الأربعاء، 10 يونيو 2015

*نعم فاز حزب العدالة والتنمية *
في البدء نقول أن الحرية تجعلك منحازا إلى الجهات الأربع , ولا تحصرك في كهف ضيق .. فبالحرية أنت صاحب أفق ممتد إلى ما لا نهاية , ولست في قوقعة أو خلف جدار .. قبل الانقلاب على مرسي كنت أشد انتقادا له ولسياساته , ولكن جرى القمع بعنف له ولجماعته .. فإنني لم ولن أشاهد ذلك في صمت , لدرجة أن يظن البعض أن هذا الضجيج في نفسي تجاه السيسي وجماعته هو انحياز صريح للأخوان .. ولكنني أكن ضدك وأدافع عنك بشراسة حتى يصل رأيك وأن نكون جميعا في بساط الرأي والعمل والفعل لنصون بلادنا من التمزق والتفتت والانفلات والوقوع في براثن عنف لا يتوقف , وعندها لا يربح أحد , ولا تقوم لنا قائمة .
     في كل يوم يطلع علينا الإعلام لتغذية كراهية تمتد إلى رجب طيب أردوغان , رئيس الوزراء الذي أصبح رئيسا .. وتكال ضده الاتهامات بأنه الوالي العثماني الجديد ..ولكن المنصف المتأمل للرجل خلال مسيرته ونهوضه بالحزب يرى الأفكار والرؤى تتدفق من لدن الرجل وحزبه .. وووانه يعمل لصالح بلادع كلها .. ويحترم ألوان الطيف .. ( وإذا كانت الهجمة تجاهه قد زادت بعد انقلاب السيسي وموقف مجموعات كثيرة ناقمة على الأخوان .. وطالت كل الأحزاب المؤيدة لهم ) .. وإن كنا هنا نؤيد الحرية بغض النظر عن مقيمها والممهد لها , لتقوم وتكبر شجرتها ..
وإذا كان قد طال أردوغان عقب فض مظاهرات ساحة تقسيم .. وشتان بين فض تقسيم وفض رابعة .. ففي تركيا أصلا أحزاب جميعها تعمل في ساحة دون تهميش ودون قمع يجعل منها هزيلة وتابعة ..
   والآن مع التشريعية الجديدة برز للوجود كيف أن أردوغان لم ينفرد بالسلطة وأن حكومته كانت على مسافة واحدة من الجميع وتعمل على إثراء الأحزاب ليكون لها دور فاعل .. وإذا كان البعض ممن ذهب في النقد فيما سبق لحزب العدالة والتمنية , فرأى أن النسبة التي حصل عليها الآن لا يؤهله للانفراد بالسلطة , وصفقوا لهذه النسبة الضعيفة ورأوا فيها تراجعا لأردوغان وحزبه .. ولكننا نرى في هذه النسبة نجاحا للرجل وحزبه .. فهو قد عمل على إتاحة الفرصة للأحزاب لتنجح وتمل على نماء بلدها .. فبعد أكثر من عشر أعوام في السلطة وفي تنمية البلد ليصبح واضحا للعيان أن تركيا قد تقدمت اقتصاديا بصورة واضحة وجلية , وحينما تقارن صورة أردوغان بصورة البشير وحزبه ..إن البون شاسع , ففي السودان سعت السلطة لتهميش الأحزاب وعملت عل تفتيتها وتفريقها ولم تتعامل معها كند سياسي مشارك في إنماء البلد .. والحكومة التي جاءت من خلال انقلاب على الحرية والديمقراطية , أنشأت حزبا وجعلت منه حزبا وطنيا متجاوزة كل الأحزاب السابقة والمؤسسة في تاريخ بعيد .. وظل العمل على تهميشها .. يواصل الإعلام يظهر أنها أصلا هزيلة وضعيفة ..ولا تقوى على تقديم شئ للوطن , وبذلك أصبح الحزب الحاكم منفردا بالسلطة لربع قرن من الزمان , والرئيس يستمر حتى الموت ..
   وإذا قارنت السير في السهولة عند أردوغان وحزبه تجاه الأكراد والعمل على المصالحة والدعم ولم الشمل في الوطن الواحد , ونظرت إلى حكومة للبشير وسيرها المسرع تجاه الانفصال , وإلقاء أراض عزيزة من أرض الوطن للمجهول , وجعل خريطة البلد ممزقة كجلباب الشحاذ ..فإنك تجد نفسك تجاه عقلية مختلفة .. فها هو حزب الشعوب الديمقراطي الكردي يجد نفسه وقد وصل إلى قبة البرلمان ويدفع بأعضاء من حزبه ليكونوا وزراء فاعلين في حكومة تتشكل من ألوان الطيف السياسي في وطن ينمو ويعيش الوحدة والترابط .. فهنيئا لتركيا والتي شغلت الناس بالدراما التلفزيونية وجذبهم إليها , وهاهي تجذب العالم أجمع وتقدم الدروس البناءة في الدراما السياسية .. انظر لذكاء أردوغان وقد قرأ تأريخ المنطقة بحكمة , فهو يرى مصر وبعد إزاحة فيها بقمع وعنف ودكتاتورية تمدد وووووووووووو, وتلميع صورة الرئيس بأنه المنقذ , وأنه الرجل القوي , وكيف قادت هذه السياسة لمصر للهشاشة , وسوف تستملا الهاشة - إن لم يتدارك عقلاء الأمر- حتى تسقط مصر .. وقد قرأ أردوغان كيف فعل المالكي ببلاده وسلمها بسطوته ودكتاتوريته إلى أيدي العنف والإرهاب ..ونظر أردوغان في كتاب التاريخ المفتوح الآن , وكيف أن الأسد والذي يفكر بنظرية الغاب , كيف دمر أهله وقتّلهم وخرب مدنه ..
    إن فوز أردوغان وحزبه في هذه الانتخابات وإن كان بنسبة لا تؤهله للانفراد بالسلطة , إلا أنها تكشف عن قدرة حزب العدالة والتنمية على العمل على لم الشمل , وإقامة الفرص المتكافئة لنهوض الأحزاب لرؤية فعاليتها في إنماء البلد والعمل على تماسكه ووحدته ,,
     وللذين يتساءلون هل فاز أردوغان وحزبه في الانتخابات التشريعية ؟ نقول نعم , فازت الحرية على الدكتاتورية , وفاز الفهم للتاريخ على العناد والانفراد بالسلطة .. وفاز الفهم لقيام الأحزاب والرضا بأن تكون قوية على العمل التدميري للأحزاب وألا تكون أصلا في مقابل استمرار الدكتاتور وبقائه ..
وعلى الأحزاب المتنافسة أن تفهم الدرس وتتقبل الهزيمة بروح ديمقراطية وتعمل بجد للحالق بالركب والفوز في جولات قدمة بلا عن التشفي وانتقاص الحزب الفائز ..
   التحية لطيب رجب أردوغان وإلى حزبه العدالة والتنمية وإلى حزب الشعوب الكردي والأحزاب الحاصلة على نسب في البرلمان الجديد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق