السبت، 15 فبراير 2014

فشل الحركة الاسلامية في السودان

 أخطاء من يسمون أنفسهم بالإسلاميين لا تضر الدين ولا تؤذي المصلين الصادقين ولا تثني المسبحين المخلصين،فالإسلام صورته نقية صافية لا شيء يعكرها.

ومن يظنون أن الإسلام دين قسوة، فكم هي آيات الرحمة فيه،ومن يتحدثون عن أن الإسلام هو السيف والقتل، كيف وصل إلى أصقاع الصين وأمريكا الجنوبية،والذين يروجون أن الإسلام يرفض التعايش.. فلماذا يزداد عدد المسلمين في العالم رغم الخمر والملاهي والكنس والكنائس؟!

عندما ننتقد الإسلاميين فنحن لا نتعرض لهذا الصفاء،وإن كان من يدعو الله في اليوم سبع عشرة مرة ” إهدنا الصراط المستقيم ” لم يهتدي فتلك مشكلته .الإسلاميين يخرجون إلى الشارع يرددون الله أكبر،ولكن عملهم ليس بأكبر،وإنما هو أصغر و أحقر و أغبر .

من ينتسبون لهذا الصفاء ويتسمون باسمه،يتوقع منهم نشر الفضائل و دحر الرذائل وازدهار المجتمعات وتحقيق العدل والمساواة بين الطبقات. ولكن انظر لحديثهم عبر وسائل الإعلام فهو لا يخلو من الهمز واللمز، يذكرون التكامل والتكافل،ولكنهم لا يسألون عن الفقير ولا يتفقدون المريض و حاجته إلى الدواء.

أين هم مما فعله صحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم من تآخي و تراحم “رضوان الله عليهم أجمعين”، لكنهم يكدسون الأموال ويشترون الذمم. يقاتلون من أجل السلطة.

والتي عندما آلت إليهم لم يحسنوا التصرف فيها فلم نرى شرع الله مطبقاً ولا عدالة أو مساواة . وكانت لهم ممارسات زادت الفرقة والغبن بين أفراد المجتمع.

ومثال لتجربة الإسلاميين في الحكم،هو حكمهم في السودان فعندما لم يتمكنوا من الوصول للسلطة عبر التحالف مع نظام نميري أو عبر صناديق الإقتراع . لجأوا للخديعة وتحالفوا مع العسكر،وانقضوا عن الديمقراطية. البذة والقفطان لا تخفى مثالب كل منها . البذة العسكرية من مثالبها وعيوبها اعتمادها على السطوة والقوة والدبابة والسلاح الذي يخيف،أما القفطان يأتي كأنما نزل من الذات الإلهية وكل من ينتقده كأنما أنتقد الدين وانتقص من شأنه. إنه اجتماع “المتعوس″ مع خائب الرجاء.

فصول وحيثيات ما فعله الإسلاميون في السودان بعد استيلائهم على السلطة لا يخفى على أحد،فأول ما بدأوا به هو التمكين،فأولوا الأمور إلى غير أهلها وكان المقياس لديهم هو الولاء والبراء وليس المؤهل والكفاءة. أدى ذلك إلى نتائج كارثية على الاقتصاد والمجتمع.

حينما أحس الإسلاميون تململ المواطنين ابتدعوا التجنيب لشراء الذمم – التجنيب هو وضع جزء من المال العام خارج الميزانية لا يخضع للمساءلة وإنما يخضع لرؤية مدير المؤسسة أو الوزير أو الوالي – هذه الجريمة البشعة في حق الاقتصاد الوطني من أهم أسباب تدهوره وكانت سبب لانتشار الفساد وتدمير كثير من المشاريع الحيوية وأفقر المجتمع إلى حد غير مسبوق، وتعمق الصراع والتهبت بؤر التوتر وانتشرت العنصرية البغيضة.

وفشلت الدولة في تقديم الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وانهارت المؤسسات العامة على إثر ذلك،وانتشرت المستشفيات والمدارس الخاصة كالنبت الشيطاني في المدن والقرى.

استفحل الفساد ونخر في عظم الاقتصاد لأن ذلك شجع الكثيرين من ضعاف النفوس على نهب المال العام وحسب منظمة الشفافية الدولية : السودان في منطقة الفساد الشديد . وسعياً منهم للملمة الأمر ابتدعوا فقه السترة – هو في الحقيقة كان في عهد مؤسس الأخوان ولكنه طبق على نطاق فردي – حيث جرت محاسبة الأخوان الذي سرقوا المال العام سرياً وداخل الحزب بأن يعيدوا جزء من المال المسروق إلى خزينة الدولة مقابل السترة ودون أن يطبق عليهم حد السرقة في دولة الشريعة ,التي ما فتئوا يذكروننا أنهم جاءوا لتطبيق شرع الله فيها . ونسي هؤلاء أن المال العام ملكية عامة يتشاركها كل المواطنين وهم ليس مالكين له حتى يتصرفوا بالعفو أو الستر على من استولى عليه بغير حق .

والإرث البريطاني الاستعماري منفرداً،أو التركي المصري البريطاني بما ظهر على أرض الواقع في مدينة الخرطوم،مدينة حديثة مخططة ذات بنايات شاهقة بعد أن كانت أكواما على النيل .هؤلاء الذين تربعوا في القصر الشاهق عملوا على إزالة سوق الخضر المركزي ومحطة السكة حديد بساحاتها الزاهية ومنظر اثنين من الجسور الاسمنتية المطلة على أرضها ومخططها العمراني لموظفيها وعمالها ,ما أجمل ما كانت تسمى المرطبات ,أزالوها بالبيع .إنني أشبه حالهم بحال من فعلوا مع ناقة (صالح عليه السلام)  فهولاء  إن كانوا صادقين لأزالوا القصر الموروث من حقب الاستعمار وأبدلوه ,كما يظنون,بمبان إسلامية،ولكن بلادنا جميعها أرضا وشعبا مرهونة ومباعة للغير. وأسوأ ما في الأمر : تصنيف السودان كدولة فاشلة نتيجة لممارسات الإسلاميين ,فقد عمدوا إلى قهر الشعب وتجاهلوا الرأي العام واحتقروه واستخفوا به وقتلوه.ولم يتيحوا للنخب والمثقفين المشاركة في إدارة الدولة.

هذه الممارسات الخطرة أدت إلى فتنة الناس في دينهم ,فالسارق يهلل ويكبر ويستر عليه .والغريب أن كل ذلك لم يحرك ساكنا في تنظيم الأخوان الدولي الذي ينتمي إليه أخوان السودان .لم نسمع شجبا ولا استنكارا .فهل لتنظيم الأخوان الدولي وجودا حقيقا على الساحة أم هو فزاعة وخيال مآتة يخوف به الغافلون ؟!

بالله عليكم ! انظروا إلى النتائج الكارثية بعد حكم دام لربع قرن من الزمان. أنا لا أؤمن بالمؤامرة ,ولكن كيف نجحت الجمهورية الإيرانية الإسلامية في تداول السلطة عبر صناديق الاقتراع منذ أبو الحسن بني صدر حتى حسن روحاني .وبناية دولة قوية ,مجموعات أمريكا وأوروبا مرغمة للجلوس والتفاوض معها ؟!

والتجربة الإسلامية في ماليزيا ,في مجتمع تعداده يفوق مئتي مليون نسمة ..كم كانت مزدهرة ومدعاة للمفخرة ,وبناء صورة حضارية كبيرة ,عجزت منطقة وادي النيل والفرات –التي هلّ منها شعاع الحضارات للعالم – أن تصنع مثلها,وهي الآن من أفشل مناطق العالم .

الإسلام منذ أن كان،هو إسلام انتخابي والسقيفة تدل على ذلك بوضوح .بالله عليكم ألم يكن الله قادرا أن يهب محمدا صل الله عليه وسلم الذرية وإن لم يورثهم ,لورثهم الناس لما للرسول صل الله عليه وسلم من الأخلاق والقيم .ولو أراد أن يورثها لذكر للناس أن علي هو خليفة رسول الله.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق