الخميس، 9 يناير 2014

لعنة الاسم
 تناول الكثيرون لعنة الأسماء التي لازمت الدول العربية منذ اسقلالها,فالرؤساء الذين كان لهم من الأسماء أحسنها ,جمال في المعنى ,وسمو في المقصد.إلا أنهم كانوا على النقيض تماما فليس من بينهم من كان سهلا حسنا , ولا من كان زينا وجمالا, ولا من كان بشيرا بالخير والبركة بل كانوا نذر شؤم وفأل غير حسن.مدمرين للبلاد,ظالمين للعباد,ناشرين للفساد.ولكن أسوأ تلك اللعنات هي ما أصابت السودان ,ذلك البلد الذي كان معلما في كل المجلات,سباقا الى كل خير .لعنة الاسم الذي قدمته الحكومة الغاشمة التي كانت نتاج تحالف مشؤم بين الأخوان والعسكر بقيادة عمر البشير وحسن الترابي :الانقاذ,لا يختلف اثنان أنه في فترة حكمها التي شارفت ربع قرن من الزمان,كانت الأسوأ .تدهور السودان خلالها بصورة غير مسبوقة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.
انفصل جزء عزيز من البلد .انتشرت النعرة العنصرية البغيضة .يعاني أهلنا في دار فور في معسكرات النازحين من مشاكل اجتماعية واقتصادية مما يشيب له الولدان.وفي الشرق وجنوب كردفان والنيل الأزرق ,وحتى داخل العاصمة المثلثة.
انتشار جرائم غريبة على المجتمع مثل الاغتصاب والاعتداء على الأطفال.ووصول الحال بمجموعة من العسكر والشرطة بتكوين عصابات لترويع المواطنين المأزومين أصلا,ويفرح مروج حزب السودانيين بالقبض عليهم ولكن ليس فرحا وإنما ترويجا للمجموعة الجديدة التي تم بها التعديل الوزاري.
أما اقتصاديا فالأرقام تثير الرعب وتدل على عمق الأزمة..وباءت كل محاولاتهم البائسة في رتق الفتق الذي أحدثوه,بسوء تخطيطهم واصطفاء جماعتهم واعفاءهم من المساءلة بل تحصينهم منها بسن تشريعات وقوانين مفصلة على مقاسهم مثل التجنيب وفقه السترة,فانتشر الفساد.
توقفت معظم المصانع بسبب استيراد قطع غيار غير مطابقة للمواصفات وماكينات غير صالحة للاستخدام.وتدهور القطاع الزراعي بسبب تكرار استيراد تقاوي فاسدة .
أما الجنيه رجل السودان المريض مازال يتدهور ولا ندري أي حضيض سيستقر عليه,
وتلك الدراما التي صارت بتغيير الجنية من الجنيه الى الدينار الى الجنيه مرة أخرى-مسرحية هزلية ذات كوميديا سوداء تدمي القلب - مع تراكم الأصفار فكثير من المواطنين لا يدرون كم يساوي الألف من الجنيهات بالقديم ,أين القرش والشلن والريال !(يحضرني مقال بعنوان اكاليل ورد على قبر الجنيه السوداني لكاتب كان معارضا ثم عاد وتصالح وصار ملحق ثقافي باحد السفارات )...أين عبد الرحيم حمدي ومشاريعه وأفكاره العجيبة. ولسد العجز صارت الدولة دولة جبايات فبدلا من تقليص الانفاق الحكومي والكف عن المؤتمرات وورش العمل التي لم تجني منها الدولة أي ثمرة ,وكبح جماح أفراد هذا التنظيم الجشع اتجهت الحكومة لزيادة الضرائب ومضاعفة الجمارك ورفع الدعم عن سلع أساسية كالوقود والخبز .
وفشل سد مروي في تغطية الحاجة الى الكهرباء..بعد تشريد كثير من السكان وتهجيرهم ..ورغم تلك المليارات التي صرفت عليه بقروض ستظل تضغط على كاهل الشعب المأزوم لزمان قادم ,لجأت الحكومة لشراء الكهرباء من اثيوبيا.
أما الصحة فما يحدث فيها هو أعجب العجائب أن يكون وزير الصحة مالك لأكبر المستشفيات وكليات الطب في البلد...وهناك مجموعة سيئة لا تخاف الله عملت على دفن نفايات من الدول الكبرى في أطراف المدن فظهرت أمراض  غريبة لم يعرفها السودان ,وانتسر السرطان فصار وباء يرعب الجميع .وهل من إحصائية دقيقة لمرضى سرطان الرئة والثدي والدم! .ومرض الفشل الكلوى الذي حصدا أرواحا عديدة وأعاق الكثيرين ,غير معاناتهم المادية والنفسية.ورغم الفقر انتشرت المستوصفات والمستشفيات الخاصة كالنبت الشيطاني مع غياب تام للمستشفيات الحكومية.أما الدواء والصيدلة فيقول أحدهم أكاد أجزم بأن معظم الدواء في السوق هو طباشير !!
ولا يغرنكم مَن يظهرون منعمين على شاشات التلفزة فالفقر الذي اعترفت حكومة الضلال به نسبته 46% ولكن هل من إحصائية دقيقة ! إن كثير من الأسر تعيش بالستر والتعفف ولا يعلم بضيق حالهم إلا خالقهم.
والأسوأ من كل ذلك هجرة العقول فالتنمية تعتمد أولا على العقول والاستثمار الأمثل للدول الراشدة يكون في ابنائها ,ونكاد بذلك أن نفقد آخر شعاع لأمل في الاصلاح.
والغريب هو أن حكومة هذا حصادها يكون لها اصلاح,وخطة خمسية أين الخطط الخمسية والثلاثية والعشرية ,اين عرابيها من المسؤول عن فشلها .وبعد 25 عاما هي فساد منظم وخراب مؤسس كيف يثق الناس في أنه سيكون اصلاحا في خمس سنوات ومن يجرب المجرب عقله مخرب كما يقول المثل .فالذين يروجون للاصلاح ويلمعون البشير لولاية أخرى , لا يحترمون عقول المواطنين !
ونحن مع هذا الثلاثي الوقح الجهل والفقر والجشع ..فلا منقذ إلا الله عزّ وجلّ..فالانقاذ بيده وحده لا شريك له فهو الرحيم بعباده العالم بسرائرهم الخبير بأحوالهم.أما حكومة الانتكاس فالى الجحيم وبئس المصير .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق