السبت، 15 فبراير 2014

انقلابات وادي النيل المتنوعة

قديماً كانت نسبة التعليم متدنية و تنتشر الأمية , أما الآن فقد انتشر التعليم وزادت نسبته المثقفين وعرف كثير من عامة الناس ببواطن السياسة .

ورغم ذلك كانت لمصر ديمقراطية في ظل الملكية .. وكانت لها ممارسات حزبية ليست في المنطقة كلها .

وجاء الضباط الأحرار بما أسموه ثورة ولكنها في حقيقة الأمر كانت انقلاباً بالتقسيط , أن يظهروا على أكتاف شخص كبير يقدره المجتمع كمحمد نجيب , وبعد تمكنهم يظهروا الحقيقة و ويصل جمال عبد الناصر للحكم . والآن في ظل الثورة الشعبية التي قام بها الشعب المصري انتصاراً لتاريخ عريق وإرث عظيم , ذوي العقلية الانقلابية يقدمون مشروعهم بالتقسيط الممل حتى يصل السيسي وتتمكن مجموعته , ثم بعد ذلك تنحسر كل مظاهر الثورة الشعبية من الشباب الناشطين والمجموعات على شبكات التواصل الاجتماعي .

فالذين يبيعون ضمائرهم و الذين يبحثون عن الثراء والسلطة والمصلحة الخاصة سوف يوافقونهم وينجرفون مع التيار أو حتى من الذين يخدعون لقلة تجربتهم .

وما يظهر الآن في الأعلام المصري من انحياز كامل للسيسي وتهميش كامل للقوى الوطنية الأخرى لا يبشر بالخير و يوضح أن ما يحدث في مصر هو منظومة متكاملة محكمة التخطيط لصالحه.

فهم الآن يتحدثون عن ترشحه فقط , فمن هم المرشحون الآخرون ؟! ومن هو أقوى مرشح في مقابله يذكره المجتمع الآن ؟!

بالله عليكم ! هذا الخداع الفكري أن تقول جريدة خليجية أن السيسي صرح لها أنه سيترشح للرئاسة ثم يأتي الأعلام ويقول إن هذا خطأ في الصياغة , ثم يصرح الجيش بأن هذا الأمر يرجع للسيسي نفسه ويأمر الناس لتوخي الحذر فيما يصدر من تصريحات . أليست هذه دعاية مجانية للرجل . و إذا استتب الأمن سيكون هو الرئيس ربما لولايتين حتى 2025 م . عروسة المولود الانقلابية في مصر جرى تزينها وتجميلها بمساحيق ما يسمى بخارطة الطريق والتصويت على الدستور , أي خارطةٍ هذه التي تطرح الخيار على شخص واحد ؟!

 العودة إلى كنف الأم و الحاجة إلى رعاية الأب من الآداب الطيبة , ولكنني أرى في السياسة أن مجتمعاتنا بمثقفيها ومنظريها وما بها من علماء في كافة المجالات هم دائما ينزعون إلى عسكري يلجأون إلى كنفه أو رجل دين إن صح التعبير يميلون إليه,دائما في انتظار المهدي المخلص . وإنني لأسأل أين هم رجال الصحف والكتاب البارزين من أن يعلنوا ترشحهم .ماذا يضير وهم يتحدثون عن المستقلين .أم إنها الطفولة السياسية التي تنزع دائما إلى وجود الأب الديني أو الأب العسكري !

تجربة السيسي كانت ستكون تجربة ناجحة يخلدها التاريخ لو أنه انتهج نهج المشير عبد الرحمن سوار الذهب ,فقد جاء على أكتاف ثورة شعبية على حكم جعفر النميري . وسمى حكمه فترة انتقالية وفي ظرف عام نظم انتخابات حرة ونزيهة ,لم يشارك فيها , وسلم السلطة إلى أحزاب منتخبة .كان ذلك انحيازا لثورة الشعب وتحقيق لمطالبهم.

ولكن العقلية الانقلابية وغرور بعض الأحزاب قادت إلى الانقلاب المتخفي في السودان .وهو انقلاب حزب الجبهة الإسلامية القومية بقيادة حسن الترابي .الذي جعل من السودان دولة فاشلة اقتصاديا وسياسيا .

وأخشى على شعب مصر الكريم من لعنة 30 يونيو التي أصابت السودان وأقعدته. ونخشى أن يكون يوم نحس على شعب وادي النيل .ومن المفارقات أن هذا العام سيحتفل السودان بمرور ربع قرن على الانقلاب المتخفي وتحتفل مصر بمرور عام على الانقلاب بالتقسط .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق