الثلاثاء، 20 مايو 2014

خشونة ركبة الرئيس والعلاج المجاني
الرئيس يعاني من أوجاع الركبة , فقامت الدنيا ولم تقعد على تحميده السلامة على الألم الذي زال من الركبة , وفرح المهنئون ومن لف لفهم من  الذين يودون أن تظهر أسماؤهم لدى الرئيس ويعرفهم المقربون منه , فيحصل الرضا , ومن بعده يسهل الحصول على التسهيلات .. لتهنئة الرئيس أو إبداء الحزن على ما أصابه ليس دون ثمن , تمتلئ صفحة كاملة في جريدة يومية ويذكر فيها اسم الشركة و مؤسسها وكذا الأبناء والأخوة وغيرهم أنهم يحزنون على ما أصاب الرئيس من ألم الحنجرة أو خشونة الركبة , ويدفعون بلا حساب في هذا الإعلان لأنهم يعرفون أنهم سيحصدون دون حساب ..
يا الله على أزمنة الأموال المبعثرة بسفه وبطيش وبغيبوبة تامة عن الذين يعانون ويخسرون على حياتهم السيئة وأحوالهم المعيشية و أمراضهم التي يحملونها منذ سنوات ولا أحد ليحس بهم .. يا الله على الذين يدفعون بلا حساب على مرض الرئيس أو حتى وعكته الخفيفة والخفيفة جداً بسعال أو زكام أو غيره أو وجع بطن ..
يخرج الآلاف للتهنئة وإعلان الحزن والألم ..
يا الله لو دفع هؤلاء لصندوق أسموه صندوق دعم المرضى وصندوق دعم المعاقين وصندوق دعم الذين لا يملكون لا بيت ولا وظيفة ولا حتى ملابس أو أحذية ..
بالله عليكم لو أمر الرئيس أمثال هؤلاء - وجاءته إحصائية بعدهم - وطلب منهم أن يدفعوا لإنشاء مستشفى على غرار 57357 لعلاج أهلنا المرضى بخشونة الركبة أو حتى خشونة الأحشاء لعدم كفاية الغذاء .. لأقاموا لنا أكبر مستشفى يعيد لنا مجانية العلاج ..
وإني هنا أنادي وأقول يا من تهنئون الرئيس على سلامة عملية خشونة الركبة , ادفعوا أموالكم في سبيل الله لتعالجوا أهلكم المرضى وما أكثرهم الآن .
إن بلادنا اليوم لا يعاني رئيسها وحده من أوجاع الركبة , ولكن بلدنا كله يعاني من الأوجاع فمن الذي يحزن له ومن الذي يقوم بعمل إعلان يعلن فيه أنه على استعداد لعلاج كل من يعاني فقر الدم و سوء التغذية .
وأنا على يقين تام لو جمعنا كل الذين أعلنوا في الصحف تهنئة أو مشاركة للرئيس على سلامته وقمنا بحساب مبالغهم المدفوعة للإعلان لعملنا على إعادة البسمة في بيوت كثيرة .
والرئيس له ميزانية للعلاج وله أطباء كثر في الداخل وفي الخارج يكلف مبالغ لا نعرفها ولن يستطيع أي صحفي بارز أن يخرجها لنا ويعطينا تفاصيلها , وكذلك الحال ينطبق على الوزراء والبرلمانيين وكبار ضباط الجيش والأمن والشرطة وغيرهم , يدفع لهم حساب حتى تتواصل القدرة على حماية النظام وحماية مصالحهم .. بالله عليكم اخجلوا يا أصحاب فرعون وقارون وهامان وجندهم , اخجلوا من أن تتعالجوا أنتم وأسركم في سويسرا وماليزيا وعواصم العالم الكبيرة وأهلكم بإحصائية ضخمة يعانون السرطانات وأمراض جديدة مخيفة لم تكن في أسلافهم ولم يكن يعاني منها أي سوداني فيما سبق , وكنا صغارا نتخيل أن الذي يموت هو العجوز , لأننا في قرية بأكملها لم نكن نسمع بسرطان أو قولون أو تضخم غدة درقية ..

إننا نهنئ الرئيس على سلامته من خشونة الركبة .. ولكننا نطالبه أن يخرج علينا ويشكر الذين هنؤه وحزنوا على آلامه , وأن يعلن آلامه وأحزانه لما يعانيه شعبه من قلة ذات اليد وتفشي الأمراض فيهم وليس لهم من يدفع لهم ثمن العلاج . والعلاج كله تحول إلى أيادي أصحاب الجشع الذين أقاموا المستوصفات والمستشفيات الفارهة .. وأنه يطالب بمستشفى المواساة لعلاج الفقراء مجانا ,وأن يكون حساب مستشفى الفقراء 89630 وهو التاريخ الذي شهد بداية الكارثة لتحول كل شئ حسن إلى ضده , فدخلنا في زمن ارتفعت فيه البالونات الفارغة في الهواء وسقط كل أصيل إلى أسفل سافلين ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق