحاولون سرقتها والزج بها في جانب البلاد المتأخرة. فعليك الانتباه لأسرار ومعاني الأمن القومي والذي يمثله رئيسك ليل نهار ويعمل على راحتك ويحميك من الأعداء والمتربصين. وعلى كل ناقد أن ينتبه إلى كلمات دولته الرنانة والطنانة فأي عبث أو تلاعب بهذه المصطلحات يعرضك إلى الخطر ممنوع الاقتراب والتصوير.
والدرس الثالث في مقرر مادة الوطنية؛ هو التحدث عن الثوابت الوطنية. فعليك حين تسمع هذا المصطلح، أن تتعلم أنها ثوابت قوية قد ترسخت وتجذرت منذ عقود ولا أحد يستطيع أن يغيرها أو ينال منها. فمن أهم الثوابت والتي تم حفر أساسياتها بعمق في أرض الواقع السياسي هي مدة بقاء الرئيس، لدرجة أن الجمهورية من العادي وغير المثير للقلق أن تورث القيادة فيها لابن الرئيس. فهذه من الثوابت الجديدة في الأنظمة العربية. وعليك أن تنتبه إلى أن المؤيدين بالطبل وتلميع الأحذية للرئيس الجديد في مصر يسعون إلى جعل مدة رئاسته سبعة أعوام. فيجب عليك أن تنتبه للثوابت الوطنية وتنأى بنفسك عن التهلكة. ومن الثوابت الوطنية أن تدرس في دولتك لا تتدخل في شؤون الغير، إلا بمقدار أن يكون رئيس دولتك عسكريًا ومن الممكن أن يدعم من هو حفتريّ وهذه من الثوابت.
ومن الدروس المهمة في مقرر مادة الوطنية درس حرية الرأي والتعبير فهي كما يقول الدستور وتقول الفطرة السليمة أنك حر ولا حجر عليك من أحد، لكن بشروط بلدك وقيادتك الحرة النزيهة وقيادة القائد الملهم البطل المغوار حامي الحريات. وبهذا يمكنك أن تتكلم عن انعدام البصل واختفاء البطيخ كما يحلو لك وتوجه النقد العام للتّجار. لكن عليك أن تنتبه وأنت بصدد ممارسة حريتك أن لا تتناول أحد رموز النظام الأغنياء النافذين في تجارة البصل والبطيخ. فإنك إن فعلت ذلك لا تلومن إلا نفسك “وعلى نفسها جنت براقش” وسَلّم لي على الحرية واعلم أننا أمة القرن الحادي والعشرين لا نأبه بالسياسة العُمَرية القائلة: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟ وعليك أن تفرق دائمًا بين الكلام عن الحرية وحرية التعبير والكلام عن الرأي والرأي الآخر، وبين الفعل والتنفيذ وأن تفرق بين الحديث عن الديمقراطية وتطبيق الديمقراطية.
 http://www.sasapost.com/opinion/decision-lessons-national-substance/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق