الجمعة، 27 يونيو 2014

السيسي والتجربة الجزائرية 
أول زيارة له خارج البلاد سافر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى الجزائر , و إذا كنت تسأل لماذا جاءت الزيارة الأولى للجزائر دون غيرها من دول العالم ؟ لماذا لم تأتِ الزيارة إلى السعودية لتقديم واجب الطاعة والشكر , و أنه سيكون مع السعودية أليفا طائعا مسكينا ثم تجد أن الزيارة للجزائر جاءت , لأن الرجل سيبحث عن الوصفات التي تمكنه من توطيد حكمه وهو يعلم أنه لن يستطيع أن تهدأ له حكومة أو يستقر له نظام إلا بعد تطبيق الوصفات , والسير مع تناول الأدوية التي تمكن من العلاج .. فكانت من بنات أفكار المستشارين أن تكون الجزائر هي الوجهة الأولى لأن لها تجربة عميقة مع جبهة الإنقاذ في تسعينيات القرن الماضي .. أدت إلى حرب قذرة تم بها إزاحة من فازوا بالانتخابات وكان الانقلاب عليهم بنفس طريقة السيسي مع جماعته , تواصلت الحرب مع جبهة الإنقاذ لسنوات ولما كانت القوة والبطش بيد السلطة , فقد استطاعت أن تقضي على الجماعة و تعمل على إزاحتها من واجهة الحياة السياسية .. و كانت الحصيلة الآلاف من الأرواح , وكانت الحكومة هي من تخترع التفجيرات . و يزور السيسي الجزائر ليفهم أبعاد هذا العمل الجزائري القاسي تجاه جبهة الإنقاذ الإسلامية . و كيف استقر للعسكر في الجزائر الأمر ليستمر الرؤساء في تناول السلطة وتداولها بين العسكريين ؟ ثم إن تجربة بو تفليقة و حصوله على ولاية للمرة الرابعة , إنها طريقة معجبة يجب على مصر الحضارة أن تستقي منها المعاني ..
و بهذه الزيارة الأولى للجزائر يكون السيسي وجماعته قد أرسلوا رسائل واضحة لمعارضيهم و لكل جماعات الإسلام السياسي , إننا سوف نطبق معكم التجربة الجزائرية .. إن عملتم ضدنا بسلمية فسوف نحاربكم .. و إن عملتم ضدنا بالسلاح فسوف نطبق فيكم الوصفة الجزائرية و التي ستعمل على إسكات أصواتكم كما عملت الجزائر على إسكات جبهة الإنقاذ الإسلامية .. و الجزائر لن تبخل بتقديم الاستشارة للسيسي .. وهي تود له أن يوطد حكمه و يستمر كما استمر بو تفليقة في الحكم فترة بعد أخرى .. فعلكم أيها الإسلاميون فهم معنى هذه الزيارة الأولى ..
و مما يدلل على فهم معاني ودلالات هذه الزيارة ما صرح به السيسي في قوله : إن أقوى التحديات لمصر والجزائر هي مواجهة الإرهاب ..
و لكنك ترى أن تحديات مصر غير تحديات الجزائر فإن الجماعة في مصر أذهبت السلطة في حرج واضح وهي تسلك مسلك السلمية ولا يبدو من قريب أو بعيد أنها بصدد مواجهة السلطة .. ولم تقل إنما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة .. ولا يبدو أنها ستسلك مسلك طالبان في مواجهة السلطة . فهل يعود السيسي ليطبق الوصفة الجزائرية بعمل تفجيرات وهمية و عمليات قتل دراماتيكية ليكون بعدها بدأ البطش تجاه من تبقى من الجماعة في الشارع ..
ولعل أولى خطوات السيسي بعد عودته من زيارته العلاجية .. هي أن يعمل على إطلاق سراح حسني مبارك ومعه العادلي , لأن الجزائر خلال عقد التسعينيات استفادة من تجربة مبارك في محاربة الإرهاب , وهي أن تصنع و أنت صاحب السلطة والمالك للمتفجرات والسلاح مسرحية القتل ليكون لك التحرك تجاه كل من يعلن أنه صوت إسلامي معارض ..
ولعل الزيارة للجزائر تحمل الحب الخجول الذي يود أن يوصله السيسي لفرنسا من خلال البيت الجزائري .. إننا نحبك يا فرنسا فساعدينا كما دعمتِ الجزائر .. فالزعماء الجدد في مصر يرغبون أن تبادلهم فرنسا حبا بحب ودعما بدعم ..
أما الذين سيحاولون أن يلفتوا النظر إلى الناحية الاقتصادية .. و أن الرجل ذهب إلى الجزائر ليستفيد من تجربتها في الاستقرار الاقتصادي فلا أرى أن هنالك نهضة اقتصادية في ظل نظام دكتاتور يعمل ليل نهار على توطيد أركان حكمه ويدفع الأموال تلو الأموال لكل من يرى فيهم القدرة على البطش .. نعم يعمل الدكتاتور بقوة ويعمل ويعمل لتدر عليه الأرض الأموال و لكن انظر أين يصرفها ؟ أرتال من الضباط الحراس يدفع لهم حتى يزدادوا ضخامة في الأجسام ليتم تأمين الدكتاتور ولا شيء غير ذلك !
ولعل الزيارة الثانية سوف تكون إلى فنزويلا ليقف الدكتاتور الجديد عند قبر شافيز ليسأل مستشاريه .. كيف عمل الرجل على توطيد حكمه ولم يستطع أي معارض أن يخترقه و يزيحه برغم المظاهرات المتواصلة ضده ..
ولكن ربما تأتِ النصيحة إليه أن يصل إلى كوبا و يقف عند سرير فيدل كاسترو ليسأله كيف حكم لخمسين عاما ثم سلم السلطة لأخيه .. إنها تجربة معجبة .

وتحياتي لكل مستشار أعمى يغرد خارج السرب في زمن انكشفت فيه الألاعيب الغرائبية . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق