الخميس، 20 فبراير 2014

كردفان جرح آخر في جسد السودان المنهك
كل المصائب تبدأ كبارا وتضمحل إلا مصيبة السودان فإنها بدأت كبيرة و ما زالت تتضخم . الحرب في الجنوب ثم بتره , جرح دارفور المفتوح الملتهب ثم جرح كردفان الفائر .
 إقليم كردفان يقع الوسط الغربي للسودان .. وهو من أكثر الأقاليم ثراءاً .. يملك موارداً طبيعية مثل النفط والزراعة والثروة الحيوانية . و يمتاز بطبيعة ساحرة تعد عامل جذب سياحي مهم , ويمتاز بتنوع ثقافي وعرقي وديني .
ولكن رغم ذلك فقد عجزت كل الحكومات المتعاقبة في استغلال هذه الموارد الضخمة , فإنسانها يعاني التهميش والإهمال , وانعدام الخدمات وتردي الأوضاع المعيشية . 
كردفان بها أكبر سوق للصمغ العربي في العالم , و تزايد اهتمام العالم بالصمغ العربي لاكتشاف كثير من الفوائد العلاجية والغذائية ,وأيضاً يدخل في صناعة مستحضرات التجميل .ولكن الحكومة لا تعمل على تطوير الإنتاج والصناعات المعتمدة عليه .
وهو يساهم بنسبة كبيرة في صادرات البلاد من السمسم والفول السوداني " الحبوب الزيتية " وبالمقابل نجد تدهور مصانع الزيوت بالأقليم مع توقف معظمها لعدم  توفر الصيانة و قطع الغيار . 
وينتج الأقليم الكركديه , وهو معروف بأهميته في مجال المستحضرات الطبية .
وأهم هذه المنتجات هو إنتاج الفواكه من جوافة ومانجو وبطيخ , واذا توفرت الإدراة الصادقة والعزيمة القوية لكانت أساس لمصانع عصائر طازجة و مربى الفواكه تصدر لجميع أنحاء العالم . ومن الغريب أن نجد في أسواق الخرطوم خضر و فواكه مستوردة من إستراليا أو من غور الأردن أكثر مناطق العالم شحاً في المياه . 
وكأنما أراد السياسيون لهذا الأقليم أن يتقدم للوراء فدلاً عن قيام مصانع جديدة توقفت المصانع الموجودة أصلاً كمحالج القطن في منطقة خور أبو حبل وتعطل معظم مصانع الزيوت و توقف إنتاج الحليب في مصنع البان بابانوسة .
وأيضاً عانى الإقليم من التهميش السياسي فعاش في عزلة , تعمقت هوته بسياسات المؤتمر الوطني فإعلان الحرب الدينية والجهاد أدى لإنفصال الجنوب والأن تدور عليه الدوائر .  فالغبن الذي تسببت به هذه السياسات الرعناء جعل بعض أبنائه يحملون السلاح ضد الحكومة . وللاسف ضحية الحرب هم المواطنون العزل , فمن لم يمت بالإهمال وعدم توفر العلاج والغذاء مات بالحرب . الحكومة تصب حممها على المدن والقرى لا تفرق بين من رفع السلاح أو من كان أعزل . ضنك العيش الذي يقاسونه تحول إلى مواجهة يومية مع الموت فلجأ السكان إلى الكهوف في الجبال وأكلوا أوراق الأشجار . اباطرة الحرب من الطرفين يتجاهلون معاناتهم فكلٌ يريد كلمته أن تكون هي العليا , مع تجاهل تام من وسائل الإعلام العالمية والعربية ومنظمات حقوق الإنسان . العالم مغيب تماماً والكثيرون لا يعرفون حجم وحقيقة ما يحدث ,لا سبيل لأن ينهض المجتمع الدولي ويستشعر المسؤولية لوقف جحيم الحرب ونزيف الأرواح اليومي إلا بالدور الإعلامي الفاعل .
كنا نتوقع أن تترجم (مفاجأة) الرئيس الأخيرة بمشهد عملي يبدأ بكردفان وإيقاف القتل بها لا أن نسمع ما يسمى بالصيف الحاسم كما سميت معارك فصل الجنوب بصيف العبور من قبل . إن سياسة إخلق عدواً و اصنع حرباً ثم شغل ماكينة إعلام تصب علينا خليطاً من الأقوال هو شيئاً لا يجدي نفعاً وان كان ينفع لنفع هتلر وزمرته من قبل ولنفع صدام في معاركه . 
إن رجال المؤتمر يحلمون ويرفعون شعارات سنعيدها سيرتها الأولى ولكن على أرض الواقع نرى غير ذلك .
إن المعركة الأولى والأهم في السودان هي مد اليد بصدق وليس مد الكلاشنكوف ورفع الصوت بأننا سنضرب بيد من حديد كل من يعارض الحكومة . أعيدوا دارفور سيرتها الأولى واعيدوا كردفان سيرتها الأولى وإلا فأعلنوا وقولوا أننا فشلنا وهلمي يا فرنسا واستأجري منا هذا الجزء الغالي من الوطن الذي تعدل مساحته مساحتك . ولا أقول ذلك تقليلاً من شأن أهل كردفان ودارفور فإنها غنية بالمفكرين والقادة الذين أثروا النظام في السودان رجلاً ونساء . 
الكافر الذين يتبرأون منه في العلن ويقبلون حذائه في السر, مد خطوط سكة حديد لكردفان قبل مئة عام وأنشأ المدارس والمستشفيات . والأن حكومتنا الرشيدة تمنع حتى المساعدات وتدعي أن المنظمات الدولية هدامة . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق