الجمعة، 27 يونيو 2014

الدور الأمريكي المشبوه في المنطقة 
أمريكا تفاجأت بالربيع العربي , أو هكذا يقولون .. وبذلك دخلت في صدمة و ارتبكت , وارتعبت من أن يكون الربيع بنسائم تسري في الوادي والسهل والجبل و تتحول نسائمه الباردة إلى رياح و أعاصير , وتجربتها مع الأعاصير والزوابع ترعبها وتربكها .. ولكن سرعان ما تداركت أمريكا وعملت على أن تعيد التوازن لنفسها و إن كانت تبدو للغير بأنها مرتبكة وحساباتها مبعثرة , إلا أن الأمر غير ذلك .. لقد عملت بأسرع ما يكون , فإن مراكزها الظاهرة والمخفية تعرف ما تود عمله .. فقد خدعنا بأنها انسحبت من العراق و أخذت خيبتها المتمثلة في جنود أثخنوا بالجراح ودخلوا في التشتت النفسي , و الانهيار العصبي .. إن كانت لنا مراكز دراسات و رصد لوجدنا العجب العجاب لما أصاب الصغار من الجند والإداريين مما فعله الكبار بغبائهم وغيبوبتهم ولهوهم .. و هذا أيضا نعانيه نحن من حكامنا فهم في غيبوبة والشعب في غيبوبة و هم في لهو والشعب في لهو و أضف إلى ذلك خيانة حكامنا في المال العام , وبذلك تطبع الشعب بطابع العبث واللهو في أموال و أملاك الدولة وغيرها ..
نعود مرة أخرى لأمريكا فهي تنسحب من أفغانستان وتظل متدخلة في كل شيء فيه .. و تنسحب من العراق و تظل قابعة حتى النخاع و تحكم من خلال ابنها البار المالكي .. أمريكا تنادي بالحرية والديمقراطية و عدم إقصاء الأخر , و لكنها تحت الطاولة تدعم توجه المالكي في أن ينفرد في الأمر دون أطياف الشعب الأخر .. أمريكا تعمل من خلال المؤسسات الداعمة للديمقراطية !
لعنة الله على الشيطان .. أمريكا بكل قوتها أفكارها هي مع إسرائيل .. وهي الخط الأحمر الذي لا تتجاوز ولا تسمح لأحد أن يتجاوزه .. وبذلك نفهم موقفها من بشار الأسد , فعملت بكل قوتها على أن يستمر الوضع ضبابيا مائل إلى الرمادي حتى لا يلومها أحد على موقفها من الأسد الحامي لإسرائيل من الزوال , فهي تعرف حق اليقين أن الأسد ضمان لإسرائيل و إن تشدق بالممانعة وغيرها من الثورية . فهي إن عملت على وصول الثوار الجدد فلربما كان في ذلك قضاء تدريجيا على إسرائيل .. وموقفها من التدخل لإزاحة الأسد والذي فهمه البعض أنه كان وشيكا إنه مجرد وهم كبير , فهي رأت بأم عينيها ما معنى إزاحة طالبان , وما معنى إزاحة صدام , الذي جعل من العراق مزرعة للقتل و حصاد الأرواح , فلم يهنأ البلد باستقرار أو أمان . لكن الأمر مع سوريا التي لا تبعد جولانها المحتلة سوا عشرين كيلو متر أو أقل فالأمر مختلف وفي ذلك تهديد لأمن إسرائيل , لأن سوريا سوف تمثل حينئذ موطأ قدم لكل الجهاديين في العالم حتى يتحقق حلم إزاحة و إزالة إسرائيل والذي نحلم به جميعا ..
و بذلك تفهم موقف أمريكا من التدخل في سوريا والذي كان مهينا لأمريكا المترددة والعاجزة في زمن أوباما فهو يعمل من خلال الكيد والمكر والخديعة .. .. ثم في بدء الربيع العربي مد يده للإسلاميين بمعسول الكلام .. ثم عمل في الخفاء على إزاحتهم و أنظر لما فعلته أمريكا تجاه حكومة مرسي .. تكاد تجزم بعد سماعك لتصريحات السيدة كلينتون عن أن الجيش المصري تدخل وخطط لمسرحية الثورة وخروج الناس ثم الانقلاب في ثلاثة يونيو , نعم ! تكاد بأن أمريكا على عمل تام وقد خططت لحماية ظهر إسرائيل من أكبر بلد إسلامي معبأ بالألم والغبن تجاه إسرائيل .. و أنظر لحال بلد كمصر بلد حضاري يعيش أهله في المقابر والعشوائيات و يحملون الأمراض من تلوث الماء , ولتلوث كل شيء يحيط بالإنسان , وتظل مصر مكبلة بالهموم والمشاكل والاضطرابات حتى لا يتفرغ أهلها لإسرائيل ..
إن كل الاضطرابات والقلاقل في المنطقة هي من صنع أمريكا والجميع معها يعمل باجتهاد لحماية الفتاة المدللة إسرائيل . ولا تصدق أي كلام عن  الثورية والحرية والديمقراطية فهاهي تبارك لحسني مبارك جديد اسمه السيسي .. يعمل معها بكل حماس وعزم لحماية أمن إسرائيل . ولا تصدق أحلام الغد والمستقبل .
ولكي تكتمل الصورة ويظهر لك إطارها و تتجلى لك الألوان فيها تأمل موقف أمريكا من داعش أو ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام .. أمريكا لم تتحرك ضد من قتل مئة وخمسين ألف أو يزيدون في سوريا .. ولكنها تتحرك الآن بكل جد و اجتهاد و ترسل الدعم اللوجستي للمالكي حين شعرت بصدق و عمق أفكار داعش و قوتها المتولدة من تهميش أمريكا والمالكي للسنة في العراق وحكاية طارق الهاشمي ليست ببعيد . لماذا لم تعمل أمريكا ولها القدرة على إيقاف الأسد عند حده و قد قتل وشرد عدد ضخم من اللاجئين لم يحصل مثله في تاريخ المنطقة . و بشأن اللاجئين في الأردن ولبنان وتركيا ما هو دور أمريكا لدعم هؤلاء المعذبين في الأرض لأربعة أعوام ؟ هم يعانون حر الصيف و قر الشتاء , أمريكا لا دور لها إنها ضد السنة في بعض الأماكن و معهم في أماكن أخرى وفي كل الأحوال هي تعمل على مصلحتها و مصلحة إسرائيل .
ولكي تقترب أكثر وأكثر من الدور المشبوه لأمريكا في المنطقة تعال معي لحضور حفل زواج المتعة بين أمريكا و إيران وبعد كل ذلك الغزل الفاضح يدخل الأمريكي المشبوه إلى مخدع إيران ليتم الكلام حول أسلحة إيران في الوقت الذي يواصل الأسد افتراسه لأبناء بلده وتقتيلهم وتشريدهم وتحطيم مدنهم , و أمريكا بذلك تمد يدعها لإيران مكافأة لها في البطش الذي تدعم فيه الأسد . ومن هنا تفهم دور أمريكا ضد سنة المنطقة في العراق والشام .. ولربما بعد قليل الوقت ستجد الدعم الأمريكي المخفي قد أوصل الحوثيين إلى سدة الحكم لتكتمل دائرة الخناق حول الثائرين من أبناء السنة .. إننا ما كنا نود أن نفصل بين الناس على أساس الأفكار والرؤى و الانتماء والاختيار , ولكن أمريكا هي التي تعمل بمكر وخبث وخديعة على إذكاء النار في المنطقة .. وليحذر الذين يلعبون على تحطيم السنة على أن داعش سوف تنمو سريعا , وهي في المنطقة اليوم بمثابة طالبان . فطالبان تولدت جراء الظلم الشيوعي المكار و السيئ والقذر في أفغانستان , فقد قويت حتى وصلت إلى سدة الحكم .. ثم أنظر إليها بعد عقدين من الزمان مهمشة مبعدة بالقوة من السلطة كما ابعدوا جبهة الإنقاذ الإسلامية في الجزائر وكما أبعدوا حماس في فلسطين , و كما عملوا على إبعاد إخوان مصر , و إن كنا لا نؤيد أفكار هؤلاء المبعدين إلا أن قسوة الظلم و القهر والتهميش تولد الانفجار .. أنظر إلى حال أمريكا الواهن المشبوه هاهي تفاوض طالبان حتى يتم إطلاق خمسة منهم مقابل أسير أمريكي ..

إننا نعلم أن أمريكا بكل جبروتها وحساباتها في المنطقة ستعمل على محاربة داعش ولكن داعش كفكرة ضد الظلم سوف تنمو وتكبر حتى يأتي اليوم الذي تجلس فيه أمريكا معهم للتفاوض كما فاوضت طالبان وكما فتحت لهم مكتبا في الدوحة .. فليحذر الذين يلعبون بالطائفية إنهم سوف يكتوون بها ثم يجلسون إليها للتفاوض .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق