الخميس، 11 يونيو 2015

لإسرائيل البراءة وللعرب الفظاظة والدناءة
الآن لا أحد يذكر إسرائيل بسوء . إسرائيل تمثل في وقتنا الحاضر البراءة , الشفافية والديمقراطية وكل جميل , وهي ليست بعدو , بل هي الضحية ومن حولها هم الفظاظة والقساوة والإرهاب والدموية .. كل ذلك يحصل لأننا في زمن انهيار المعايير وانقلاب الموازيين , إن كانت هنالك موازين . اسرائيل في كل تاريخها هي السلم وهي الجوار الطيب وهي الإنسانية الممتدة بلا حدود , أما العرب حولها فهم الأعداء وهم أصحاب التربص الكبير بإسرائيل وهم الذين يجب أن نصفهم بكل سوء وأن نلصق بهم كل ما هو متعفن , فهم ليسوا بشرا وعلى إسرائيل أن تفعل بهم ما تريد وتحكم فيهم ما تود وترجو ..فمن هم هؤلاء الفلسطنيين .. ومن هم أهل غزة ..أن هؤلاء البشر لا يستحقون العيش .. ولا يستحقون أن يذكروا سواء شيوخا أم نساء أم أطفالا ..
   إن هذه المقدمة الطويلة .. وما تحمله من الألم والأوجاع والجراح , تجيئ عقب ما يتداول ال، من أن الأمين العام للأمم المتحدة  - ولا اسميه بالخائن العام أو الخائن الكبير - قد قرر شطب اسم إسرائيل منقائمة دولية لمنتهكي حقوق الأطفال في مناطق النزاع , يا للهول .. إسرائيل هي البراءة وهي الشفافية وهي الإنسانية وهي لم ترتكب أي جرائم في تاريخها تجعل منها دولة منتهكة لحقوق الأطفال أو الإنسان ! وكأن العالم اليوم بكل ما يدعيه من حضارة وشفافية وموضوعية , عالم بلا ذاكرة . وإننا لنسأل : كم عدد مجازر إسرائيل في المنطقة منذ سبعين عاما وحتى مجزرة غزة في الصيف الماضي .. وكم عدد الأطفال في فلسطين الذين قضوا في المجازر والعنف والقصف الإسرائيلي في تلك الفترة ؟! وكم عدد من سجنتهم ولا تزال تسجنهم لأنهم يناضلون ضد إرهابها وعنفها واحتلالها ؟!
      ولا تجد في عالمنا العربي من يتعرض لهذا القرار أو يضعه في ميزان النقد والغضب .. ولا من كل الدول المتحضرة يأتي رد فعل , وهم يعلمون ويعرفون ويوثقون جرائم إسرائيل في كل مكان .. فقط نوجه الشكر إلى منظمة (هيومن راتس ووتش ) وهي تصف قرار الخائن العام للأمم المتحدة بأنه قرار مخيب للآمال , هذا هو رد المنظمة المحترمة ..
    إن المشاهد الموثق لقتل الأطفال الفلسطينيين , من أحرق حيا , ومن تم رميه بالرصاص .. وهل نسى العالم صورة الطفل محمد وهو يحتمي ركن حائط وهو في حضن والده ولكنه يرمى بالرصاص ليقتل .. ألم يشاهد الأمين العام هذه الصور وغيرها الكثير .. أم أن زعيم الأمم المتحدة غير مطلع عما يجري في البلدان في جميع أنحاء العالم ؟!!
          يحقق للخائن العام للأمم المتحدة أن يصدر أمثال هذه القرارات في صالح إسرائيل  , طالما أننا في تمزق وتشتت , يقتل بعضنا بعضا .. ويتلربص بعضنا ببعض ! وليس من جامعة عربية ولا جهة تتصدى لمثل هذا القرارات , لا من الحكومات الرسمية .. ولا من أصحاب الموت لأمريكا والموت لإسرائيل ..ولا من أصحاب الممانعة وجهات الصمود والتحدي .. وجميع هذه الفرق ذات الأسماء الطنانة الرنانة .
    أن قرار الذي ليس بأمين ولا مؤتمن ولا يهمنا في شئ .. أن نؤمن ونعلم علم اليقين أن يهود إسرائيل الحالية هم الفظاظة والغلاظة والقساوة والكراهية الراسخة تجاه كل مؤمن , ولا أمان لها ولا حسن جوار .. فماذا قبض الفلسطينون مع اليهود منذ انطلاق أول محادثات منذ ربع قرن .. وما ذا نال العرب من كامب ديفيد ؟! وماذا نال العرب من خارطة الطريق واللجنة الرباعية ؟! إننا نفاوض الهواء ونركض خلف السراب .. وتواصلت المجازر من العام 1948 وحتى 2014 م مجازر موثقة بالصور ومار محفوظ في الأضابير لن ينمحي ...
لإسرائيل البراءة ولنا الإرهاب .. لإسرائيل التقرب والميل إلى أحضانها الدافئة .. ولنا الاسلاموفوبيا , لا يتعرفون إلينا بوسطية أو إعتدال أو توازن , الإتهام لنا في كل , فاوضنا أم لم نفاوض .. قاتلناهم أم لم نقاتلهم .. عشنا بصمت أم سرنا قرب الحائط , فنحن أصحاب فظاظة وبشاعة  اهلاك ودمار ! 
     سالمت مصر اسرائيل منذ 1978 م , فلم تحصد مصر شيئا .. فقط تقدم الحماية لاسرائيل .. وانظر لحال سيناء .. لم تتقدم , ولم تظهر للوجود .. بينما اسرائيل في خلال ثلاثين عاما نموا كبيرا وتطورت تطورا عملاقا في كل المجالات ...
      لنا المخيمات وسكنى العشوائيات ولهم المستوطنات والشاهق من العمارات .. ولا تتعجب من قرار البراءة لإسرائيل من دماء الأطفال طالما أن العالم العربي يضج بالموت العنيف والكثيف في ليبيا ومصر وليبيا وسوريا والسودان والعراق واليمن ولبنان .. إنك لن تستطيع أن تحصي هذه الأرواح المزهقة بكثافة .. وبالتالي تصبح أرض البراءة .. ماذا يساوي دم البعوضة على الملابس البيضاء مقابل بحار الدم ؟! إسرائيل البراءة في مقابل الذبح المصور في كل من ليبيا والعراق ...

  ولك أن تسأل متى يستطيع العرب أن يقاضوا إسرائيل على جرائمها .. أم أن هذه البراءة لها إمتداد يجعل اليهود في منأى عن المساءلة والمحاكمة ؟ّ!
     بالطبع لن تحاكم اسرائيل .. فالملاحقة فقط لمن ارتكب جرما من العرب .. انظر للدعاوى المقدمة ضد مسؤولين يهود كيف ذهبت أدراج الرياح واستطاع اليهود إخماد جذوة حماسها في مهدها ...
    ورغم أن التسريبات تخرج لنا بين الحين والآخر في ضلوع الدول الغربية في تكوين داعش والقاعدة ..والأرقام التي تنشر عن تجارة السلاح في منطقتنا العربية ..إلا أن حماس فقط هي المدانة ..فهذا زمان انقلاب الموازين ..الضحية هو الجاني , والضحية هو العدو , والضحية هو من يرتكب الفظائع والبشاعة !! .. أسرائيل بريئة وذات شفافية وديمقراطية وموضوعية , ترعى حقوق الإنسان في كل العالم ..فمن نحن الأوباش حتى نقاضي الحمل الوديع اسرائيل ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق